حسن حاتم المذكور
( على فضائية العربية قال عزة الدوري " ان طلائع البعث تقود الثورة في الأنيار ونينوى وتكريت حتى بابل " ربما كان في استضافة الأخوين الــ ( نجيفي ) واخذ بيعة بعثيي المتبقي من العراقية وفي الأنتفاضة رفع صورة اروغان والعلـم الكردي وعانق مقتدى الصدر .. ولماذا لا ــ فللـه في خلقه سؤون ــ .
ليس مع السيد المالكي شخصياً , كما لم تكن دوافعي شخصية عندما اقف الى جانب البعض من اصحاب المواقف الوطنية , القناعة وحدها تجعل المواقف تلتقي وتصطف الى جانب بعضها .
كما اني ليس بالضد ( نزوة ) من مواقف وممارسات وسلوكيات مثلث اربيل عندما تكون منصهرة داخل الهجمة الظالمة التي يتعرض لها العراق , ويشكلون القاعدة التي تقف عليها قوى الردة , وجسراً لمرور التدخلات الأقليمية والدولية ويمارسون دوراً كريهاً لأنضاج طبخة الفتنة والأقتتال والتقسيم , فالمواقف هنا تتعارض مع بعضها .
كأي عراقي , احب وطني وانتمي ليه قبل ان اكون من هذه الطائفة او تلك القومية , شيعي او سني , مسيحي اويزيدي او صابئي مندائي , ولا اعتراض لدي على الأنتماء الأثني والديني والطائفي والمذهبي والقومي , فذلك حق مشروع ان تمارسه المكونات العراقية بكامل حريتها , لكن يجب وبالضرورة ان يكون من داخل خيمة العراق الموحد المتسامح والمتصالح مع ذاتـه , في اجواء قيم المواطنة والصدق والمحبة , رافضاً نزعات التطرف وثقافة الأقصاء والتهميش وميول الأرتزاق , والرفض التام لتقديس جهل الناس ومحاولة استغبائهم واستغفالهم , بيئة مثالية لتفريخ الأحقاد والأتجار بالكراهية وصناعة الأزمات .
ولكوني عراقي اولاً , وقبل ان اكون شيء آخر , احب وطني بلا شروط واخلص له حتى وان كنت مظلوماً فيه , افتديه لأنه عشقي ومقدسات تكويني وفيه تشكلت هويتي وشخصيتي وانتمائي وولائي , وضمانة مستقبل اجيال امتي .
لا اصدق ان يكون الأنسان صادقاً في ايمانه , ان لم تكن له هوية وطنية انسانية يشترك فيها مع اخوة لـه في المواطنة , وان لم تكن العدالة والصدق والمحبة هي القاسم المشترك بينه وبين ابناء جلدته , لهذا فالقيم السماوية والوضعية توصي بأحترام وتقديس الأرض والأنسان , فأين هي الآن مجانية الموت العراقي من تلك القيم ... ؟؟؟
في العراق الراهن , اختفى الرمادي بين الأبيض والأسود والخير والشر والأمانة والخيانة والصدق والكذب والحب والكراهية والتعايش وحرائق الفتن , لقد تعرت العورات , واصبحت فضائح الأرهاب والفساد والتبعية والخيانة صارخة كمؤخرة العنز ( الصخلة ) , لم تشكل سبباً للخجل والوضاعة ووجع الضمير , واحياناً يعتبرها من تعود عليها , مفخرة ورفعة كعرس الكلاب .
كمواطنيين , نقف الآن على مفترق طرق , بين العراق والمثلث التاريخي للوكلاء والدلالين والسماسرة , مثلث , ارهق الدولة , فتح ثقوباً في جدار السيادة , مزق الهوية المشتركة , جزأ البشر والجغرافية وهرب الثروات واستباح امن المواطن واستقراره, يحتضن شبكات الأرهاب ويستـأجر التكفيريين والأنتحاريين , يوظف الجرائم لأبتزاز الوطن , حتى جعل من العراق , الرقم القياسي عالمياً في فائض الأرامل والأيتام والمعوقين والمشردين .
لقد صبر المالكي عليهم دون سبب مشروع , وصبر العراقيون على صبره حتى تجاوزوا حدود صمتهم , وهم يسمعون مثلث شباطي الردة , يدق ابواب مصيرهم ومستقبل اجيالهم ويمسح في الأرض مكتسباتهم وانجازاتهم وحلمهم في عراق جديد ,انه مفترق الطرق الذي يحتم على السيد المالكي والخيرين من داخل حكومته وخارجها , ان يحسموا امرهم قبل خراب البصرة .
ــــ اما العراق, وطن وشعب ومستقبل اجيال , واما مساومة شراكة الأضداد والكراهية والوقيعة .. ؟؟ .
ــــ اما مع العراق , دولة وهوية مشتركة , واما مساومة قـراد الردة الذي يحاول افتراس كامل عافية الجسد العراقي .. ؟؟؟ .
ــــ اما احترام الرأي العام العراقي والصدق معه والأعتماد عليه في تجاوز المحنة وصيانة الأنجازات والمكاسب وتطوير هامش الحريات الديموقراطية لما ينفع ويهذب العملية السياسية , واما ان تحصل المآساة وينتهي العراق اجزاء كعكـة تختفي فضلاتها في كروش حيتان ثلاثي الردة .. ؟؟؟ .
في المؤتمر الصحفي الأخير , قال السيد رئيس الوزراء صراحة , " ان العراق يواجه الآن اربعة احتمالات " خيارات .
1 ـــ اما ان تتفق جميع الأطراف على تقسيم العراق وكل ياخذ حصته ويفعل بها مايريد , وهذا لا يقبله الشعب العراقي ولن نسمح بـه .
2 ــ اما الفتنة والأقتتال في حرب اهلية يحترق فيها الجميع , وتكون سبباً لتدخل اقليمي دولي , وهنا نخسر العراق , وهذا لن يقبله الشعب العراقي ولن نسمح بـه .
3 ـــ واما ان يجلس الفرقاء حول طاولة الحوار الوطني والأحتكام الى الدستور وكل يطرح ما عنده ثم نتفق ويكون الأنتماء والولاء للعراق واهله دليل للعمل .
4 ـــ واما الذهاب الى الأنتخابات المبكرة, وتوقيتها مع انتخابات مجالس المحافظات لينتخب الشعب من يمثله وهو المسؤول عن ثقته وحسن اختياره , واعتقد هذا هو الحل الأمثل .
نضيف الى ما قاله السيد المالكي , ان الأحتمال الثالث , في ان يجلس الفرقاء ـــ حول طاولة مشتركة والأحتكام الى الدستور والثوابت الوطنية ـــ فهذا امر غير وارد , وخرافة الغتها تماماً تجربة التسعة اعوام الأخيرة وعبثية حكومة الشراكة الملغومة بالدسائس والوقيعة , فتلك الأطراف , قد تعرت عن كل ما لـه علاقة بالوطنية والمواطنة , وتخلت عن شرف الأنتماء والولاء واصبحت اوراقاً بائسة في يـد الذين لا يريدون خيراً للعراق من لاعبي التدخلات الأقليمية والدولية , واضافة لتاريخها الدموي وسلوكها الخياني , فمنذ تسعة اعوام تعيش مواجهات دموية مع العراقيين , كلفتهم الآلاف من الشهداء والضحايا والأرامل والأيتام والمعوقين والمشردين , ومن يتطبع على شيء يموت عليه , او كما يقول المثل " تريد من بارح مطر " .
ليذهب المالكي الى الشارع العراقي حيث الرأي العام , والحراك الجماهيري الأوسع , ليستمع الى صمت الناس وغضبهم , فهم معه ــ لــو ــ اعتمد الخيار الرابع طريقاً نحو المستقبل العراقي الأمن , حيث الأنتخابات المبكرة سوية مع انتخابات مجالس المحافظات , ليضع الشعب العارقي على محك الأمتحان , فأما ان يخلع عنه مثلث المأزق العراقي ومحنة العراقيين , ووأد الفتنة والتمزق ودسائس التقسيم , واما ان يفتح للقادم من ضحاياه مقابر جماعية اضافية .
ان مساومة ثلاثي الردة والتراجع امامهم على حساب دما وشهداء ومعاناة العراقيين وخراب وطنهم وتمزيق هويتهم وانهاك دولتهم , لم يشكل نهجاً سوياً ولا ردة فعل وطنية , يمكن دعمها والوقوف الى جانب رموزها , ان المعتصمين والمخربين وقاطعي الطرقات وافرازات بذاءاتهم , لم يمثلوا السنـة على الأطلاق , انهم حثالات السنة مثلما اشترك معهم البعض من حثالات الشيعة والحثالات الكوردية وكذلك التركمانية وغيرهم من حثالات وغوغائيين موجودين داخل كل مكون عراقي , ولا يمثلون حقيقة مواقف شرائحهم الوطنية , وعلى الخيرين من داخل الدولة والمجتمع , ان يتعاملوا مع تلك الحثالات المشبوهة بالرفض والأزدراء والحضر التام , وليس التعامل معهم كمتظاهرين يمثلون قيم وحقوق ومطاليب وطنية او اجتماعية مشروعة , انهم بقايا السكراب البعثي في العراق الجديد .
على السيد المالكي والخيرين من داخل حكومته , ان يعتمدوا على الرأي العام العراقي والحركة الجماهيرية الوطنية الواعية , المتحررة من كل اشكال الأنغلاق الأيديولوجي والتبعية والولاء للآخر , ويستمدوا منها قوة حكومتهم في مواجهة تمدد طغم الردة .
تلك الطغم , المشبوهة تاريخياً , اذا ما انتزعت مكسباً لا تستحقه , ستضيف عليه آخراً , فبيانها رقم واحد يعبر على جسر من تراكم المكاسب التي يحققوها على حساب الدولة والمجتمع والحكومة , وهنا يجب سد الثغرات التي قد تنفذ منها المكيدة , قبل ان يفلت من اليد ( الخيط ومعه العصفور ) .
العراقيون مع المالكي , فقط ( لــو ) وقف الى جانبهم في مواجهتهم المصيرية مع مثلث الردة الشباطية المنفلت , واخذ بيدهم الى ابواب صناديق الأنتخابات المبكرة قبل ان يتسع الشق فتضيق الرقعة .
المرحلة الراهنة في غاية التعقيد والصعوبة , جعلت من الواجب الوطني الأنساني معلقاً في عنق الخيرين من داخل الدولة والمجتمع , فالتحلي بالثبات والصبر والمعالجات الوطنية والأنفتاح على الرأي العام والحركة الجماهيرية العراقية واعادة صياغة الوعي الجديد للعراق الجديد, وتجنب الأنزلاق في مطبات الأنغلاق الحزبي الأيديولوجي , هو الطريق المشترك الذي ينبغي وضع قاطرة المستقبل العراقي على سكته .
603 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع