لانه جلال چرمگا
الوٓعْدّ ، هو تعهد شخص لآخر بإن يبلغهُ أمراً ما، و تتفاوت الوعود بين الأشخاص بحسب طبيعة العلاقة التي تربطهم .
الوفاء بالعهد و الصدق بالوعد من اجمل الصفات التي يتحلى بها البشر ، لإن الوفاء من أروع الخِصال التي تعزز إنسانية المرء و تميزه عن غيره و تجعل له بصمة منفردة تترك أثراً جميلاً حتى بعد غيابهِ .
إن العهود و المواثيق من أشد ما اعتنت به جميع الشرائع و الكتب السماوية التي دعت الى المحافظة عليها و الوفاء بها كقوله تعالى: (( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)).
حيث اثنى سبحانه و تعالى على أنبيائه و رُسله على ان يوفووا بالعهود و المواثيق حتى مع أعدائهم و خير دليل العهود و الوعود التي أعطاها رسول الله ﷺ الى المشركين كصلح الحديبية و غيرها .
الوٓعْدّ عند العرب يعتبر من المقدسات التي يجب الالتزام بها مهما كلّف الأمر ، لإن الشخص الحُر موجب بأن يوفي عْهدهُ و ان يكون وقع كلامهِ كوقع السيف، حاد و حاضر التنفيذ، وإلا فإن قيمتهُ ستحُط في عيون الآخرين و لن يُسمع منه مرة اخرى و سينال من سوء المعاملة ما يجبرهُ على شد رحالهِ الى غير رجعة و ستبقى هذه الصفة ملازمة له كتعويذة سوء مدى الحياة .
للوعود ألوان كثيرة و لكن (المفروض) غايتها واحدة وهي الإيفاء بها ! و تتغير الوعود بحسب الظروف التي تواجه الأشخاص ، قد تكون مجرد كلمات قيلت في وقت ما و ذهبت مع الريح فيما بعد ! أو قد تكون كحُسامٍ مٓصقوُل يُسمعُ صليلهُ من بُعد .
ولكن من (الطبيعي) مهما بلغت الظروف ذروتها في الشِدة فعلى الشخص أن يفي بالوعد الذي قطعه على نفسهِ و للآخر لإن هذا الشيء يعزز اواصر العلاقة و يكسبها عُمقاً و ثقةً و طمأنينة ، و بما إن الناسُ معادن ، فإن معدن الشخص يبان في هذه اللحظات ، حَيْث الظروف تكون ك (العوامل المناخية ) تكشف لنا أصل المعادن و نوعها .! لإنها تجلي القشرة المزيفة و الملونة التي تكون مكسوة عليها ، و تبقى المعادن الأصيلة أصيلة مهما بلغت قسوة المناخ.
( سأكون ظِلك ، سأتبعك أينما كُنت) ، ( كُن ظِلي).
إسمحوا لي أن أُسلط ضوء الحبر على هذا الوعد الذي استوقفني ! و وٓلّدٓ لدي بعض الحيرة !
هذه إحدى الوعود ( الفرضية ) التي تُقطع بين اثنين وعد أحدهما على نفسهِ ان يكون كظل الآخر ، سواء كان صديق ، حبيب ، او رفيق دربّ.
(يُرافقه ك ظلهِ) هو بالأصل مثل يُضرب على شخصين يكونان متلازمين مع بعض اغلب الوقت و لا يفارقان بعضهما الآخر، كالظل الذي يلازم الإنسان عندما يكون الجسم مواجهاً لمصدر الضوء يتكون الظل.
و كما ذكرتُ سابقاً (قد) تلعب الظروف المناخية دوراً لإظهار الحقيقة ، هكذا هو ظلناالإفتراضي أو الشخص( المفروض) يكون ظلنا حيث عليه أن يكون بجانبنا في كل الأوقات مهما بلغت شدتها، قسوتها، حجمها و عتمتها ، فلا يجب عليه أن يكون (كالظل) الحقيقي الذي إذا سُلطٓ عليه ظلاً أكبر منه او دخل العتمة سيفرُ هارباً .. ظِلنا .! أو ظلينا.!
إذا كان الحقيقي يلوذُ بالفرار في الظلام هل يا تُرى سيرافقنا الإفتراضي مثلا..!؟ توجد ظِلاَل خادعة و مؤقتة إذا واجهتنا مشاكل اكبر من المتوقع و يتخلى عنا عند اول كبوة .؟!
هنا يكمن المغزى ، لذا يجب أن يجدوا تشبيهاً اخر يكون مقنع اكثر و حقيقي جداً و متمسك بِنَا و لا يخاف الظلمة .!
أو عليه أن يفعل كما قال نابليون بونابرت:(( أفضل طريقة للإلتزام بالوعد ، هي أن لا تعد بشيء)).
للأسف في وقتنا الراهن باتت الوعود مجرد كلام مؤقت يُقال و يؤخذ به و باتت التشابيه كثيرة محاولة لترسيخ هذه الوعود الوهمية و الخفيفة التي لا وجود لها و التي تتناثر مع اول الهبوب ، لا نريدُ ظِلالاً و لا أرضاً و سماءاً إضافية لإن حلاوة الشيء هو بندرة وجودهِ و ليس بتعددهِ . بمناسبة الظل ، النار لا ظِل لها ! و هي من اعظم عناصر الطبيعة ! و تصنع الظل أيضاً! حتى لا يأتي زمان يقولون لنا سأكون نارك.!! حينها نحن سنبادر بالهرب من ( نارنا) لإننا حتماً سننالُ لهيبُ حُضنٍ غيرِ مرغوب !وقتهاسنتحسر على أيام الظٌِل الباردة ! .
و مع هذا تبقى النفوسُ اسرار لا يُدركُها إلا خالقها ، و تبقى الوعود و الإيفاء بها صفة الأنبياء والنبلاء و صفة الانسان الحقيقي الأصيل الذي لا تغيرهُ الظروف مهما كانت ، أما الذين يتطايرون بوعودهم مع الريح فلا عتب ..! لإن لا ذنب للريح إذا أحبابُنا ورقّ ! .
869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع