بقلم: سالم ايليا
قال الداعية لحقوق الإنسان الأمريكي مارتن لوثر كينغ: "تبدأ نهاية حياتنا في اليوم الذي نصمت فيه عن الأشياء ذات الأهمية".
وحيثُ تتوالى شكاوى المواطنين يومياً بالمئات لا بل بالآلاف عبر القنوات الإعلامية المختلفة ومنها الفضائيات متضمنة عدم وجود أبسط الخدمات وتفشي البطالة وعدم صرف الرواتب أو تقليصها وعدم وجود قضاء نزيه وتمادي سرّاق المال العام بسرقاتهم حتى وصلت الى مليارات الدولارات بشكلٍ فاضحٍ ومستهتر مستخفين بالشعب وقوّته الكامنة التي لو قدّر لها بالتحرر لأكتسحت المنطقة الخضراء بساكنيها وأحالتها الى ركام أسود تنبعث من بين أنقاضها روائح جثث الفاسدين ونتانتهم.
لقد أفردت بعض القنوات الفضائية صاحبة الصوت الحر برامجاً كاملةً لشكاوى المواطنين إيماناً منها لإسماع صوت الشعب ونقل تظلمه لظالميه وإيصالها الى مَنْ في أيديهم القرار واضعة أمامهم بؤسه وشظف عيشه، وحيثُ رصد مالكو هذه الفضائيات مئات الآلاف من الدورات شهرياً من جيوبهم الخاصة قناعة منهم لنصرة الشعب وحثّه على التحرك من أجل التغيير، لكنهم في ذات الوقت لا يستطيعون أن يكونوا البديل الفاعل بصورةٍ مطلقةٍ ما لم يتحرك المتضررون من أبناء الشعب وهم الغالبية الغالبة لنصرة أنفسهم من خلال الخروج بملايينهم الى ساحات التظاهر والإحتجاج على عدم تلبية مطاليبهم، خاصة وأن الشعب بكل فئاته عرف الداء لمعاناته وأمامه الدواء لشفائه.
فعندما يعطي المسؤول الآذان الصُم للنداءات المتكررة لغالبية الشعب المتضرر وعبر وسائل الإعلام المختلفة، عندها يكون حتمياً على من وقع عليهم الضرر أن يعاضدوا وسائل الإعلام بالحراك الشعبي الفاعل لإجبار الزمر الحاكمة على التفكير بجدّية مطاليبهم، فيهزّوا عروشهم ويقضّوا مضاجعهم بإحتجاجاتهم الميدانية، عندها ستتغير المعادلة وسيذعن المستكبرون على الشعب لتلك المطالب، ولنا في هذا المضمار تجربة لم يمضي عليها غير أشهر معدودات حين بدأت إنتفاضة الشعب من ساحة التحرير وساحات التظاهر في المدن العراقية الأخرى، وكيف فقد أصحاب السلطة رشدهم فباتوا يتقاذفون التُهم والشتائم فيما بينهم متسابقين في إطلاق الوعود الكاذبة التي سرعان ما تبخرت مع فتور التظاهرات وتناقص عدد المتظاهرين.
فالإعلام بمنابره وقنواته الفضائية كلها أدوات إضافية ومهمة لبلورة الإحتجاجات، لكنها ليست البديل عن الشعب للمطالبة بالإصلاح.
فبدل أن أن يطارد المتضررون مراسلي القنوات الفضائية بالشكاوى المستمرة والتي أدار المسؤولون ظهورهم لها بعد عرضها لمئات المرّات على شاشات الفضائيات والصحف اليومية، وبعد أن إستنفذ الشعب وسائله السلمية أصبح واجباً عليه نقلها الى ساحات الإعتصام دون الرجوع حتى تنفيذها وإقرار القرارات الواضحة وبفترة زمنية محددة لا تقبل المماطلة والتأجيل.
فالشعب الذي خرجَ زرافات زرافات بملايينه الهادرة مشياً على الأقدام من أقصى المدن العراقية متوجهاً الى مدينة كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى الشهيد الحسين (ع) الذي ضحى بحياته للدفاع عن مبادئه ضد الظلم طالباً الإصلاح لأمته صارخاً (هيهات منّا الذلّة)، بالتأكيد يستطيع هذا الشعب أن يفعلها ثانية إكراماً لنفسه التي كرّمها الحسين بإستشهاده !!.
فجدير بنا أن نحذو حذوه في التصدي للفاسدين وإكرامه بالإلتزام بمنهجه، فهو لم يخرج لنصرة ذاته، وإنما خرج من أجل أمة جده، فكيف بنا ونحن المعنيون بالأمر، أفلا ينبغي على شعب الحسين أن يخرج بملايينه لنصرة نفسه ضد الظلم والفساد، فالحسين لا يحتاج الى دموعنا وتعذيب ذاتنا بالشعائر المادية، وإنما يحتاج الى شعائرنا الروحية والمنهجية التي رسخها كقيم إنسانية عُليا فينا نتناقلها من جيلٍ الى آخرٍ، ولله تَبنّي نهجه والسير على خطاه سيكون أروع تكريم له ولآل بيته.
وليس هنالك غير خيارين للشعب لا ثالث لهما، أما الخروج الى ساحات التظاهر بملايينهم أو القبول ببؤسهم وإنتظار المعجزة في زمنٍ ولّت فيه المعجزات.
557 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع