بدري نوئيل يوسف
في ليلة من ليالي الصيف المقمرة صعدنا للسطح ننعم بسكون الليل ورقة النسيم، ننتظر جدتي تصعد لتحكي لنا حكايتها اليومية فهي موسوعة من التراث والتقاليد والعادات التي ورثتها عن اجدادها.
لم تمضي دقائق وإذا جارنا أبو البنات يصرخ بصوت عالي ويشتم ولا نعرف السبب، صعدت زوجته مسرعة وأمه التي كانت تسكن معه ، يسألونه عن سبب صراخه ومن كثرة عصبيته لا زوجته ولا امه فهمتا ماذا يريد، وأخيرا علمنا أنه حشرة قرصته في رقبته، وأثناء فركها عثرت يده بقدح العرق الذي كان يشربه كل ليلة، جالسا على كرسي خيزران عتيق وأمامه طاولة صغيرة اكل الدهر منها، وسكب العرق وانكسر القدح والسبب أن زوجته لن تنصب الناموسية التي يجلس تحتها (أي نسيج رقيق من القماش يحيط بالفراش ويعلوه ليمنع دخول البعوض والحشرات الطائرة).
كان هذا أخر قدح ما يملكه من المهجوم (أي العرق هكذا كانت تسميه جدتي لأنه يخرب البيوت) ومن العرق المحلي (قجغ) ،كان جارنا يشتريه من رجل من اهالي بعشيقة التي اشتهرت بصناعة العرق غير المطابق للمواصفات ودون رقابة حكومية، كذلك شاع بين الفقراء من الناس باسم ( أبو الكلبجة)، وهو من أرخص وأحقر أنواع العرق، حيث كان يَسطل شاربه من أول قدح، وغالباً ما كان ينتهي شاربه السكران في موقف الشرطة، لذا سُمي بعرق أبوالكلبجة، وكان جارنا هذا المسكين تصيبه حالة غريبة بعد الشرب حالة نفسية عدائية ويكفهر ويصرخ، بعكس بعض الشاربين الذين تصيبهم حالة من الابتهاج والفرفشة والضحك، وهناك اخر من الشاربين يَبكي ويذكر موتاه ومشاكله وحبه الأول أو الفتاة التي لم يستطع أن يحصل عليها، والبعض يلجأ إلى المبالغة وإدعاء ما ليس فيه أو لهُ، وغالباً ما يُمثل ذلك أحلامه التي أخفق في نيلها، وآخرون يرقصون بخفة ويقبلون ويحتضنون من في المكان وكل عابر سبيل، والبعض يعود إلى بيته ليضرب أولاده ويُطلق زوجته عدة مرات قبل طلوع الفجر، وعرق القجغ معروف بسرعة وقوة مفعوله وتأثيره على شاربه لان صانعي يُقطرون العرق سراً ، ولكي يُعجلوا في اختمار العرق يُضيفون له مادة (الزنجارة) وهي كبريتات النحاس، إذا صُبَ عليه الماء يتحول إلى اللون الأزرق، وكان لشدة مفعوله يُعادل مفعول قدح واحد، قوة ومفعول عدة أقداح من عرق الحكومة، ويبيعونه بثمن أقل من ثمن العرق المُقطر بإشراف الحكومة، ويقال والعهدة على القائل أن لو الله هدى وزير داخلية وشرب قدحا واحدا من العرق وبالذات من عرق( أبو الكلبجة)، لأنقلب فورا من وزير داخلية إلى وزير خارجية وطار في سماء الدنيا الفسيح .
على كل حال صعدت جدتي للسطح تعلق على جارنا وتنتقده لأنه يعتدي على زوجته كل ما شرب قدحا من المهجوم .
في هذه الليلة اختارت جدتي موضوعا مختلفا عن الحكاية فهناك هناك عبارات ملتوية تعجيزية يرددها ابناء المحلة بسرعة لاختبار بعضهم بعضا في سرعة النطق وصحة الاداء ولا ريب ان العجلة في الاداء تؤدي الى التورط في الخطأ وعندئذ يصبح المتورط اضحكوه اقرانه ومثار سخريتهم ولا يستطيع ترديد الجملة عدة مرات متتالية، ويبدو ان المؤلف المجهول قد برع في حشد الالفاظ المتجانسة التي تلزم المتبارين بنطق كلمات معينة بسرعة ثلاث مرات او اكثر ولابد في هذه الحالة ان يتورط الناطق بلفظة خاطئة تجلب الضحك وتبعث المرح.
قالت جدتي سأقول جملة وعليكم ترديها خلفي دون خطأ في اللفظ وكل واحد يرددها ثلاث مرات .
هالطماطايه طماطاية من؟
كلنا وقعنا في الخطأ ولن نستطيع ترديد الجملة صحيحة، ضحكنا كثيرا ثم قالت جدتي: لنجرب جمل أخرى وهكذا استمر الحال بنا نقع في الخطأ بعد كل جملة ترددها جدتي على شرط أن تردد اكثر من ثلاث مرات.
سدينه صدر شط السيد، والسيد ما سد صدر شطنه.
نبگ نبگتنه احسن لو نبگ نبگتكم،ضوگونه من نبگ نبگتكم وانضوگم من نبگ نبگتنه .
سبع بيضات من بيضات الشظاشظ، طبخناهن وحمسناهن وگلنه شظن ياشظاشظ .
شص ابطن شص .
شمس الشته خوش شمس .
لوري وره لوري .
خميس خمش خشم حبش وحبش خمش خشم خميس.
حسين حش هزة حشيش .
ابعانه تتن دچ الچيس دچ، اتلث انگيرات بالخله وحده دبس وحده دهن وحده خله، اطفر دهن وألطع دبس واطلع خله.
جمل ماشي على ماشي جيت اضمه خطف شاسي .
سبع سعفات اتدك السگف سعفن سگفنه .
لگيت الدب ايكسر لب كتلت الدب واكلت اللب .
عشر طشوت، تسع طشوت، ثمن طشوت، سبع طشوت .
بنا بنى ببابنا بناتنا تناوله الحجارة .
عند المعيدي زبد وعند امي چسب (تمر زهدي) يمه شيلي چسبچ عن زبد المعيدي ، او يا معيدي شيل زبدك عن چسب امي .
فستبش بنشت بنت بنيبش نبشت بشعرها الطولاني .
ناكه الخكعه وفرخ الخعفك .
حوش خجه خوش حوش .
خيط حرير فوگ حيط خليل .
شمس صيف وشمس شته .
لوري نوري وره لوري رشيد
ياشمسه شسم شمسه؟
كعب العكبنكب بيض الحدرنج .
هاي الچمچه چمچة من؟
بيدي سمچه وفوگايه سگف اضرب السمچه بالسگف واضرب السگف بالسمچه.
ونلتقي في الحلقة المقبلة من حكايات جدتي .
838 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع