الاشتراكية والإمبريالية وما بينهما بكلمتين

                                             

                       د.ضرغام الدباغ

الاشتراكية والإمبريالية وما بينهما بكلمتين

بين الأعوام 1975 / 1984 عملت دبلوماسياً في سفارة بلادي، الجمهورية العراقية، في جمهورية ألمانيا الديمقراطية ودرست في إحدى جامعاتها العريقة (جامعة لايبزغ تأسست عام 1409). واليوم إذ أنقضت تلك الحقبة بخيرها وشرها، بذكرياتها الطيبة والمريرة، ولكن لابد من الاعتراف أن الطيب والإيجابي فيها كان أكثر من المرير، وبلدان المنظومة الاشتراكية إذ خسرت المباراة التاريخية، فليس ذلك مرده إلى أن الأنظمة الاشتراكية لم تنجح في تقديم منجزات لا توصف بأقل من أنها ضخمة تصل في بعض الأحيان لدرجة الخيال في مثاليتها وروعتها، ولكن لابد من الاعتراف بوجود أخطاء أيضاً لا تنقص من عظمة الاشتراكية كنظرية للعدالة الاجتماعية، حلم البشرية منذ الأزل والآن والمستقبل.

الغرب الرأسمالي / الإمبريالي نجح في تضخيم هذه الأخطاء واستغلالها وإبرازها ووضعها في الواجهة، ولم يتوانى عن أساليب الدجل والكذب والنفاق، فيما فشلت الاشتراكية في إصلاح تلك الهنات البسيطة الغير تاريخية. فأشتغل على هذا الهدف ماكنة إعلامية ضخمة، ويكفي أن تعلم أن كانت هناك مئات المحطات الإذاعية والتلفازية لاحقاً، توجه برامجها إلى الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية. وكلها تركز على قشور الحياة لا على جوهرها. كبنطلون الجنز، والعلكة، والسكائر وسخافات الحياة، في حين كانت الاشتراكية تحرر الإنسان من عبودية صاحب العمل، ومن أرق السكن، والتأمين الطبي، والتعليم، من الحضانة وحتى الدراسات العليا.

ــ الديمقراطية الرأسمالية : دعه يعمل دعه يمر، وهذا يعني أن لا حدود لسطوة رأس المال.
الديمقراطية الاشتراكية : من كل حسب طاقته، ولكل حسب عمله إلى كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته، لا حرية لأعداء الشعب، الاحتكار عدوان على قوت الإنسان.

ــ الرأسمالية : اتحاد قوة الدولة + الاحتكارات = رأسمالية الدولة الاحتكارية = الإمبريالية.
الأشتراكية : ملكية كل الشعب العامة لوسائل الإنتاج .

ــ الرأسمالية : كل شيئ موجود في السوق، ولكن إلا لمن يملك ثمنه ثمنه، وغالباً لا تملك ثمنه.
الاشتراكية : كل شيئ في السوق هو للجميع، بوسعك أن تأخذه وبأرخص الأثمان.

ــ الرأسمالية : الخدمات الاجتماعية الكبيرة في النظام الرأسمالي، تضع كل شيئ أمامك ولكن في كثير من الاشتراكية : الأحوال لن تستطيع أن تمد يدك، لأنها قد تكلفك راتبك الشهري كله.

ــ الرأسمالية : الخدمات الاجتماعية فاخرة، ولكن بثمن غير زهيد، بل ومبالغ به أحياناُ.
الاشتراكية : الخدمات الاجتماعية مبذولة بسعر يقارب المجاني.

ــ الرأسمالية : في المدن الرأسمالية هناك أحياء فخمة وخدمات ممتازة، وهناك أحياء غير صالحة لسكن البشري وخدمات شبه معدومة.
الاشتراكية : في الاشتراكية لا توجد في المدن أحياء راقية وأحياء تعيسة، الجميع يسكن في بيوت صحية وفي ظل خدمات جيدة جداً.

ــ الرأسمالية ــ السكن : في الرأسمالية البيوت فاخرة، ولكن هيهات لمواطن عادي أن يحلم بسكن من ذلك لغلائها الفاحش. وإيجار البيت يمثل غالباً 35 % من راتب الموظف. الماء والكهرباء والغاز وخدمات السكن باهضة وتكلف نحو ثلث الإيجار.
الاشتراكية ــ السكن : الغالبية من المساكن، والحديثة بأسرها، ممتازة من حيث الشروط الصحية والاجتماعية والثقافية، والإيجار لا يتعدى (وفق القانون) أكثر من 3,5 % من الراتب، والبيوت متاحة للمواطنين بحسب سعة العائلة وحاجتها، وخدمات السكن الماء والكهرباء والغاز أشبه بالمجانية.

ــ الرأسمالية ــ العلاج : التأمين الطبي على الفرد بحسب الأعمار، ولكن لا يقل عن 200 يورو فصاعداً وهذا التأمين الأرخص، وهناك تأمينات بخمسة نجوم خاصة للأثرياء، أسعارها أعلى بالطبع.
الاشتراكية ــ العلاج : كنت أدفع تأمينات العائلة ونحن 4 أفراد 110 مارك سنوياً .( 5 يورو) ..!

ــ الرأسمالية ــ التعليم : التعليم فوق الإعدادي (الثانوية) بأجور، وليست سهلة، ومن لا يمتلك المال أو جهة تموله، تستقطع منه الأجور الدراسية بعد تخرجه وحصوله على عمل، وعلى كل حال هو مدين بثمن التعليم.
الاشتراكية ــ التعليم : مجاني في كافة المراحل حتى الدراسات العليا، بل ويتقاضى الطالب راتباً من الدولة 350 مارك لمرحلة الجامعة، و450 مارك للدراسات العليا، ينال الطالب إذا أثبت جدارة وأجتهاد في مرحلة الجامعة 100 مارك تشجيعاً له، و150 مارك في مرحلة الدراسات العليا، وهذه الرواتب تعد إعانة ومنحة من الدولة. وللطالب حق المطالبة بالسكن الجامعي بصرف النظر عن أوضاع عائلته.

ــ الرأسمالية ــ الرياضة : صناعة تدر الأموال، لا علاقة لها بالأنشطة الإنسانية كصحة وهواية.
الاشتراكية ــ الرياضة : هواية وتحقيق منجزات ثقافية وإنسانية، وعلماً وممارسة لذلك كانت تتقدم دول العالم بالنتائج الباهرة.

ــ الرأسمالية ــ الفن : إيرادات الشباك هي معيار نجاح العمل الفني، لذلك الفن يتراجع بشدة، ليتقدم العمل الردئ، والأعمال التكنيكية الكومبيوترية. وحضور الأعمال الفنية (مسارح وسينما ومعارض) باهضة الثمن وبعضها ليس بقدرة المواطن العادي..
الاشتراكية ــ الفن : الأعمال عالية المستوى، مسرح ــ بالية ــ كونسرت موسيقى ــ أوبرا ــ أعمال عالمية المستوى من الفنون التشكيلية، وأسعار التذاكر شبه مجانية.

ــ الرأسمالية ــ الثقافة : التصوير، الكتب والأسطوانات (اليوم الأقراص المدمجة) باهضة الثمن، والوقوف على أحدث المنتجات ثقافة قضية مكلفة مادياً وممارسها ترف مادي.
الاشتراكية ــ الثقافة : الكتب والأسطوانات (اليوم الأقراص المدمجة) باهضة الثمن، والوقوف على أحدث منتجات الثقافة، من أمتع ما يفعله المرء بأسعار هي لا شيئ تقريباً، وأكثر الناس يحصلون على تخفيضات، (الطلاب) ليصبح الحصول عليها شبه مجاني.

هذا بعض ما يوفره المجتمع الاشتراكي ... حلم البشرية في العدالة .. نعم الحياة كانت بصفة عامة في النظام الأشتراكي هي أقل وفرة وفخامة منها في الرأسمالي، بنسبة معينة، ولكن النظام الاشتراكي كان يقلص الفجوة بأطراد، وما كان معروضاً بوسع الجميع الاستمتاع به.

المخدرات والدعارة في النظام الاشتراكي بدرجة الصفر، بينما هي تنخر المجتمعات الرأسمالية.

المجتمع الاشتراكي لا يعرف التعصب العنصري، ولا الديني الطائفي، هي بذلك مجتمعات حرة بكل معنى الكلمة، وخالية من الأمراض (البكتيريا) ومن الأمراض البيئية التي تفسد وتدمر رأس الإنسان قبل جسمه.
المجتمع الاشتراكي لم يكن يعرف البطالة والجوع والتشرد، وهي اليوم شائعة في أكثر المجتمعات الرأسمالية ثراء.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

648 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع