شامل عبدالقادر
عندما اقتحم الجنود الأمريكان القصر الجمهوري في 9 نيسان 2003 لم يسألوا عن مكان الرئيس، الذي خلعوه بالدبابات والصواريخ وطائرات الأباتشي، وأين اختفى وأين أخفى أسلحة الدمار الشامل.. بل كان السؤال الأهم الذي وجهه المحتلون للمترجمين العراقيين هو: أين نعثر على بساط الريح والسندباد والمصباح السحري ولص بغداد؟.. أين هذا كله؟ ومتى نراه؟!
كانوا شغوفين ومسحورين بما قرأوه عن عراق ألف ليلة وليلة وليالي هارون الرشيد الخلابة وقصور بغداد وجواريها المخمليات، وكانوا يعتقدون بأنهم سيعثرون على بساط الريح ويركبونه سائحين في سماء بغداد.. التي كانت تنزف دماً وألماً من جزماتهم الثقيلة التي مرروها على خدودها وخصرها!!
ولأن بغداد حرة أبية فقد أجبرت المسحورين على الرحيل بعد أن فشلوا بالعثور على المصباح السحري وأسلحة الدمار.. لأنهم فشلوا في اكتشاف سر بغداد!!
وسقطت بغداد طريحة الإهمال.. كما لو كانت مدينة قادمة من الفضاء أو مصنوعة في الخيال.. غريبة الروح – كما يقول الشاعر الشعبي – عن أهلها وحاراتها وتاريخها!!
من ينفخ في بغداد روحها؟! من يداويها من جراح وفتوق ودمامل؟! من يسترد بهاءها؟!
هل نمشي وراء جنازة "جودو" ولا ننتظر أحداً بعد أن تحولت بغداد من رواقات وطابوق فرشي وبادكيرات وحوش وطرمة وحدائق من رازقي وقداح ومقام وجالغي ومربعات وليالٍ ساحرة إلى أكبر "دمبلة" في تاريخ مدن آسيا؟!
تبقى الحياة.. عناقيد من أمل ورجاء ومستقبل.. لا عناقيد من غضب وسخط وتأفف ويأس.. ونحن بانتظار من يداوي بغدادنا ويعيد لها عافيتها وبهاءها ونظافتها ورونقها بعيداً عن طابور.. "جودو" وأصحابه!!
*المشرق
626 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع