رفقا بالقوارير(٩)

                                 

                      بقلم: سليم عثمان

تذكرون وصية أم عاقلة، إنها وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس بنت عوف الشيباني ، قالت هذه الأم الحكيمة  العاقلة  لابنتها ليلة زفافها، وقدمت لها وصية غالية وهدية ثمينة ، فقالت لها: أي بنية لو تركت الوصية لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها معونة للعاقل، وتنبيه للغافل

أي بنية: اعلمي أنك ستفارقين العش الذي فيه درجت، إلى بيت لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً: أما الأولى والثانية: فالخضوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواطن عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه؛ فإن تواتر الجوع ملهبة، وإن تنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالرعاية لماله وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التدبير، وفي العيال حسن التقدير، وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفرحي إن كان مغتماً، ولا تحزني إن كان فرحاً
ما أحوج النساء إلى مثل هذه الوصية الغالية؛ لتحيا بيوتنا حياة سعيدة
أسأل الله جل وعلا أن يسعد بيوت المسلمين، وأن يملأها رضاً وسعادة، إنه ولي ذلك والقادر عليه
أعتقد أيها الأزواج والزوجات بعد ما علمنا حق الزوج وحق الزوجة، أن حياة البيت ستكون حياة هنيئة سعيدة.
نعم الأم العاقلة الحكيمة في زماننا هذا هي من توصي بنتها ليلة زفافها وقبلها وبعدها  وليست تلك التي تحرض بنتها على زوجها وأهل بيته ،أحد الرجال  الجهلاء قال لزوجته ذات يوم من أيام رمضان يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة أن تصوم إلا بإذن زوجها ) نسي هذا الزوج  وأمثاله قلة ولله الحمد أن المراد بالصيام هنا: صيام النفل، وليس صيام الفريضة، فطاعة الزوجة لزوجها كما تعلمون  مطلقة في غير معصية الله سبحانه وتعالى، ورسولنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال : ( استوصوا بالنساء خيرا) وقال : (خياركم خياركم  لنسائهم)، أحدهم   دلق على وجه زوجته إبريقا من الماء ليلة  من ليالي رمضان وهو يذكرها بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم:      (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته -يعني: لتصلي معه، فإن أبت نضح في وجهها الماء) ليس المقصود من حديث رسولنا الكريم أن يفزع الرجل زوجته وهي نائمه بل عليه أن يكون رفيقا بها حين يأمرها أو يدعوها الي أداء ما أفترض الله عليهما  سيما في النوافل ، يقول أحد الشيوخ أن أختا فاضلة بعثت اليه  برسالة تقسم له بالله فيها أن زوجها إذا أراد أن يوقظها لصلاة الفجر وتلكأت بعض الشيء لتعبها أو لمرضها، تقسم لي بالله أنه يذهب إلى الثلاجة ليأتي بزجاجة كاملة ويصب الزجاجة كاملة عليها! بدعوى أنه يوقظها لصلاة الفجر! أهذا خلق؟! ليس هذا من خلق النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن الزوج بهذا الفعل يكون سبباً رئيساً في أن تبغض هذه الزوجة صلاة الفجر، بل في أن تبغض الصلاة، بل في أن تبغض الدين كله فعلى الزوج أن يفهم النصوص القرآنية واحاديث رسولنا الكريم بعمق وأن يكون رفيقا في تطبيقها على الاخرين، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) .13 طه).
كثيرات من بناتنا الصغيرات حين يتزوجن لا يعرفن كيف يتعاملن مع أزواجهن  والسبب في تقديري أننا كآباء وأمهات في زماننا هذا لم نقم بتربية أبنائنا وبناتنا  بالشكل المطلوب ولم نتهتم بتفقيههم في أمور دينهم فهذا زوج صغير في السن يهجر زوجته في الفراش طويلا لسبب تافه ولخصام بينهما لا معني له  فهو لا يعرف لماذا يهجر ؟ وكم يهجر ؟ ومتى يهجر ؟ وهو يظن بذلك أنه يؤدبها ، وها هي زوجة صغيرة تلملم أغراضها وتذهب الي بيت أبيها  والسبب أنها ترى أن زوجها أصبح رجلا اخر غير الذي تعرفت عليه ايام الخطبة فقد كان سمحا  رقيقا لطيفا، اما الان فقد أصبح كريها بخيلا عصبيا الخ ، نعم  من حق الزوجة على زوجها أن يكون الزوج حليماً عفواً كريماً، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ، ورب العزة يقول : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } (الروم:21) وهناك فرق كبير بين المودة والرحمة، فالمودة، الحب، فإذا ذبلت وردة الحب بين الزوجين بقيت الرحمة، لتظلل البيوت امنة مستقرة  وتستمر الحياة رغم الصعاب التي تعتريها ، وكما يقولون : البيوت اسرار ، ولو تسور أحدنا بين جارة ربما رأي من المشاكل ما يشيب له الرأس  فكل بيت فيه من المشاكل ما فيه ، وكل سفينة زوجية تلاطمها أمواج الحياة ، ربما جارك وأولاده ينامون جياعا وأنت وأفراد أسرتك رزقهم الله بوجبة عشاء دسمة ، ربما ينامون وليس لهم غطاء  وتنام أنت في دفئ، ربما لديهم أحد مريض وقد شفاك الله من كل مرض، ربما ينام مهموما من ديونه ولا دين لك، ربما لا يملك مصاريف دراسة ابناءه ولا مشاكل مادية لديك ، نعم البيوت اسرار  ربما لو كشف الله علينا استارنا لرأينا العجب العجاب  لذا  فإن أخطأت الزوجة واعترفت بخطئها فليعف الزوج، ولا يفتخر ولا يتكبر، ولا تنتفخ أوداجه، فهذا ليس من خلق الرجال فضلاً عن أخلاق الأزواج الصالحين المؤمنين الصادقين وإن أعترف الزوج على الزوجة أن تسامحه وفي كل الأحوال يجب أن يصفح كل منهما عن الاخر ويتحمل عيوبه حتى تبحر السفينة الي بر الامان ...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

794 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع