حوار في مجلس اليامي عن الحرب في جنوب الجزيرة العربية

                                                               

                             د. محمد صالح المسفر

اعتبر مجلس أبو عبدالرحمن اليامي وإخوانه روضة فكرية يجتمع فيها أهل العلم والفكر والأدب والاقتصاد والإعلام، يلتقي في المجلس الإثنيني "يوم الاثنين" التاجر والموظف والطالب والمدرس، ويدلف إليه الدبلوماسي والسائل والمحتاج ويجد كل ضالته في ذلك المجلس الرحب.

(2)

غاب الإخوان عن مجلسهما بحلول أشهر الصيف، وتمنينا أن تطوى أيام الصيف سريعا لنعود إلى منتدانا نسمع أعذب الشعر وأصدقه، نتابع الصراع الدولي وتطوراته من دبلوماسيين وكتاب وأهل الاختصاص، التطورات العالمية بعد مؤتمر العشرين والوجه الشاحبة بين الصين وأمريكا، ونظرات العداء بين بوتين وأوباما، ومكوكية ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان. عاد المجلس ورواده وازدحم بالمحبين.

يحدثنا عميد المجلس أبو عبدالرحمن عن رحلته نحو عسير ونجران وجيزان، يقول: ذهبت وإخوتي إلى هناك لزيارة الأصدقاء والأقارب لنعبر لهم ولجندهم عن تضامننا معهم في مواجهة الحوثي وعصابته الذين يمطرون القرى والمدن بصواريخهم عبر الحدود، ولنشد من أزرهم، وكذلك أفراد قواتنا المسلحة القطرية المرابطين هناك. يقول أبو خالد اليامي رأيت بعيني وأخي أبو عبدالرحمن كيف يحتفل الناس بأفراحهم هناك رغم زخات الصواريخ العابرة للحدود التي يطلقها الحوثيون وأنصار علي عبدالله صالح على القرى والمدن السعودية. رأيناهم أي المواطنين السعوديين على امتداد الجبهة في وحدة وعزم وتصميم على الدفاع عن بلادهم ونظامهم السياسي. إن الوقوف مع أهل الجنوب خاصة نجران القريبة جدا من الحدود اليمنية ضرورة وطنية وأمنية ليس للسعودية وحدها وإنما لدول الخليج العربية، حديث يطول عن تجربة عمداء مجلسنا في الجبهة الجنوبية لدول مجلس التعاون الخليجي.

(3)

يقول أحد رواد المجلس بأننا لا نسمع في وسائل إعلامنا الخليجي عن صمود هذه الجبهة ولا عن جهاد أهلها وصمودهم، ولا نسمع في إعلامنا الخليجي إلا دور طائرات التحالف ونشاطها الجوي، لماذا هذا الغياب الإعلامي الخليجي وحتى السعودي؟ "هناك قصص بطولية لم يرو عنها سوى روايات مبتورة، ومن المفروض أن تنشر مستهدفة الجمهور الخليجي العريض الذي يتعطش لقصص بطولات الحد الجنوبي، حتى لا ينجح إعلام الخصم في ترويج شعبية الحرب" (العجمي/ العرب القطرية7 / 9).

تقول الإعلامية هيا السهلي: إن الحرب الدائرة اليوم في اليمن هي بين دول الخليج من جهة (مجتمعة) وتحالف المخلوع صالح والحوثيين وإيران وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي الشيعي من جهة أخرى، ومن يرى غير ذلك لديه قصور في متابعة إعلام الخصم (مرجع سابق). أقول بكل صدق إن الإعلام الخليجي الرسمي والشعبي مقصران تقصيرا بالغا في شأن الحرب الدائرة في جنوب دول مجلس التعاون ولا يرقى إلى إعلام الخصم. إعلامنا يذكرني بإعلام العرب في حرب عام 1967، والذي كان يقول: قواتنا على مشارف تل أبيب، ونكتشف أن قوات إسرائيل على مشارف دمشق وعمان والقاهرة، واليوم نقول: قواتنا على مشارف صنعاء، وأخشى أن نصبح ونسمع أن إيران وجحافلها في الجنوب على أبواب (...) نريد إعلاما صادقا، كما نريد عزما وحسما للمعركة في اليمن لصالح الشرعية اليمنية ودول مجلس التعاون الخليجي.

يعتقد الكاتب أن عدم حسم المعركة مع الحوثيين وأعوان صالح المخلوع يشكك في قدرة العسكرية الخليجية وفي عقيدتها الوطنية التي نرى استعراضاتها في مناسبات مختلفة تظهر بأعظم استعراضات سلمية، ويشجع الأعداء المتربصين بالمنطقة على خوض معارك حدودية مع أهل الخليج وكذلك الذهاب إلى العمق لأنهم متأكدون بعدم قدرة هذه الجيوش على المواجهة.

(4)

حدثنا أحد زوار المجلس المرموق يقول: اليمن يعاني معاناة قاسية من الحرب وأهوالها، ومن إخواننا قادة مجلس التعاون رغم أننا حلفاء وشركاء في مواجهة البغاة في اليمن، نحن في اليمن المقاوم الرافض لسلطة الانقلابيين لا نعامل كما يجب من إخواننا في الخليج، إنهم لا يزودوننا بالسلاح والذخيرة والمال الذي يسد الكفاف، إن جرحانا تغص بهم البيوت لا يجدون علاجا ولا مددا من أحد، جنودنا بلا مرتبات لأشهر ورغم ذلك ما برحت روحهم المعنوية عالية لكن الجوع قاتل وصاحب الحاجة أرعن، قد يذهب إلى الطرف الآخر الذي يروي عطشه. دبلوماسيي اليمن محدودي الحركة لأنهم يخشون أن تنتهي إقامتهم وهم في الخارج، فيتعذر عليهم العودة إلى قياداتهم في عواصم الخليج، الإنسان اليمني محرم علية زيارة أهله وأقاربه المتواجدين في عواصم الخليج. دولة خليجية وجهت دعوة إلى شيوخ القبائل للاجتماع معهم، وفعلا سافر المشايخ ومعظمهم لم يستطيعوا العودة إلى اليمن ولم يستطيعوا دفع نفقات إقامتهم، وبعضهم تعرض لهم في اليمن لابتزاز الحوثيين وصالح والبعض هدمت منازلهم نكاية بسفرهم خارج اليمن، البعض منهم استطاع العودة ولكن شمت بهم وحقّروا فلم ينعموا بجنة أهل الخليج ولم يسلموا من البغاة في اليمن.

يقول الزائر أخشى أن تحدث ردة فعل سلبية عند الإنسان اليمني الذي وقف مناصرا ومقاتلا دفاعا عن اليمن وعن حدود مجلس التعاون، ويسأل الزائر هل سلاح الحوثي والمخلوع أشد قوة وأكثر وأعظم تصويبا من قوة وسلاح عاصفة الحزم؟ هل أموال صالح المخلوع والحوثي أوفر من أموال دول مجلس التعاون، هل مقاتلي المخلوع والحوثي أشرس قتالا من بقية القوى اليمنية المعادية لهم؟

قال أحد الحاضرين، في صفوف أصحاب الشرعية خيانات وتجار حروب، قال لعل ذلك الخبر صحيح، لكن في صفوف المخلوع والحوثي أيضًا من خرجوا عنهم وانضموا للمقاومة وقوات الشرعية، وفي كل الحروب الأهلية تحدث مثل هذه المآسي، لكن لا يجوز التوقف عندها، نحن نطلب من قادة مجلس التعاون معاملتنا كما تعامل إيران الحوثي وصالح. نريد القيادات الخليجية أن يعاملوننا كما عاملوا المقاومة الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي ضد الاتحاد السوفيتي، نحن في المقاومة اليمنية وجيش الشرعية وموظفيها نشعر بغصة عندما نعلم بأن قادتنا في العواصم الخليجية مرجعيتهم في تلك العواصم ضباط مخابرات ولا تعرف حتى أسماءهم وإنما أبو فلان، ولا يكلف القادة في هذه الدول المناصرة للشرعية اليمنية أنفسهم بالاجتماع بالقيادات السياسية في تلك العواصم أعني رئيس الوزراء اليمني وزير خارجية اليمن ونائب الرئيس والقيادات العسكرية الميدانية لا يجتمعون بنظرائهم الخليجيين من أجل إعادة تقدير موقف. وزراء الخليج لا يجتمعون بنظرائهم اليمنيين من أجل تنسيق المواقف. بعبرة حزينة مؤثرة قال زائر مجلسنا: اليمني يا إخواني صاحب كرامة وعنده كبرياء لا يقل عنكم في الخليج، فلا تهينونا لأننا أصحاب حاجة ولا غنى لكم عنا فنحن في الخاصرة شدوا من أزرنا وأعينونا لتحقيق النصر على البغاة في صنعاء لنا ولكم ولا تشيحون بوجوهكم عنا، فإن أرض الله واسعة.

آخر القول: أتمنى من كل قلبي أن يصل هذا الحوار إلى صناع القرار في الخليج.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

580 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع