موفق نيسكو
هل وصل يونان النبي (يونس) إلى نينوى ج١
سلفاً أقول:
1: إن بحثنا تاريخي بحت، وليس إيماني عقائدي، وهدفه الوحيد هو أن يونان النبي أو يونس كما يُسمَّى في المصادر الإسلامية، هو شخصية حقيقية، لكنه استناداً إلى التاريخ الكتابي والمدني، لم يصل إلى مدينة نينوى (الموصل) في العراق.
2: الجانب العقائدي: مع أن بعض علماء المسيحيين يعتبرون قصة يونان غير حقيقية ورمزية أدبية، لكن ليس غرض بحثنا التطرق للموضوع الإيماني وأعجوبة يونان مع الحوت، إن كانت رمزية أم حقيقية، فالله جلَّ وعلا قادر على كل شيء.
لذلك بحثنا لا علاقة له بالأعجوبة، فإن كانت الأعجوبة حقيقة أم رمزية، فلم يصل يونان إلى نينوى، ولا علاقة لنينوى بيونان وقصته، سوى أن اليهود وكُتَّاب العهد القديم يعتبرون الآشوريين أشرار وقُساة القلب، وغدت نينوى عاصمتهم رمزاً للشر كما هو معروف، ويونان النبي لم يصل مدينة نينوى، (الموصل في العراق)، والمدينة المقصودة حسب في سفر يونان على الأرجح، هي مدينة حماة في سوريا، أو دمشق، وسفر يونان كُتب بين سنة 400-200 قبل الميلاد، أي بعد سقوط نينوى ويونان بقرون، وتم إقحام اسم نينوى بدل حماة أو دمشق، أي أن مدينة نينوى في القصة، رمزية، وبكل بساطة كان يمكن أن يكون كلامنا بأسطر قليلة فقط، هي:
إن يونان عاش في القرن التاسع قبل الميلاد وكانت نبؤته (865-809 ق.م. تقريباً)، ونينوى أصبحت مدينة مهمة وعظيمة وعاصمة الآشوريين سنة 691 ق.م.، ولم تكن قرية نينوى معروفة ومشهورة زمن يونان، وليس لها ذكر مهم، لا في الكتاب المقدس، ولا في تاريخ الآشوريين المدني، وهذه حقيقة مطلقة (تاريخياً مدنياً وكتابياً)، وأصلاً الديانة ليهودية ترفض تبشير غير اليهود، وسفر يونان المخصص للآشوريين وعاصمتهم نينوى، لم ترد فيه كلمة آشوريين مطلقاً، علماً أنها ترد بكثافة في الأسفار الأخرى.
لذلك استناداً إلى التاريخ الكتابي والمدني، لا حقيقة لوصول يونان النبي إلى نينوى، وانتهى الموضوع، ولكننا سنفصِّل الموضوع من كل جوانبه، بما في ذلك قبر النبي يونان (يونس) في نينوى وصوم نينوى، وغيرها، وقبل أن ندخل في صلب الموضوع في الجزء الثاني، نقول:
يُقْسَم الكتاب المقدس إلى العهد القديم والجديد، والعهد القديم يُقسم إلى أربعة أقسام، وهي:
أولاً: (التوراة، أو أسفار الشريعة)، وهي الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة لموسى: التكوين، الخروج، اللآوين، العدد، والتثنية.
ثانياً: (الأسفار التاريخية): يشوع، قضاة، صموئيل، الأخبار..إلخ، وليس معنى تاريخي أنه يجب أن يُعتمد كتاريخ مدني وعام وحقيقة مطلقة لكل الأحداث، بل معناه أنه يحكي تاريخ وقصص بني إسرائيل، وهذا لا يمنع أن تكون كثير من الأمور التاريخية الواردة في الأسفار التاريخية صحيحة، لكن ليس كلها، فكثيراً من القصص رُتِّبت أحياناً من كاتب الوحي بصيغة إيمانية ورمزية ليتقبَّلها المؤمن بسهولة، والكتاب المقدس رغم وجود مادة تاريخية دسمة فيه وصحيحة، لكنه يبقى كتاباً دينياً إيمانياً هدفه خلاص الإنسان وعلاقته بالله، وليس تاريخاً مدنياً صرفاً.
ثالثاً: (أسفار الحكمة): أيوب، المزامير، الأمثال، نشيد الأنشاد، الجامعة..إلخ.
رابعاً: (سفر الأنبياء)، ويُقسم إلى قسمين، (الأنبياء الكبار)، مثل إشعيا، حزقيال، دانيال، وغيرهم، (والأنبياء الصغار)، مثل عاموس، ناحوم، يونان، وغيرهم، والأنبياء الكبار والصغار يعني حجم النبؤة، أي السفر، وسفر يونان هو أحد الأسفار النبوية الصغار، ومفهوم النبي والأسفار النبوية، يعني أن فيها تنبؤات مستقبلية.
يونان النبي اسم سرياني (يونة)، معناه حمامة، ويونان النبي هو ابن أمتّاي من قرية جت حافر في زبولون (يش 19 :13)، وتبعد 4 كلم شمال شرق الناصرة، وجاء في التلمود اليهودي أنه ابن أرملة صيدا الذي أقامه إيليا النبي من الموت (1 مل 17: 9) ، (البطريرك زكا الأول عيواص، بحوث، لاهوتية، عقيدية، تاريخية، روحية، ج2 ص364)، وإيليا النبي عاش منذ بداية القرن التاسع قبل الميلاد، وتوفي إيليا قبل زمن يهورام ملك إسرائيل 852 ق.م.، وهذا يُطابق ما جاء في التواريخ من أن نبؤة يونان وذهابه إلى نينوى كانت حوالي بين سنة 865-809 قبل الميلاد، زمن يهو آحاز (814-798 ق.م.)، وقد عاش يونان النبي إلى بداية عصر ملك إسرائيل يربعام الثاني الذي حكم (حوالي 794- 753 ق.م.)، إذ ورد ذكره في (2مل 14 :25)، حيث تنبأ ليربعام أنه سيعيد بلاد إسرائيل إلى حدودها القديمة الكبيرة، من حماة إلى خليج العقبة، وقد عاصر يونان، النبي عاموس 787 ق.م. الذي عاش بعده. (حسب، البطريرك زكا، نبوءة يونان كانت سنة 862 ق.م.، مرشد الطالبين 865-820 ق.م.، المحيط الجامع، زمن أدد نيراري3 من سنة 810 ق.م. تادرس يعقوب ملطي 825-784 ق.م.). ملاحظة: سنين الملوك تختلف أحياناً في المصادر من 1-5 سنوات.
أمَّا يربعام الثاني، فهو ثالث عشر ملوك إسرائيل (783-743 ق.م.)، وكان رجلاً ذكيَّاً ومحارباً عرف أن يستفيد خلال ملكه الطويل (41 سنة) من ضعف الآراميين (السريان)، بعد انتصار أبيه على دمشق في موقعة "أفيق" واسترجاع الأراضي التي كانت إسرائيل قد فقدتها أيام ياهو ويهوآحاز (2 مل 13: 17، 25)، وضمَّ دمشق وحماة، واستفاد أيضاً من ضعف الدولة الآشورية التي كانت في أضعف حالاتها، فأعاد مملكته إلى عظمتها وحدودها القديمة من حماة إلى العربة وخليج العقبة، كما تنبأ له يونان النبي. (عا 6: 14).
لكن النجاح والازدهار الذي تحقق في عهده، سبَّبَ ظلم وتفاوت اجتماعي، ولهذا قاومهُ النبي عاموس، فقد أتاح مُلك يربعام الطويل وغزواته الناجحة، تدفق الأموال على خزائن المملكة في السامرة، فاستعاض أهل السامرة عن بيوتهم التي كانت مبنية بالطوب اللبن، ببيوت من حجارة منحوتة، وقام أغنياؤهم ببناء قصور من العاج تشبهـــــــاً ببيت العاج الذي بناه أخاب الملك (1 مل 22: 39)، وكان للملك بيت للشتاء وبيت للصيف، ويصف عاموس حياة الرفاهية والخلاعة التي كان عليها الأغنياء في ذلك العصر، أنهم كانوا يجلسون في بيوت عظيمة، مضطجعون على أسرة من العاج، ومتمددون على فرشهم، والآكلون خرافاً من الغنم وعجولاً من وسط الصيرة، الهاذرون مع صوت الرباب، المخترعون لأنفسهم آلات الغناء، الشاربون من كؤوس الخمر، الذين يدَّهنون بأفضل الأطياب..إلخ، وإلى جانب الترف، كان الفقراء في حالة شديدة من البؤس والظلم، وصل بهم الحال بيع الفضة لأجل نعلين. (عا 2: 6، 3: 12-15، 5: 11، 6: 4-7).
والأهم من ذلك أصبحت العبادة صورية فيقول لهم الرب على لسان عاموس: يتهممون تراب الأرض على رؤوس المساكين، يتمددون على ثياب مرهونة بجانب كل مذبح، ويشربون خمر المغرمين في بيت آلهتهم (أي من أموال المساكين)، بغضت، كرهت أعيادكم، ولست ألتذ باعتكافاتكم، وببتقدماتكم لا أرتضى، وذبائح السلامة من مسمناتكم، لا ألتفت إليها، أبعد عيني ضجة أغانيك، ونغمة ربابك لا أسمع، أنتم الفرحون بالبُطل، القائلون أليس بقوتنا اتخذنا لأنفسنا قروناً، وقد أقاموا لهم مقادس ومذابح في بيت إيل والجلجال وبئر سبع..إلخ. (عا 2: 7-8 ، 4: 4، 5: 5، 21-24، 6: 13، 8: 14)، وقد عثر المنقبون في أطلال السامرة سنة1910م، على عدد كبير من ألواح الزينة والحلى المصنوعة من العاج، تدل على ثراء مملكة إسرائيل في أيامها الأخيرة، ويتضح تأثير المجتمعات الوثنية في سورية وآشور ومصر على المملكة من العدد الكبير من صور الآلهة في هذه الألواح العاجي.
وفى أواخر أيام حكم يربعام الثاني، أرسل الله عاموس إلى السامرة لإنذارهم بعقاب الرب على كل الشرور والمظالم التي عمت البلاد، فنادى: اطلبوا الخير، لا الشر لكي تحيوا، ابغضوا الشر وأحبوا الخير، وثبِّتوا الحق في الباب، لعل الرب إله الجنود يتراءف على بقية يوسف، فقال السيد الرب: هاأنذا واضع زيجاً في وسط شعبي إسرائيل، لا أعود أصفح له بعد، فتقفر مرتفعات إسحق، وتخرب مقادس إسرائيل، وأقوم على بيت يربعام بالسيف، ولذلك قال عاموس: يموت يربعام بالسيف، ويُسبى إسرائيل عن أرضه. (عا 5: 14-15، 7: 10-11).
وبعد هذه المقدمة نناقش: هل وصل يونان إلى نينوى؟.
يقول الدكتور الخوري بولس الفغالي: ارتبط اسم يونان بخبر غريب ومليء بالسخرية، رُويَ في سفر يونان، ويبدو سفر يونان فريدًا بين أسفار الأنبياء، فهو سفر تاريخي أكثر منه نبوي، فلم تكن النبوة التي كلفه بها الرب سوى خمس كلمات: بعد أربعين يوما تنقلب نينوى (يونان 3: 4)، ويختلف سفر يونان عن سائر الأسفار النبوية لأنه لا يحمل اسم كاتبه بل اسم بطل الخبر.
ولم يعد أحد اليوم يقول إن يونان هو كاتب السفر، بسبب إصحاح 3 :3 (كانت نينوى، إذ يعني أنها لم تُعد موجودة)، ويقصد الأب فيغالي أن السفر مكتوب في وقت متأخر جداً عن سقوط نينوى بسبب هذه الآية التي تقول: (فقام يونان وذهب إلى نينوى بحسب قول الرب، أمَّا نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة أيام)، ويضيف: وبسبب اللغة المتأثّرة بالآرامية وبسبب فكرة السفر الرئيسية وهي شمولية الخلاص، نقول: إن الكتاب دُوِّنَ بعد نفى بابل حوالي 400 ق.م.، وفي كل الأحوال قبل 200 ق.م.، ويبدو الكتاب أنه خبراً واحداً، أمَّا المزمور في سفر يونان، فوُضع فيما بعد.
وبالنسبة للفن الأدبي للسفر، فمنذ البداية قال الكتّاب اليهود (3 مك، 6: 8، يوسيفوس، العاديات 9: 10-12)، والمسيحيون بالطابع التاريخي للخبر، استندوا إلى كلام يسوع (مت 12: 38-42)، ووضع اليهود الكتاب بين الأنبياء لأن صاحبه نبي، ولأن ميوله التعليمية ترتبط بشمولية الخلاص، وحاولوا أن يبرهنوا عن إمكانية نجاح يونان في نينوى والسكن في بطن الحوت، ويرى الشُرَّاح أن كاتب السفر لا يريد أن يروي التاريخ، بل أن يقدّم تعليماً هو شمولية الخلاص، فهناك العجائب الكثيرة وطابعها المجاني (العاصفة، القرعة، يونان في البحر، الحوت الخاص الذي أرسله الله، خروج يونان من بطن الحوت الذي لم يؤذه، طرحه على الشاطئ، النبتة التي تنمو في ليلة وتيبس)، ثم كيف يعقل أن تتوب مدينة عظيمة بهذه السرعة لدى سماع كرازة توبة بفم نبي غريب؟.
فيسوع حين تحدّث عن آية يونان اتخذ الخبر كنمط أدبي كما فعل بولس في رسالته إلى العبرانيين بالنسبة إلى ملكيصادق حين تكلمت عن المسيح، وفي العهد الجديد، يذكر يسوع المسيح آية يونان، كما قضى ثلاثة أيام وثلاث ليالي في بطن الحوت، كذلك سيكون يسوع في القبر، إذاً نحن أمام إشارة إلى قيامة يسوع، وقصة يونان في القرآن أمثولة تقوى وانتظار واثق لقرارات الله، لا نعمل مثل رجل السمكة الذي صرخ حين كان في الضيق (يونس). (المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم، ص1441-1442).
ولا تختلف دائرة المعارف الكتابية عن الرأي السابق كثيراً، فتقول: إن الأحداث الغريبة الكثيرة المسجلة في هذا السفر، جعلته موضوعاً للعديد من التفسيرات المتباينة، وقد أدت أحداثه إلى تباين الآراء حول طبيعة السفر، ليس بسبب حادث ابتلاع الحوت ليونان وبقائه ثلاثة أيام وثلاث ليال حياً في بطن الحوت فقط، ولكن أيضاً لما جاء به عن توبة أهل نينوى (يونان 3: 5)، وينظر النقاد بصفة عامة إلى سفر يونان على أنه أسطورة أو قصة رمزية، ولكنه في حقيقته تاريخ، وليس ثمة أساس لرفض ذلك أو لاعتباره أسطورة أو خرافة، وقد دافع عن تاريخيته كثيرون من أبرز علماء الكتاب المقدس، وحجتهم القاطعة، هو استشهاد الرب يسوع بما جاء به، وتخلص دائرة المعارف إلى القول: إن السفر يصف توبة أهل نينوى أنها كانت عن رهبة من التهديد بخراب المدينة (يونا 4:3)، و مع أن السفر تاريخي، لكن وضعه بين أسفار الأنبياء الاثنى عشر، إنما هو على أساس أنه تاريخ نبوى رمزى.
إن ربنا يسوع المسيح في رفضه أن يعمل آية أمام الكتبة والفريسيين، أعطاهم آية يونان النبي، نبؤة عن دفنه في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال، ملثما كان يونان فى بطن الحوت، وهذا القول في ذاته كان معجزة، لأنه علم بالمستقبل، وكان في ذلك برهان على أنه المسيا.
وتعدد دائرة المعارف أسباب من ينكرون السفر، وترد على بعضها، ومنها:
1: استخدام عبارة "ملك نينوى" (8:3)، ونينوى عاصمة، ولم تكن دولة، والمفروض أن يقول: ملك آشور. (ملاحظة مهمة جداً: يجب الملاحظة أن كُتَّاب دائرة المعارف ركَّزوا على أن نينوى لم تكن دولة، لذلك اعتبروا ذلك نقطة مهمة وخطأً في السفر، وقد فاتهم ما هو أهم، وهو: أن نينوى لم تكن عاصمة أصلاً، وهو بالذات لب موضوعنا كما سيأتي، والذي ينسف قول السفر على أن يونان ذهب إلى نينوى العراق، ويبدو أن كُتَّاب دائرة المعارف لم يدققوا الأمر).
2: استخدام الفعل الماضي في وصف اتساع المدينة: كانت نينوى مدينة عظيمة مسيرة ثلاثة أيام (3: 3)، مما يبدو أن السفر كُتب بعد مدة طويلة من الأحداث المذكورة فيه.
3: يوصف اتساع المدينة بعبارات فيها نوع من المغالاة (3:3) .
4: إن توبة أهل نينوى ينقصها الدليل التاريخي.
5: عدا التشكيك بالأعجوبة نفسها، مثل عدم وجود حيتان في البحر المتوسط، بلعوم الحوت ضيق لا يسع لمرور إنسان، إقحام مزمور الشكر بعد نجاة يونان، بصلاته وهو لا زال في جوف الحوت، وذكر العشب (التَّفَ عشب البحر براسي 2: 5)، ينفي فكره وجوده في بطن الحوت، من غير المحتمل أن يظل كائن بشرى فى بطن الحوت هذه المدة سليماً، صوم البهائم والمواشي أيضاً (يونان 3: 8-7)..إلخ. (دائرة المعارف الكتابية، ج8 ص357-359).
وكثير من المفسرين يذكرون أن سفر يونان النبي رمزي ويعددون أسباب أخرى، منها أنه يحوي كلمات آرامية وتعبيرات استخدمت في عصر متأخر بعد زمن يونان، والكاتب لم يذكر اسم ملك نينوى، ولم يرد السفر بين الأسفار التاريخية، بل النبوية، ولا توجد فيه نبؤة واضحة وصريحة عن السيد المسيح، ويقول القديس چيروم: إن نينوى تُشير إلى الكنيسة الحاوية الاثني عشر سبطًا الروحيين الذين يعودون إلى الطفولة في براءتها وبساطتها، وادعى بعض النقاد أن هذا السفر يقدم صورة رمزية مجردة وليس حقيقة واقعة، فيونان في رأيهم يمثل إسرائيل العاصي، والحوت الذي ابتلعه هو بابل الذي سبى إسرائيل، وجوف الحوت هو السبي، وما تلي ذلك من خلاص إنما يُشير إلى عمل الله الخلاصي ورد الشعب من السبي، وما ورد في هذا السفر قدَّم فكراً رمزياً أُعلن في أسفار أخرى، فقد رُمز لنبوخذ نصر بتنين يبتلع إسرائيل: أكلني أفناني نبوخذ نصر ملك بابل، جعلني إناءً فارغاً، ابتلعني كتنين وملأ جوفه من نعمي، طوّحني، وأعاقب بيل في بابل وأخرج من فمه ما ابتلعه فلا تجرعه إليه الشعوب بعد ويسقط سور بابل أيضاً (إرميا ٥١: ٣٤، ٤٤)، ورُمز لمدة السبي بثلاثة أيام: يُحينا بعد يومين، في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه (هوشع ٦: ٢). (القمص تادرس يعقوب ملطي، من تفسيرات الآباء الأولين، يونان).
وطبعاً هناك من يعتبر القصة حقيقية، ويبرر ويحلل تلك الرموز ليجعلها حقيقة أو شبه حقيقة، وقلنا ونكرر إن هذه الأمور ليست موضوعنا، والله قادر على كل شيء.
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبع جزء ثاني
4660 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع