حكاية حب .... (١٠)

                                                 

                                علي الزاغيني


لا يزال مصير فيصل مجهول  وازدادت  الإشاعات  حول سبب اعتقاله ومصيره ومكان  سجنه والعيون تراقب منزل والده  بخوف وربما  بنوع  من الفضول و ربما البعض اظهر بعض الحقد والشماتة تجاه عائلته , والد فيصل وأقربائه اطرقوا كل الأبواب ولكنهم  لم يحصلوا على اي نتيجة عن مكان اعتقاله ولكن البعض توقع مكانه حيث يعتقل جميع  المتهمين السياسين و المشكوك بأمرهم بمحاولة مواجهة النظام .

في احد الليالي وبعد منتصف الليل طرق باب منزل والد فيصل مما اثار الفزع والرعب في قلوب جميع العائلة وعندما فتح الحاج ابو فيصل الباب وجد ماجد وهو مسؤول المنظمة الحزبية في القرية و على ما يبدو ان لديه معلومات عن مكان اعتقال فيصل او محاولة منه للحصول على معلومات من والده لعله يحصل على ترقية حزبية اذا ما حصل على معلومات اضافية قد يكون فيصل اباح بها لوالده او احد من افراد عائلته  او اخفى المنشورات  لذا تحدث معه بصوت منخفض حتى  لا يسمعه احد  لدينا معلومات عن مكان اعتقال فيصل وهذه المعلومات التي لدينا مؤكدة كما تعلم ولكن  اذا أخبرتك بها يجب ان تخبرني بجميع المعلومات التي لديك عن فيصل وأصدقائه ومع يلتقي وهل أخبركم عن تنظيمه السري او مع من يتعاون حتى نتمكن من اطلاق سراحه اذا ثبتت ان معلوماته صحيحة لانه اعترف بكل شئ في المعتقل ونحن فقط بحاجة الى تعاونكم ايضا حتى  ينتهي كل شئ , ولكن على ما يبدو ان والد فيصل كان يعلم بخداع ومكر ماجد لذا اجابه بكل هدوء  ان ابني برئ وليس لديه اي تنظيم سياسي  وهذا ما لاحظته عليه طيلة السنوات التي كان يدرس  بها في مركز المدينة ولكن كما تعلم يا ماجد  ان فيصل شاب ملتزم دينيا وليس لديه علاقات مشبوهة وهذا ليس لانه ابني ولكن جميع من في القرية يعلم ذلك , وادرك ماجد انه لا يمكنه حصول اي معلومات تفيده لذا غادر وهو يطمئن والد فيصل انه سوف يرفع تقرير الى الجهات العليا بحسن سيرة وسلوك ولده فيصل وعائلته , ادرك الحاج والد فيصل مدى خطورة الامر  ومدى عمق التهمة الموجهة لابنه وخصوصا ان السجون امتلأت بإعداد هائلة  بكل من يشتبه به  او يوشى  به وكثرة الإعدامات مما جعله يفقد الامل   في نجاة ولده فيصل رغم أيمانه بقضاء الله وقدره .

 لا  احد  يعلم ماذا يخبئ له القدر  فنحن  لا نختار  قدرنا  تساءلت غادة نفسها  وهي تسمع حديث والدها عن فيصل وما سوف يلاقيه خلال  في سجنه من شتى أنواع التعذيب لعلمه  بقسوة رجال الأمن وعدم رأفتهم  لأنها وسيلتهم لإثبات ولائهم للنظام ورجاله , يا ترى  بماذا يفكر فيصل الان  ؟ هل  لازال يفكر  بغادة ام انتهى ذلك الحلم خلف الجدران المغلقة وتحت سياط الجلادين , وهل تحدث بعشقه لأحد  الجلادين لعله ينصت اليه لعله يرحمه او على الأقل يتركه لحظات  ليكتب اخر رسائل الحب الممزوجة برائحة الدم والألم والحنين مما يجعله يشعر بالأمان ولو لحظات  لكن هيهات ان يوجد مكان للحب في هذه البقعة المجهولة من الوطن  فلا وجود للحب  وسط هذه الجدران الملطخة بالدماء وفي  غرف التعذيب التي دائما ما تكون صاخبة بصراخ  السجناء وسياط الجلادين  وقهقهاتهم  الذين  لا يعرف  الحب طريقه الى  قلوبهم او هكذا هم يتظاهرون .
حاولت غادة ان تنام قليلا بعد ان اتعبها السهر والقلق و التفكير وربما الشعور بالذنب  تجاه فيصل ولكن ألان انتهى كل شئ وأصبح من الماضي وذكريات  فالندم  لا يمكنه ان يعيد عقارب الساعة الى الوراء , انسابت دموعها دون ان تعلم وحاولت ان تتحدث مع والدتها لكنها أدركت ان الوقت غير مناسب في هذا الوقت من الليل , لم تعلم كيف تسلل النوم اليها  وكانت تتمنى ما جرى كابوسا وليس حقيقة .
الحديث  في بيت غادة عن فيصل وعن احمد  يكاد لا ينتهي   ولكل فرد  منهم رأي خاص يحاول ان يناقشه ويرجح صحة توقعاته ,  شقيقتها  الكبيرة عذراء تحدثت معها بصراحة وبدون اي مجاملة وتدرك انها بصراحتها قد  تحرجها او تجرحها ولكن لابد من ان تتحدث بعد أدركت الخطر الذي أحاط بغادة بعد هجرة احمد واعتقال فيصل  , انك بصراحة أضعت فرصة كبيرة بعدم الزواج من احمد والسفر معه ! كل شئ اصبح واضحا وضع الوطن في خطر وما جرى لفيصل  من اعتقال كل هذا ينذر بخطر قادم لا  نعلم متى ينتهي , وانت  لازالت متمسكة بحبيب القلب زيد  وبعواطفك التي لا يمكن ان تمنحك ما تبحثين عنه لو كنت مكانك لتركت القلب جانبا واتبعت عقلي  فالحب  ربما يموت بعد الزواج ولكن الحب الحقيقي ينمو ويثمر  بعد الزواج , صمتت غادة وأطبق الصمت في أنحاء الغرفة ولم يكسر هذا الصمت سوى الحاجة أم محمد عندما دخلت وهي تحمل  الشاي والكليجة التي تعملها خصيصا  لتضع فاصل للصمت  وتحاول ان تخرج غادة عن صمتها  .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1087 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع