أشعار قديمة لم تُنشر الى الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد

                                                 

                                د.محمد زاير

         أشعار قديمة لم تُنشرالى الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد

          

هذه أشعار قديمة كتبها الأخ العزيز المرحوم الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد بخط يده أيام زمان. تعرفت عليه بطريق الصدفة سنة 1952 حينما كان طالبا في دار المعلمين العالية وكنت حينها طالبا في الكلية الطبية ببغداد.

توثقت أواصر الصداقة بيننا فكنت أزوره في الدار ويزورني في بيت الطلبة بالعلوازية الواقع أمام بيت الفنان الراحل فايق حسن. حضرت وقتها مسابقة للشعر في الدار وقد فاز بها بالجائزة الأولى عن قصيدته الرائعة لعنة الشيطان. أهداني عدة نسخ منها مع مجموعة رائعة من أشعاره التي إحتفظت بها إلى يومنا هذا أعتز بها وأحترس لها لكي أهديها الى المكتبة العامة في مدينة العمارة موطن أهله وطفولته.

وُلد الأخ عبد الرزاق (أبو خالد) في محلة الكرخ في بغداد سنة 1930. إنتقل إلى مدينة أهله في العمارة وعمره سنتان ونصف السنة فقضى طفولته هناك بين شبكات الأنهار وامتداد الأهوار وغابات القصب والبردي وبساتين النخيل وأسراب الطيور المهاجرة وزرقة سماء ميسان الصافية ولُعب الأطفال في الدروب. هناك في هذه البيئة الساحرة بدأ الشعر والخيال.         
عاد إلى بغداد ليُكمل المشوار العلمي وهو في الثانية عشرة من عمره حاملأ معه جذوره وخياله الشعري الخلأق.                                                
المجموعة كُتبت بخط يده في 47 صفحة إخترت منها اليوم قصيدة.           
أنساكِ؟                                                                         
لأ ... كيف أنساكِ؟                                                                  
وهي القصيدة التي حفظها أكثر زملأئي أنذاك وأرجو أن أستمر في نشر المجموعة تباعا نظرا لروعتها من المشاعر الإنسانية الصادقة.                
الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد شاعر عالمي فخر العراق الجريح, نعم عبد الرزاق مدح حاكما دمويا لأ نتفق على رأيه جملة وتفصيلأ الذي كان يعتقده صحيحا وهذا رأيه دافع عنه يُذكرني بالكاتب النرويجي الحائز على جائزة نوبل هامسون الذي كان نازيا متحمسا مصرا على رأيه حتى بعد اندحار النازية. أعدموا رئيس وزرائهم ولكنهم لم يتجرؤا ذلك مع كاتبهم الشهير الذي أصر على رأيه الذي كان يعتقده صحيحا ولكنه لم يشترك في صنع القرار الذي نفذته النازية.                                                       
الشاعر الكبير عبد الرزاق لم يقتل ذبابة ولم يتغنى بربابة فوق دبابات المحتلين الغازية لبلدنا التي دمرت البلأد والعباد . إن أروع مافيه بالإضافة الى أشعاره العالمية هو أنه لم يخن وطنه أبدا وأبدا ولم ينشد الأشعار ويوزع الأوراد والرياحين والقبلأت على جبين المحتلين لبلدنا الذين سرقوا الأثار وهتكوا الأعراض وقتلوا أهلنا وأطفالنا ودنسوا أثارنا ومقدساتنا وزرعوا بيننا الحرامية والطائفية البغيظة والمحاصصات والمحسوبيات وغياب الأمن والحروب المستمرة التي لأتنتهي والأموال الفلكية التي اختفت بقدرة قادر ونصف العراق إختفى وما زالت النموس التي لبست جلود الطواويس تردد شعار ماننطيها لإننا نريد محاربة الفساد وقد أثبتوا أنهم هم أهل الفساد.       

الشاعر الكبير عبد الرزاق غنى للأطفال والتصق بتربة وطنه وتعلق بسعف نخيله حتى مماته. رحمه الله وسيبقى خالدا لم يخن وطنه.                           
رحم الله شهدائنا ونرجو الله العلي القدير أن تكون السنة الجديدة سنة خير وسلأم ومحبة ووئام والعفو عند المقدرة والمصالحة الحقيقية والوحدة بين كل طوائفنا ومذاهبنا وأدياننا وقومياتنا والإتعاظ بأخطائنا القاتلة التي مرت ببلأدنا الحبيبة لبناء مجتمع زاهر يحترم أراء بعضه ولأ إكراه في الدين والدين لله والوطن للجميع والسلأم                                                                       
       
 أنساكِ
لأ... كيف أنساك!
ستظلين خالدة خلود روحي...
ماثلة في كل خفقة, من خفقات قلبي...
وفي كل خلجة, من خلجات, شعوري.
ستظلين الحلم الذي أهفو إليه...
والخيال الحبيب الذي أعيش على ذكراه!
أنساكِ؟
لأ.. كيف أنساكِ ؟!
سأظل أهواك.
أنتِ التي حضَنتْ غريبَ القلبِ دنياكِ!
أنتِ التي أذكتْ بروحي الحبً عيناكِ
سأظلً أهواكِ
أبقى على عهدي
أبقى ولو وحدي!
ويظلً هذا الشعر يؤنسني بذكراك!
                                   
فإذا ثوي الشاكي
سيظلً من بعدي
شعري
يهوى
يهواكِ دُنيا ملؤها الأحلأمُ والنجوى!
يهواكِ يهوى فيكِ هذا الطُهرَ والتقوى!
لأ... لستُ أنساكِ!
سيظلً ملء جوانحي شوقٌ للقياكِ
شوقٌ إلى لُقيا؟!
مازلتُ أحلمُ باللقاءِ كأنني أحيا!
لأ.. لم أعُدْ أحيا!
كانتْ حياةٌ وانتهتْ وكأنًها رؤيا!!
سيجيئها الصبحُ
يمحو
 يمحو
يمحو بقاياها !
فإذا بدنيا الحبً قلبٌ غالَهُ جُرحُ !
لو كان لأ يصحو
فيَرى شظاياها !
لأ كيف أنساكِ ؟!
سأظلً أذكر كلً عِطفٍ من محياكِ !
 ستهيمُ عيني في العيونِ سُدى لتلقاكِ!!                        
فيصيحُ بي صوتٌ:                                    
 إنًا ختمناها !
عُدْ أيًها المنكود, لن تلقاكَ عيناها!!
......
وغداً سنفترقُ
وكأننا لم يحتضنْ أنفاسنا أُفُقُ
نمضي كما جينا
الصًمتُ يطوينا
وغداً, وفي إحدى القُرى, في منزلٍ مهجورْ
شيخٌ تقوًسَ ظهرُهُ, متهدًمٌ مصدورْ
جاثٍ بقرب النارْ !
في ليلةٍ مجنونةٍ يجتاحُها إعصارْ
مُتَحَجٌر الأحداقْ
كفٌاه ترتعدان... ترجفُ فيهما أوراقْ !
يتلو بحشرجةٍ قوافيها !
ما انفكٌ يقرأُ كلٌ مافيها
حتى انتهى, فإذا بتلك الكفٌ تنهارُ
تتساقطُ ألأوراق... ثمٌ  تلفٌها النارُ
وتعودُ إذ تخبو
بُقيا رمادٍ كان بين سطورها قلبُ... !!

1/12/1950



  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع