احمد الملا
قد يستغرب بعضهم من موقف القضاء العراقي من قضية فساد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري,
حيث في بداية الأمر وخلال لحظات قليلة تمت تبرئة الجبوري من كل التهم المنسوبة إليه على الرغم من إن مجرد التحقيق في هذه التهم يتطلب تحقيق يستغرق على أقل تقدير شهراً كاملاً لكن تمت تبرئة الجبوري وغلق القضية خلال ساعات قليلة جداً على الرغم من وجود أدلة مسجلة وشهود, لكن تم إلصاق تهم للشهود وغض الطرف عن الأدلة المقدمة, ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى أن يقوم القضاء برد طعنين تميزيين تقدم بهما رئيس هيئة النزاهة ووزير الدفاع بشأن التحقيق في قضية التهم التي وجهت إلى رئيس البرلمان سليم الجبوري, واقعاً هذا الأمر يثير الإستغراب عند بعضهم لعدم معرفة السبب الرئيسي الذي جعل القضاء العراقي يقوم بهذا الفعل وهذا الإستقتال من أجل تبرئة الجبوري.
وهنا أذكر للقارئ الكريم هذه القصة القصيرة التي تدفع هذا الإستغراب, والقصة هي : كان هناك رجل دين قيم على مسجد لمدينة كبيرة وكان في كل جمعة يجمع المال من الناس تحت أي ذريعة, وفي ذات يوم جمعة طلب من المصلين التبرع بالأموال من أجل ترميم قبة المسجد وإلا فإن هذه القبة سوف تسقط على رؤوسهم ! فقام المصلين من أهل المدينة بدفع التبرعات, وما إن اختلى الشيخ أو رجل الدين بنفسه وفرغ المسجد من المصلين جمع المبلغ الذي تبرعوا به فوجده قليل جداً ( 200 ) مائتي دينار, فإنزعج رجل الدين جداً وغضب وقال في نفسه سوف أقوم بتأجير شخص ما يقوم بهدم جزء من القبة على المصلين في الجمعة القادمة وسيكون العذر هو عدم كفاية التبرعات!! وبعد أن عزم على هذا الأمر وقام به فعلاً في الجمعة وراح عدد كبير من المصلين ضحية جشع وطمع رجل الدين, وبعد أن خرج المصلين راكضين خوفاً من الموت لحق بهم رجل الدين, وفي خضم زحمة الحدث توقف شخص مخمور وسأل رجل الدين عن الحادث فقال له رجل الدين القبة وقعت على المصلين والسبب إنهم لم يدفعوا تبرعات تكفي لترميم القبة, فقام هذا المخمور بدفع مبلغ قدره ( 5000 ) خمسة آلاف دينار وقال للشيخ يوم غد سوف آتي لك يا شيخ لكي أعلن توبتي, وتعلمني الصلاة وكل أمور ديني, فرد عليه الشيخ منزعجاً كيف تتوب ؟ هل تريد أن تصبح كهؤلاء الذين يبخلون في العطاء ؟ أبقى على ما أنت عليه حتى تستمر في العطاء الوافر ولا تنسى إن عطائك أفضل من الصلاة والصوم والحج لأنك توفر بعطائك هذا توفر مكان لعبادة الله سبحانه وتعالى, فوافق الرجل المخمور على كلام الشيخ وأخذ في كل يوم جمعة يعطي لرجل الدين " الدجال " آلاف الدنانير.
أتصور إن الصورة أصبحت واضحة الآن عند الجميع, فما دفع بالقضاء العراقي للدفاع عن الجبوري وتبرئته هو إن القضاء والجبوري مدعومين من قبل مرجعية النجف, من قبل السيستاني ومؤسسة السيستاني ووكلائه وبالتحديد عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي, فالسيستاني ومؤسسته ووكلائه لا يريدون أن يقضى على الفساد والمفسدين لأنهم سوف يفلسون من العطاء الذي يقدم لهم من قبل هؤلاء الفاسدين, فكل صفقات الفساد التي يبرمها هؤلاء تكون النسبة المقدمة للسيستاني ومؤسسته هي الأعلى, وهذا يعني إن سقوط هذا الفاسد سيؤدي إلى سقوط السيستاني ومؤسسته, كما يقول المرجع العراقي الصرخي عندما قال في المحاضرة السادسة من بحث " السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد " ...(( السيستاني يعرف إن هذا السياسي لو سقط بإشارة منه سيفضحه سيكشف فساده وفساد من ارتبط به فالفساد عند السياسيين هو واحد لا أقول هو صفر هو واحد مقابل مليون من فساد السيستاني, فهل السيستاني ينظر إلى السياسي بأنه فاسد؟ بالتأكيد لا ينظر إليه بأنه فساد لأنه يتعامل ويتمسك ويحتضن من هو افسد منه بملايين المرات فلا يوجد مقارنة بين فساد السياسي أي سياسي أينما تضع يدك على سياسي من سياسيي العراق منذ الاحتلال إلى هذه اللحظة مهما كان السياسي ومهما قيل عنه من سرقات بالمليارات فهو لا يرتقي إلى فساد السيستاني وأتباع السيستاني, ولم يقتصر على فاسدي السياسة وفسادها بل الطامة الكبرى والسرقات المضاعفة والفساد الافحش تمثل وتجسد بتسليطه العمائم الصنمية الفاسدة على رقاب الناس وأموالها وأعراضها مقدراتها فانتهكوا كل شيء وأباحوا كل شيء حتى إننا لعشرات السنين لم نسمع أبداً ولا نسمع انه عاقب احد وكلائه عمائم السوء بالرغم مما صدر منهم وثبت عليهم من سرقات فاحشة للأموال وارتكاب المحرمات والانحرافات الأخلاقية لكنهم يبقون معصومين بنظر السيستاني فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )).
وهذا هو ديدن السيستاني ومؤسسته وهو التستر على الفساد والمفسدين خوفاً من الفضيحة التي تودي بالهالة التي يملكها السيستاني وزبانيته, والشواهد كثيرة منها ملفات الفساد التي يملكها السفاح المالكي ضد السيستاني والتي هدد بفضحها في حال طالب السيستاني بتقديم المالكي للقضاء, وكذلك تحفظ السيستاني إلى الآن على الملفات التي قدمها لها " احمد الجلبي " قبل مقتله, وكذلك سكوته عن كل ما نسب إليه من قبل الأميركان كإستلامه 200 مليون دولار مقابل إصدار فتوى تحرم الجهاد وكذلك الرسائل المتبادلة بينه وبين برايمر, حيث كان سكوته وإمضائه لهذه الأمور هو خوفاً وخشية من كشف المزيد من الفضائح وملفات الفساد التي تورط بها مع الأميركان والحكومات التي تعاقب على حكم العراق منذ 2003, فما دفع القضاء العراقي بأن يكون مدافعاً عن الجبوري رغم وجود الأدلة هو السيستاني ومؤسسته ووكلائه.
849 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع