عائشة سلطان
كنت قد حضرت دورة تدريبية نظمتها وكالة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة عبر مكتبها في البحرين منذ أكثر من عشرة أعوام، حول حقوق الإنسان بشكل عام والطفل خاصة، بعدها تنامى اهتمامي بحقوق الطفل، وخاصة في مجتمعاتنا الخليجية.
كان ضمن أجندة الدورة، ندوة حول طرق وآليات تدريب الأمهات على حماية أطفالهن من التحرش، وقد تطرقت المحاضرة يومها لدور الأم في تبسيط فكرة التحرش للطفل، وزرع مفهوم حماية نفسه ضد أي محاولة غريبة لانتهاك جسده، حتى بأكثر الأشكال بساطة، والتي ربما لا تنم عن تحرش مقصود، لكنها قد تقود إلى نتائج وخيمة، في حالة التغاضي عنها أو التساهل إزاءها أو تكرارها، خاصة من قبل الغرباء!
يعتبر لمس أماكن محددة في جسد الطفل بحجة ملاطفته، أو التلامس الجسدي الحميم معه، أمرين مرفوضين تماماً، وعلى الطفل/ الطفلة أن يتعلم تدريجياً، وبشكل عملي، كيف يرفضهما بوضوح وعلانية، هذا ما يتوجب على الأم أن تفهمه لطفلها أو طفلتها كواحد من أسس تربيته الوجدانية على احترام خصوصية جسده، وهو ما يفترض أن يتعلمه الطفل منذ نعومة أظفاره حتى قبل دخوله المدرسة، خاصة في أيامنا هذه.
إنه وفي ظل تزايد عدد وأشكال (الغرباء) الذين يحيطون بأطفالنا داخل المنزل وخارجه (كالضيوف أحياناً، المربية، الخادمة، السائق، المزارع، عامل البقالة، موظف توصيل الطلبات، حارس الروضة أو المدرسة) وغيرهم ممن قد يحتك بهم الطفل، أو يندفع تجاههم ببراءة، هؤلاء كلهم غرباء بلا استثناء (فيما عدا الوالدين والأخوة)، لذا لا بد من شرح وتوضيح تلك المسافة التي نسميها منطقة الأمان أو حاجز الخصوصية، لحماية الطفل وتعويده عليها.
معروف أن ذكاء وقدرات الطفل تبدأ بالتشكل منذ شهره الثامن، وليس كما يعتقد البعض بعد دخوله المدرسة، لذلك لا بد من التنبه لذلك، وبناء قدرات الطفل الدفاعية عن نفسه باكراً، كما وأن إجراءات مختلفة على المدرسة أن تراعيها لمنع أو القضاء على ظاهرة التعديات والتحرشات من قبل التلاميذ الأكبر بالتلاميذ الأصغر سناً للأسف الشديد!
733 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع