عائشة سلطان
كتب الروائي الكبير غارسيا ماركيز يصف شاعر تشيلي بأنه (أفضل شعراء القرن العشرين وفي جميع لغات العالم)، هذا الشاعر الذي قال عنه أحد النقاد الغربيين (لا يمكن مقارنة أي من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذي سبق زمانه)، نال جائزة نوبل في الشعر عام 1971،
وحين عاد مزهواً بفوزه، وجد الآلاف بانتظاره، وكذلك رئيس البلاد سلفادور الليندي، ومنحته جامعة أوكسفورد الدكتوراه الفخرية، كان شاعر العالم وشاعر فقراء تشيلي وقاطني القرى البائسة، حين سئل لماذا تكتب الشعر يا بابلو نيرودا، أجاب: كي أغير حياة الفقراء!
مات نيرودا عام 1973 دون أن تتغير حياة هؤلاء في زمنه، لكنه حاول كثيراً أن يرسم طريقاً مختلفاً لتشيلي بعيداً عن الطغيان والفساد والتبعية، إلا أن آخر جملة كتبها قبل وفاته تلخص الواقع في كل أميركا اللاتينية في تلك الفترة، فبعد أن فاز بنوبل وأقعده المرض والانقلابيون الذين قتلوا سلفادور الليندي كتب نيرودا «لقد عادوا ليخونوا تشيلي مرة أخرى»!
ربما لا تتحقق أحلامنا وطموحاتنا، ذلك ليس خللاً في كيمياء الزمن والسنوات، وليس تقصيراً منا، المهم أننا حاولنا كثيراً وعبرنا أكثر الطرقات صعوبة، أن نغير شيئاً لأجل الآخرين، ذلك مناط الأحلام النزيهة وطريق الحالمين الكبار، أجمل الحالمين أولئك الذين يحلمون بأن يغيروا حياة إنسان باتجاه أفق آخر أكثر رحمة وإنسانية، حدث هذا منذ أكثر من 15 عاماً، حين سألتُ سيدة متزوجة ولديها أبناء وأسرة جميلة، عن سبب تبنيها طفلاً آخر تضيفه إلى أسرتها؟ كانت إجابتها واضحة ودقيقة: كي أغير حياته، كانت تعلم أن حياة في وسط أسرة محترمة ميسورة الحال ومتفهمة ستكون أفضل كثيراً من الحياة في دار الأيتام، لقد تبنت الصبي، فتغيرت حياته نحو الأفضل، وبقيت إجابتها في ذاكرتي طيلة هذه السنوات!
حين نفذ ديكتاتور تشيلي انقلابه ضد شرعية الرئيس المنتخب سلفادور الليندي عام 1973، كانت سيدة جميلة تبزغ ككاتبة تشبه زهرة حلوة تنمو في حديقة تشيلي سيكون لها شأن، وستتغير حياتها بسبب هذا الانقلاب، إنها ايزابيل الليندي التي تركت بلادها احتجاجاً على ما حدث، لتستقر في كاليفورنيا ولتمنحها أميركا الحياة والحب والاستقرار ومجد الكتابة، من كاليفورنيا ظلت ايزابيل تطارد أرواح أسلافها توثق حياتهم عبر رواياتها الملهمة!
664 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع