البعثات العراقية سابقا.. جامعة بيركللي نموذجا

                                      

               سيف الدين الألوسي

      

البعثات العراقية سابقا ( جامعة بيركللي نموذجا )

بدأت  الحكومة العراقية  بأرسال  البعثات منذ  نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينات  وذلك بانتظار  تخرج  جيل مثقف  وعلمي  مستعد لخدمة مؤسسات الدولة الفتية والرقي بها .

أختارت الحكومة العراقية  خيرة الجامعات الرصينة في العالم  لارسال تلك البعثات   وحسب الاختصاص  حيث تم ارسال  الطلاب الى الجامعة الاميركية في بيروت  وكيمبريدج  وأكسفورد وأدنبرة  وغلاسكو وكمبرلي وسانت هيرتز للعلوم العسكرية وغيرها في انكلترا  والسوربون ومونبلييه والبوزار للفنون في فرنسا وكولومبيا وهارفرد وييل وان اربر وجون هوبكنز  وبيركللي وتكساس وغيرها في الولايات المتحدة  ...

 شملت البعثات الاولى  وكما هو منشور في دليل الدولة العراقية لسنة 1936 عدد من الشخصيات التي رفدت البلد  بالكثير وساهمت بتطوره السريع في مختلف المجالات وخلال سنين قصيرة  وكمثال على ذلك المرحومين جعفر علاوي  في العمارة والدكاترة محمد فاضل الجمالي رئيس وزراء العراق ووزير خارجيته ومحمد ناصر وزير التربية وناجي عبد القادر عميد كلية الهندسة وغيرهم الكثير  ..... 

        

كذلك المرحومين  الفنانين فائق حسن وعطا صبري وحافظ الدروبي وجواد سليم وأسماعيل الشيخلي ونزيهة سليم ومديحة عمر وغيرهم .. وفي العلوم العسكرية العديد من الاسماء اللامعة من الضباط والطيارين  ...  كذلك في بقية العلوم والاداب

 كانت  شروط القبول للبعثات تعتمد على الكفاءة والتفوق بالدرجات  والسمعة الحسنة كمقياس للترشيح وبدون مجاملة ولا تفضيل لأي متقدم أو متقدمة .

  

تلك المقدمة  كانت  للتعريف  بجامعة  عريقة  ومحترمة تعتبر من خيرة جامعات الولايات المتحدة والعالم وهي جامعة بيركللي  كاليفورنيا  والتي  قمت بزيارتها الاسبوع الماضي  ولمدة  يوم كامل  حيث رأيت  حرما جامعيا تزيد مساحته على  30 كيلومتر مربع  يحتوي  على عشرات الابنية والأقسام العلمية  التاريخية  والحديثة وملعب يتسع الى خمسين الف مشجع وصالات وملاعب مغلقة لكرة السلة  والطائرة والهوكي وغيرها ...  مع مسابح اولمبية مكشوفة ومغلقة  وصالات تمارين رياضية  واسواق واقسام داخلية  بالمئات  ومكتبة  عريقة تعتبر الثالثة في أميركا بعد مكتبة الكونغرس وجامعة هارفارد وتضم أكثر من عشرة ملايين كتاب تدار اوتوماتيكيا ومختبرات علمية منفصلة  تثير العجب والأعجاب  وفرق موسيقية كلاسيكية  وحديثة وحتى فرقة موسيقية للموسيقى الشرقية والعربية ومسارح عدة وقاعة أوبرا ومسرح يتسع لاكثر  من الفين من المشاهدين مزودة بنظام أنارة وعزل صوتي قل نظيره في  أرقى دور الاوبرا ...  الجامعة لها برج وساعة بارتفاع  ستين مترا  عمره أكثر من قرن ونصف من الزمان ....  تجولت  في  غاباتها وحدائقها الغناء  ومزارعها النموذجية وتمنيت  وجود عدد من الطلاب العراقيين المتفوقين ليضافوا الى الاربعين الف طالب متفوق من كافة أنحاء العالم وبمختلف الكليات والشهادات بدءا من البكلوريوس مرورا بالماجستير وصولا الى الدكتوراه  ........ تجولت  في قسم من مراكز البحوث العلمية والانسانية  وهناك  مركز بحوث الفيزياء  والذي لم أرى مثله في العمارة وقد عمل مدينة العاب مصغرة علمية داخله  حيث  يستقبل يوميا عشرات الاطفال والتلاميذ لمشاهدته وبث حب العلوم والاكتشافات بينهم منذ الصغر  ........

 

للجامعة  فرق رياضية في كل الالعاب  تنافس أقوى الفرق العالمية وقد نال عدد من طلابها  عدة أوسمة أولمبية للولايات المتحدة  ..

كذلك  حاز العديد من أساتذتها وفرق بحوثها على جوائز نوبل عدة مرات وخصوصا في الفيزياء والرياضيات وعلوم الحياة والهندسة  وبقية العلوم الانسانية .

 فيها  قسم  ومركز كبير للدراسات الشرق أوسطية  يدرس فيه عدد من الأساتذة العرب ويعتبر من الأهم في الولايات المتحدة  ...

 تتميز جامعة بيركللي  بمواقفها وأضرابات طلابها ضد الحروب  ودعم عدد كبير من طلابها واساتذتهم للقضايا العربية  وقد قامت الجامعة بعدة مظاهرات وفعاليات لرفع الحصار عن العراق ومنع الحرب عليه وبلغت احدى تلك التظاهرات  700 الف متظاهر عشية الحرب على العراق  ...  ولكننا كعراقيين  لم نسمع بها لوجود حصار داخلي وحصار خارجي علينا في ذلك الوقت .

أستقبلت أخيرا وقبل أيام الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة الذي خلد الشاعر محمود درويش في عدد من أغنياته وبحضور اكثر من الفي  عربي وأميركي وطالب  أمتلئت بهم قاعة زيلر باخ   الكبيرة في الجامعة  ... 

تخرج  من جامعة  بيركللي عدد من الدكاترة العراقيين ومنذ الثلاثينيات والاربعينيات وحتى السبيعينيات برزوا جميعا للخدمة داخل العراق وخارجه ولكن للاسف ترك العراق عدد منهم  في فترة السبعينيات والثمانينات ولاسباب  معروفة  مثل التضييق السياسي وقوانين الزواج من أجنبيات وغيرها من القوانين الغير مدروسة والتي سببت هجرة عدد منهم  ... 

 من أبرز العراقيين الذين تخرجوا من هذه الجامعة العريقة والتي أسعفتني الذاكرة بتذكرهم هم الدكاترة جمال الالوسي سنة 1948 في هندسة النفط والمعادن وهاني محمد فهمي في الهندسة المدنية وفاضل عباس في بلازما الفيزياء ومحمد المشاط  الوزير السابق والسفير والدكتور سرسم  نسيت أسمه الاول في الهندسة المدنية والدكتور عدنان الشالجي في هندسة الكهرباء والدكتور مثنى كبة والدكتور فاضل القاضلي والدكتور أياد القزاز في علم الأجتماع والدكتور عبد الحليم الراوي والدكتور يحيى توفيق الراوي في الجيولوجي وهو  رئيس عدد من الجامعات العراقية سابقا والدكتور هشام الالوسي  في ميكانيك التربة والدكتور عادل قاسم في الهندسة  وغيرهم الكثير ....

كل  الرجاء  ان نرى  جيلا جديدا من ابنائنا العراقيين يتخرجون من هذا  الصرح المهم  وغيره من الجامعات الرصينة ليساهموا  في بناء عراق جديد متقدم ومزدهر  ...

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1553 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع