المشهد العراقي ام السيرك العراقي ؟

 

مقال جميل لا أعرف كاتبه
مؤيد الناصر
 
المشهد العراقي ام السيرك العراقي ؟
 
المشهد العراقي اليوم اقرب ما يكون الى سيرك كبير قام احد الخبثاء بفتح جميع الاقفاص التي فيه بدون انذار فخرجت الحيوانات الاليفة منها و المتوحشة على السواء بعد ان انتبهت الى انها اصبحت طليقة و هي في الحقيقة لا تعرف مالذي يحصل حولها أو ماذا سيكون مصيرها، فاختلط الحابل بالنابل و كانت نتيجة مواجهة تلك الحيوانات لبعضها ان تولت الغرائز زمام الامر، فانطلق بعضها يهاجم و ينطح و ينهش و يلتهم، بينما سقط البعض الاخر فريسة او هرب أو حاول الاختباء و الصمت كي لا تشعر به الوحوش الاقوى، و كل حسب قوة اسنانه و مخالبه و ضعف من يصادفه، و لا تزال الفوضى التي لا يعرف احد كيف يمكن ايقافها او لجم الوحوش الكاسرة او اعادتها الى اقفاصها تضرب اطنابها


كانت هناك نكتة متداولة في التسعينات بين المثقفين عن عراقي فر من الاضطهاد و دفع كل ما يملك كي يتم تهريبه الى السويد ليطلب اللجوء، و عندما جلس امام ضابط الهجرة الذي سيقررمصيره سأله عن سبب تسلله بشكل غير شرعي الى السويد فقص العراقي كيف ان ذاك كان خياره الوحيد لانقاذ حياته، و كيف ان العيش في العراق اصبح مستحيلا بعد كل ما فعله صدام حسين بالبلد و اهله من حروب و خراب و مجازر و اعدامات و اضطهاد، و عندما انتهى من حديثه علق السويدي بقوله: انا مستغرب، اذا كان رئيسكم بهذا السوء فلماذا لا تنتخبون شخصا اخر بدله؟

من المؤكد ان تساؤل الضابط السويدي كان مفارقة تثير الضحك و السخرية، لكنه تحول هذه الايام الى سؤال غاية في المنطق و العقلانية، فنحن فعلا نذهب للانتخاب بشكل ديمقراطي، و مهما كرهنا نتائج الانتخابات علينا ان نعترف انها تمثل فعلا عقلية الشارع العراقي الذي تسيطر عليه الموروثات الطائفية و الدينية قبل المصلحة العامة

هؤلاء هم من انتخبتهم الاغلبية شئنا ام ابينا، و لا الوم من وصل الى الحكم بعد ان باع حتى قطرات الغيرة اذا بقى متمسكا به بيديه و اسنانه، لان علينا ان نتذكر دوما اننا في الشرق، و اذا صدقنا ان باستطاعة الشعوب في الشرق ايصال من تريد الى الحكم، فعلينا ان نوقن ايضا انها لن تستطيع بعدها انتزاعهم من الحكم مهما حاولت، و الظاهر ان من يصل الى الحكم يقوم بلصق مؤخرته الى الكرسي باقوى سيكوتين يقع بين يديه، و لن يكون في الامكان فصلهما مستقبلا الا بتحطيم الكرسي او تمزيق مؤخرة الجالس عليه، ايهما اسهل.  و لذا فعلى الشعب الذي ينتخب و يتبين له بعد ايام بؤس ما انتخب ان يبقى يندب حظه (او غباءه) لاربع او خمس او ست سنوات عجاف حسب الدستور المطبوخ له

فاذا قال قائل للحكومة انك لم تحققي وعودك، اجابوه الشعب هو الذي انتخبنا (لايذكر الشعب الا في هذه)
و لو شكى من لا زال لديه نفس للشكوى من ان العجز و عدم الكفاءة يعم كل دوائر الدولة، اجابوا، هذه تركة حكم صدام و تحتاج الى خمسمائة عام اخرى كي نزيلها
و لو طالب الناس بمحاسبة المسؤولين الذين تفوح منهم رائحة الفساد و الذين لم يقدموا مكسبا واحدا او انجازا يفرح الشعب، قالوا لهم: انتم اعداء الديمقراطية
و لو بلغ السيل الزبى من فقدان الامن و فقدان اية قيمة للمواطن و خرجت التظاهرات منددة و مطالبة بالحقوق،  قالوا : انها مؤامرة بعثية لاعادة العجلة الى الوراء.  و كأن هذه العجلة اللعينة قد خطت سنتمترا واحدا الى الامام كي يكون هناك من يريد اعادتها الى الوراء!  هو ليش احنا بعدنا نعرف وين الگدام و وين الوره ؟

تصوروا، يوم واحد من الامطار الغزيرة كان كافيا لفضح عجز و فساد و سفالة هذه الحكومة فغرقت الشوارع و غرقت معها الاحلام بان ينصلح حال هذا البلد

لا و فوگاها اكو بشر يسمون نفسهم معارضة ممن هم اعضاء في الحكومة حتى و لو بوزير واحد.  هذه المعارضة القذرة التي تحاصص الحكومة في المناصب لكنها تتبرأ منها حالما تصبح الحديدة حارة و تلجأ الى النحيب و الولولة على الشعب المسكين و تتحين الفرص لاقتناص مكاسب سياسية و اعلامية بتهييج الناس عسى و لعل ان تصبح هي البديل، هذه المعارضة لا تختلف بشيء عن من يتولى مقاليد الامور سوى انهم اكثر نفاقا لانهم يأكلون من وليمة اللئام لكنهم يشتمون من اعدها
 
فما هو الحل ؟
ان ننادي باسقاط المالكي؟  و هل سيترك ابو (بعد ماننطيها) الكرسي بهذه البساطة و هو الذي لا يشغل باله اليوم الا كيفية الحصول على ولاية ثالثة و ليذهب العراق و شعبه الى الجحيم؟

و لنفرض انه تنحى او اسقط بالارادة الشعبية في الانتخابات (كما نصحنا ذلك السويدي البطران)، فهل البديل سيكون حكومة مخلصة من الوزراء و الوكلاء و المدراء الشرفاء من اناس لا يسرقون و لا يكذبون و لا يتبعون اجندات جيران السوء ؟ أم سيأتي كما يحدث في العادة بديل يجعلنا نترحم على من سبقه لكن لا يستطيع ان يجعلنا نتعظ ؟

وهل يلام من دب الياس و الاحباط في قلبه و عقله و لسانه و هو يرى ما اصبح عليه الحال اليوم، و كيف ان الفرقاء يزدادون سفالة و نهشا لبعضهم بلا اي اكتراث للبلد الغارق في الظلمة و الاوحال و الرشوة و فقدان الاخلاق و الضمير حتى ضاع منا حتى الامل في ان يكون لدينا امل

متى ندرك حقيقة ان الشعب هو من يتحمل الذنب، و له الباع الاكبر في كل ما يحدث اليوم؟  و اننا نستطيع ان نتظاهر و نندد و نشتم و نلعن و نسب و نقول ساعة السودة ليل نهار و ان نصرخ ملينا كما فعلت المسكينة ام عامر في الفيديو الشهير قبل أن تصفيها اليد الرحيمة، و لكن عندما تصبح الفرصة مواتية للتصحيح باعتبار ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، فاننا بالنتيجة نلدغ من كل الجحورة التي تصادفنا، لنثبت اننا لسنا مؤمنين و لا بطيخ حتى لو كنا نقضي ايامنا و ليالينا و نحن نجر الصلوات على محمد و آل محمد

هناك مثل انكليزي يقول اذا خدعتني مرة عار عليك، لكن اذا خدعتني مرتين فعار علي!  و لكم ان تقدروا كمية العار الذي علينا و هم يخدعوننا مثنى و ثلاث و رباع

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

856 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع