زيف الادعاء الاميركي بوجود أسلحة دمار شامل بالعراق يفضحه فبلم "اللعبة العادلة "

                                             

                         علي المسعود

  


زيف الادعاء الاميركي بوجود أسلحة دمار شامل بالعراق يفضحه فبلم "اللعبة العادلة " Fair Game

قبل 17 عامًا بدأت الولايات المتحدة حربها على العراق، ومحاولة السيطرة على أرضه وسمائه وحدوده و ثرواته ، وأطلقوا على الحرب أسماء كثيرة، لكن "حرب تحرير العراق" أو "عملية حرية العراق" كانتا أشهر ما أطلق على الحرب التي بدأت في 19 آذار/مارس، وأدّت إلى احتلال العراق عسكريًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها . الحرب التي بدأت ولم تنته آثارها السياسية والأمنية والاجتماعية إلى الآن ن كانت الذريعة التي استخدمها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في احتلال العراق هي "تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل ووضع حد للدعم الذى يقدّمه صدام حسين إلى الإرهاب وتحرير الشعب العراقي من الدكتاتورية . يقول سكوت ريتر - مفتش الأسلحة السابق في الأمم المتحدة -: "تكمن السخرية في أننا غزونا العراق من أجل تدمير أسلحة الدمار الشامل التي لا وجود لها ، وللقيام بذلك، استخدمنا أسلحة جديدة تسببت في خسائر إشعاعية". وجاء استنتاج بليكس في مقال كتبه بصحيفة الغارديان بمثابة رد على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي أعترف بعدها على ان احتلال العراق كان لتغيير نظام صدام حسين وليس بسبب اسلحة الدمار الشامل ، ورغم أن ذريعة أسلحة الدمار الشامل المعلنة ، لكن هناك أسبابا أخرى مختلفة منها سياسية واقتصادية وحتى حضارية ، ظلت قيد التناول في وسائل الإعلام العالمية وأروقة السياسة الدولية، وأصبح بعضها أكثر إقناعا للمراقبين انطلاقا من سير الأحداث وماآلات عليه الحرب وتكشف أسرار تحضيراتها . وفي طليعة تلك الأسباب تحمس الحكومتين الأميركية والبريطانية لوضع اليد على ثروة العراق النفطية الهائلة ، فقد تحدثت تقارير عديدة عن التحريض على غزو العراق من طرف مسؤولي شركات نفط أميركية كبيرة، من بينها مثلا مجموعة هاليبيرتون النفطية التي كان ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي

https://www.aljazeera.net/home/getpage/79bd6d3d-04cf-4270-bd27-02eaa9aa5f7a/70c47da4-23fa-4dd2-87f9-01760dd08fba

آنذاك يتولى إدارتها حتى عام 2000 . كان غزو العراق واحتلاله كارثة كبرى على المنطقة العربية ، فعلى الرغم مما فعله صدام حسين من جرائم وكوارث، إلا أن ذلك الغزو المشؤوم كان جريمة أكبر، فمنذ حدث والفوضى تدبّ في المنطقة ، هذه المعاناة الإنسانية تأتي نتيجة تلاعب الحكومة الأمريكية بالمخابرات نيابة عن المحافظين الجدد؛ حيث كانوا يبحثون عن أي ذريعة لغزو العراق في أواخر التسعينيات حتى يتمكنوا من نشر مشروعهم المشوه لإعادة رسم صورة أمريكا في العالم ، بل إن ما يحدث اليوم من صعود للتنظيمات الجهادية هو نتيجة له ، فإدارة جورج بوش اخترعت أكذوبة أسلحة الدمار الشامل في العراق، وضرورة حماية العالم منها ، بغرض غزو العراق والاستيلاء على ثرواته .

يستعيد فيلم "اللعبة العادلة" للمخرج الأمريكي دوغ ليمان، جوانب من سيرة واقعية لكواليس صناعة قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، غزو العراق، على أساس تلك الحجج المزعومة حول امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل ، والتي تبين لاحقاً عدم صدقيتها . الفيلم هو قصة صراع انفجر إعلاميا بين عميلة وكالة بينبين عميلة وكالة الاستخبارات المركزية فاليري بالم وتقوم بدورها الممثلة الانكليزية (ناعومي واتس)، وزوجها السفير السابق جوزيف ويلسون ويقوم بدوره الممثل الامريكي (شون بين) ، مع إدارة البيت الأبيض، بعد أن نشر السفير السابق والمتمرد على السياسة الامريكية مقالاً في صحيفة واسعة الانتشار ينفي فيها وجود أدلة ثابتة عن حصول صدام حسين على أسلحة دمار شامل، خلافاً للرواية الرسمية التي روجها البيت الأبيض لتبرير الحرب . الفيلم تدور أحداثه في المراحل السابقة واللاحقة لقرار الحرب الأميركية على العراق عام 2003 ، وهو عن واقعة حقيقية عن عميلة المخابرات الأميركية فاليري، والزوج (جو ويلسون) الذي كان أكثر ميلا إلى الديمقراطيين ومعارضا لسياسات الرئيس جورج بوش في ذلك الوقت ، وكان سفيرا سابقا للولايات المتحدة في العراق وعدة دول أفريقية، الأمر الذي كان يجعل النقاشات بينهما حادة ، حيث إنها تعمل في المخابرات المركزية الأميركية التي لها دور كبير في الأحداث الكبرى في العالم . وفي سياق الأحداث، يرد تقرير إلى المخابرات عن شراء النظام العراقي أنابيب ألومنيوم تشبه التي يتم استخدامها في أجهزة الطرد المركزي في المفاعلات النووية، ويتم تكليف العميلة" فاليري" بتتبع تلك الصفقات حيث هناك شكوك بشراء نظام صدام حسين اليورانيوم المخصّب . ومع اتصالاتها بمصادرها في العراق ودول عربية لا تجد دليلا على إنتاج النظام العراقي أسلحة دمار شامل ، في الوقت الذي تبدي فيه فاليري نشاطاً مكثفاً لتجنيد عملاء داخل العراق ، يمدون الوكالة بمعلومات عن البرنامج النووي، تكلف السلطات الأمريكية زوجها بمهمة داخل النيجر ، للتحقق من صفقة مزعومة لبيع العراق شحنة من اليورانيوم، وهو ما يتأكد له بعد اتصالات عالية المستوى بكذب تلك المزاعم ، وثم يعود الزوج ليخبرهم إن الصفقة بين العراق والنيجر توقفت منذ سنوات، بسبب الحرب في النيجر، وأن النظام العراقي لم يشتر أنابيب ومعدات الطرد المركزي من هناك. ولم ترضِ تلك التقارير التي تبرئ نظام صدام إدارة جورج بوش ، فاستعان البيت الأبيض بضباط آخرين في المخابرات ، يدعمون نظرية أن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل ويهدّد جيرانه والعالم ، وتم تنحية كل الضباط والموظفين الذين يرفضون غزو العراق، وتم اختلاق أدلة جديدة وقصص جديدة تدعم رواية جورج بوش إن صدام حسين نجح في صنع أسلحة دمار شامل . أما أغلبية الموظفين وضباط المخابرات الذين يعلمون الحقيقة والمتأكدين أن فرضية الرئيس الأميركي غير حقيقية فقد صمتوا ورفضوا الإدلاء بالحقيقة خوفا على وظائفهم وامتيازاتهم. تتصاعد الأحداث ويكتب بطل الفيلم (جو ويلسون) مقالات وينشرها ويلقي محاضرات لفضح أكاذيب الإدارة الأميركية ، فيتم إيقاف زوجته عن العمل، خصوصا أن تقاريرها أفادت بعدم التأكد من استئناف النظام العراقي البرنامج النووي أو امتلاك أسلحة دمار شامل، بل ويتم تسريب معلومات إلى، الصحف تكشف هويتها، ضابطة مخابرات مسؤولة عن عمليات سرّية، حيث كانت العميلة" بلايم" تخفي حقيقة عملها وتدّعي حتى أمام أقرب أصدقائها أنها سيدة أعمال ولها ملتزمة بإنشاء المشاريع . وهي كانت شخصاً متكتّماً على عكس زوجها تماماً. الأمر الذي يعرضها للخطر، كما يتم الكشف عن قائمة المتعاونين معها في بلدان عديدة، بدءاً من مصر، والأردن، والعراق إلى باكستان، ما تسبب في تعريضها لمشكلات مع معارفها، وفي مضايقاتٍ كثيرة لأسرتها، كما تمت التضحية بكل مصادرها في عدة دول، وتم تركهم عرضة للتصفية والانتقام، خصوصا في العراق. أما زوجها الكاتب والسفير السابق فقد اتهمته وسائل الإعلام الموالية للجمهوريين وللإدارة الأميركية بأنه شيوعي، يدعم صدّام حسين والإرهاب، وتعرض لتهديداتٍ كثيرة من المتعصبين واليمين الأميركي المتطرّف. لتضطر تحت الضغط إلى تقديم استقالتها من وكالة المخابرات المركزية ، وتتفرغ لمواجهة مصير مظلم يتهدد ليس فقط مسارها المهني، بل حياتها الزوجية ، وتحاول الصمود أمام إعصار المؤسسة القوية ، ومع مرور الوقت، يتضح للعالم كله كذب إدارة جورج بوش والمحافظين الجدد وحماقتهم، ويبدأ الكونغرس بالتحقيق في ما فعلته تلك الإدارة من خداع ومراوغة ، حتى تستطيع أن تخترع الذرائع وتسوقها للشعب الأميركي ثم للعالم، ويتم إدانة أسماء كثيرة دفعت نحو غزو العراق، تلك الحرب التي لا يزال العالم كله يعاني من تبعاتها وكوارثها.
تعود الوقائع الحقيقية للفيلم إلى عام 2003 حين تم الكشف عن هوية العميلة، واقتيدت على إثر ذلك صحفية من "نيويورك تايمز" إلى السجن، بينما عول رجال الإدارة الأمريكية على الزمن لطي صفحة البرنامج النووي العراقي . الفيلم مقتبس عن مذكرات الجاسوسة الأميركية السابقة "فاليري بلايم" الصادرة عام 2007 والتي كانت بعنوان "لعبة عادلة: حياتي كجاسوسة وخيانة البيت الأبيض لي" . ويسرد الفيلم تفاصيل ما عرف بالـ"بلايم جيت" أوالفضيحة السياسية التي هزت الرأي العام الأميركي ، عام 2005 حينما رفع ريتشارد أرميتاج نائب وزير الخارجية الأميركي وبأيعاز من "ديك تشيني" نائب الرئيس الامريكي في حينها ، وأحد صقور إدارة جورج بوش الابن، الغطاء عن بلايم، العميلة في جهاز الاستخبارات الأمريكي CIA ، حين استيقظت عميلة الـCIA في أحد الأيام على مقال في الـ"واشنطن بوست" بقلم الصحفي روبرت نوفاك لتجد أن العالم كله أصبح يعرف هويتها السرية في رد انتقامي من زوجها السفير السابق جوزف ويلسون الذي نشر مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان "ما لم أجده في أفريقيا" متهما إدارة بوش بالتلاعب بالمعلومات الاستخبارية عن برنامج صدام حسين النووي. مع تضافر الأدلة على عدم امتلاك العراق تلك الأسلحة، ستفاجأ فاليري، وطاقم عملها، وزوجها بالغزو تحت ذريعة ما اكتشفوا زيفه ! ، وبناءً عليه فإن ويلسون سيكتب مقالاً في (نيويورك تايمز) عن رحلته إلى نيجيريا ، الأمر الذي يؤدي إلى تسريح زوجته من الـ(سي آي إيه) وتعرّضها لحملة تشكيك في وطنيتها.
كل ما تقدّم يُظهر أنّ قضية العراق لم تنته فصولاً بعد على الشاشة الكبيرة، وأنّ مساءلة هذا التزوير السياسي ما زالت مستمرّة بعد سنوات على اجتياح بغداد . الفيلم يغوص في الجوانب المظلمة من حياة السياسيين في أمريكا ، وكيف أن السلطة والقوة من الممكن أن تغري العديدين بارتكاب أي شيء للحفاظ عليهما، ويدين بشكل صريح العدوان على العراق، ويعتبره عملية انتحار جماعية للجيش الأمريكي، تسبب فيها رجل أرعن وكذاب، وهو المعنى المقصود به الرئيس الأمريكي السابق بوش من دون مواربة . وفى فيلم "لعبة عادلة " يذهب "دوج ليمان " الى أبعد من مجرد ادانة الحرب الامريكية على العراق، بل يكشف حيل الادارة الامريكية وسياستها فى تكذيب وتزييف الحقائق ، فعميلة الاستخبارات الامريكية "فاليرم بلاى" –"ناعومى واتس"، التى تكلف بمهمة الكشف عن وجود أسلحة دمار شامل بالعراق قبل تعرضها للغزو، تلجأ العميلة للاستعانة بزوجها "شون بين" السفير السابق بأفريقيا وتكلفه بالسفر لاحدى الدول الافريقية التى تنتوى العراق استيراد يورانيوم مخصب منها. لكن سرعان ما يكتشف الزوج زيف الواقعة، لكن إدارة الرئيس «بوش»، متمثلة فى مكتب نائب الرئيس، تضغط على موظفى إدارة عدم الانتشار النووى لكى يتم تضليل الرأى العام وبث معلومات خاطئة حول وجود صفقات يورانيوم وبرنامج نووى عراقى، هذا الاستغراق فى التفاصيل الواقعية التى تنتقل فى عدة بلدان ما بين أمريكا والقاهرة وعمان وأفريقيا أعطى الفيلم حساً تسجيلياً قوياً، خصوصاً مع اهتمام السيناريو بتوثيق الشخصيات والأماكن والتواريخ من خلال استخدام أسلوب الكتابة على الشاشة للتعريف أو إيراد معلومات عن الأماكن والأشخاص على لسان الشخصيات فلا تجد الادارة الامريكية أمامها سوى تضليل الرأى العام وتزييف الحقائق وذلك بحيلة بالغة الدهاء منها وهي كشف سرية العميلة أمام الرأى العام واتهام زوجها بمعاداة الديمقراطية ومناهضة الحرب على الارهاب ، فتحولت كل الانظار من غزو العراق الى تلك العميلة السرية هي وزوجها؟؟؟. ثم يتضح فى النهاية المؤامرة التى مورست ضد فاليري من قبل الادارة الامريكية بقيامها بكشف هويتها السرية للتغطية على حرب العراق، في هجوم شديد من ليمان لسياسة أمريكا الاستعمارية ، ولنكتشف في النهاية أنها لم تلعب بشكل عادل، بل اتبعت كل الاساليب المشروعة وغير المشروعة، ودخلت لعبـة بلا قواعد معروفة.
وقد أخرج دوغ ليمان العمل بأسلوب ذكيّ، وقدّمت ناومي واتس وشون بين ومجموعة من الممثّلين المُختارين بعناية أداءً تمثيلياً قوياً. بالتالي، يبدو أنّ جميع عناصر الفيلم الجيّد متوافرة في هذا العمل، ومع ذلك فهو لا ينجح في بثّ شعور بالرضا التامّ لدى المشاهد . الشيء المثير للدهشة أكثر فى فيلم "ليمان" هو كشفه قيام الادارة الامريكية بتسليم قائمة بأسماء العلماء النووين العراقين للموساد ليقوم بتصفيتهم ، حين نكتشف أن المخابرات الأمريكية رفضت إيواء العلماء النوويين العراقيين كى لا يكشفوا للعالم زيف الادعاء الأمريكى ، بل إنها سلمت قائمة بأسمائهم للموساد كى يقوم بتصفيتهم قبل أن ينضموا لأى دول معادية– بالنسبة لهم. هذا الكشف الدرامى هو أهم نقاط الفيلم
ليس فقط لأنه يدين السياسة الأمريكية بل لأنه يعلن بوضوح وشفافية غريبة على هوليوود أن الموساد متورط فى عمليات اغتيال العلماء النوويين العراقيين والعرب، وكلنا يذكر حادثة اغتيال العالم المصرى يحيى المشد والمئات من العلماء العراقيين بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003. وينتهى الفيلم بكشف لجنة التحقيقات التى يديرها الكونجرس لأبعاد المؤامرة التى تعرضت إليها «فاليرى»، ويقوم المخرج بعمل إحالة مباشرة على الواقع من خلال عرض مادة تسجيلية للشخصية الحقيقية المأخوذ عنها الفيلم من خلال شهادتها أمام لجنة التحقيق الكبرى التى أدانت مكتب نائب الرئيس الأمريكى وحكمت بالسجن على المسؤولين عن كشف سرية العميلة. استخدام مادة تسجيلية فى نهاية الأفلام هو شكل مهم من أشكال الفيلم «السياسى» كنوع من إثبات مصداقية الأحداث وبيان مدى واقعيتها . وبمجرد ان تصل الى نهاية الفيلم تشعر أن العنوان يتخذ أبعادا ذات دلالات ساخرة ولائمة فى الوقت نفسه، حيث إن أمريكا لم تلعب اللعبة السياسية أو العسكرية مع العراق بشكل عادل ، وإنما بمنتهى المكر وبشكل دنىء تماما مثلما قامت إدارة بوش بفضح إحدى عميلاتها من أجل التغطية على ما هو أكبر وهو ما يأتى على لسان «شون بين» بالفيلم حيث تتحول القضية من لماذا قامت أمريكا بغزو العراق إلى من هى العميلة «فاليرى»؟،
قام بإخراج الفيلم المخرج "دوج ليمان" وهو مخرج ومنتج أفلام أميركي ، وقام ببطولته الإسترالية" ناعومي واتس" في دور "فاليري بلايم" والأمريكي الحائز على الأوسكار "شون بن " في دور زوجها ، وشاركهما الممثل المصري "خالد النبوي" في دور عالم الذرة العراقي "حمد" والفيلم من تأليف جيز وجون بيتروث . ورغم قصر دور خالد النبوى وتعجب البعض من عدم استخدام ممثل عراقى لتجسيد الشخصية فإنه استطاع أن يقدم أداء متوازناً بعيداً عن الافتعال خاصة المشاهد الصامتة حين كان ينتظر أن تنقذه المخابرات من جحيم الحرب هو وأسرته، أو فى المشهد الذى يعترف فيه بأنه يعمل فى مصنع سماد، وهو العالم النووى الكبير. وفقاً لسيناريو الفيلم، من تأليف جيز باتروارث وشقيقه جون هنري، هؤلاء الرجال هم المسؤولون في البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج بوش الإبن، أي كبار الناشطين مثل كارل روف ولويس ليبي الملقّب بـ(سكوتر)، هم وضعوا العميلة بلايم في الواجهة لتحويل انتباه الناسعن مواقف زوجها "جو ويلسون" (شون بين). فقد تحلّى هذا الأخير بالجرأة الكافية للتصريح بأنّ الإدارة الأميركية لجأت إلى التلاعب المالي وتجاهلت الوقائع الشائكة في خضمّ حماستها لغزو العراق في عهد صدّام حسين .
عرض فيلم "اللعبة العادلة" داخل المسابقة الرسمية فى مهرجان كان السينمائي الدولي في عام 2010 وشارك فى مهرجانات كثيرة منها مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي ومهرجان دوفيل للأفلام الأمريكية بفرنسا. وأثار الفيلم خلال عرضه في مهرجان "كان" في مايو من العام الماضي أزمة كبيرة حيث اتهم البعض الفنان خالد النبوي بالتطبيع بسبب مشاركته في فيلم تشارك فيه ممثلة إسرائيلية ، تعرّض خالد النبوي لحملة شرسة ومساءلة نقابة الممثّلين المصريين (راجع «الأخبار» عدد 16 حزيران/ يونيو 2010 في حين رد النبوي وقتها بأن الفيلم يضم عشرات الممثلين وأنه إنتاج هيئة أبوظبي للثقافة كما أن بطله شون بين أحد أبرز مناهضي الصهيونة ومعروف بمواقفه الصريحة من الإدارة الأمريكية السابقة بما يجري في فلسطين والعراق . في حين أشاد جو ويلسون، عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، بأداء النبوى لشخصية العالم العراقى، وبالفيلم ككل، واعتبره رسالة توضيح للعالم كله تكشف أن العرب ليسوا إرهابيين، بل ويعد من وجهة نظر جو ويلسون دليل إدانة للإدارة الأمريكية؟. نحن إذن أمام عمل شبه متكامل. في فيلم دوغ ليمان «لعبة عادلة» كل اللهجات العربية إلا العراقية (!) إضافة إلى أخطاء كثيرة لم يعد مقبولاً الوقوع فيها. مثلاً، سترى سيارة تحمل لوحة «ملاكي القاهرة» تسير في بغداد، وتتابع محاولات هرب حمد (خالد النبوي) من بغداد، مع غض النظر عن ظهور " جبل عمان" الذي يقف شامخاً في العاصمة العراقية! . سيناريو جيد ومتماسك يدمج الخاص بالعام في وحدة واحدة، مونتاج احترافي نجح في دمج المشاهد الوثائقية بسلاسة داخل بنية الدراما، تنوع كبير في أماكن التصوير بين عدة دول من ماليزيا إلى القاهرة إلى عمان، موسيقى معبرة وأداء متميز من شون بن وناعومي واتس في دورين يتميزان بثراء وتنوع في التعبير والانفعالات. اللعبة العادلة الذى أخرجه ''دوج ليمان'' أحد أفضل الأفلام السياسية التي شاهدناها والتي تعري سياسة جورج بوش الابن ، ليس فقط لأنه يقدم أحد جوانب فضيحة أكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي تم على أساسها غزو العراق، ولكن لأن الفيلم شديد الاتقان فنيا في كل عناصره ، ونجح الفيلم بامتياز في دمج تجربتين في فيلم واحد متماسك: تجربة السفير الأمريكي السابق "جوزيف ويلسون" التي كتبها في كتاب بعنوان "سياسات الحقيقة"، وكشف فيه عن أكذوبة نقل كميات من اليورانيوم من النيجر إلى العراق، وتجربة فاليري بلام الجاسوسة الأمريكية السابقة وزوجة جوزيف ويلسون، التي حكتها في كتاب بعنوان "لعبة عادلة" وكشفت فيه عن دور البيت الأبيض في تسريب اسمها وطبيعة عملها السرى في المخابرات، انتقاما مما فعله زوجها بالكشف عن أكذوبة يورانيوم النيجر.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1152 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع