أرنب وحجر وروث

                                           

                   دلع المفتي

 

استاء الكثير من الناس، وكتبت مقالات عدة عن نوعية التدريب العسكري الذي تتلقاه عناصر الجيش الكويتي بتمارين عن كيفية اصطياد الحيوانات الحية وأكلها، وقد عرضت مقاطع على اليوتيوب لأحد أفراد الجيش وهو بالفعل يلتهم أرنباً حياً.

غير أن دوافع الاستياء لم تكن لأننا نريد جيشنا «نعنوع» لا سمح الله، بل لأننا وببساطة نعيش في القرن الواحد والعشرين، وبإمكان الإنسان أن يعيش على وجبة يحتفظ بها في كيس بلاستيك في جيبه الخلفي، وقريباً ستكون وجبته عبارة عن كبسولة تكفي لإمداده بالطاقة لأسبوع، ناهيك عن أن التكنولوجيا، الآن، يمكنها أن تجد النملة إن تاهت في الصحراء، فما بالك بجندي بطوله وعرضه! فلماذا الإصرار على بديهيات أكل الدهر عليها وشرب، ولم تعد في حسبان أحد في ظل التطور العلمي والتكنولوجي.
هذا بالنسبة لتدريبات على الجسارة لرجال أشداء، بالغين، عاقلين. لكن ماذا عن أطفال ما زالوا يبحثون ويتساءلون ويستفسرون، فيذهبون إلى مدارسهم، حيث من المفترض أن يقدم لهم العلم الحديث، وآخر ما أنتجته الأبحاث لتطور عقولهم وتنمية شخصياتهم؟
هناك في الصف الرابع الابتدائي، وفي درس في كتاب الدين، يشرح المنهج أحاديث عدة عن دخول الخلاء والطهارة والتي هي واجبة على كل مسلم. ولكن دعونا نطلع على ما ورد في الدرس، (وللعلم هناك نقاط وردت في الكتاب لن يسمح لي قانون الإعلام إعادة نشرها في المقال، وأنا فقط أذكّر أن الدرس لطلاب في عمر التاسعة).
ورد في الدرس بالنص «أن على المسلم أن يطلب مكاناً بعيداً عن الناس حتى لا يرى. وألا يستقبل القبلة ولا يستدبرها في الخلاء. أما في البنيان، فلا حرج». وهنا تبرز نقطة غاية في الأهمية، إذ يكمل: «يجب عدم الاستنجاء بالروث ولا بالعظام ولا بالنجاسات، وإذا جمع المسلم بين المسح بالأحجار والغسل بالماء، قدّم المسح على الغسل».
لا أدري من – في هذا الزمن - يستنجي بالروث وبالعظام، وأعتقد بأنه حتى في الصحراء وفي حالات قصوى، حيث لا ظل ولا ماء، يستطيع العاقل منا أن يفعل ما يراه مناسباً تحت بند «الضرورات تبيح المحظورات»، ولا يمكنني أن أستوعب الهدف أو الغاية من فرض دروس كهذه وغيرها على طلبة في هذه السن. ولا أفهم إلى متى سيظل تجاهل دعوات المفكرين الإسلاميين (ولا نتكلم عن العلمانيين هنا) والدعاة مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي، محمد إقبال، محمد الغزالي، خليل عبد الكريم، طه عبدالرحمن وغيرهم في قضية تجديد الأفكار الدينية حسب متطلبات الزمن والعصر.
عندما حاول الأب شرح الدرس لابنته، وقفت الطفلة تسأله: «بابا يعني لازم أروح الحمام برا البيت؟؟» فقال الأب «لا يا حبيبتي، ذاك الكلام زمان أول عندما لم يكن هناك حمامات وأبواب، وماء». فردت الطفلة وبكل براءة: «إذاً، لماذا يعطونا الدرس الحين؟».
لماذا تعطوهم الدرس الحين يا وزارة التربية؟

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

738 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع