د. محمد صالح المسفر
مجلس أبو عبدالله الرمضاني ضم نخبة من رجال المال والبنوك والإعلام والسلك الدبلوماسي، وكعادة المجالس الرمضانية التي ليس فيها أنشطة "للتسلية" وهدر الزمن حتى تحل ساعة الغبوق،
تناول الحضور مواضيع شتى منها حال أمتنا العربية اليوم، أثر أسعار الطاقة على الاقتصاد العالمي، النتائج المترتبة على الاستفتاء البريطاني بشأن البقاء أو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، المصالحة الفلسطينية إلى أين وصلت، أحكام القضاء المصري واتهام الرئيس السابق محمد مرسي بالتخابر مع قطر، وأخيرا مر البعض على زيارة عمار الحكيم إلى الدوحة.
(2)
لن أتحدث عن أحاديث أهل المال والاستثمار فبعضهم راح يتحدث مع بعض الدبلوماسيين عن مجالات الاستثمار في دولهم ومستوى الجريمة في تلك الدول لأنها عامل مؤثر في عملية الاستثمار فكلما ارتفعت معدلات الجريمة تراجعت فرص الاستثمار القادم من الخارج، ولن أتحدث عن أسعار الطاقة وأثرها على الاقتصاد العالمي، لأن هذا الموضوع كان حديثا جانبيا مع البعض وكذلك الحديث عن انسحاب بريطانيا أو بقائها في الاتحاد الأوروبي فتلك هموم لم تكن سائدة في المجلس.
قلت لمحدثي في المجلس، هناك ثلاثة وجوه، وجهان منها لم يكونا محببين لدي، ولم أسعد بوجودهما في الدوحة. الأول وجه محمود عباس فهو وجه يوحي إلى بعدم الصدق في كل ما يقول، إنه وجه يحمل وجهين في آن واحد، وجه يبدو فيه بأنه مخلص للقضية الفلسطينية وانه يواصل الليل بالنهار من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وقيام دولته المستقلة والعمل على وحدة الشعب الفلسطيني، لكن الوجه الآخر عكس ذلك جملة وتفصيلا، فهو ضد فك الحصار عن قطاع غزة، إلا إذا استسلمت دون قيد أو شرط لإرادته، وسلمت كل ما تملك من سلاح وعتاد للقوى الأمنية التابعة له شخصيا، وسُلمت قيادات القسّام لسلطته، الأمر الذي بدوره إما أن يأمر باعتقالهم تحت ذريعة محاربة الإرهاب، أو تسليمهم لإسرائيل طبقا لاتفاقيات أوسلو الملعونة. وهذه الشروط مستحيل القبول بها. أبو مازن، ينقل لبعض قادة مجلس التعاون الخليجي، أنه تلقى معلومات أمنية من قبل الموساد، أو بمعنى أوسع من الجهات الأمنية الإسرائيلية، تؤكد أن حركة حماس تتآمر على سلامته وتدبر سبل اغتياله، سأله المسؤول الخليجي وهل تثق في معلومات الأمن الإسرائيلي في مثل هذا الشأن؟ كان مضمون إجابته على السؤال الاستنكاري أن تلك المعلومات تتوافق مع المعلومات التي لدى أمن السلطة ولا يشك في ذلك. يا للهول!! حماس تتآمر على اغتيال أبو مازن! إنه أمر لا يصدق، وحسب معلوماتي المتواضعة فإن حركة حماس لم يسجل عليها أنها اغتالت أي قيادي فلسطيني منذ تاريخ نشأتها وحتى اليوم، بل بالعكس تعرض قادتها للاغتيالات وكوادرها للاعتقالات أو الاختطاف. ومن هنا أقول لمحدثي في المجلس الرمضاني لن يقبل عباس بإجراء أي مصالحة مع قادة حركة حماس لأنه سيكون الخاسر في هذه الحالة.
(3)
قيادتنا الرشيدة صاحبة الصدر الواسع والعقل المفتوح أبوابها، مفتوحة لكل من يريد أن يأتيها ولو أن بعض وجوه تلك الشخصيات ليست محببة لدى المواطن القطري. الوجه الثاني الذي ليس محببا عندي هو وجه عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي الشيعي في العراق، يبدو للحظة الأولى أنه وجه فيه البراءة والسماحة، وحسن الكلام، ولكن إن أمعنت النظر في ذلك الوجه واستدعيت تاريخه الذي كان في الصفوف الأولى في حرب الخليج الأولى إلى جانب إيران ضد بلده العراق، وفي هذه الحالة يعتبر خائنا لبلاده، ولا يستحق الاحترام، ومنذ تاريخ والده الذي طالب الحكومة العراقية بعد الاحتلال عام 2003، بدفع 1000 مليار دولار لإيران تعويضا لها كما قال عن خسائرها في الحرب التي شنتها على العراق والمعروفة بالحرب العراقية الإيرانية. عمار الحكيم، يملك شركة أمنية خاصة، كما تقول بذلك المعلومات المؤكدة من عراقيين، تعتبر أخطر منظمة إرهابية في العراق، وبواسطتها يستطيع تحقيق الكثير من مطالبه.
الحكيم يؤمن بولاية الفقيه السياسية والدينية، ويدين بالولاء لمرشد الثورة الإيرانية خامنئي سياسيا، ولديه أكبر تكتل في البرلمان العراقي فماذا فعل لدولة قطر تجاه الصيادين القطريين المخطوفين وهم على الأراضي العراقية بموجب تصاريح رسمية صادرة من حكومة بغداد؟ إنه يملك قوة تأثير على العصابات الشيعية التي اختطفت مواطنينا، وعلاقته بطهران هي الأقوى من بين الكثيرين من القيادات الشيعية ويستطيع إقناع طهران بالتدخل لدى ميليشياتها في العراق لتفرج عن الصيادين القطريين المسالمين. أستطيع القول إنه يمارس سياسة الابتزاز المالي والسياسي ولن يكون صادقا في كل وعوده لنا. قياداتنا أعزها الله وحماها تحسن النوايا في كثير من المواقف، ولكن حسن النوايا أحيانا قد يأتي بنتائج لا ترضينا، وانتظروا ماذا سيفعل ذلك الوجه الذي لا يبعث بالطمأنينة لدي. وصدق الحق حين قال في كتابه الكريم {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام} (البقرة، آية 204).
(4)
الجنرال السيسي حاكم مصر وجه ثالث غير مريح لناظره، لست أدري كيف وصل في رتبته العسكرية إلى درجة الفريق ثم المشير، مشيته ليس فيها خشونة العسكري المصري المعروفة في الفريق محمد فوزي رحمه الله ولا قيافة وصلابة الفريق سعد الدين الشاذلي غفر الله له.
السؤال هل الجنرال عبدالفتاح السيسي رئيس مصر أم أنه صورة لحاكم حقيقي خلف الستار؟ كيف يسمح لنظامه أن يصدر أحكاما قضائية غاية في الظلم ضد رئيس مصر المنتخب بتهمة التخابر مع دولة قطر ومع حركة حماس، أليس لمصر سفارة في قطر ولدينا أكثر من 300 إنسان مصري يشتغلون في كل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، ولقطر سفارة في القاهرة، ألا تشكل هذه التهم لدولة قطر قمة الغباء السياسي عند السيسي حاكم مصر؟ أليس ذلك إهانة للدبلوماسية المصرية ذات العراقة في تاريخ الشرق الأوسط وإهانة للقضاء المصري المسيس الذي سقطت هيبته مرتين، الأولى حين أصدر بعض قضاة النظام الموظفين تلك الاحكام الظالمة بالإعدام والمؤبد لرئيس منتخب عزل بقوة السلاح ومدنيين أبرياء كانوا يعملون في قطر بموجب عقود عمل قانونية ويحولون دخولهم لأسرهم في مصر بطريقة قانونية، والثانية عند صدور حكم المحكمة الإدارية ببطلان اتفاق تحديد الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
آخر القول: وجوه ثلاثة عليها غبرة، تحمل علامات الخبث السلبي وسوء النوايا ومهنة الابتزاز بكل أشكاله وصوره.
735 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع