الارهابيون يفتكون بارواح الابرياء، فروع متعددة للقاعدة، والسلفيون والمفايات والمليشيات وغيرهم. يقابلهم في نفس المجتمع طفيليون مستغلون، يقفون بالمرصاد يتفنون بطرق الابتزاز فتكا بالآخرين من الابناء لغاية قوامها الحصول على المال بأية وسيلة كانت، لا يناقشون في مجالها الكيف ولا ما يعقبها من تبعات.
كل شيء مسموح عندهم ومباح ما دام الضمير قد تعطل، وبعض وسائل الضبط والسيطرة قد تراخت بفعل المستغلين. عالم للابتزاز أصبح واسعا. أبسط اشكاله، وألعنها ذاك الذي جاء من مسؤول ثلاجة الجثث الخاصة بالموتى في مستشفى الكاظمية، أذ وبعد أن غدر أرهابي لئيم وفجر نفسه في سيارة كيا تنقل الجنود المتدربين المجازين من التاجي الى بغداد، وتسبب في استشهاد أكثر من عشرين جنديا حلم بالاعتماد على نفسه في العيش واعالة أهله وخدمة وطنه، وبعد أن نقلت جثامين بعضهم الى ثلاجة المستشفى وتقاطر الاهل للتعرف على الأبناء منهم عصر يوم 14/11، وعندما وجد المسؤول عنها "الثلاجة" ان البعض من العوائل تلح في طلبها لفتح الباب أكثر من مرة لانها غير متأكدة من الابن الذي تشوه جسده الطاهر، بات يتحجج بمصاعب وَعَطلات تحول دون الفتح، وعينه مفتوحة بطريقة الرغبة في الابتزاز، التي يعي بخبرته الطويلة ان التسليم لها أمر محتوم في موقف مؤلم، عندها وبعد ان يحصل على المقسوم عشرة آلاف دينار لكل مرة يفتح بها الباب، يكون الأمر بالفتح ميسور وتختفي الحجج والعطلات.
هل هذا معقول؟
واذا ما كان قد حصل فأين نحن من هذا التردي الذي يصح فيه القول أن الواحد منا بات ينهش لحم أخيه؟.
ويصح القول ايضا انه تصرف بات يتكرر ليس في المستشفيات، بل وحتى في المقابر، عند أختيار بقعة الارض المطلوبة لدفن العزيز جوار والده أو أخيه، حيث لا يمكن الحصول عليها الا بعد الدفع مقدما.
الكل تريد من الكل.
لا أحد يفكر بالصح والخطأ أو بالحلال والحرام.
المهم أن يحصل على ما يريد في الوقت الذي يريد.
حالٌ، يدلل دون أدنى شك ان العوز والفقر ليس هو الدافع الوحيد لهذا النوع من السلوك الأبتزازي الشاذ، وانما التعود على طريقة عيش فيها الابتزاز قيمة حلتْ محل الالتزام الاخلاقي، وبحلولها طوال العقدين من زمن العراق الجديد، وترسخها في عقول العديد من الناس سيكون من الصعب التخلص منها، الا أذا أتجه اهل البلاد كبارهم والصغار، وجهاء وحكام، صوب التعامل مع الابتزاز الفاسد، على اساس البتر الجذري لاصحابه. وهذه وان كانت شبه مستحيلة الآن، لابد ان يسبقها وقوف للمسؤول الوطني في صف النزاهة، قدوة لا يمكن المساس بها، عندها فقط يكون الحكم والتوجيه والتنبيه الصادر منه مقبول، يقلده الآخرون وهم في طريق البناء الشاق لدولة العراق التي يفترض ان تكون ديمقراطية.
12/12/2012
1074 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع