د. محمد عياش الكبيسي
من الشعائر التي يمارسها الشيعة في مثل هذا الشهر شعيرة يسمونها (التطبير)، وتعني ضرب رؤوسهم بآلات حادة حتى يصبغ الدم ثيابهم وأجسادهم، ليتحول المشهد بالجملة إلى ما يشبه حمام الدم!
ليس لدينا اعتراض على ما يفعلونه بأنفسهم، فهم أحرار في ذلك، ولكل دين طقوسه وشعائره، والناس في هذا العالم الفسيح يراقبون ويميزون بين دين الرحمة ودين الشقاء، بين الدين الذي ينسجم مع فطرة الإنسان والدين الذي يصادر إنسانية الإنسان، إلا أن الذي لا ينبغي السكوت عنه ما يتعرض له الأطفال في هذا الموسم، فالطفل ليس مطلوبا منه أن يتعبد بهذه الطريقة، وليس عليه من الذنوب ما يستوجب مثل هذا العقاب، كما أنه ليس مدركا لفاجعة الحسين ليعبر عن حزنه بهذا التطبير.
لقد هز ضمير الإنسانية صورة تلك الطفلة التي لم يتجاوز عمرها الثلاثة شهور، التي جلبها أهلها للمطبر فسبحت بدمها ثم فارقت الحياة! وهذه الطفلة ليست الوحيدة بالطبع، فهنالك طوابير من الأطفال الذين ينتظرون دورهم في كل موسم، وربما تستغل دماء الأطفال هذه للدعاية الانتخابية، وهذه على سبيل المثال النائبة العراقية مها الدوري تثبت في موقعها الإلكتروني الرسمي صورتها مع ما يبدو أنه أحد أطفالها وهو يسبح بدمه جراء عملية التطبير!
اللافت هنا أن الدولة الراعية للتشيع في العالم لا تسمح لمواطنيها بممارسة هذه الشعيرة الدينية! وهناك أخبار متتابعة عن ملاحقات أمنية وقضائية لمن يمارس أو يروج لمثل هذا! وبكل تأكيد فإن الولي الفقيه ليس بعيدا عن هذه الإجراءات، وهنا تبرز أسئلة كثيرة عن سبب هذا التمييز بين الشيعي الإيراني والشيعي العربي، وما إذا كان هذا يعود بالفعل إلى مجرد خلاف في الاجتهاد الديني، لكن الذي يثير الاستغراب هنا تلك الرسالة التي بعثت بها المؤسسة الدينية في إيران لتوضيح الموقف الشرعي الدقيق للولي الفقيه، التي تضمنت أن هذه الإجراءات يقصد منها مراعاة خصوصية المجتمع الإيراني، أما الشعوب الأخرى فلها أن تمارس هذا النوع من العبادات دون اعتراض من المرشد!
السيستاني وهو المرجع الأعلى لعامة الشيعة في العراق والخليج ومناطق أخرى في العالم، وحتى داخل إيران، اتسم موقفه بالغموض، ربما لكونه ينتمي إلى سيستان الإيرانية من ناحية، ويعيش بين الشيعة العرب من ناحية أخرى، وآخر ما تم تداوله بين شيعته بهذا الصدد ظهور أحد المتحدثين باسمه في تسجيل مرئي أكد فيه أن السيستاني فضل ألا يفتي في هذه المسألة! واستطرد المتحدث أن هذا التكتم من حق المرجع الأعلى حيثما يرى المصلحة، ثم استدرك قائلا: في مثل هذه الحالة يجب على مقلدي السيستاني الرجوع إلى أعلم تلامذته المقربين منه، مؤكدا بدوره أنهم متفقون في العراق على مشروعية التطبير بل ربما على وجوبه عليهم وجوبا كفائيا!
تجدر الإشارة هنا إلى أن (فيلسوف الثورة الإسلامية) علي شريعتي كان قد وصف (مراسم اللطم والزنجيل والتطبير) بأنها (تجري بإرادة سياسية لا دينية) التشيع العلوي ص209، بينما يؤكد المرشح الأسبق للرئاسة الإيرانية د.موسى الموسوي أنها كانت (لإظهار تلك الشعوب بمظهر المتوحشين الذين يحتاجون إلى قيم) الشيعة والتصحيح ص100.
991 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع