زيد الحلي
قاعة اتحاد الادباء والكتاب ببغداد ، شهدت ظهر يوم السبت قبل الماضي فعالية كبيرة ، لم تشهدها على مستوى الحضور والنوعية والتفاعل منذ مدة طويلة ... حضور كثيف في العدد ... كان الوقوف اكثر من الجلوس ، فالمناسبة اثيرة في النفوس ، وهي اصدار كتاب جديد عن رجل ذاعت شهرته في الاعلام والسياسة طيلة عقود من الزمن ، بدأت منذ منتصف خمسينيات القرن المنصرم وامتدت حتى اللحظة ، رغم انه مات شهيد الغربة في العام 1981... انه الاستاذ شمران الياسري الشهير بأسم ( ابو كاطع ) ... المؤلف ابنه الاستاذ إحسان الياسري ، والكتاب حمل عنوانا بأبعاد شاسعة المدى هو ( ابو كاطع- شمران الياسري- عن منهجه في التحريض البنّاء )
حضرتُ هذه الفعالية ، التي تم فيها توقيع الكتاب من قبل المؤلف ، واستمعتُ الى شهادات مهمة عن حياة هذا الرجل ، الظاهرة ، من شخصيات فكر وادب وصحافة جايلوه في مختلف مراحل حياته الصحفية والنضالية والانسانية ..
الذي استوقفني في هذا الاستذكار، وفاء ابن ( ابو كاطع ) الاستاذ إحسان الياسري .. هذا الوفاء المفتقد هذه الايام ، لاسيما عند أسر وعوائل وابناء رجال عظام في العراق ، بنوا مجدهم في العمل الاكاديمي والنضالي والعلمي والانساني ، فذاع صيتهم ، وحين غادروا الدنيا ، بهتت صورتهم واضمحل تأثيرهم بسبب عدم الاهتمام من الدولة من جانب ، وجانب آخر مهم هو الابناء الذين اداروا ظهورهم لمكانة آباءهم ، ناسين ان البر لا يقف بآبائهم في حياتهم ، ولا ينتهي بموتهم، بل تبقى حقوق البر على الابن بعد موت ابيه لمن أراد الخير.
الاستاذ إحساس الياسري ، ليس بحاجة الى أرث او اسم يتعكز عليه ، فهو في موقع مسؤول ومهم في هيكلية الدولة ، كما ان ابيه ( شمران الياسري / ابو كاطع ) ليس ايضا بحاجة الى تلميع او استذكار ، فقد توفاه الله وهو في اعلى النجومية على صعيد الجماهير التي عرفت صوته وقلمه هادرا بالحق ... واسمه لا زال يرن في اذهان المواطنين بمحبة ونبل ، لكن الأبن (إحسان ) لم يقف امام تجذر موقف ابيه في الضمائر بل سعى ويسعى باستمرار الى اعادة صورة ( ابو كاطع ) الى الاذهان التي لم تنسه أصلا ، باثا الروح الى ابيه بشكل جميل من خلال قيامه بفعاليات عنه بين مدة واخرى ، فمن تأسيس مركز شمران الياسري للثقافة والآداب الى اقامة مهرجانات باسمه ، لعل اهمها مهرجان الكوت ، والى اصدار كتاب (ابو كاطع - شمران الياسري نهر العراق الرابع ) وآخر هو ( ابو كاطع .. شمران الياسري : عن منهجه في التحريض البناء ) وعشرات اللقاءات الصحفية والاذاعية والتلفزيونية .. لم يغفل يوما مكانة ابيه ، ولم يتعكز على المسؤولية الوظيفية التي هو فيها ، حتى يتهرب من ان يكون في الواجهة الاجتماعية ، حاملاً اسم ابيه فرحاً ، مسرورا ... ما هذا الوفاء ؟
في الضفة الاخرى ، نجد أسماء كبيرة في فضاء العراق ، غيبها الموت فغاب معهم كل أرثهم من قبل عوائلهم ، ولولا بعض من محبي التراث العراقي او طلبة الجامعات ، لكان هؤلاء الافذاذ في غياهب النسيان ... اين من كتب عن ( جواد علي ومصطفى جواد وعلي الوردي وعبد الجبار عبد الله وحسين علي محفوظ وبهجة الاثري ونازك الملائكة و.. و... ) من اسرهم واولادهم على وجه الخصوص .. اين ؟
اقول بود ومحبة ، لأبناء من حفروا اسماءهم في صخرة المجد والتاريخ العراقي : كونوا اوفياء لمن حملتم اسماءهم ... كونوا اوفياء بصدق فلا تتخاذلوا لأن التخاذل هو ( العقوق ) بعينه ، لكن بحروف مختلفة.. كم من منكم باع مكتبة ابوه بما تحتويه من نفائس الاختصاصات المختلفة ، ليس لحاجة مادية ، بل للخلاص منها ، بهدف توسعة البيت او اضافة ديكورات حديثة .. انه لأمر يحز في النفس .. ويعطي صورة لعدم الوفاء ..!
لك اخي استاذ إحسان الياسري قبلة على جبينك الوضاء وانت ترسم طريقاً لوفاء الابناء الى آبائهم .. والى قراءة قريبة في منهج ( ابو كاطع ) في التحريض البناء !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
448 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع