نبيه البرجي
اي فلسفة، بل اي استراتيجيا، بل اي ايديولوجيا تحكم العقل الاميركي؟
كان جون بولتون، ومن المبنى الزجاجي في نيويورك ولطالما سخر منه يسأل «اي جدوى من ذلك العالم الهرم، والساذج، والمتهتك»؟ لا عالم هناك سوى الولايات المتحدة وضاحيتها الشمالية كندا، اما المكسيك، وكما وصفها دونالد ترامب، فهي سوق الغباء، وكاد يقول سوق البغاء...
روبرت كاغان، احد كبار مفكري المحافظين الجدد، كان يقول عن الاوروبيين «نحن ابناء المريخ وهم ابناء الزهرة». لم يتورع جورج دبليو بوش عن القول ان القارة العجوز عجوز حقا «وقد فقدت ثدييها وساقيها».
صمويل هنتنغتون لم يكن يتوقع قط ان يدخل الى البيت الابيض رجل آت من قاع الثقافات ومن قاع السفن رجل اسود؟ يا للهول وهو الذي وضع كتاباً يحذر فيه من ان التسونامي اللاتيني في الولايات المتحدة والى حد التساؤل ما اذا كان البيض سيتحولون، ومع حلول نصف القرن الحادي والعشرين، الى عبيد لدى الملونين القادمين، للتو من الادغال..
واذا كان جيمس مونرو قد اطلق مشروعه الشهير عام 1832 واقفل الابواب في وجه الاوروبيين الذين يتقيأون التاريخ بين الفينة والاخرى من اجل كميات اخرى من الجثث، ثمة باحثون الان في الولايات المتحدة لا يقلون هولاً عن ترامب او يدعون الى ترحيل المسلمين من اميركا، ووضعهم في معسكرات للاعتقال او اطلاق النار عليهم ان اقتضى الامر..
للتذكير فقط، فان وكالة الاستخبارات المركزية هي التي اخترعت حركة «طالبان» بالملابس البيضاء 0تدليلاً على النقاء الايدويولوجي من اجل حماية انابيب الغاز الممتدة من تركمانستان الى شمال افغانستان، ومنها الى بلوشستان فالمحيط الهندي..
اذاً، توظيف الراديكالية الاسلامية في خدمة الانابيب، او في خدمة البراميل، او في اثارة الاضطرابات الداخلية لتبقى الانظمة في قبضة الاجهزة الاميركية...
أين هذه الاجهزة من تنظيم الدولة الاسلامية؟ وهل حقاً ان ابو مصعب الزرقاوي كان يتعامل مع الـ«اسي آي. اي» قبل ان يكتشف في لحظة القطاف انه ليس اكثر من «قط جرب» على ما قاله احد المنشقين عنه ابو همذان الانباري.
يضحك سفير اوروبي في بيروت حين يسأل ما اذا كانت ادارة باراك اوباما قد عهدت الى الليدي غاغا بقيادة الحملة ضد تنظيم «داعش». هذا بعدما علم ان مدينة منبج السورية لا تزال في قبضة التنظيم، بالرغم من الهجوم الكبير عليها، وبالرغم من مئات الغارات، بعدما كان يظن ان «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة أميركياً قد أزالت كل أثر لـ«داعش» فيها.
الذي يبدو ان قوات «داعش» لا تزال صاحبة المبادرة في المنطقة. اما لماذا حدثت الاعجوبة في الفلوجة العراقية، فكان ذلك من أجل التعويم المعنوي للجيش العراقي، وبعدما هرب الجنرالات بعباءات نسائية في الموصل، وكي لا تسقط حكومة حيدر العبادي تحت الضربات العشوائية (والغامضة الهدف) لمقتدى الصدر...
اين الرقة في هذه الحال، وأين الموصل، بل وأين جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع؟ خذوا علماً بأن الليدي غاغا حلت محل الجنرال جوزف دانفورد في رئاسة هيئة الاركان المشتركة، وان لاس فيغاس حلت محل البنتاغون...
الفرنسيون الذين يحترفون (ويتقنون) الثرثرة مثلنا لا يقولون علناً ان الخليفة ابا بكر البغدادي يعمل لحساب الولايات المتحدة. لا مشكلة في ان يحصل ما حل في 11 إيلول 2001 ما دام ذاك قد خدم الامبراطورية استراتيجياً، ولا مشكلة في ان تحدث مجزرة اورلاندو، حتى الجثث الاميركية تستخدم لاغراض تكتيكية او استراتيجية ...
الفضيحة في منبج، الفضيحة في التحالف الدولي، وبكل تلك القاذفات الهائلة، الذي يخوض بين الحين والآخر، معارك استعراضية للاستهلاك الاعلامي الساذج، في حين ان تنظيم الدولة لا يزال في مواقعه الاساسية ويضرب في كل الاتجاهات.
بطبيعة الحال، هناك دول اقليمية وتستخدم «داعش» رجب طيب اردوغان فتح امام قادة التنظيم حتى الملاهي الليلية، اما اميركا فتستخدم الجميع، هل حقاً، وكما قال مظفر النواب، ان الفريضة السادسة في الاسلام الانحناء امام اميركا؟ الانحناء فقط؟
891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع