صباح ضامي
مع كل الاحترام و التبجيل لا أتفق مع المرجعية الدينية في النجف في كل مواقفها عندما تصمت أوعندما تخرج من صمتها بتصريح أو بيان أو فتوى .
هل هذا حرام ؟ و هل يفترض بي أن أقبل بكل مواقفها حتى اذا رفضها العقل و المنطق ؟ حسنا أنا راضٍ و سأتحمل وزر موقفي و أتحمل ثقل صليبي على طول طريق الآلام فما أريد التضحية في سبيله يستحق التضحية ، على أنني واثق أن الله سيثيبني على كلمة الحق لا ان يعاقبني عليها
و دعونا أولا نتساءل متى تنطق المرجعية و متى تصمت ؟ و لماذا تصمت عندما يكون الجميع بانتظار صوتها و لماذا ترتقي المنصة عندما يكون الحديث لغيرها ؟ في العشرين من تشرين الاول 2006 وقعت وثيقة مكة و على أمتار من الكعبة المشرفة حضر رجال الدين العراقيون لتوقيع هذه الوثيقة من أجل وقف نزيف الدم أبان الهجمة الشرسة التي تعرضت لها جوامع بغداد و المحافظات قتل خلالها ( و بعدها أيضا) مئات المسلمين و في مثل هذه المناسبات تكتسب الوثيقة أهميتها من وزن الموقعين عليها و حجم تاثيرهم الشعبي و كان الجميع بانتظار سماحة السيد علي السيستاني نظرا لعدد مقلديه الكبير و لمكانته الكبيرة بينهم لكنه لم يحضر و لم يرسل ممثلا عنه . و كان أكثر التساؤلات ترددا على شفاه الصحفيين ، الأجانب منهم قبل العراقيين : أين السيد ؟ وسط دهشة الجميع جاء الجواب اكثر إدهاشا من عدم حضوره سمعناه من بعض أتباعه : أن هناك اعتبارات قداسوية للمراجع الكبيرة لا يجوز القفز فوقها ، بمعنى ان موقع السيد لا يسمح بدور يهبط به من منزلته المقدسة الى أدوار تجعله بمستوى غيره من البشر ، يوقع وثيقة هنا و يحضر تجمعا هناك أو حتى يئم صلاة الجمعة ! و الحقيقة أن الضجة التي أثيرت حول النائب حسين الاسدي مؤخراً عندما صرح بأن المرجعية أشبه بمنظمة مجتمع مدني و (اجتثاث ) الاسدي بسبب هذا التصريح الذي اعتبر " تطاولا " على المرجعية يأتي ضمن هذه الهالة التي يراد للمرجعية و رموزها ان تبقى داخلها ! حتى النبي (ص) كان يمشي في الاسواق يواسي هذه الارملة و يربت على رأس ذلك اليتيم ، يخطب في الناس و يستمع لشكاواهم وجها لوجه لكن ذلك لا يحدث اليوم بسبب "طابع القدسية" ، هذا الطابع الذي يجعل عامة الناس "يجرون صلوات" مهما قال الخطيب و يجعل طاعتهم عمياء فتسهل سياستهم تماما مثلما كان اباطرة الصين القدماء يمنعون الناس من رفع اعينهم و النظر في وجوههم بل و حتى النظر الى قصورهم .
و رغم أن المرجعية باركت اتفاق مكة "عن بعد" الا أن مواقفها لا تنم عن التزامها بها خاصة بعد انفجار الوضع الامني في سوريا و فتاواها في مسألة التسليح في الوسط و الجنوب و تأييدها للنظام السوري و تحريم بيع الاسلحة للشعب السوري ليتسنى له على الاقل الدفاع عن نفسة
اليوم تشهد محافظات عدة تظاهرات شعبية تطالب بابسط الحقوق الانسانية و رغم ان هذه المحافظات عانت خلال عشر سنوات من التهميش و الاذلال كان صمت المرجعية عنه مشجعا لاستمراره تعود المرجعية للحديث لكن حديثها هذه المرة جاء تحريضيا لا يجب ان يصدر من جهة دينية و جاء على شكل دعوة "الى احباط اي محاولة لإرجاع العراق الى المربع الاول من خلال سحب الخلافات السياسية الى الشارع" ، أعقبها في اليوم التالي على الفور تلويح وزير الدفاع سعدون الدليمي باستخدام القوة لانهاء التظاهرات التي دخلت اسبوعها الثالث، داعياً الجيش الى ان "يقول كلمته "و كأني به يرفع يده بالتحية العسكرية للمرجعية و يقول لها أنه فهم المقصود بكلمة " إحباط"
عذراً أيتها المرجعية ، الكلمة هذه المرة للشارع ، لكن أفتوني أولا ما عيب المربع الأول اذا كنا خلال عشر سنوات قد قفزنا عشرة مربعات الى الوراء ؟
626 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع