علي السواد
فكرنا في نهاية عطلة الاسبوع ان نذهب الى العاصمة امستردام التي تعتبر من العواصم السياحية المهمة في العالم، ولهذا فهي دائما مكتظة بالسائحين والزوار من كل دول العالم تقريبا. فبعد ان شحنا حقائبنا الصغيرة في مؤخرة السيارة فيات الصغيرة ايضا وكان مزاجنا رائعا بحيث كل واحد منا قد جهز لنفسه اشيائه الضرورية.
وبعد ان انطلقت سيارتنا باتجاه الطريق السريع،وكنا نسير بسرعة معتدلة لا تتجاوز المئة والعشرون بطرق فسيحة ومنظمة تنظيما هندسيا مذهلا،حيث لايمكنك ان تفهم لغة الطرق مالم تكون دارسا من قبل،اي حاصل على (رخصة القيادة) اجازة السوق.ولهذا عليك ان تفهم الاشارات والرموز،انها فلسفة عالم السياقة التي تدعوك ان تكون ملما وسريع البديهية،والا اصبحت عبئا ثقيلا اوشخصا لايستحق الا ان يعزل من الطريق.
لكي لا تخرب السير ولا تسبب معاناة للاخرين،فكنت انا جالسا في الكرسي الامامي وانظر احيانا بسكون الى المزراع والمروج الخضراء الجميلة بطبيعتها المميزة ومما ادهشني وبقوة حينما رايت الابقار الهولندية كبيرة الحجم وهي مشدوهة بقضم الحشيش الريان، حقا انها ابقار تسر الناظر بشكلها ولونها فمنها الاصفر الفاقع وهو الاقل والاغلب هي المرقطة بالاسود والابيض. كأنها خرائط جغرافية بعض البلدان. وكانت الشمس حاضرة بقوة التي نرجو حضورها دائما.
لاننا نعيش في بلد منخفض وبارد ورطب دائما ودائما شمسه غائبة الا في يومنا هذا، كانت فيه حاضرة وساطعة باشعتها الذهبية، الواقعة على المروج الخضراء التي ترعى فيها الابقار كبيرة الحجم.معنى كلمة بقر فهي تعني شق باطن الارض والفتح والتوسع. فالابقار الهولندية هي من اشهر الانواع واجودها في العالم، لكثرة ما تدره من الحليب. وبكميات كبيرة جدا تصل ما بين 30الى 40 لتر يوميا،واتذكر الان مسابقة ملكة جمال الابقار التي حصلت في هانوي عاصمة فيتنام وفازت بها البقرة التي هي من ام هولندية واب امريكي.ومعايير الجمال في حينها ان تكون البقرة سليمة الظهر وارجل جميلة وبالاضافة الى المشي والطاعة اثناء السير حول الحلبة +كمية الحليب التي تدرها.وبينما نحن منهمكون في السير شاهدت بعض الممارسات التي لاتخلو من الزهو المفتعل والاستعراض المبتذل لشباب اظن ان اعمارهم دون 25سنة وخصوصا عند من يمتلكون السيارات الحديثة المميزة والفارهة.
ذات سرعة بالغة الخطورة و يتزاحمون في مابينهم كالثيران الهائجة والمرعوبة ولكن بمجرد ان شاهدوا سيارة الشرطة فمن فورهم تظاهروا بالهدوء والادب وتخلوا بسرعة عن عنجهيتهم، انه القانون الرادع لكل التصرفات المخالفة. هكذا نحن نحتاج في العراق الى القانون وتطبيقه ولكن ياليت شعري من يضعه ومن يطبقه ؟ على اي حال نحن سنبقى بفوضويتنا السيئة و المخجلة. ولهذا فالمراهنة خاسرة بالتاكيد على شعب مصر على ان يبقى يجتر الاعذار والتبريرات لكل شيء وعلى لاشيء. استغرق وقت رحلتنا تقريبا اكثر من ساعتين،لان المدن الكبيرة او العواصم حصرا هي مزدحمة دائما فمهما توفرت فيها كثرة الطرق والانفاق فستبقى تعاني من الاختناقات المرورية المثيرة لفقدان التوازن.اما نحن فكان حظنا جيدا لانه قادنا الى احد الانفاق التي اختصرت لنا الطريق.
المؤدي الى بيت موفق وصديقته الهولندية(انميكه) وكلبهم (تنتن) الاليف الذي اعترض على وجودنا في بداية الامر،وشن علينا حملة نباح شرسة قاصدا تخويفنا ومنعنا من الدخول او التوغل اكثر فاكثر في داخل البيت.
رغم اننا قد تملقنا وتوددنا له الا اننا فشلنا في كسبه الينا بل رفض وبشدة اي مساومة الا بعد ان تدخل موفق لمنعه من الامعان في استنباحنا والتشهير بنا امام سكان العمارة،واخيرا هدأ تنتن وتغير سلوكه بسرعة من حالة العداء الى حالة الحب والقبول بنا كضيوف وراح يقفز بيننا فارضاعلينا ان نهتم به ونصادقه، فنحن ايضا جاملناه واشعرناه باننا ضيوف جيدين وليس سيئين،وهو كذلك عرف وتاكد من مشاعرنا الايجابية.ان تنتن كلب ذكي وينقل عنه موفق يقول: اذا غبت عن البيت ليوم او يومين فان تنتن سيأخذ له فردة حذاء من احذيتي وينقلها الى مكانه المخصص للنوم،وهي عبارة عن سلة مصنوعة من البردي فيضع الحذاء فيها ويشم رائحته طوال فترة الغياب ونفس العملية مع انميكه،حقا انه يستحق كل العناية لوفائه الخرافي.
وهو مازال صغيرا لم يتجاوز عامه الثاني. وبعد لحظات جلسنا كلنا نتبادل المشاعر والاحاديث العامة وتفقدنا ايضا انميكة لانها حامل بليلو في شهرها الاخير وتحدثنا عن غرفة ليلو وما تحتاج الية ففعلا فاليوم الثاني باشرنا العمل،فانا كانت حصتي من العمل ان اصبغ الشباك بالون الابيض واطار الباب اصبغه بنفس اللون الا ان الفرشاة كانت من النوع الرديء بحيث يتساقط شعرها كأنها مصابة بداء الثعلبة حتى تشوه الشباك من جراءها وانا اخبرت موفق قبل الشروع في العمل،الا ان موفق تجاوزانتقادي لفرشاته واعتبرانتقادي له ليس وقته الان،اي انه لم يعتن بالشكوى، اما انا فبادرت بالبدء وقمت بتغميس نصف الفرشاة في علبة الصبغ.
حتى اكملت ماكلفت به دون ان استعين بصديق،وهكذا الى ان عادا موفق وارشد (ارى) بعد مهمة كانت خارج البيت ويبدولي انهم فشلوا بتحقيقها ودخلوا يتذمرون وخصوصا موفق واضح عليه التذمر الا انه كظم غيضه وجاملني رغم اعتراضاته على بعض من عملي الذي لم يكن كما كان يجب ان يكون.على اي حال شكرني بامتنان ملحوظ.
وابدينا بعض الملاحظات على غرفة (ليلو) بشكل عام التي بدات تظهر بالمظهر الجميل بالوانها كالابيض،والاخضر الفاتح وهذه الوان هادئة تجعل من المكان يبدو انه واسعا وكبيرا.وبينما نحن مستمرون بالحديث حول عودتنا الى البيت،فان موفق كانت رغبتة ملحة وهي ان نبيت عندهم ليلة اخرى ولكن بحكم التزامتنا الكثيرة فضلنا العودة ولكن بعد ان عرف موفق باننا سنغادر بعد قليل اختفى عنا لعدة دقائق ليعود بعدها مسرعا ومعه ثلاثة كتب اهداهن لي وكان احداهن كتيب وهي مجموعة قصصية مهمة بعنوان ساقي اليمنى من ادب اسبانيا والبرتغال وامريكا اللاتينية.
1082 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع