مُوسِيقَى

                                           

                     تأليف: أَنَا مَارِيَّا مَاتُوتِي*
                   ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**    

مُوسِيقَى

لَقَدْ كَانَتْ بِنْتَا الْمُؤَلِّفِ الْمُوسِيقِيِّ الْكَبِيرِ - سِتُّ وَ سَبْعُ سَنَوَاتٍ - مُتَعَوِّدَتَيْنِ عَلَى الصَّمْتِ. لَمْ يَكُنْ أَمْرًا مُمْكِنًا سَمَاعُ أَيِّ ضَجَّةٍ فِي الْمَنْزِلِ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ يَشْتَغِلُ. كَانَتَا تَمْشِيَانِ عَلَى رُؤُوسِ أَصَابِعِهِمَا، مُنْتَعِلَتَيْنِ الشَّبَاشِبَ، وَ كَانَ الصَّمْتُ يَنْكَسِرُ بِطَرِيقَةٍ مُتَقَطِّعَةٍ بِنُوتَاتِ بِّيَانُو الْأَبِ فَقَطْ.
وَ مَرَّةً أُخْرَى يَعُودُ الصَّمْتُ.
ذَاتَ يَوْمٍ، بَقِيَ بَابُ الْأُسْتُودْيُو غَيْرَ مُغْلَقٍ جَيِّدًا فَاقْتَرَبَتِ الطِّفْلَةُ الصُّغْرَى بِحَذَرٍ مِنَ الْفُتْحَةِ فَرَأَتْ كَيْفَ أَنَّ الْأَبَ كَانَ يَنْحَنِي، بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَ الْأُخْرَى، عَلَى وَرَقٍ وَ يُسَجِّلُ شَيْئًا مَا.
عِنْدَهَا رَكَضَتِ الطِّفْلَةُ الصُّغْرَى بَحْثًا عَنْ أُخْتِهَا وَ صَاحَتْ، صَاحَتْ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ وَسَطَ صَمْتٍ ثَقيِلٍ جِدًّا:
مُوسِيقَى أَبِي! لَنْ تُصَدِّقيِهَا! إِنَّهُ يَخْتَرِعُهَا!
*القصة في الأصل الإسباني:
Música
Las dos hijas del Gran Compositor -seis y siete años- estaban acostumbradas al silencio. En la casa no debía oírse ni un ruido, porque papá trabajaba. Andaban de puntillas, en zapatillas, y solo a ráfagas el silencio se rompía con las notas del piano de papá.
Y otra vez silencio.
Un día, la puerta del estudio quedó mal cerrada, y la más pequeña de las niñas se acercó sigilosamente a la rendija; pudo ver cómo papá, a ratos, se inclinaba sobre un papel y anotaba lago.
La niña más pequeña corrió entonces en busca de su hermana mayor. Y gritó, gritó por primera vez en tanto silencio:
-¡La música de papá, no te la creas…! ¡Se la inventa!
*كاتبة و صحافية إسبانية وعضوة في مؤسسة الأكاديمية الملكية الإسبانية، ولدت في 26 يوليو 1925 في برشلونة بإسبانيا. كما أنها ثالث امرأة تحصل على جائزة ثيربانتس عام 2010. وكذلك كانت أستاذة جامعية زائرة في جامعة أوكلاهوما وجامعة إنديانا وجامعة فرجينيا. وتعد ماتوتي من أبرز الروائيين في الأدب الإسباني في القرن العشرين، ويراها الكثيرون واحدة من أفضل الروائيين في فترة ما بعد الحرب الأهلية الإسبانية. تتناول ماتوتي في كتاباتها العديد من الموضوعات السياسية والاجتماعية والأخلاقية في خلال فترة ما بعد الحرب الأهلية الإسبانية. ويميل إنتاجها النثري إلى الطابع الغنائي و العملي. وتستخدم ماتوتي في كتاباتها تقنيات أدبية مرتبطة بروايات سريالية و روايات متعلقة ب الحداثة. و مع كل هذه الإمكانيات والموهبة الأدبية التي تمتلكها إلا أنها تعتبر كاتبة واقعية. وتتناول كتاباتها المرحلة الحياتية ما بين الطفولة و المراهقة و حتى مرحلة الرشد. ويعد التشاؤم فكرة أساسية في كتابات ماتوتي حيث إنه يعطى لأعمالها نظرة أوضح من واقع الحياة. النفاق، الاغتراب، الخبث، انعدام الأخلاقيات هي خصائص مشتركة موجودة دائماً في أعمالها. أما أكثر أعمالها شهرة فهو الثلاثية. والثلاثية عبارة عن عمل أدبي مكون من ثلاثة روايات أو قصص ذات صفات مشتركة أو مختلفة. و يرى معظم النقاد أن أفضل عمل أدبي للكاتبة هو ثلاثية التجار والمكونة من ثلاث روايات:  "الذاكرة الأولى" و "الجنود يبكون ليلا" و "الفخ". كذلك قيل عن أعمالها إنه بالرغم من أن أحداث كل رواية مستقلة بذاتها، إلا أن الفكرة الأساسية المشتركة في جميع أعمالها: هي الحرب الأهلية الإسبانية وفكرة المجتمع المسيطرة عليه الماديات والمصلحة الشخصية.
وفي 12 مارس من عام 2009،  أودعت الكاتبة في صندوق رسائل معهد ثيربانتس الطبعة الأولى من كتابها" الملك المنسي غودو". توفيت هذه الروائية الإسبانية الفذة سنة 2014.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية - الدار البيضاء - المغرب.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4249 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع