هواية صيد الأسماك أصبحت تجارتي المفضلة و المربحة

                                              

                    المعماري أيوب عيسى أوغنا
خبير وأستشاري ومحكم خليجي ودولي معتمد / مالك شركة العينكاوي للأسماك / مسقط/ سلطنة عمان

       

هواية صيد الأسماك أصبحت تجارتي المفضلة و المربحة

ترجع أول محاولة لي لصيد الأسماك الى خمسينات القرن الماضي , في الساقية ( شقيثا بالسورث) التي كان منبعها من تحت الأرض في عنكاوة القديمة , وتسمى المفتح / كاريزيه ( الكهريزبالعربية ) , وكانت تعتبر شريان الحياة لأهل عنكاوة منذ القدم , ويرجع تاريخها الى الملك الآشوري سنحاريب الذي أهتم ببناء

   

مجاري المياه في أنحاء أمبراطوريته , لأهتمامه بالبستنة و الزراعة , وتشيرالألواح الطينية التي وجدت في مكتبة آشوربانيبال في نينوى , بأن أول بناء للحدائق المعلقة كانت في عهده , وأختراع طريقة نقل المياه الى الأعلى من كل طابق الى الآخر بأستعمال جذوع النخيل بعملية تحركها الحمير بحركة لولبية من خزان الى آخر فوقه وهكذا الى أعلى الطبقات و توزيعها في مجاري لسقي الأشجار , ويبدو أن نبوخذ نصر الكلداني في بابل أستعمل نفس الطريقة في جنائنه المعلقة المشهورة في التاريخ لزوجته الميدية . ومن الجدير بالذكر بأن صدام حسين كان يعتبر نفسه سرجون البابلي وأهتم بأعادة بناء بابل و الحدائق المعلقة وتم دعوة المهندسين بمسابقة معمارية عالمية , ومن شروط المسابقة أيجاد طريقة لرفع المياه الى الأعلى بدون أستعمال المضخات , ومن سوء حظنا نحن المهندسين لم يفلح أحد بأختراع تلك الطريقة , لأن أكتشاف تلك الألواح الطينية تم بعد ذلك بعدة سنوات . ولنرجع الآن الى عنكاوة القديمة , حيث كانت الساقية تمرفي القرية من منبعها بحوالي 2 كلم من القرية للأستعمال الآدمي و سقى الماشية و الحيوانات , وكنا نحن الصغارفي أيام الصيف نلهو ونلعب فيها لأن عمق الساقية لم يتجاوز عدة أقدام حتى في منبعها , وكان البعض منا يستعمل طرق مختلفة لصيد تلك الأسماك الصغيرة , ومنها أستعمال صنارة لأبرة معقوفة , وربما يفلح بعضنا بعدة أسماك لايتجاوز طولها بوصتين ( كأسماك الساردين المعلبة) بعد جهد جهيد . ولكن نتيجة الأهمال وعدم الصيانة و التنظيف بدأت الساقية بالجفاف , وتم في بداية ستينات القرن الماضي حفر بئر أرتوازية و خزان عالي بمضخة تعمل بالديزل , وتوفير عدة صنابير ( بوري بالعامية) في مناطق في القرية تقوم النسوة بملأ ما لديهم من براميل وأواني معدنية صغيرة للأستعمال اليومي . وأصبحت كاريزيه كأسم فقط بدون مسمى , وحتى الجيل الجديد لايتذكر حتى ذلك الأسم , لأن عنكاوة أصبحت كمدينة متصلة بأربيل عاصمة كردستان العراق بعد أن كانت كقرية صغيرة تبعد عنها بحوالي 10 كلم . هكذا كانت بداية محاولاتي لصيد الأسماك قبل حوالي 70 سنة , ولكن عندما قدمت الى مسقط / سلطنة عمان في 1973 من لندن , بدأت تلك الهواية كرياضة بحرية , حيث كان مسموحا في تلك الفترة أستعمال آلة / بندقية يدوية لأطلاق السهم تحت الماء أثناء الغطس , حيث كانت البحارمملؤة بأنواع الأسماك السطحية ( البيلاجيك بلأنكليزية) وغيرها من الكائنات البحرية , وبعد أن تمكنت من شراء قارب بمكينة , أصبحت أستعمل الصنارة من القارب المتحرك ببطأ . وحتى الوالد والوالدة أثناء زيارتهم لمسقط أصبحو من هواة هذه الرياضة , وفي أحدى المرات أنقطع خيط الصنارة بيد والدتي بسبب تعلق الصنارة بالصخور , وصدقت كلامنا بأن حوتا كبيرا تعلق بها وشعرت ببعض الفخر بذلك !!..

   

       الوالد والوالدة أيضا أصبحوا من هواة صيد الأسماك

ولكن بعد عدة سنوات سنحت لي الفرصة لتحويل تلك الهواية الى تجارة لمعالجة الأسماك وتسويقها (شركة العينكاوي للأسماك ) وأقامة عدد من محطات جمع الأسماك في بعض المناطق الساحلية , من صيادين عمانيين ونقلها الى مصنع في مسقط بسيارات مبردة , وبعد معالجتها من تقطيع وتجهيز صالحة للتسويق محليا و حتى الى الخارج مجمدة و طازجة أيضا , حيث يتم وضع شرائح لأسماك معينة في كارتونات مع ما يسمى الثلج الباودر , ونقلها جوا الى أوروبا أو دول شرق آسيا , وتبقى طازجة لأكثر من 48 ساعة . وهكذا تطورت تلك الهواية الى تجارة مربحة والحمد لله . ونظرا لأنني لاأزال أعتبر الهندسة المعمارية كهواية ومهنة وليست تجارة , كما أصبحت الآن حيث كثرة المكاتب الهندسية وعدم مراعات الأخلاق المهنية في تسويق تصاميمها وخاصة المكاتب العربية والمصرية خصوصا و الهندية , فأصبحت بعيدا عن ذلك السوق , وأركز على المساهمة في المسابقات الهندسية وخاصة العالمية , ولكن المشكلة في تقييم جودة التصاميم مع الأسف في دول الخليج العربي يتم من قبل الحاكم نفسه , وعدد قليل منها يتم بواسطة لجنة تحكيم من مهندسين مختصين ذو كفاؤة و مهنية , لذا أصبحت تجارة الأسماك بالنسبة لي المورد الأساسي للبقاء في الساحة المعمارية , وهكذا ندفع ضريبة باهضة للتمسك بلأخلاق و الأعراف المهنية العالمية !!..

        

ومنذ نهاية سبعينات القرن الماضي و لتاريخ اليوم , وجبتي المفضلة هي الأسماك يوميا لستة أيام في الأسبوع , ونظرا للصيد الجائر من قبل بعض سفن الصيد , أصبحة الأسماك السطحية قليلة و ويضطر الصياد للذهاب الى أماكن بعيدة للصيد , وأصبحت علامة العينكاوي للأسماك علامة تجارية معتمدة للجودة
والحاصلة على شهادة تصدير للأسماك الطازجة و المجمدة للدول الأوربية . Al-Ainkawi Fisheries

    

, ولكن تمت السيطرة على تلك السفن وتحديد أماكن معينة لكل سفينة , ومنع أستعمال الشباك الجارف لأعماق البحر ومدمر للبيئة و الجزر المرجانية , وحتى فترات صيد أنواع معينة تم تحديدها و خاصة الأبلوني والربيان و القرجال و اللوبستر وهي أنواع ذات قيمة عالية في الأسواق لكي يسمح لها بالتكائر في مواسم معينة . ولكن جاء الحظر ومنع الصيد الجائر كمقولة :- أحسن من ماكو , أوبعد خراب البصرة . وسلطنة عمان التي تمتد سواحلها لأكثر من 1200 كلم , تمتاز شواطؤها ومياهها بالبيئة النظيفة و خلوها من التلوث البيئي لذا الأسماك العمانية مرغوبة و مفضلة وخاصة في دول الأتحاد الأوروبي .
المعماري أيوب عيسى أوغنا
خبير وأستشاري ومحكم خليجي ودولي معتمد / مالك شركة العينكاوي للأسماك / مسقط/ سلطنة عمان

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

730 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع