د. رعد العنبكي
الشاعر جميل صدقي الزهاوي
ولد شاعرنا عام 1863 ايام الوالي نامق باشا الكبير تربى في بيت علم بكنف والده العلامة محمد فيضي الزهاوي مفتي العراق
فكان جميل الشاعر وكان جميل الفيلسوف وبعد اعلان الدستور العثماني استبشر جميل خيرا باءعلانه فسافر من بغداد الى
استانبول وعين استاذا في المكتب الملكي اي المدرسة الملكية للفلسفة ومدرسا في جامعة (دار الفنون ) للاداب العربية
ولم تدم اقامته هناك لمرض الم به فعاد الى بغداد واشترك في الانتخابات النيابية مرشح ا عن حزب الاتحاد والترقي
فاز بالاولى بنيابة ( المنتفك ) والثانية ببغداد ووقف وقفته المشهورة في ساحة مجلس النواب باستانبول في جلسة
29 حزيران سنة 1914 مطالبا ادخال اللغة العربية في المحاكم التي تشكل في ولاية بغداد وقد لقى المتعصبون من
( المبعوثان ) اي اعضاء محلس النواب هجوما عنيفا من الزهاوي ففي ذات مرة كان المجلس يبحث في ميزانية البحرية فقرر
ان تخصص مبالغ الى موظفين يقومون بتلاوة بعض الاحاديث النبوية الشريفة من (البخاري ) دفعا للخطر الذي يداهم
الاسطول العثماني فاعترض الزهاوي على ذلك وقال بتهكم ايها السادة ان البواخر تسير بالبخار وليس بالبخاري
فضج المحافظون سخطا واستنكارا وخطب الزهاوي في مناسبة اخرى فقال لقد جاء في الاية الكريمة
( ان الارض يرثها عبادي الصالحون ) ليس هم العباد النساك انما القصد هم الصالحون لاعمارها فارتفعت اصوات المعممين
تطالب باخراج هذا الزنديق من المجلس
ومع هذا لم تلهه لاهية عن طلب حق العرب المغصوب وهو في المجلس رغما على نزعته الاتحادية ولما شبت الحرب
العالمية الاولى وخرج العراق من الحكم العثماني ودخل في حكم الانكليز راح الزهاوي يسايرهم ويجاملهم فمدح الانكليز
ليبعد عن نفسه تهمة الولاء للعثمانيين فيقول :
احب الانكليز واصطفيهم لمرضي الاخاء من الانام
حلو في الملك جلوة كل ظلم بعدل ضاء كالبدر التمام
تبصر ايها العربي واترك ولاء البعض من قوم لئام
ووال الانكليز رجال عدل وصدق في الفعال وفي الكلام
وقد لازم الزهاوي اواخر ايامه سخط عميق ولم ينفك لسانه من التذمر الى ان وافاه الاجل المحتوم وذلك سنة1939
وشيع جثمانه الى مقره الاخير في مقبرة الامام الاعظم فوقف الشاعر معروف الرصافي على حافة قبره وابنه بابيات:
ايها الفيلسوف قد عشت مضنى مثل ميت وصرت بالموت حيا
سوف يبقى بين الورى لك ذكر ناطق بالبقاء لم تخش شيا
انت في الفضل عشت حيا وميتا حزت في الحالتبن ذكرا عليا
سوف ابكي عليك شجوا واني كنت ابكيك في الحياة شجيا
وفي الختام ارجوا اني قد وفقت في ذكرى شاعرنا الفيلسوف الزهاوي رحمه الله
ودمتم في رعاية الله وحفظة
اخوكم المخلص
الدكتور رعد العنبكي
992 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع