«مش باسم يوسف بس»

                                       

                              دلع المفتي

ربنا يكون في عون المصريين.. نزلوا إلى الشوارع واعتصموا وثاروا وجرحوا واعتقلوا وعذبوا واستشهد منهم المئات، ليتخلصوا من نار الدكتاتورية فسقطوا في جحيم الاخوانية.

باسم يوسف أول إعلامي كسر «تابو» انتقاد رئيس عربي، ليصبح برنامجه الاكثر مشاهدة في مصر، تم التحقيق معه ومن ثم حوّل الى أمن الدولة بتهمة الإساءة للرئيس، وإن كنتم تتذكرون جيدا، هو نفسه الرئيس الذي قال انه لا يمكن ان يعتقل أحدا ينتقده، فكلهم مصريون. ذاك الرئيس الذي لم يكن ليصبح رئيسا لولا أمثال باسم الذين نزلوا الى ميدان التحرير ينادون بالحرية والكرامة، ومنهم من دفع حياته ثمنا ليجلس الرئيس على كرسيه. هذا الإعلامي الجريء الذي اتهم بازدراء الاديان، لم يسب دينا ولم يشتم طائفة، كأغلبية الشيوخ الاخوانية الذين شتموه شخصيا وقذفوا المسيحيين واليهود والشيعة أيضا، بشتائم يعف اللسان عن تكرارها.
بيد ان ما حصل لصاحب برنامج «البرنامج» حصل للكثيرين ما هو أسوأ، فقد شهدنا حروبا شنتها الحكومات ضد ناشطين وسياسيين وإعلاميين عدة، مثل: سامي فهري في تونس، ورائف بدوي في السعودية، وهادي المهدي في العراق. ويبدو أن القائمة ستطول. لكن شاءت الأقدار والبهرجة الاعلامية ان يكون لباسم نصيب الأسد من الدفاع الجماهيري بينما طوى النسيان، وأحيانا التراب، الآخرين.
عالميا، تم سجن 232 صحافيا، وقضى أكثر من 13 منهم في سنة 2013، معظمهم في الشرق الاوسط. ولا سر في ذلك، ففي بلداننا تكثر نقابات الصحافيين واتحادات الكتاب، وجمعيات الإعلاميين.. لكنها كلها صور مكررة للحكومات، من دون عمل حقيقي للدفاع عن منتسبيها. فماذا تفعل تلك الجمعيات في حال سجن وتعذيب صحافي او كاتب؟ إما أن تلتزم الصمت، وإن ضغطت على نفسها قليلا، أصدرت بيانا مخففا للشجب.
ماذا يفعل الصحافي والإعلامي في بلادنا، وهو مكبل برقابة حكومته، جريدته، قناته، نقابته، ثم من جمهوره. لا حكومته راضية عنه، ولا المعارضة كذلك.. ما المتاح له فيما هو مقموع من دولته وخائف من المنظمات السرية والمعارضة الهائجة؟! ثم حتى لو انجز الصحافي تقريره تحت الظروف الصعبة والتهديدات الحقيقية، وبعد تحييده ومراقبته، سيصدم بأن جريدته لا تستطيع نشر تحقيقه/ مقاله/ تقريره لظروف سياسية، اجتماعية، أو ربحية.
نحن في الكويت نفخر بأن ترتيبنا يأتي الثاني (عربيا) في حرية الصحافة، ومع ذلك هناك المئات من القضايا المرفوعة على الصحف والكتاب، هذا بخلاف القضايا التي ترفع يوميا ضد مغردين في تويتر والتي صدر منها أحكام بالحبس ضد بعضهم، مما يجعلني أتساءل: ما وظيفة وزارة الاعلام؟ ولماذا لا توجد مثل هذه الوزارات في الدول الديموقراطية الحقيقية؟ لماذا تحابي الحكومة ضد اي قضية مرفوعة على اعلامي؟ كيف أجازت وزارات الاعلام في بلداننا تحويل نفسها من موقف الأب إلى موقف زوج الأم؟
ان القضية ليست قضية باسم يوسف فحسب، فان كان ثمة مكتسبات للربيع العربي نفخر بها، فهي الحرية الاعلامية المستجدة في (بعض دولنا)، لكن ان يأتي من وصل الى كرسيه بواسطة تلك الحرية ليقمعها الآن، فهو أمر مرفوض تماماً.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع