وليمة عشاء في اخر ليلة عزاء

                                                           

                                علي السواد

صادفت خلال زياراتي الى البصرة مناسبتي عزاء وكل مرة اكون من ضمن المدعوين لتناول وجبة العشاء، التي عادة ما تكون ليلة بذخ،واستعراض، وتنافس، على اظهار صفة الكرم، وهو حسب تقديري ليس بكرم بقدر ما هي محاولة ادعاء او محاولة بلوغ الشهرة الحاتمية.

كما يتمنون لان الكثير منهم ليسوا بالضرورة يعتنون بصفة الكرم في حياتهم الاعتيادية، بل هم اشبه ببخل حليمة زوجة حاتم الطائي الذي شعر بالاحراج من بخلها فحاول لاحقا ان ينصحها لا ان يحرجها.

فقال لها: ان زيادة ملعقة السمن في الاكل ستطيل من عمرك لان الله يحب الكرماء ولكن بعد موت ابنها الوحيد، حزنت عليه حزنا شديدا، فتمنت بعد هذه المصيبة ان تموت وراءه مباشرة حتى تذكرت ملعقة السمن التي تطيل من عمرها فالغتها من فورها كي تقلل من عمرها، فبعد ذلك بايام قليلة بدأ الناس يشعرون بعدم لذة الاكل ولهذا قالوا: "رجعت حليمة على عادتها القديمة" اما موضوعنا حول ولائمنا الباذخة.. والتي  تعودنا على ان نقيمها رغم احتياجنا الشديد للمال احيانا الذي ننفقه عليها وعلى غيرها من المظاهر الشكلية التي تؤكد على سلوكياتنا السلبية والسيئة التي ممكن ان تصنف بانها من اعراض مرض ازدواج الشخصية. ولهذا مثل هذه المناسبات العامة يظهرفيها بشكل واضح التناقض الفج عند الفرد وبالتالي رصد هذه السلوكيات في هكذا تجمعات تكون سهلة ومكشوفة دون ان تحتاج الى عين متمرسة في الرصد والمتابعة. باختصار انها ليلة رياء بالمعنى المزعج للكلمة انها ليلة التدافع والتزاحم بحيث الكل يريد ان يكون تحت الضوء الكل يريد الاهتمام به الكل يريد ان يعامل معاملة خاصة.
والا سوف يندد باصحاب المناسبة ويشوه سمعتهم وسمعة الوليمة، حتى يصفها بأسوأ الاوصاف حتى وان لم يرها هكذا هو يكون منحازا لنفسه التي ربما كانت قد افتعلت لها اهمية مبالغ فيها في لحظتها، بينما الجموع  غير معنية به ولايهمها من امره اي شيء لانها مشدوهة وفي حالة ترقب لاشارة اليد والكلمة السحرية التي سيطلقها عريف وليمة العشاء لينهالوا دون تردد حتى يلتهموا كل شيء في الصحون المزدحمة باعدادها الكثيرة والوانها الكثيرة،التي لم يكن منها اي واحد من نصيب الفقراء او من نصيب المساكين والايتام الذين يتحسرون من شدة اهمالهم واحتقارهم في السر والعلن،في وسط مجتمع يدعي انه مجتمع اسلامي لايكف عن الثرثرة حول القيم والمبادئ والتضامن والتكافل، للاسف انها مجرد كلمات قد سئمنا من سماعها وتكرارها والدليل ان الواقع يكذبهم وبقوة سواء كان يخص الواقع اليومي او يخص واقع اخر ليلة عزاء التي تكون عادة ليلة الرياء والتفاخر المزعج!!

علي السواد

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

998 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع