موفق نيسكو
كلمة كلداني تعني: ساحر، منجم، مجوسي
مع أنه لا علاقة للكلدان الحاليين بالكلدان القدماء سوى أنهم سريان من الأسباط اليهودية الإسرائيلية العشرة التائهة الذين سباهم العراقيون (الآشوريون والكلدان القدماء) ثم قامت روما حديثاً بتسميتهم كلداناً منتحلةً أحد أسماء الحضارات العراقية القديمة في ظروف معينة تكلمنا عنها كثيراً، ويعترف آباء الكنيسة الكلدانية نفسها أنها خطأ، لكننا سنعرض لاسم الكلدان القديم وكيف يرد في التاريخ وكتب الكنيسة السريانية الشرقية نفسها التي انتحلت حديثاً اسم الكلدانية:
أقدم ذكر لكلمة كلداني في التاريخ وردت في مدونات الملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني (883–859 ق.م.) وكان هذا الاسم يطلق على قبيلة تقيم على مقربة من الخليج العربي (حامد عبد القادر، الأمم السامية ص80. والمحيط الجامع للكتاب المقدس والشرق القديم ص 1031)، والكلدان القدماء هم قبيلة آرامية اسمها (كلدة، كالدو) ينتمي لها نبوخذ نصر (طه باقر، مقدمة في تاريخ العراق القديمة ص546، د. حلمي محروس، الشرق العربي القديم وحضاراته، ص96، جورج رو، العراق القديم ص502، آرامية العهد القديم، د.يوسف قوزي ومحمد روكان ، ص21، وغيرهم كثير). ودامت الحضارة الكلدانية القديمة ثلاث وسبعون سنة فقط (612-539 ق.م.)، بستة ملوك، ويقتصر دور الكلدان وشهرتهم على ثلاث وأربعين سنة، أي حقبة نبوخذ نصر فقط (طه باقر، مقدمة في تاريخ الفرات القديم ص205).
إن اسم الكلدان القديم أُطلق على عائلة نبوخذ نصر الآرامية التي اختصت بالتنجيم والسحر، ولذلك سميت كلدانية، أي أنه اسم مهنة لقبيلة وعائلة اشتهرت بالفلك، مثل عائلة الدباغ، الصابونجي، النقاش، وغيرها، ويقول قاموس الكتاب المقدس، ص785: الكلدانيون كانوا يشغلون مناصب السلطة والقيادة وملئوا كل مناصب الكهنوت في العاصمة بابل بحيث أصبح اسم كلداني مرادفًا لكاهن للإله بيل مردوخ وكان شعب بابل في ذلك الحين يعتقد أن هؤلاء الكهان يملكون ناصية الحكمة ولهم معرفة سحرية ومقدرة فائقة على العرافة والكهانة والتنجيم ومعرفة الغيب. ويقول المحيط الجامع، ص1030-1031: إن الكتاب المقدس وكتّاب اليونان يسمون السحرة والمنجمين "كلدانيين" وهذا يعني أن الكهنة لعبوا دوراً في المملكة البابلية الجديدة (نيو بابليونا) التي أسسها الكلدان (الآراميون) نهاية العصر الملكي. أي إن اسم الكلدان في الكتاب المقدس يُطلق على الدولة الكلدانية القصيرة (612-539 ق.م.) وملوكها الستة فقط.
إن معنى كلدة وكلداني في قاموس الحسن بن بهلول +963م وهو من الكنيسة السريانية الشرقية (الكلدانية منذ 5 تموز 1830م)، تعنى عابدي الكواكب والكهَّان والمنجمين.( قاموس، سرياني -عربي، ص 895)، وفي جميع قواميس اللغة السريانية القديمة والحديثة تأتي بهذا المعنى، ويقول بيني سميث في قاموسه سنة 1879م: الكلدانيون هم جنس من السحرة وعابدي الكواكب ويُقرن اسمهم بالصابئة والمجوس، ويستشهد بكثير من الكتاب مؤلفي قواميس وكتب لغوية من السريان الشرقيين والغربيين وغيرهم مثل أوسابيوس القيصري، برسروشوي (مطران الحيرة، مطلع القرن العاشر)، وابن بهلول وابن العبري، ويذكر سميث دعاء يقول: إذا لم ترش نفسك بندى الحياة الملائكية سوف تحترق كالكلدان. (قاموس، سرياني-لاتيني- عربي 1879م، ج1، ص1745)، وفي قاموس العلامة المطران توما أودو الكلداني 1897م، سرياني-سرياني، اسمه "ܣܝܡܬܐ ܠܫܐܢܐ ܣܘܪܝܝܐ، كنز اللغة السريانية" ج1 ص465، الكلدان: هي كناية عن الكُهان ومتنبئي المستقبل بواسطة الكواكب، وهو اسم أمة قديمة، والآن، (ܘܗܘܫܐ)، السريان الشرقيين يُعرفون بهذا الاسم، وأرجو ملاحظة كلام أودو الدقيق "يقول: والآن، (ܘܗܘܫܐ)". أي أن الاسم الكلداني حديث). وفي قاموس العلاّمة المطران أوجين منا الكلداني 1900م، وغيره من الكلدان الحاليين هي: فلكي، منجّم، ساحر، عرَّاف، كهانة (دليل الراغبين في لغة الآراميين، قاموس آرامي (سرياني)-عربي ص338). وفي قاموس لويس كوستاف سرياني-انكليزي-فرنسي-عربي، ص156، تعني مجوسي وعراف (فتَّاح فال)، وفي قاموس روض الكلم لبنيامين حداد، عربي -سرياني، ج2 ص 1059، 1112، 859، كلمة منجم، ساحر، قارئ الغيب، مجوسي، تعني: (كلداني)، ويجب الملاحظة أن حداد عندما ذكر كلمة كلدان في قاموسه اكتفى بالقول: تعني الأمة واللغة الكلدانية والتكلدن..الخ، ثم عاد وأدرج معنى كلداني في قاموسه مع كلمة، منجم، فلكي، ساحر..الخ، بمعنى كلداني، وحداد يعلم أنه لا توجد لغة في التاريخ اسمها الكلدانية، وهو أشد الداعمين والمعتزين باسم اللغة السريانية، لكنه تأثر بأفكار المطران أدي شير الذي اخترع عبارة كلدو-أثور سنة 1912م لأغراض سياسة، وفي سنة 2004م وتحت ضغط القوميين الكلدان الجدد ضد السريان اتفق مع المطران الكلداني إبراهيم إبراهيم الذي أصرَّ على التمسك بعبارة أدي شير كلدو-أثور لإبعاد اسم السريان في دستور العراق، ليقتصر على الأسباط العشرة الضائعة من اليهود الإسرائيليين باسم كلدو وأثور.
وبهذا المعنى تأتي في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وتقول دائرة المعارف الكتابية (ج6 ص367)، في فصل "الكلدانيون وعلم التنجيم": بعد زوال الإمبراطورية الكلدانية بزمن طويل، بقي اسم الكلدان طوال العصرين اليوناني والروماني مرادفاً للسحرة والعرافين والمنجمين، وعلماً للمشتغلين بالفلك، كما في سفر دانيال (2:2، 7: 4-10) حيث يجمع بين الكلدانيين والمجوس والسحرة والعرافين والمنجمين.
وحتى اسم نبوخذ نصر يقول ابن العبري معناه عطارد ينطق، وسُمِّي بذلك لأنه نطق بالعلوم والآداب المنسوبة إلى عطارد، وفي قاموس الحسن بن بهلول أحد أهم قواميس السريان الشرقيين التي تنتمي لها الكنيسة الكلدانية الحالية، معناه "صورة عطارد"، ومثل ذلك المعنى عند المطران أوجين منا (ابن العبري، تاريخ مختصر الدول ص43. أبن بهلول ص1212. دليل الراغبين لمنا، اسم نبو ص427)، يقول القس بطرس نصري الكلداني: إن الاسم الكلداني كناية عن المنجمين والعرافين والمشتغلين في الكهانة والفال المحرم (ذخيرة الأذهان ص28)، ويقول آرثر جون ماكلين في كتابه كاثوليكوس الشرق وشعبه سنة 1892م ص6: إن اسم الكلدان يعني المنجمين (The Catholicos of the East and his People)، ويقول المعلم لومون الفرنساوي، مختصر تواريخ الكنيسة ص178: أمَّا اسم الكلدان كان سابقاً اسم قبيلة شرقية جبلية من قبائل السريان تسلطت على البلاد، ثم صار اسماً لقوم من المنجمين يُسمَّون أيضاً المجوس.
ودائماً تأتي كلمة كلداني في الأدب السرياني بعد المسيحية بمعنى المنجمين، الوثنيين، الهراطقة، البرابرة وأصحاب مهنة كاذبة كما عند برديصان (154-222م) الذي يُميز نفسه عن الكلدان ويتبرأ منهم حيث يقول لتلميذه: إعلم يا فيلبس أن ثمة ناس يدعون كلدانيين وآخرين ممن يهوون هذه المهنة، كما كنت أهواها أنا، إن نفس الإنسان تتوق إلى معرفة الكثير، لكن الكلدان يفسرون ما يحدث كله بتأثير الكواكب التي يتصرفون تحت حكمها، وهذه مهنة كاذبة، أمَّا أنا فبضعفي أرى في هذه الهرطقات...الخ، وقد قرأتُ كتب الكلدانيين في بابل ومصر وماذا تفعل الكواكب، فسأله تلميذهُ عويذا: أنا أيضاً قرأتُ كتب التنجيم ولا أعلم أياً منها للبابليين وأياً منها للمصرين؟، فيجيبه برديصان: إن لكلا البلديين تعليماً واحداً، ثم يقول له تلميذه فيلبس: يا أبينا برديصان إنك تعلم أن الكلدانيين المنجمين يقولون إن الأرض مقسومة إلى سبعة أقاليم، وهذه الكواكب...الخ، فيجيب برديصان: يا ابني فيلبس، إعلم أن الكلدانيين إنما اخترعوا ذلك لتضليل الناس (شرائع البلدان، مجلة المجمع العلمي العراقي 1988م، مج12، هيئة اللغة السريانية، ص298، 302، 306، 308. وبريديصان، ص 58، 62)، ويقول مار أفرام السرياني: كان في منطقة يهوذا السحرة يعملون سوياً مع الكلدان (جبرائيل القرداحي، قاموس اللباب ص575)، ويقول يعقوب الرهاوي: لا أجد باساً من دعم كلامي بأقوال بعض الوثنيين من كلدان ويونان ممن هم خارج حضيرتنا. (الأيام الستة، يعقوب الرهاوي، ترجمة المطران صليبا شمعون ص224).
وأطرف وأغرب ما في الأمر هو أن آباء كنيسة المشرق السريانية التي ينتمي لهم الكلدان الحاليون قبل أن تسميهم روما كلداناً ألفوا أنفسهم كتباً عديدة ضد الكلدان أكثر من غيرهم معتبرينهم منجمين وسحرة وهراطقة، فقد ألَّف ديودورس الطرسوسي +394م الذي تعتز به الكنيسة الكلدانية ويعتبر أحد مراجعها كتاباً في دحض التنجيم اسمه دحض كلدو أي السحر والتنجيم، والَّف جبرائيل المزوري أسقف هرمزارد اشير (أخو تيودور أسقف مرو سنة 540م) كتاباً ضد الكلدانيين، ويعلِّق الأب ألبير أبونا الكلداني بالقول (أي المزديين والمنجمين)، وألَّف دانيال الراسعيني أسقف رأس العين أيام الجاثليق آبا 550م مقالاً ضد المرقونيين والمانويين، وكتاباً آخر ضد الهراطقة الكلدان، ووضع بردوقسين (برقوسي) أيام الجاثليق حزقيال سنة 570م كتاباً بجزئين ضد الكلدانيين، ويُعلِّق مترجم الكتاب الأب يوسف حبي الكلداني قائلاً: المقصود بالكلدان المنجمين والعرافيين والسحرة (عبديشوع الصوباوي +1381م، فهرس المؤلفين، ترجمة الأب الكلداني يوسف حبي، ص41، 79، 106، 110. وألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية ص169). علماً أن يوسف حبي زوَّر عن عمد اسم الفهرس الحقيقي في المخطوط وهو " فهرس المؤلفين السريان "، وهذا الأمر دأب عليه السريان الشرقيون (الكلدان والآشوريين) منذ عهد أدي شير سنة 1912م، فبدأ كل فريق إمَّا بحذف كلمة سريان من الكتب التاريخية القديمة، أو نقلها إلى آشوريين أو كلدان، ويشمل تزوير اسم اللغة السريانية إلى آشورية وكلدانية أيضاً، والملاحظ أن عبد يشوع الصوباوي دائماً يدرج هذه الكتب مقترنة بالكتب ضد المجوس وفقور وبرديصان واليهود والهراطقة والاونيميين وفرفرون الهرطوقي والكلدان والمرقونيين والمانويين وغيرهم، أي أن الكلدان هم جزء من هؤلاء، وفي عنوان "الهرطقة الكلدانية ومن أين بدأت"، يصف الراهب ثيودورس بركوني سنة 600م تقريباً في كتابه الاسكولين الكلدانيين بالسحرة والهراطقة ويقول: إن الكلدانية هي أولى البدع التي نشأت. (الاسكولين، ج2 ص286).
http://www.baretly.org/uploads/14976086922.png
إن كلمة كلداني تقابل لقب المجوس "ماجو"، وتعني كاهناً، عالماً بالفلك، حكيماً، مفسراً، وينقسم المجوس إلى خمسة أقسام "الهارتوميم"، أي مفسرو الكتابات المقدسة، قارئو العلاقات "الأشافيم"، قارئو الأفكار أو مستحضرو الأرواح، "الميكاشفيم"، طاردوا الأرواح الشريرة والسحرة، " الجوزريم"، وهم علماء الفلك أو قارئو النجوم، "الكاسديم أو الكاديم"، وهم الكلدان في أضيق معنى الكلمة (دائرة المعارف الكتابية، ج7 ص103-104)، ويجب الملاحظة أن اسم المجوس شاع استعماله في فترة الكلدان منذ بروز الديانة الزرادشتية بقوة منتصف القرن السابع قبل الميلاد تقريباً، لأن وظائف وطقوس المجوس لها علاقة مع التنجيم والسحر فجاء مصطلح ماجيا، المجوس اليونانية [μαγεία] μαγεύων mageuon ليدل على التنجيم والسحر، ويقول المتخصص والأستاذ في الأديان واللغة الإيرانية المؤرخ ورئيس الجمعية الإيطالية في قضايا الأديان الشرقية كونلي جيراردو +2012م في كتابه زاردشت في التاريخ: إن حقيقة ارتباط استخدام عبارة "المجوس" و "الكلدان" في الأدب اليوناني هو لأن أنشطة الكهنة البابليين والمجوس متشابهة في بعض الجوانب، وتم الحفاظ على بعض الأدلة حول بقاء المجوس في أثينا خلال زمن أفلاطون ( Zoroaster in History New York,2000, p57).
وفي العهد القديم يقترن اسم الكلدان بالمجوس والفلكين والسحرة أيضاً، ومع دولة ملوك الكلدن القصيرة فقط، ويوضح سفر دانيال أن نبوخذ نصر جعل دانيال النبي رئيس المنجمين (دا 5: 11)، ويوصف الملك نرجل شراصر (556–559 ق.م.) بعد نبوخذ نصر وزوج ابنته أنه " رئيس المجوس " (إرميا 39: 3، 13)، ويجمع سفر دانيال (2:2، و10،4:7، و5: 7) بين الكلدانيين والمجوس والسحرة والعرافين والمنجمين: فأمر الملك بان يستدعى المجوس والسحرة والعرَّافون والكلدانيون ليخبروا الملك بأحلامه، فاتوا ووقفوا أمام الملك (دا 2:2)، وأجاب الكلدانيون الملك وقالوا ليس على الأرض إنسان يستطيع أن يبيَّن أمر الملك، لذلك ليس ملك عظيم ذو سلطان سال أمراً مثل هذا من مجوسي أو ساحر أو كلداني (دا 2: 10)، حينئذ حضر المجوس والسحرة والكلدانيون والمنجمون وقصصت الحلم عليهم فلم يعرفوني بتعبيره (دا 4: 7)، فصرخ الملك بشدة لإدخال السحرة والكلدانيين والمنجمين، فأجابت الملكة وقالت لبيلشاصر الملك: يوجد في مملكتك رجل فيه روح الآلهة القديسين وفي أيام أبيك وجدت فيه نيرة وفطنة وحكمة كحكمة الآلهة والملك نبوخذناصر أبوك جعله كبير المجوس والسحرة والكلدانيين والمنجمين (دا 5: 7-11).
وفي العهد الجديد المكتوب أغلبه باليونانية تأتي كلمة " مجوس " مرتبطة بالعرَّافة والسحر والخداع وديانة شعب عدو مهزوم، فأطلقت على سيمون الساحر (أع 8: 9)، وعلى يهودي ساحر ونبي كذاب اسمه بار يشوع أو عليم الساحر، (أع 13: 4-8)، وكلمة ساحر في الموضعين باليونانية هي "مجوس"، وقسم من الكلدان الحاليين يقولون إن المجوس الذين سجدوا للطفل يسوع كانوا كلداناً. (دائرة المعارف الكتابية، ج7 ص103-104. وقاموس الكتاب المقدس، ص842. والقس قرياقوس مخنوق، المشرق 1899م، ص100، حال الخلف بإزاء السلف، أدي شير تاريخ كلدو-وأثور ج2 ص1، علماً أن الرأي الراجح أن المجوس هم فرس، وهناك آراء أنهم عرب من سبأ، والطريف أن الآشوريون الجدد يقولون أن المجوس آشوريين، (الأسقف عمانؤيل يوسف، آشوريون أم كلدان؟ ص129)، وفي حديثي مع أحد كهنة الكنيسة الشرقية القديمة التي ترفض تسمية نفسها آشورية، سألتهُ: هل إذا سميتم نفسكم مثلاً الكنيسة الأكدية أو السومرية، أسوةً بالكنيستين الكلدانية والآشورية، سيصبح المجوس أكديين أو سومريين؟.
ويرتبط اسم الكلدان بمدينة حران وصابئتها التي اشتهرت بالفلك والتنجيم، ويقول ابن العبري عن ثابت بن قرة الصابئي الحراني إن دعوة الصابئة هي دعوة الكلدانيين القدماء بعينها وقبلتهم القطب الشمالي، ودعوة الكواكب..الخ (تاريخ مختصر الدول ص153)، ويقول الأب بطرس نصري الكلداني إن صابئى حران تبعوا منذ القديم ديانة الكلدان بني الجاهلية. (ذخيرة الأذهان ج2 ص80).
وحتى في التراث العربي فكلمة الكلدانيين تأتي مقرونة بحران والصابئة والتنجيم والسحر والطلمسات والمجوس حيث يخصص ابن النديم في الفهرس باباً: وصف مذاهب الحرانية الكلدانية المعروفين بالصابئة، ومذاهب الثنوية الكلدانيين وحين يتكلم عن أبن وحشية يُسمِّيه الكلداني ويقول: له من الكتب في السحر والطلسمات وكتاب طرد الشياطين ويعرف بالأسرار وكتاب السحر الكبير والصغير وتسع مقالات كتاب مذاهب الكلدانيين في الأصنام كتاب الإشارة في السحر كتاب أسرار الكواكب، ثم ينتقل مباشرةً إلى الكلام عن الشعبذات والطلمسات. (ابن النديم الفهرست ص421، 429).
ويقول ابن القفطي +1248م: إن اصطفن البابلي هو أحد حكماء الكلدانيين عند مبعث رسول الله، وكان عالماً بتسيير الكواكب وأحكام النجوم وله كتاب جليل فِي أحكام النجوم، وأن الصابئة الكلدانيين قد أقرهم الروم على مذهبهم ويأخذون منهم الجزية، وذكر فورفون الكلداني، وأبّرخس الذي يُقال إيبرخس الفاضل الكامل فِي علم الرياضة فِي زمن يونان هو حكيم عالم من حكماء الكلدانيين وَكَانَ قيماً بعلم الأرصاد.(أخبار العلماء بأخبار الحكماء، ص24، 50)، ويُقرنْ حاج خليفة +1675م اسم المجوس مع الكلدان في موسوعته ويقول: ألَّف غريغوريوس ابن العبري كتاب مختصر الدول، ورتبه على عشر دول الأولى الأنبياء الثانية بني إسرائيل الثالثة ملوك بني إسرائيل، الرابعة ملوك الكلدانيين المجوس، الخامسة ملوك المجوس..الخ. (كشف الظنون، ج2 ص1627).
بقيت إلى العصر الحديث كلمة كلداني مرتبطة بالمجوس والسحر، ففي سنة 1874م قام عالم الآثار الفرنسي فرنسو شرل لونرمان (1837-1883م)، بطبع كتاب في باريس بالفرنسية (La magie chez les chaldéens et les origines accadiennes، "المجوس" السحر بين الكلدان، وجذوره الأكدية)، أي أنه استعمل كلمة مجوس بمعنى السحر المقترنة بالكلدان، وأُعيد طبع الكتاب بالإنكليزية بعد ثلاث سنوات 1877م في لندن بعنوان (CHALDEAN MAGIC، "مجوس" سحر الكلدان)، (ORIGIN AND DEVELOPMENT، الأصل والتطوَّر)، بعنوان ( CHALDEAN MAGIC، سحر الكلدان، مجوس الكلدان)، (ORIGIN AND DEVELOPMENT، الأصل والتطوَّر)، وفي هذه الطبعة يقول: إن العلم يتطور سريعاً، ومن خلال متابعتي للدراسات في هذا المجال، رأيتُ من الضروري إعادة طبعه مضافاً إليه دراساتي اللاحقة المتعلقة بالموضوع، ليظهر بطبعة جديدة خضعت لعديد من التصويبات والإضافات المنقحة بعناية وبما يتطابق مع النصوص المسمارية، وأضفتُ إليها أموراً وتعديلات مثيرة للاهتمام ومنسجمة مع أحدث الاكتشافات التي لم تكن تضمها الطبعة الفرنسية، وبالتالي فالكتاب الذي أقدمه هو عملاً جديداً يمثل الحالة الراهنة من دراساتي، ويتحدث الكتاب عن السحر والشعوذة عند الكلدان.
http://www.baretly.org/uploads/14976086921.png
والجدير بالذكر أن الكتاب المقدس وكل التفسيرات المسيحية تصف بابل أيضاً بالفسق والشر ومسايرة الشيطان، وأنها ليست زانية فحسب، بل أم الزواني (رؤيا 17)، ويوصف نبوخذ نصر بالطاغية المتكبر المنتهك للقدسيات.
وشكرا ً/ موفق نيسكو
4874 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع