عبدالكريم الحسيني
الحجاج بن يوسف الثقفي تلك الشخصيه المحيره التي كتب عنها الكثير وذمها الكثير ومدحها القليل والتي امتازت بالعنف والقوه وسفك الدم والشراسه في تثبيت الحكم والولاء للحاكم وكان يعتبر من اخلص رجال بني اميه واكثرهم وفاءا حتى مماته ..
الحجاج الذي اختلف فيه الكثير ممن تناولوا سيرته منهم من رآه قائدا عسكريا وسياسيا مخلصا للسلطه ومنهم من رآه عكس ذلك على انه سفاحا يسفك الدم بسبب او بدون سبب وعل كل حال هو من الشخصيات التي حدث عنها الكثير ورويت عنها الاساطير والمبالغات ...
نبذه عن حياته
ولد الحجاج في الطائف عام 41 هجريه وكان ابوه تقيا متدينا ويعمل في تعليم الصبيان حفظ القآن الكريم ونشأ على قراءة وحفظ القرآن وكان واحد من اثنين ممن يجيدون حفظ القران هو والحسن البصري ولكن الاخير كان يفوقه اي افصح منه واشتغل الحجاج في مهنة ابيه في تعليم القرآن الكريم وكان يترددعلى كبار العلماء مثل عبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وانس بن مالك (رض عنهم) .
رأى فيه عبد الملك بن مروان صفة الشده والقوه والبأس وكان يريده لانهاء خلافة عبد الله بن الزبير التي تقلصت الى حدود مكه المكرمه فقط بعد ان فقد مصر والبصره والاردن .
جهز عبد الملك بن مروان حمله كبيره للقضاء على عبد الله بن الزبير وقام الحجاج بحصار مكه المكرمه وضرب البيت بالمنجنيق وتمكن من انهاء خلافة عبد الله بن الزبير وعينه عبد الملك اميرا على الحجاز الذي ضم (مكه \ المدينه \ الطائف \ اليمن \ اليمامه ) وقد احسن ادارتها واعاد بناء الكعبه وصرف امورها وضبط بيت مالها ونظام اهلها على احسن وجه .
بعد ان توفي اخ الخليفه بشر بن مروان امير العراق وجه مروان بن الحكم الحجاج اميرا على العراق ولم يكن قد قضى في الحجاز سوى عامين وقدم الى الكوفه وكان الناس قد اجتمعوا لاداء صلاة الجمعه عندما دخل عليهم الحجاج في مسجد الكوفه وبصحبته قائد شرطته واعتلى المنبر وامر قائد الشرطه ان يقرا عليهم كتاب امير المؤمنين وكان فيه سلام امير المؤمنين على اهل الكوفه لكنهم لم يردوا السلام فصرخ فيهم قائلا : ويحكم لاتردون سلام امير المؤمنين والله لاأدبنكم غير هذا الادب وبدأ خطبته بعد انتهاء الكتاب قائلا :
ايها الناس ان امير المؤمنين اطال الله بقائه قد ولاني امركم وامرني انصاف مظلومكم وامضاء الحكم في ظالمكم ...
واخبركم انه حين ولاني عليكم ...... قلدني سيفان سيف الرحمه وسيف العذاب والنقمه
اما سيف الرحمه فقد سقط مني في الطريق فأضعته واما سيف العذاب والنقمه فهذا هو .... وشهره امامهم ..
(قام بعض الانفار برمي حصوات وبعض الحجاره عليه )
فخلع عمامته وقال :
انا بن جلا وطلاع الثنايا متى اضع العمامة تعرفوني
ياأهل الكوفه اني والله لاحمل الشر بامنه
واسديه بمثله
واني ارى ابصارا طامحه
واعناق متطاوله
واني ارى رؤوسا قد اينعت وحان قطافها واني لصاحبها
واني الان انظر الى الدماء تترقرق بين العمائم واللحى
واني ياأهل العراق ومعدن الشقاق والنفاق ومفاسد الاخلاق
قد خصصت عن تجربه وجربت الى الغاية القصوى
فأن امير المؤمنين اطال الله بقائه
نثر كنانته بين يديه فعزم عيدانها فوجدني امرها عودا واصلبها كسرا فرماكم بي لانكم اوزعتم بالفتن ومراكز الظلال وسننتم سنن الغي
واني والله لالحونكم لحو العصا ولاضربنكم ضرب غرائب الابل واني لااعد الا وفيت ولااهم الا امضيت ولااخلف الاقررت ولاهذرنكم بالسيف هذرا وادع النساء آيامى والولدان يتامى ....
ان امير المؤمنين امرني ان اعطيكم عطايكم واوجهكم لمحاربة الخوارج مع المهلب ..واقسم بالله العظيم لاجد رجلا تخلف بعد اخذ عطائه بثلاثة ايام الا سفكت دمه ونهبت ماله وهدمت داره .
لقد كانت الخطبه من اشد الخطب التي القاها الحجاج في الامصار واكثرها تعنيفا ويلاحظ منها انه كان متمكننا في لغته وبليغ في صياغة كلماته وهذا ما عرف عنه ...
هكذا بدأ الحجاج حكمه للعراق من جامع الكوفه وهذه الخطبه تبين رأيه في اهل العراق وكان ذلك في عام 75 هجريه واعقب خطبته بالعديد من الاجراءات منها منعه للتجول بعد صلاة العشاء وتروى في هذا المجال هذه الحادثه :
بعد ان اصدر الحجاج امره بتحريم التجول بعد صلاة العشاء وقطع رأس اي شخص تجده الشرطه يخالف الامر وكان الحجاج وصاحب شرطته يتجول ليلا لمتابعة الامر ومدى تنفيذه وصادف في احد الايام عندما كان يتجول وجد شخصا ينام على قارعة الطريق ويحيط غنم له بالاشواك خوفا عليها من الذئب وطلب الحجاج ايقاضه فتم ذلك وكان صاحب الشرطه يسأله لماذا انت هنا ؟ قال انا غريب اغربت الشمس علي وانا ارعى غنمي وقررت ان ابيت ليلتي في الكوفه واسرح بها فجرا فقال الحجاج صدقت! وصاحب الشرطه يسأل الاتدري ان الخروج بعد صلاة العشاء ممنوعه ؟ قال الراعي كلا انا غريب .. فقال الحجاج صدقت ! فقال صاحب الشرطه الا تعلم ان عقوبة من يخالف هذا هي قطع الرأس قال الراعي كلا ..قال الحجاج صدقت ! فقال صاحب الشرطه للحجاج ماذا نفعل به ؟ قال الحجاج اقطعوا رأسه فصاح الراعي اصلح الله الامير انا لاعلم لي بذلك فقال الحجاج صدقت والله ولكن يابني في رأسك صلاح الرعيه ...
وسمع اهل الكوفه بهذه الحادثه حتى اخذهم الخوف على انفسهم اذا كان راعيا ولايعلم وغريب قد قطع رأسه فكيف الحال بنا ونحن اهل الكوفه ؟؟؟
ومن الحوادث الاخرى ان الحجاج في يوم ما وهو يتجول في الكوفه هم بعبور جسر على نهرها مصنوع من جذوع النخل فانزلقت رجلاه وسقط في الماء وهو كحال اكثر الاعراب لايجيد السباحه وكاد يغرق فيموت واذا بشاب من اهل الكوفه يهرع خالعا ثيابه ويرمي بنفسه الى النهر لينقذ الحجاج من الغرق واوصله الى شاطىء النهر وبعد ان ارتاح قليلا قال للشاب هل انت من اهل الكوفه ؟ قال الشاب نعم قال الحجاج مالذي دفعك لانقاذي وانتم تتمنون موتي ؟ قال الشاب ياامير العراق لقد انقذتك وانتهى الامر ولا اريد منك معروفا ولا احسان ..قال الحجاج قل لي ولاتخف بالله عليك لما انقذتني ؟؟ قال الشاب وتعاهدني ان لا تفعل بي شيئا قال الحجاج نعم ...
قال الشاب :نظرت اليك وانت تغرق فقلت في نفسي انه هالك لامحاله وانه في الجنه لانه غريق وقلت في نفسي ... هل ادعه يفوز بالجنه لا والله لاخرجنه واخرجتك .. فضحك الحجاج .
وفي يوم من الايام وبعد صلاة العشاء جىء له بثلاثة شباب سكارى فسأل اول واحد فيهم من انت ومن ابيك ؟
فقال الشاب انا ابن من دانت الرقاب له
مابين مخزومها وهاشمها
تأتيه بالرغم وهي صاغرة
يأخذ من مالها ومن دمها
فقال الحجاج للشرطه اتركوه للصباح لعله احد اقارب الخليفه
فجاؤا بالثاني فسأله من انت ومن هو ابوك ؟
قال الشاب:
انا ابن الذي لاتنزل النار قدره
وان نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس افواجا الى ضوء ناره
فمنهم وقوفا حولها وقعود
فقال الحجاج للشرطه دعوه الى الصباح لعله من ابناء كريم العرب حاتم الطائي ؟؟
فجاء ثالثهم فسأله الحجاج من انت ومن هو ابيك ؟؟
فقال الشاب :
انا ابن الذي خاض الصفوف بسيفه
وعالجها بالحزم حتى استحلت
يروح ويغدو ناشرا لعجاجها
وان بدا خلف الصفوف تولت
فقال الحجاج اتركوهم حتى الصباح للنظر في امرهم ... وفي الصباح جىء بالسكارى الثلاث امام الحجاج وسأل اول واحد فيهم وقال فسر ماقلت يوم امس انك ابن من دانت له الرقاب ؟؟ ..
فقال الشاب ان ابي حلاق وانه يأخذ من مالهم ودمائهم !!
فجىء بالثاني وقال له الحجاج فسر لي من هو ابوك وانت تقول انا ابن الذي لاتنزل النار قدره ؟؟
قال الشاب ياامير العراق ان ابي صاحب مطعم وهو يطبخ الطعام كل يوم ويأكل الناس منه قياما وقعودا ..
وجىء بالثالث وسأله الحجاج فسر لي من انت ومن هو ابوك وانت تقول انا ابن الذي خاض الصفوف بسيفه ؟؟؟
فقال الشاب مولاي الامير ا ن ابي هو صاحب محلا للغزل يرتب الخيوط ويصفها ..
فضحك الحجاج وقال ان ادبهم انقذهم من العقوبه وانشد يقول :
كن ابن من شئت واكتسب ادبا
يغنيك محموده عن النسب
ان الفتى من يقول ها انا ذا
ليس الفتى من قال كان ابي
هذا قليل من كثير في سيرة الحجاج الذي ذاع صيته وضربت به الامثال وسفك من الدماء ماشاء في سبيل الحفاظ على ملك بني اميه ونلاحظ من قراءة تاريخه ان هناك الكثير من المبالغه في في افعاله وهناك الكثير من الافعال منسوبه له وهو لم يفعلها ولكن ذلك لايعفيه من الصفات التي رافقته وظلت باسمه الى يومنا هذا .
ونلتقيكم مرة اخرى مع موضوع اخر ان شاء الله
مع تحيات ...عبد الكريم الحسيني
1384 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع