ومضات من تاريخ العراق /ح ٥

                                 

                 د.عبدالرزاق محمد جعفر

      

ثورة الرابع عشــرمن تموز1958
 
أســباب اندلاع الثورة :
1- عدم نجاح ثورة نيسان (ابريل),1941م.,بقياده الجيش العراقي ضد القوات البريطانبة.
 2- تأثيرات الســفارة البريطانية في بغداد على النظام العراقي , وظلم وهيمنة الأقطاعيين.
3-  تصدي معظم الحكومات العربية لأية مقاومة شــعبية ترغب في التحررمن الأستعمار.  
 4- الأحباط الذي اصــاب الشــعب العراقي نتيجة النكـسة في فلــسطين ســنة 1948 م.
 5- ارتباط الحكومة العراقية بحلف بغداد,دفع العرق الى عداء الأتحاد الــسوفيتي السابق.
6- مـسـاندة الحكومة العراقية لشــيوخ الأقطاع وفرلهم الغنى والهيمنة على الفلاحيين,مما دفعهم الى مسـاندة الثورة منذ أندلاعها!,.. ونزح الآلاف منهم ليسكنوا العاصمة!
الدقائق الأولى لأندلاع  ثورة  تموز1958
اســتيقظ  العراقيون على وضــع جديد في بغداد, ففي السـاعة الســادسـة من صــباح الرابع عشرمن تموز 1958, اعـلن راديو يغداد ما يلي:
" ايها المواطنون, ياجماهير بغداد, لقد انتهى العهد الملكي وانبثق العهد الجمهوري, وهكذا احتشـدت الجماهيرالثائرة, مبتهجة بـسـقوط النظام الملكيي, ولم تشاهد اية قطعات عســكرية تفرض نفســها للفصــل بين النظام الســابق وبين الضــباط الأحرار, واصـبح مخطط الثورة
واضــحا, واذيعت اسـماء المسـؤلين الكبارلمجلـس السـيادة, من شـخصـيات عراقية بارزة, مثل الســادة التالية اســمائهم :
1- نجيب الربيعي / رئيــساً لمجلــس الســيادة.
2- محمد مهدي كبه / عضــو مجلــس الســيادة.    
3- خالد النقشــــبندي / عضـو مجلس الســيادة.    
*** فوجيء المواطنون بإذاعة نشيد الله أكبر,(نشيدأشتهرزمن الثورة المصرية بقيادة جمال عبدالناصر), ثم الأناشيد التي أشتهرت زمن رشيد عالي الكيلاني مثل لاحت رؤس الحراب, ثم أنشودة بغداد يا قلعة الأسـود:أهدتها المطربة الخالدة وموحدة العرب أم كلثوم!  
 *** كان صدى تلك الأناشـيد الحماسـية والثورية, يتردد في شـوارع بغداد وأزقتها,..فـهَـيجت روح الحماسة الوطنية لدى المواطنين من جميع الشرائح والقطاعات,.. فشـمروا عن سواعدهم تأييداً وابتهاجا لما تردد من أخبارعن أندلاع الثورة!,ثم أنقطع البث الإذاعي فجأةً, وأعلن المذيع عن نبأ هام سـيذاع بعد لحظات من محطة الإذاعة من بغداد,فعَمَ الصمت في الشوارع المكتظة   
بالجماهيرالهائجة , وراحوا يصغون إلى (الراديو) , في المقاهي وبعض الدكاكين,.. وبعد دقائق من الانتظارعاد الصوت الجهوري ذو النبرة الحماسية ليعلن النبأ الهام , إنه البيان الأول للثورة بصوت العقيد الركن عبدالسـلام عارف, والذي استهله بآية من القرآن,..ثم تلى البيان رقم واحد
من القائد العام للقوات المسلحة الوطنية :
 بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الكريم بعد الإتكال على الله وبمؤازرة المخلصين من أبناء الشعب والقوات الوطنية المسلحة، أقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة التي نصبها الاستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته وفي سبيل المنافع الشخصية.
إن الجيش منكم وإليكم, وقد قام بما تريدون وأزال الطبقة الباغية التي استهترت بحقوق الشعب, فما عليكم إلا أن تؤازروه, وأعلموا أن الظفر لا يتم إلا بترصينه والمحافظة عليه من مؤامرات الاستعمار وأذنابه وعليه, فإننا نوجه إليكم نداءنا للقيام بإخبار السلطات عن كل مفسد ومسيء وخائن لاستئصاله, ونطلب منكم أن تكونوا يداً واحدة للقضاء على هؤلاء والتخلص من شرهم.
إننا في الوقت الذي فيه نكبر فيكم الروح الوطنية الوثابة والأعمال المجيدة، ندعوكم إلى الإخلاد والسكينة والتمسك بالنظام والتعاون على العمل المثمر في سبيل مصلحة الوطن.
أيها الشعب:لقد أقسمنا أن نبذل دماءنا بكل عزيز علينا في سبيلكم، فكونوا على ثقة واطمئنان بأننا سنواصل العمل من أجلكم وان الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لا يتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن وبقرارات مؤتمر باندونغ. وعليه فإن الحكومة الوطنية تسمى منذ الآن (الجمهورية العراقية). وتلبية لرغبة الشعب فقد عهدنا رئاستها بصورة وقتية إلى مجلس سيادة يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية ريثما يتم استفتاء الشعب لانتخاب الرئيس. فالله نسأل أن يوفقنا في أعمالنا لخدمة وطننا العزيز انه سميع مجيب.
بغداد، في اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1377 هجرية، الموافق لليوم الرابع عشر من شهر تموز سنة 1958 م.
العقيد الركن عبد السلام محمد عارف / القائد العام للقوات المسلحة الوطنية وكالة .
*** تكونت الحكومة العراقية الجديدة من الزعيم عبدالكريم قاســم, كرئيس لمجلس الوزراء ووزيراً للدفاع , والعقيد عبدالســلام عارف, نائباً لرئيــس الوزراء, ووزيراً للداخلية.
                                  
   

*** تكونت الحكومة العراقية الجديدة من الزعيم عبدالكريم قاســم, كرئيس لمجلس الوزراء ووزيراً للدفاع , والعقيد عبدالســلام عارف, نائباً لرئيــس الوزراء, ووزيراً للداخلية.  
***  صـار جلياً ولاء العراق الى الزعيم عبدالكريم قاســم , وليــس الى البلاد العربية تحت قيادة جمال عبدالناصــر,قائد ثورة 26 تموز (جولاي), 1952 في مصــر, الا ان عبدالســلام عارف اسـتقطب الجماهيرالمتحمسـة للوحدة العربية والأتحاد الفوري مع مـصـرعبدالناصـر, وبعد اقل من شــهرين من نجاح ثورة الرابع عـشـر من تموز 1958, اختفى عبدالســلام من مركزه القيادي في ثورة تموز, بســبب الأختلاف الفكري,(الآيدولوجي), مع عبدالكريم قاســم حول هوية العراق, والأكثرمن هذا,.. فقد عمل قاســم على منع القاهرة لتكون عاصـمة الدول العربية المتحدة,.. وبتلك الوســيلة , اثارغضــب جمال عبدالناصــر, وقام بتهديده بواســطة الناصـريين والعديد من ضـباط الجيــش العراقي, ولذا تحول قاســم الى الشــيوعيين!,..وهكذا اندفع قاســم لأعادة النظرفي الحالة الأجتماعية في العراق, وطالبته الجماهير بالأتحاد الفدرالي والصداقة السوفيتية, بينما طالبهُ الناصريون بالوحدة الفورية مع مصــر.


                
 ***وبعد أن أنتهى, البيان أنطلقت الجماهير, وهي تهتف لقادة الحركة بعد أن أخذت تتعرف عليهم فبدأت الحناجر تهتف " احنه جنودك يإسلام " وبعد أن تعرفت في نهاية ذلك اليوم, على  بقية القادة كالعميد الركن عبدالكريم قاسم وبقية اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين اخذت جموع الجماهير تهتف لهم كما هتفت "للثورة"  وللعراق " كما أخذت بعض الجماهير تهتف للوطن العربي وتطلق شعارات أخرى تـُذكربأمجاد العرب وتنادي بالوحدة مع الاتحاد العربي المتكون من مصروسوريا, والموسوم بـ (الجمهورية العربية المتحدة)!
*** انقســم العراقيون الى قــسمين , القــسم الأول يتكون من الأصــوات التي تحرض العراقيون العرب للولاء الى جمال عبدالناصــر, ضــد عبدالكريم قاســم, وقســم آخر, يتكون من الشــيوعيون الذين تربعوا اعلى المراكز في الوزارات الأقتصــادية, والتعليم, واالحقوق, كما صــار واضــحاً, لأتجاه مسـيرة الوطن نحو اليـسـار,على الرغم من الجماهيرالغفيرة من المعادين للشــيوعية من القوميين العرب وضـباط الجيــش العراقي.
 ***بدأ المكاشـفة بين المؤيدين الناصــريين, وعبدالكريم قاســم, والذي بدأ بســماع هتافات في المظاهرات التي جابت شــوارع بغداد كل يوم تقريباً, وقد كان بعضـها يردد :
 " وحـده,...وحده,.... يا ســلام ", اي اننا نطالب عبدالســلام عارف بأعلان الوحدة الفورية مع مصـرالعربية,.. اما الفئة الأخرى, فأنها تنادي : " اتحاد فدرالي,.. صـَداقه ســوفـَتيه",...
 وهذا يعني ,انهم يطالبون عبدالكريم قاســم بالفدرالية والصـداقة مع الأتحاد الــسوفيتي آنذاك, (روسـيا الأتحادية حالياً), وهكذا وســعت تلك الهتافات مـن الخلافات بين قطبي قادة الثورة, عبدالكريم قاسـم وعبدالسلام عارف,..وبدأ الصــراع ســرياً , اوقل بشــكل خفي , وبعد ذلك صـارعلنياً,.. وقد حدثت المواجه العلنية عند اعلان قـانون الأصلاح الزراعي , واسـتنادا الى ذلك القانون فأن شـيوخ العشــائرفقدوا قوتهم ومراكزهم الأجتماعية , حيث بموجب هذا القانون  تقـَسـمت اراضـيهم الى اجزاء صغيرة وزعت على الفلاحين.  
 **احدث ذلك القانون هزة عنيفة بين كبار الأقطاعين, ولذا توجه العديد منهم صــوب بغداد, والمدن العراقية الكبرى, مكونين جبهة معارضـة واسـعة ضــد قائد الثورة عبدالكريم قاســم,
 وازداد ذلك الوضـع تعقيداً,عندما اعلن الســيد الحكيم, (المرجع الديني الأعلى في النجف),..  فتوى دينية اعتبـرت (الشــيوعية كفـروالحاد)!,ودفع ذلك الحزب الشـيوعي العراقي والأحزاب التقدمية الأخرى,الى اتمام قبضــتها على نقابات العمال والفلاحين واتحاد الطلبة.
 **كان الزعيم عبدالكريم قاســم قادراًعلى تحدي المعارضة لعدة اســباب, من أهمها :
اعتقاده بعدم وجود اية فئة لها قدرة التأثيرعلى نظامه. وعلى اية حال, فقد كان مُخطاً في تقديره,.. وكانت النتيجة عكس فكرته,.. كما انه تحول وفق رؤية بعض المحللين, مـن قائد عـسكري كتوم ومتواضــع , الى دكتاتـور بنظر معارضـيه !
*** ونتيجة لتلك الظروف, فقد تعرض الزعيم قاســم الى محاولة اغتيال, في تشــرين الثاني (اكتوبر), 1959. وعلى اية حال, وقبل تطورالتوتربينه وبين عبدالســلام عارف,.. حيث كان كلاً منهما يعتقد بأنه احق من غيره,..وكان عبدالسلام عارف واثقاً من انه هو القائد للضـباط الأحرار, حيث انه اول من اجتاح بغداد في صــباح يوم الرابع عشــر من تموز  1958, ولذا يعتبرنفســه, هوالقائد للثورة.
**كان العقيد عبدالســلام عارف من اشــد المعجبين بالرئيـس جمال عبدالناصـر, وتراءى له امكانية ربط العراق بالمسـيرة القومية ووحدة العراق الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة,..
( مصـر وسـوريا), معتقدا ان ذلك سـيحمي النظام الحديث في العراق ويحقق الوحدة العربية, حلم الأمة العربية الذي طال انتظاره,..وعلى اية حال , فأن الزعيم عبدالكريم قاســم,.. ينظر للوحدة بعين العطف , وغيرنافرمنها , الا انه لا يريدها فورية بنفـس رؤيا الأحزاب القومية والوطنية,وان بناء المصالح القومية المشـتركة مع العالم العربي, يجب ان تسـبقه عدة مواثيق قبل الولوج بالوحدة الفورية,.. كما ان عبدالكريم قاســم كان على علم تام بطموحات رفيقه  العقيد عبد الســلام عارف, ولهذا, وفي ايلول(ســبتمبر) 1958,اقاله مـن كل مراكزه القيادية, ثم نفاه الى خارج العراق كســفيرللعراق في المانيا الأتحادية!,ولقد كان لذلك الحدث صــداه,.. وســبب في انقســام العراقيين الى قســمين!

 

مُـلا مصطفى البارزاني:
 زعيم كردي من كردستان الجنوبية في شمال العراق ,.. ولد في 14 مارس (مارت) 1903 في منطقة بارزان , وشارك أخاه الأكبرأحمد البارزاني في قيادة الحركة الثورية الكردية,.. للمطالبة بالحقوق القومية للأكراد, ولكن تم أخماد تلك الحركة من قبل السلطة الملكية في العراق والقوات البريطانية المحتلة آنذاك!  
** عند إعلان الجمهورية العراقية عام 1958 دعى الزعيم العراقي عبدالكريم قاسم,البارزاني للعودة إلى العراق وبدأت مناقشات حول إعطاء الأكراد بعض مطالبهم القومية, ولكن مطالب البارزاني والشعب الكردي لم تتطابق مع ما كان في نية الرئيس عبدالكريم أعطاءه للأكراد,..
 فأدى ذلك إلى تجدد الصراع مرة أخرى حيث قام عبدالكريم قاسم بحملة عسكرية على معاقل البارزاني عام 1961 م.
***كما افلح قاســم في عودة الروح للحزب الشــيوعي العراقي , ليكون بمواجهة خصومه من القوميين العرب, وعلى اية حال , فقد ســمح للحزب الشــيوعي بأصدار صــحيفة الحزب علنياً  وعمل على تنشــيط الأحزاب الموالية لأنصـارالســلام ورابطة حقوق المرأة, واتحاد الفلاحين والشــبيبة العراقية, واتحاد الطلبة.
 **وفي مارت (مارس), 1959, اقام الحزب الشــيوعي مهرجاناً للســلام في مدينة الموصــل (ثالث اكبر المدن العراقية في شــمال العراق) مما اثارمحاولة انقلاب لدى الضباط الأحرارمن القوميين العرب في حامية موقع الموصــل, بقيادة عبدالوهاب الشــواف,.. الا انه لم يوفق وتم القضاء على تلك المحاولة بســرعة.  
 **اصـبح الحزب الشــيوعي اكثر فعالية, وقد ثبت حضــوره في كافة الفعاليات الســياســية. وفي مايــس1959, خرجت جماهيرغفيرة من اهالي بغداد والمحافظات المجاورة بمظاهرات صــاخبة, جابت شــــوارع بغداد هاتفة بمطالبة قاســم بضـم الحزب الشــيوعي للحكومة العراقية, واجراء انتخابات مبكرة والســماح  للحزب الشـيوعي الى قبة البرلمان. وقد كانت هتافاتهم واهازيجهم تردد " ســـبع ملايين تريد حزب الشـــيوعي  بالحكم
( فقد كان تعداد النفوس في العراق في ذلك الحين ســبعة ملايين),.. ولذا, فأن هذا الموقف الجديد دفع  بقاســم الى الحذر مـن الـحزب الشــيوعي , وحاول ان يضعه تحت الأختبار, وقربه من الحكومة, حيث عين عضو من الحزب الشـيوعي , وهي , الدكتورة نزيهة الدليمي كوزيرة للبلديات,... اضافة الى عضــوين من الحزب الشــيوعي في مراكز حكومية مرموقة. وقد تبين لقادة الحزب الشــيوعي ان تلك  المكاسـب قد تسـاعدهم على تغييرطريقة حكم عبد الكريم قاســم, ومن ثم تنمو قابليتهم لتحديه الاان حزب البعث,لم يرى وســيلة لأزاحة قاســم ســوى اغتياله.
 **وهكذا, وبعد مرور دقائق على الســاعة الســادســة مســاءاً, ليوم الســابع مـن تشــرين اول ( اكتوبر), 1959,  (وبعد تنفيذ الأعدامات بحق العســكريين المســؤلين عن ثورة الموصــل), قام البعثيون بمحاولة اغتيال غيرناجحة لعبدالكريم قاسـم في شـارع الرشـيد في منطقة الســنك, وقد ادت تلك العملية الى توقيف وتطهيرعدد مـن المســؤلين والمؤيدين لحزب البعث.
 ** وبعد معالجة الزعيم عبدالكريم قاســم مـن اصـابتة الخطيرة في ذراعه في مســتشـفى الســلام في بغداد, غادر المســتشــفى بعد ثمانية اســابيع,..وانطلقت بعد الأعلان عن محاولة الأغتيال, مظاهرات جابت شــــوارع بغداد وهي تهتف بأهازيج حماســية, مثل:
 " عاش تضـامن الجيـش ويً الشعب, وارواحنه, فدوًه لأبن قاســـم" !
 *** قام قاسـم بمناورات متعددة لضـرب وتنافـس الكتل السـياسـية مع بعضها البعض , ليمنع مـن هيمنة جمال عبدالناصرعلى العراق, ويبقى هو القائد الأوحد الذي يملك القوة,.. وقد كان يعمل طيلة 20 ســاعة يوميا, في مقرعمله وسـكنه في وزارة الدفاع في باب المعظم , ولم يكن له ســكن خاص, وعاش ومات وهو بالبدلة العسـكرية,...كما كان يردد في العديد من خطاباته!
*** في كانون الثاني(جون), 1960, حصلت بعض الأحزاب على اجازة ممارسـة العمل, وقد  اشـتملت تلك الأحزاب على الحزب الوطني الديمقراطي, والحزب الوطني الكردسـتاني, كما أن الحزب الشــيوعي العراقي قدم ايضـا للحصـول على الأجازة ليكون كحزب ســياســي قانوناً , الا ان قاســم منع ذلك!
**اشـتهرالزعيم عبدالكريم قاسم باخلاصه ونزاهته,واستطاع حمل راية الكفاح من أجل الشعب فقدم الخدمات السكنية والزراعية والتجارية,.. وحرراقتصاده , وفك أرتباطه بالعملة البريطانية (الأسترليني), وحررالفلاحين من عبودية الشيوخ والاقطاعيون,وكون طبقة برجوازية ساهمت  في تطوير القطاعات المختلفة من اعماروزراعة وصناعة, وصارالشعب في بحبوحة اقتصادية ورفاه لم يشهده من قبل, وهكذا أرتفع مسـتوى التعليم واصبحت المدارس في متناول المواطنين من كافة طبقات المجتمع , فهبوا نحوها صغاراً, ســجلوا في المدارس النهارية, وكباراً ليتعلموا  القراءة والكتابة في المدارس المسائية, وأضافة الى ذلك انتشرت مدارس محو الامية , أو قل  مكاتب بسيطة شــهدت اقبالا منقطع النظير!,..وكنت حينها مديراً لثانوية الشطرة وساهمت في تدريس حصة يومية لمدة ساعتين (قراءة وحساب),لباعـة الغنم في أحد مقاهي أطراف المدينة والقريبة من مكان بيعهم الأغنام والأنواع المختلفة من المنتجات,ولكن بقاء الحال من المحال,  
حيث بدأت غيوم الخلافات بين رفاق الأمس, أنتهت بأندلاع ثورة الثامن من شباط,1963 ,
 وأن كل من عاش تلك الفترة يحس بالألم والأسى لما أصاب الوطن من تدهور وتهديم للمشاريع, وبدأ صراعاً عنيفاً, ثم خفَ بعد أن راح نتيجتة خيرة الشباب العراقي.
أهم منجزات ثورة الرابع عشرمن تموز 1958 كالآتي:
 1 - أهتمت بالتعليم الأساسي,..فعممت التغذية في الروضات والمدارس الأبتدائية, وهكذا دب الشبع لدى الطلبة الفقراء في مدارسهم وفق هذا المشروع الموسوم"بمشروع التغذية المدرسية"  2 - شعر الفلاح لاول مرة بحريته,.. فقد صار يمتلك ارضا يزرعها, ويستطيع الاقتراض من المصرف الزراعي , أضافة الى أمكانية الحصول على خدمات من المرشد الزراعي,...وصار  الموظف الصحي يزوره في قريته ويقدم له الخدمات الطبية مجانا!
3 - حصلت المرأة على اهم الحقوق التي تضمن كرامتها,.. وشرع قانون الاحوال الشخصية الذي يعد من افضل قانون اجتماعي في الشرق الاوســط آنذاك,.. واصبحت اول امرأة وزيرة في حكومة الرابع عشرمن تموز,.. واصبح اول شخص غيرمسلم (مندائيا "صابئي" ), رئيسا لجامعة بغداد,هوالدكتورعبد الجبارعبد الله!
4- حصل العامل على حق تشكيل نقابة حقيقية تدافع عنه وتعمل على أكتسابه اجورا جيدة من صاحب العمل و ضمان حقوقه , وهكذا حصل أغلب الناس على عمل يتلائم مع امكاناتهم في المراكز البلدية حتى وان كانوا ذوي تحصيل دراسي بسيط !
5 - فتحت معامل الخبز الشعبي التي كانت تبيع رغيف الخبز بمبلغ زهيد جدا! 
6 -  تم توزيع قطع من الأراضي على المواطنين في عدة مناطق في بغداد,..وأنا العبد لله حصلت على قطعة أرض في منطقة العامرية (630 متر مربع ) بسعر زهيد وبالقسط المريح كما شيد الكثير من الناس بيوتا لهم, ومن لم يستطيع ، قدم طلبا للحكومة المحلية ليحصل على دار كانت البلديات تشيدها وتوزعها على المواطنين بسعرالتكلفة!
7 - جعل النفط ُملكا للشعب , ولم يسـمح لأي وزيراومسؤول التلاعب بسـعره او ببيعه , كما ناقش شركات النفط من اجل الحصول على اكبرالأمتيازات ,... ووضع قانون رقم 80 الذي ضمن حقوق الشعب العراقي في استثمارحقول النفط .

أسباب فشل ثورة الرابع عشر من تموز 1958:
1- في ربيع ســنة 1962, اضــاف الكرد قوتهم الى القوى المعارضــة لحكم عبدالكريم قاســم , وقد ظهرعامل آخرفي ذلك الوضع المضطرب, حيث عقد الشـيوعيون والقوى الوطنية التقدمية , حلفاً مع قاســم , بينما وقف الناصريون والبعثيون على الجانب الآخر.
 2 - مقاتلة الثوار واتهام  بعضـهم البعض بالأنحراف عن خط الثورة.  
 3 -- ابعاد العديد من رجال الثورة, وتفرد الزعيم عبدالكريم قاســم بالقرارات, مما حمل العديد من الجهات المعارضة للتخطيط والخلاص منه.
4- فشــل ثورة الشــواف في الموصـل, وزج الآلاف من المؤيدين لها في الســجون, وبخاصة في مدينة  الموصــل, مما ولد الحقد في نفوس شـريحة كبيرة من المواطنين , ولم يكتفوا بالأحتجاج والشــعارات المعادية بل نادوا بالأنتقام منه ومن كل اعوانه.
5- الأنقســام داخل ضـباط الثورة نفســها, نتيجة الى التطاحن الحزبي والعقائدي وخاصة بعد انهيار جبهة الأتحاد الوطني التي اطاحت بالحكم الملكي.
يتبع في الحلقة/ 6 ,..مع محبتي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

666 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع