بقلم لواء الشرطة الحقوقي
محي الدين محمد يونس
خزين ذاكرتي وطريف الحكايات-الأستاذ محمد عبد الوهاب
عندما كنا نسكن في محافظة بغداد وفي مدينة الثورة – دور الموظفين والتي بنيت في عهد رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم) والبالغ عددها 911 داراً وزعت على موظفي الحكومة في مختلف الوزارات على ضوء نقاط الاستحقاق التي حصلوا عليها من سنوات الخدمة والحالة الزوجية وعدد الأطفال وكانت حصة والدي الدار المرقمة 903 وكان يسكن ضمن منطقتنا المدرس (محمد عبد الوهاب) وهو من القومية الكردية ومن محافظة دهوك, وكان ضريراً ومحروم من نعمة البصر إلا ان الله سبحانه وتعالى عوضه بذاكرة قوية يبصر من خلالها النور ليتمكن من إغناء ملكاته الثقافية في مختلف المجالات وبناء شخصيته المتميزة التي اكسبته ود الكثير من الأصدقاء والمعارف ولا يخلو منزله من الزوار يومياً من العرب والاكراد وكانت معنوياته تجعله يبصر من خلال خزين أفكاره في تمشية اموره اليومية ونشاطاته المختلفة بشكل يثير الاعجاب, وكان طبيعياً أن تراه وهو يسير في شارع الرشيد وحيداً يتقدمه عصاه الذي كان ملازماً له ...
مدينة الثورة أو ما تسمى بمدينة الصدرالآن
لقد كان طالباً ذكياً مثابراً في كلية الآداب قسم اللغة العربية عندما كان أحد طلابها نسب مدرساً لمادة اللغة العربية في ثانوية قتيبة والتي لم يسعفني الحظ في الدوام فيها بسبب كونها أول مدرسة ثانوية أنشأت في هذه المدينة عام 1962 وكنت حينذاك في مرحلة الصف الثاني المتوسط وكانت الثانوية المذكورة في تلك السنة يقتصر التدريس فيها على طلبة الصف الأول المتوسط .
نعود للحديث عن الأستاذ (محمد عبد الوهاب) المدرس في تلك الثانوية حيث كنت أزوره باستمرار قبل تخرجي من كلية الشرطة وبعد تخرجي في عام 1969 وتعيني في محافظة كركوك حيث كنت أزوره عندما كنت اتمتع بالاجازات الدورية في كل شهر.
عبد الكريم قاسم
في احدى هذه المرات استفسر مني أحد الأصدقاء فيما إذا كنت قد زرت الأستاذ (محمد) وعند إجابتي بالنفي, نبهني بأن الأستاذ قد تزوج قبل أيام وفعلاً وفي اليوم التالي حملت معي هدية مناسبة تلائم هذه المناسبة ودخلت دار الأستاذ (محمد) وبعد السلام عليه وجلوسي شخصني من صوتي ورحب بعودتي من الدوام في محافظة كركوك وبعد فترة وجيزة حضرت امرأة حالكة السواد وبعد أن قدمت لي قدحاً من الشاي رحبت بوجودي وانصرفت وبعدها خاطبت الأستاذ: ((أخي ابارك لك زواجك وبالرفاه والبنين والحياة السعيدة وأكيد العروسة التي اخترتها هي أحدى قريباتك من محافظة دهوك))
خط مصلحة نقل الركاب رقم ٣٩ بين ساحة الميدان ومدينة الثورة
أجابني: (( شبيك يا أخي أي قريباتي ألم تشاهدها والتي قدمت لك قدح الشاي ))
وعندما سألته مستغرباً لماذا تزوجت هذه المرأة السوداء ولم تتزوج من محافظتك احدى قريباتك أجابني بعصبية: ((صدك يا اخ محي الدين ما عندك عقل))
وعند الاستفسار منه: ((اشكرك أستاذ محمد آني ما عندي عقل))
صورة كاتب المقال في مدينة الثورة 1965
أجابني: ((لا تزعل ما هو الفرق عندي إذا كانت زوجتي بيضاء أو سمراء أو سوداء أو جميلة أوقبيحة فأنا كما ترى رجل ضرير لا أرى شيئاً بالإضافة إلى كونها وهي بهذا الشكل من اللون والمواصفات أكون أكثر اطمئناناً عليها حيث لن يطمع فيها أي شخص))
وجدت مبرراته معقولة في زواجه من هذه المرأة وجددت له مباركتي زواجه وتمنياتي له بالسعادة والصحة والتوفيق.
4756 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع