د.طلعت الخضيري
جلسات تحضير ألأرواح ألحلقه -١١
ليو تولستوي
سبق وقرأت لذلك ألمؤلف ألروسي كتاب ( ألحرب والسلام) و(آنا كارنينا) ، لذلك خطر على بالي أن أتعرف ، وأعرف ألقارء ألكريم على تلك ألشخصيه ألنادره والخالده .
س- أهلا بك سيدي( ليو تولستوي )، ونرحب بك اليوم لنستمع إلى سيره حياتك ألشيقه ، ومابها من مفارقات ، وآنت ألرجل ألأرستقراطي ، ألذي عمل ألكثير في حياته لأجل ألفلاحين والفقراء، فتفضل بذكر نشأتك ،وعائلتك.
ج- إ سمي عندما ولدت كان(ألكونت ليف نيكولايا فيتش تولستوي)، ولدت في
(ياستايا) ، في روسيا ألقيصريه سنه1828 ، وتوفيت في ستابوفا سنه1910 ، لقد عشت82 سنه ، أنا روسي ألجنسيه ، أرثدوكس ألمذهب .
كانت ولادتي في( تولا) ـ ألتي تبعد حوالي 130 ميلا من موسكو ، وكنت من ألنبلاء ، فكان والدي( ألكونت نيكولاس )، وأمي ألأميره( ماريا فولكونسكي) وأسرتها من سلاله روريك( أول حاكم ورد إسمه في ألتاريخ ألروسي) .
لقد توفيت والدتي وأنا في سن ألسنتين ، وقامت إحدى قريباتي وأسمها (تاتيانا) بمساعده والدي في تربيتي وإخوتي ، وتوفى والدي وأنا في سن 11 سنه ، فتم وضعنا ، أنا وأخوتي ، لدى حاضن شرعي وهي ألكونتيسه ( ألكسندرا أوستن) ومضينا ألسنوات ألتاليه أما في بيتها في موسكو أو في زياره قريبتنا ألسابقه(تاتيانا)
قرب موسكو،و توفيت ألكونتيسه ألتي اعتنت بنا وأنا في سن 13 سنه ، فانتقلت حضانتنا إلى أختها (بالاجيا) ، وعشنا معها حيث تسكن في مدينه(قازان) في شمال ألقفقاس ، حيث قضيت هناك بقيه حياتي كصبي ، وكانت من عادتي أن أزور مربيتي ألحبيبه ألأولى (تاتيانا) خلال فصل الصيف ، لتحيطني بحبها وعطفها.
س- شكرا على تلك ألتوضيحات ، ونفهم إنك كنت قد عشت حاله أليتيم لمده طويله.
ج- ما تقوله صحيح ، وقد كان ذلك سببا في إحساسي بآلام ألغير ، والضعفاء والمضطهدين ، خلال طول حياتي.
س- هل درست دراسه جامعيه؟
ج- هذه مشكله كبيره قد صادفتني في حياتي ، ففي سنه 1844 قبلت في جامعه قازان ، كليه أللغات ألشرقيه ، وأفاجئك بأنني اخترت قسم أللغتين ألتركيه والعربيه .
س- ولماذا قد اخترت ذلك؟
ج- لسببين ، أولهما أنني كنت أطمح بذلك أن أنخرط مستقبلا كنت في ألسلك ألدبلوماسي في منطقه ألشرق ألعربي ، وثانيا كنت إنني مهتما بآداب شعوب ألشرق ، وبالرغم أنني كنت شغوفا بالقراءه عندما كنت طفلا ،فإنني لم أستطع ألتركيز في دراستي عندما كنت طالبا في الجامعه.و بعد أن فشلت في إمتحانات ألسنه ألأولى ، قررت أن أغير دراستي إلى دراسه ألقانون ، وكانت ألبدايه تبشربخير ، لكنها إنتهت عندما قررت في سنه 1847 ترك ألدراسه ألجامعيه ، وكان ألسبب هو إنني أخبرت أنه تم تقسيم أملاك أسرتي وإنني ورثت أقطاعيه( باسنايا بوليانا )و تضم أكثرمن 330 عائله فلاحيه ، وكنت ذو مثل عليا ، فأحسست أن واجبي يحتم علي ألعوده لأقطاعيتي ، لرعايه أمورها ، ولتحسين ظروف معيشه رعيتي من ألفلاحين.
ومع ألأسف كانت تجربه قاسيه بالنسبه لي في هذا المجال ، وفشلت في تحقيق أهدافي ألساميه ، فقررت بعد سنتين أن أذهب إلى موسكو ، ثم إلى سان بترسبورغ ، لنيل شهاده جامعيه ،ولكنني مع ألأسف إنغمست في ألحياه ألإجتماعيه لتلك ألمدينه أكثر من إهتمامي في تحصيل ألعلم ، وغرقت بالديون بسبب ألقمار، بالرغم من نصائح وتوسلات مربيتي (تانيانا).
س- قرأت في سيرتك إنك عشت لفتره ما تجربه حربيه في ألقوقاز ، هل تفضلت بشرح موجز لها؟
ج- إنها تجربه غريبه حقا ، قادتني إليها ألصدفه ، فكان شقيقي نيكولاس يخدم في ألجيش ألروسي في ألقوقاز ، وكان في زيارتي ، وعندما عاد إلى القوقاز قررت مصاحبته ، وتركت أملاكي في رعايه زوج شقيقت ال ألجميله ، وبعد تسعه أشهر من قدومي إلى المنطقه، إنضممت إلى ألفرقه ألروسيه ي ، وعندما وصلت إلى ألقوقاز مع شقيقي ، أغرمت بتلك المنطقه ، وبمشاهد ألجب ألقوقازيه ، واشتركت في قتال قبائل ألسهول ألتتريه ، وقد سجلت جانبا كبيرا من إنطباعاتي عنها في روايه (ألحرب والسلام).
وشاركت أيضا في حرب ألمريدين ضد ألإمام شامل ، وفي تلك ألمرحله ألأولى ككاتب ، كتبت ثلاث كتب مابين 1852و 1857 وهم (ألطفوله ، ألصبا ألشباب)
واستمريت كجندي حتى 1855عندما اشتركت في حرب ألقرم ، ثم تركت ألجيش بعد سقوط سباستيبول وعدت في سنه 1855 إلى مدينه سان بيترسبورغ.
وكما ذكرت إني أحببت بلاد ألقوقاز، وقد تأثرت كثيرا بما شاهدته هناك، وألفت عنها كتاب سميته ( ألقوزاق) ويحتوي على عده قصص.
س- قرأنا عنك إنك زرت بعد تقاعدك من ألخدمه ألعسكريه مدن أوربا ألغربيه ، حدثنا رجاء عن تلك التجربه .
ج- في ألفتره ما بين عام 1857 و 1861 زرت سويسرا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأعجبت بطرق ألتدريس هناك ، فلماعدت إلى بلادي ، حاولت تطبيق ألنظريات ألتربويه ألتقدميه ألتي كانت هناك ، فشيدت مدرسه خاصه لأبناءألفلاحين ،وأنشأت مجله تربويه أشرح فيها أفكاري ألتربويه .
لقد اختلطت مع ألمزارعين ، وتعلمت أساليبهم في ألعمل ، ودافعت عنهم ضد ألمعامله ألسيئه من جانب ملاك ألأراضي , ولم أغادر بعد1862 إقطاعيتي (بوليانا) على ألإطلاق ، وتزوجت في تلك ألسنه من ألكونتيسه صوفيا والتي كانت دوما زوجه متفهمه ومحبه لخدمتي.
س- ما هي أشهر كتبك ؟
ج- لقد كتبت عده كتب أهمها،وأحبها إلى نفسي هما ( ألحرب والسلام) و( أنا كارنينا).
س- لفد أخرجت ألسينما ألأمريكيه والروسيه أفلاما عنهما. لقد أتهمك بعض الكتاب أن قصه أنا كارنينا ألتي تشرح خيانه ألزوجه ثم يأسها وانتحارها ، مستوحاه من قصه للكاتب ألفرنسي( فلوبير ) فما هو رأيك؟
ج- إن قصص ألحياه تتشابه في جميع أنحاء العالم ، وأنا لم أقلد أحد في ما ألفته
س- حدثنا عن رأيك في ألفن.
ج- أنا كنت دوما أبشر بأن الفن ينبغي أن يوجه الناس أخلاقيا ، وأن يعمل على تحسين أوضاعهم , ولابد أن يكون ألفن بسيطا يخاطب عامه ألناس.
س- لماذا عارضت ألكنيسه ؟
ج- لقد تعمقت في ألقرائات ألدينيه ، وقاومت ألكنيسه ألأرثودوكسيه في روسيا ، ودعيت للسلام ، وعدم ألأستغلال ، وعارضت ألقوه والعنف في شتى صورها ،
ولم تقبل ألكنيسه آرائي ألتي انتشرت بسرعه كبيره ، فكفرتني نتيجه لذلك, وأعلنت حرماني من رعايتها ، بينا أعجب بآرائي ألكثيرمن ألناس وكانوا يزوروني في مزرعتي حيث عشت حياه ألمزارعين ألبسطاء ، تاركا عائلتي ألثريه ألمترفه.
وكنت أنشر آرائي كفيلسوف أخلاقي وقد إعتنقت أفكار ( ألمقاومه ألسلميه) ألنابذه للعنف ، وتبلورت تلك ألأفكار في كتابي (مملكه ألرب بداخلك) وهو ألعمل ألذي أثر في مشاهير ألقرن ألعشرين ، أمثال ( ألمهاتما غاندي ) و ( مارتن لوثر كنغ ) وفي جهادهما ألذي أتسم بسياسه ألمقاومه ألسلميه ألنابذه للعنف.
س- وهل أحببت ألأدب ألعربي؟
ج- بالتأكيد , فقد شغفت وأنا بسن ألرابعه عشر وما قبل ذلك بقرائه قصص ( ألف ليله وليله) وكان هناك رجل أمى يزورنا ببيت جدتي ، ويقص علينا ألقصص ألعربيه ألتي كنت أعشق وأستمتع بسماعها، وفي أواخر أيام حياتي، تبادلت ألأفكار برسالتين مع ألأمام (محمد عبده) ولقد توفينا بعد ذلك ، نحن ألإثنان مع ألأسف بدون أن نستمر في تلك ألمناقشه.
س- نشكرك على لقائك معنا ، وللنهي جلستنا ، أرجوك أن تحدثنا عن أيامك ألأخيره.
ج- كانت هناك بعض ألمشاكل بيني وبين عائلتي مما دعاني ، بين حين وآخر ، إلى ترك منزلي والهرب إلى أختي أو بعض ألمعارف ، وفي 20 نوفمبر سنه 1920 تركت المنزل ، في يوم بارد قارس ، وأنا شيخ مسن ، وحاولت ألتوجه إلى زياره أختي ، وفي محطه قطار قريه أسمها(إستابو) عثر علي ناظر محطه ألقطار وأنا بين ألموت والحياه، حيث أصبت بالتهاب رؤوي حاد ، وكنت قد بلغت 82 من العمر، فنقلني إلى بيته وحاول وعائلته إنقاذي ولكنني توفيت ، ثم نقلت ودفنت في مزرعتي (ياسيانيا يوليانيا) ولم يتم إجراء ألمراسيم ألدينيه لدفني ، لأنني كنت قد أوصيت مسبقا ذلك ، ورفضت أن يوضع ألصليب على قبري ، لأنني كنت أعتب على الكنيسه ورجال ألدين في ذلك ألوقت عدم مناصرتهم للفقراء ، والوقوف مع ألقياصره والظلم.
س- سررنا بلقائك ، لقد تركت ورائك كنزاأدبيا عظيما، خلدك مع ألخالدين.
875 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع