لماذا احترقت جازان؟؟

                                                          

                                   سارة مطر

الحدث المروع الذي حدث قبل أيام في مستشفى جازان وراح ضحيته 148 بين قتيل ومصاب، يكشف لنا أولا مدى حاجة هذه المنطقة الواقعة جنوب المملكة إلى وجود مستشفى تخصصي متكامل فيها، كي لا يضطر سكانها للسفر خارج حدود مناطقهم لتلقي العلاج في المدن الكبرى،

افتراض وجود أي مستشفى ليس فقط في جازان وحدها، فكل مناطق المملكة سواء، ومثلما توجد المئات من المدارس والمساجد، يجب أن تتوفر المرافق الصحية بكل جاهزيتها سواء من عيادات متنقلة، أو مستوصف مؤهل بشكل كامل لتلقي الحالات الطارئة في الأحياء المكتظة بالسكان، يفترض أننا لا نحتاج إلى حريق أو إلى مصيبة – لا سمح الله، كي نعي حاجة أي منطقة إلى ما ينقصها ونعيد من خلال أصدائها المدمرة استكمال ما غفلنا عنه، وتجاوزناه دون وعي منا أو إدراك لأهميته، الحاجة كما أظن هي من دعت وزارة الصحة إلى التعجيل بافتتاح المستشفى باكرا، وقبل أن يتم استكمال شروط السلامة المتوجب توافرها في أي منشأة قائمة، حاجة المواطنين في جازان للرعاية الصحية، هو المؤكد لاستعجال استقبال المستشفى للمرضى.

الموت سواء لا يفرق بين صغير أو كبير، لكن ما قرأته في الصحف المحلية أن أغلب المتوفين هم من العاملين في المستشفى، وهذا أمر يحزن القلب، لو حصل هؤلاء على دورات أساسية وأولية في كيفية النجاة من الكوارث والحوادث المميتة، لربما لا زالوا أحياء بيننا حتى الآن، أقرّ البعض أن مخارج الطوارئ كانت مغلقة، وأظن أنها كانت مغلقة لأننا شعب لا يستعجل الشر، ولا يقر بوجوده طالما هو موجود في مقبرة أو مستشفى، مؤمنا بأنه محصن من لعنات الشر والأسى التي لربما تلحق به، فكان إغلاق الأبواب هو إيمان من قام بذلك، أو ربما خشية من دخول بعض المتسللين ليلا، هذا ليس منطق الأغبياء مطلقا، ولكني أعرف كيف يفكر القرويون، ما يلمس فكرهم البسيط إيمانهم المطلق بأن هذا المكان تحديدا لن تحل به الكوارث فهو يقدم الحب والشفاء، فلماذا يمكن لهُ أن يحترق أو يصاب أحدهم بأي أذى.

المصائب والكوارث لا يمكن أن يخلو منهما وطن، ولا يمكن أن تثبت واقعيا أن هناك أوطانا مدنية ومتقدمة لم تصارع يوما أي نوع من الكوارث، فما بالك بوطن مترامي الأطراف كالسعودية، فهل تتوقع أن يكون سجل السلامة في أي من مرافقها أو منشآتها صفرا، هذا مطلب غير واقعي وجامح في ذات الوقت، ولكن لا نزال نشعر بالمسؤولية جراء ما حدث، ولا يمكن إغفال أعيننا ونثر الرماد فيها، حتى لا نرى ما وقعنا فيه من أخطاء، شركات نفطية كبرى، تقدم السلامة الأمنية قبل أي شيء آخر، وتدفع موظفيها لتلقي دورات في السلامة وطرق النجاة، وتجعله فرضا للحصول على ترقية، ورغم ذلك عانت من عدد من الحرائق التي راح ضحيتها العامل والوافد، والتاريخ يشهد على ذلك.

البعض من المواطنين يطالب وزير الصحة السعودي الفالح بالاستقالة، الخلل يكمن في رغبتنا بتقليد الغرب، حينما نصفق دون أن نعلم خبايا ومجريات الأمور، هكذا نعيد التصفيق بحرارة أكثر حتى من مواطني الوزير الأجنبي، ما إن يشهر استقالته أمام الجمهور بسبب حدث ما. وفي حقيقة الأمر تقديم الاستقالة في الجانب الغربي، يكمن في أساسه خوف الوزير أو المسؤول من التعرض للمساءلة وكشف الحقائق، والتي لربما تتجاوز مهام عمله في التركيز على حياته الشخصية، وهو ما لا يحدث في وطننا العربي، النجاح أنك قبل أن تقدم استقالتك لترضي مشاعر الجماهير المتفجرة، أن تعمل بقدسية في حل المشكلة، فما أسهل إشهار الاستقالة دون أن تدان بما حدث أو تكون طرفا في رشاوى أو قضايا مالية.

عزيزي المواطن السعودي، إذا وصلنا إلى مناصي الدول المتقدمة، هنا أتفق معك على ضرورة تنحي الوزير، أما الآن فلا يمكن لنا في أي حادثة أن نلقي التهم واللوم على وزير لم تمر أشهر على استلامه لحقيبة الوزارة، كما أن تغيير الوزراء لن يحل المشكلة، عليك أن تطالب ببقاء الوزير وأن يفي بحل جميع المشاكل المتعلقة بالصحة، وأن تدعم أفكاره لأن يتلقى جميع الموظفين الإرشادات والتمارين في كيفية الإخلاء السريع، والتي من خلالها يمكن حفظ سلامة المرضى وسلامة الموظف نفسه، سواءً أكان ذلك في مستوصف عام أو خاص، الحرائق تحدث في أي منشأة في العالم، لا تتخيل أن مستشفى جازان العام كان هو المقصود بعينه، فكّر بواقعية وطالب بالمزيد من الاحتياطات والأمن، لا أن تطالب بخلع الوزير من منصبه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع