سارة مطر
كنت قد قررت منذ العام الماضي أن أؤدي فريضة الحج لعام 2016، وبالتأكيد هناك الآلاف غيري قد قرروا المضي في إعداد أنفسهم للمضي لأداء فريضة الحج، لكن هل مر بخاطر أحدنا ولو مجرد خاطر، إذا ما كانت إيران ستشارك في الحج أم لا؟ أظن أن هذا آخر ما يفكر فيه أي مسلم ينوي أن يؤدي فريضة من أركان الدين الإسلامي.
الأمر يبدو آخر ما نفكر فيه نحن الراغبون في أداء مناسك الحج. هناك أولويات مهمة في حياتنا، استيفاء تصاريح الحج، وجود أماكن في الحملة التي نود أن ننضم إليها، وأظن أن أكثر ما يهمّ الحاج حين يصل إلى بيت الله الحرام، هو أن يعود إلى وطنه آمنا مطمئنا من دون أي ضرر يمكن أن يوجه له، ما يهمه أن تكون حجته كاملة بلا نقصان.
اتساع تفكير النطاق السياسي الإيراني ورغبة طهران الدائمة في أن تكون جمهورية غير مرغوب في التعامل معها، وجذب أكبر قدر ممكن من الكراهية تجاه تصرفاتها، عوامل دفعتها أخيرا إلى الثرثرة الإعلامية تجاه حجاجها، وكأنها الورقة الرابحة التي ستضيفها إلى سجلها المشاغب. ما يؤسف الجميع هو استغلال إيران لحجاجها إعلاميا، فهو أمر لا يرغب أي من المسلمين التدخل فيه.
في مقابل ذلك لا يمكن أن يوافق أي من الحجاج من ضيوف بيت الله الحرام على أن تتحول هذه الشعيرة إلى ساحة لإعلان الحجاج الإيرانيين عن آرائهم السياسية، وتحويل حياة الملايين من الحجاج إلى حفلة من الرعب والخوف التي تقودها جمهورية إيران من دون مراعاة أن الحجاج قد جاؤوا إلى مكة المكرمة، ليتقربوا إلى الله وأن ينتهوا من أداء فريضة يلتزم بها المسلمون لإتمام إسلامهم، كما نعلم أن العديد من الحجاج من كبار السن، الذين يريدون أن يضعوا خاتمة أبدية للقرب من الجنة لحياتهم، لذا، ليست الحكومة السعودية وحدها من عليها أن تكون حريصة على راحة الحجاج، وإنما أيضا الحجاج أنفسهم يريدون أن يتموا الفريضة على أكمل وجه، من دون الدخول في خصومات سياسية وألاعيب طهران السرية.
لو سألت أي حاج، لقال لك كل ما أريده أن أؤدي فريضة الحج كما يجب وأن أعود إلى وطني سالما، من دون أن يتحدث عن السياسة، فذلك ليس وقته أبدا، ولكن إيران ومنذ العام 1979، ترغب في إزعاج السلطات السعودية، وكما يقول مؤلف كتاب “المملكة من الداخل” روبرت ليسي، كانت إيران تجد أن الشيعة في منطقة القطيف من الحلفاء الاستراتيجيين لأهدافها، وفي تلك السنوات كان راديو طهران يذيع مناشدات للشيعة السعوديين للثورة ضد “مضطهديهم” من الأمراء.
عُرف عن الخميني أنه يرفض بشكل خاص، كما يقول روبرت ليسي، الادعاءات السعودية برعاية الأماكن المقدسة، ومنذ العام 1981 وحجاج الثورة الإيرانية يستغلون موسم الحج كل عام للترويج لـ”قضيتهم” في مكة، حيث يقومون بتهريب صور آية الله والتلويح بها خارج المسجد الحرام، ويتلفظون بشعارات معادية.
يعلم الجميع ما حدث في العام 1986 حينما تم العثور على بضاعة شحن قادمة من طهران، تحتوي على حقائب تم حشوها بمتفجرات بلاستيكية، وفي العام 1987 وصلت المظاهرات الإيرانية في الحج إلى درجة من الخطورة، حيث مشى الإيرانيون المتحمسون في مكة وهم يصيحون “الله أكبر الخميني هو القائد”، وقد أفسدوا الشعيرة الإسلامية عن طريق حمل السكاكين والعصي تحت إحراماتهم، كما يقول الحجاج المصريون الذين نجحوا في الهروب من المذبحة التي حصلت بعد ذلك، ونتج عنها قتل أكثر من 275 إيرانيا، و85 سعوديا و42 حاجا من جنسيات مختلفة، والكثير منهم سقط تحت الأقدام بعد محاولة القوات الخاصة لوزارة الداخلية كبح المظاهرة التي دعا إليها مهدي كروبي، الممثل الشخصي لآية الله الخميني في مكة.
ما يثير حفيظتي حين أستمع إلى بعض ما تقوله السيدات الشيعيات وهن يكتمن ضحكاتهن، بعد عودتهن من كربلاء، حيث تشير إحداهن ساخرة بعد أن أمضت عشرة أيام في كربلاء مشيا على قدميها “كنا 28 مليونا حسب الإحصائيات الأجنبية”. يعشق إخوتنا الشيعة المبالغة دائما في كل الأمور التي تتعلق بالدين، وتضيف لم يحدث تدافع، وكانت السيدة بذلك تنتقد التدافع الذي حدث في الحج أثناء رمي الجمرات، وزادت بقولها “إذن أين تكمن المشكلة”، المشكلة تكمن أنك حينما كنت في كربلاء العراق، كنت تحت حماية الجمهورية المشاغبة إيران، أما ما يحدث في الحج فهو بسبب الشغب الذي لا تريد أن توقفه إيران، وأظن أن ذلك يسعد بعض الشيعة في الخليج. إنهم يستمتعون بهذا الشغب والاستفزازات التي تقوم بها إيران، من دون أن يدركوا أن هناك الملايين من المسلمين، يودون أن يعودوا بأمن وسلام إلى أوطانهم، غير عابئين بالثورة الإيرانية فأوطانهم أهم من تلك الثورات التخريبية.
1167 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع