حكاية حب (٨)

                                                      


                                 علي الزاغيني


الحرب تشتد  ضراوة هنا وهناك اصوات المدافع لا تهدأ ورائحة البارود وصراخ الأحياء يقطع الصمت , أشلاء مقطعة , دماء ودخان  والرصاص  يمزق من يشاء دون رحمة مشهد لا يتوقف  ويتجدد كل لحظة , علينا ان نبقى احياء لكي تستمر المعركة والحياة وعلينا ان ننسى كي نستمر بالقتال دون خوف من الموت لأنه ينتظرنا دون ان نشعر به , من يعلم ربما اليوم او بعده ولكن لا شئ يتغير في هذه الحرب سوى ارقام  البيانات الحربية الزائفة  واعداد الضحايا .

واستمرت رسائل زيد تحمل بطياتها العشق والخوف والأمل ولكن كلماته تجعل من غادة في حيرة من امرها خائفة مترددة  لا تعرف كيف تتصرف وكيف تستقبل تلك الحروف الملتهبة والممزوجة برائحة الدخان والرصاص والدم ودموعها لا تتوقف وكأن شئ ما  ينتظرها وإحساسها بالحزن والفراق  لا يفارقها .
تمضي الأيام خجولة بطيئة  وصعبة أيام الانتظار على  العاشقين  ولكن تبقى  الخيارات كلها أمامها الانتظار ورغبة بالبكاء وسماع آيات من  القران  الكريم لعلها تجد ما يزيح عن قلبها الهم والظنون .
من حق كل امرأة ان تحافظ على بيتها وسر سعادتها  وهذا ما جعل لبنى  تتصل بالحاج ابو محمد لتوضح له بكل وضوح وضعها مع زوجها زيد وان زواج غادة منه سوف يحطم عائلتها  على حساب سعادة امرأة قد لا تدوم طويلا .
الحاج ابو محمد : الامر ليس برغبتي ولكن كما تعلمين  ان زيد يرغب بالزواج من غادة قبل زواجكم  بسنوات ولكن ارادة الله جعلت من هذا الزواج  لا يتم لأسباب كثيرة زيد وحده من يعلمها .
لبنى :  لكن يا عمي الحاج ابو محمد تعلم ان سعادتي واطفالي قد تنتهي اذا ما تزوج زيد من ابنتكم غادة وقد تتهدم الاسرة بسبب هذا الزواج , وانا اعتقد ان غادة سوف تتفهم الامر اذا شرحت لها ذلك وهما لا يزالون غير مخطوبين  رسميا كما فهمت , هذا كل ما ارجو منك ومنها .
وودعت لبنى الحاج والد غادة وأصبح حائرا ما يفعل وكيف سيوصل رسالة لبنى الى ابنته وهي تنتظر زيد بفارغ الصبر .
جلس الحاج أبو محمد مع غادة وتحدث معها بصراحة عن زيارة لبنى اليهم وغايتها من الزيارة ولكنها لم  ظلت صامتة ومحتارة في أمرها بين سعادتها وبين جرح قلب امرأة و تحطيم سعادة عائلة أخرى ولم تجيب والدها باي كلمة .
على غير العادة وبدون موعد سابق وصل المهندس  احمد الى بيت الحاج ابو محمد  وكله امل  بنيل رضا الحاج  ابو محمد وعائلته وخصوصا غادة  وابتدأ حديثه بان فيصل اعتقل من قبل عناصر الا من لأسباب سياسية كما أشيع وهذا ما جعله متألم عليه كثيرا  وربما لا يمكنه ان يخرج من السجن الا بعد سنوات  طويلة  او يحكم عليه بالاعدام  كباقي السجناء السياسي  المتهمين بالسياسة ظلما .
ولكنه حاول  ان يغير  مجرى الحديث ويعيد الأمل مرة أخرى الى بيت ابو محمد بعد ان اخرج ورقة من جيبه قائلا انه حصل على موافقة لإكمال  دراسته خارج العراق في احد الدول الأوربية وهي فرصة كبيرة  لا يمكن الاستغناء عنها ولا تتكرر مرة أخرى وانه رتب كل شئ للسفر بعد اكثر من عشرة ايام ولكنه بحاجة الى إنسانة تسافر معه وتكون زوجة وسند له في غربته وانها يطلب من ابو محمد موافقته على قبول طلبه لغادة لتكون زوجته , تفاجئ الجميع لكنهم قدموا له التهاني لسفره لإكمال دراسته  ولكن بالنهاية قرار القبول  من عدمه وحدها  غادة من تقرره ؟
القرار صعب والاختيار أصعب بين السفر والانتظار والوفاء للحبيب ولكن لا بد من رد  مهما قبول او رفض والصراع لا ينتهي بين العقل والقلب  وبين السلم والحرب والحياة بأمان وبين أصوات المدافع ولكن للقلب كلمته في هذه اللحظات لم يكن يتوقع الرفض ولكنه كان في متوقعا  ولكن كان يتوقع ان تكون هناك ضغوطا من اهلها من اجل سعادتها وخلاصها ورغم محاولته لكنه أصيب بخيبة أمل كبيرة ولكنه قبل ان يخرج مودعا تكلم مع غادة وأهلها الحرب لا تنتهي وهي بحاجة لوقود لتستمر من اجل ان يستمر النظام  في حربه وطغيانه وهو مستمر باعتقال كل من يعارضه ويحاول ان يكون مناضلا من اجل العراق والسجون مليئة بالأبرياء مثلما هي المشانق  لا تتوقف في حصاد الأرواح البريئة , فصيل احد الضحايا الأبرياء وزيد هو الاخر  ربما سيكون ضحية  ولكن بطريقة اخرى ولكنه بالنهاية سيكون مجرد رقم من ضحايا الجلاد .
ودعهم احمد بعناق ابو محمد  وابو  محمد وغادر مسرعا ليبدأ رحلة جديدة   لا تنتهي بالغربة  التي  قد تكون ملاذه الأمن ويقرر البقاء حيث الأمان بعيدا عن كل ما يعكر حياته وينسيه الحب  الأزلي ويبدأ مشوار حياته بطريقة اخرى .



  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

831 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع