د. فاضل البدراني
قصة السفير العراقي صديق الناس
بحكم معرفة الناس بنا وتوقعاتهم أن لدينا تأثيرا على المسؤولين منطلقين من قناعة راسخة لدى المواطن بأن سلطة الإعلام تبدو مؤثرة في التعاطي مع المسؤولين وأصحاب القرار التنفيذي والتشريعي، لذلك كثرت الاتصالات على هاتفي خلال أزمة جائحة كورونا ومحاولة عودة الكثير من العراقيين في دول خارجية لبلادهم بعد توقف نشاط الحياة تماما،ولم يعد النشاط سوى أن تمارس ثقافة صحية بحتة مع كل حركة تمارسها وأنت محجور في منزلك ،على أية حال أن فحوى الاتصالات وردت من عائلات بإعادتهم أو أبنائهم أو مواطنين أو طلبة يتصلون بنا لكي نرتب مع السفراء العراقيين في عواصم خارجية.
وشخصيا أنا في انشغال دائم،أعيش شغفا يوميا متواصلا من بداية النهار حتى وقت متأخر من الليل للكتابة والقراءة،لعل البقاء في البيت جراء الحظر الصحي مع بقية مليارات الناس في منازلهم هو الفرصة المناسبة لمعرفة ذلك الشغف والاستمتاع به بعيدا عن الضجيج، جعلني أعيش شغفي بانجاز الكثير من مشاريعي الكتابية المؤجلة، لكني وجدت عملا آخر يشغلني بمتابعة بعض اتصالات الناس لتلبية حاجاتهم، ومنها ما سأتحدث عنه.
من هنا بدأت قصتي مع السفير صديق الناس الذي ما رن هاتفي عليه إلا جاءني الرد منه مفعما ب" الهلا والمرحبا وحياك الله " وأشعر أنها لغة الدبلوماسيين الوجدانية المعبرة عن قواعد العمل الدبلوماسي وفن الأتكيت بإتباع أسلوب التهذيب ولياقة التعامل مع الاخر، لكني أستشعر من نبرة صوته أنه يعيش هما كبيرا وانشغالا إداريا واضحا، فيأتيه جوابي سعادة السفير توجد عائلة انقطعت بها السبل في ساحة عملك وتريد أن تدبر لها موضوع العودة، فيأتيني جوابه الذي يشعرني أن الدنيا مليئة بالخير، فأعيش لحظات مع سعادة التفكير ونشوة الفرح، أخاطب نفسي أن من يأتمن على حاجات الناس بمسؤولية حقيقية أنما يعيد للحياة وجهها البهي المشرق، أخاطبه سعادة السفير كيف يعودون، فيجيبني حياهم الله في بيت العراقيين، أعطيهم رقم هاتفي ليتصلوا بنا وأنا بانتظارهم، فأقول له من باب فضول صاحب الحاجة ، سيبلغوك أنهم من طرفي، فيرد عليه ،لا يا دكتور فاضل ،هم جميعهم هنا من طرفي وأنا موجود لتسهيل أمرهم رغم حراجة الموقف وكثرة الأعداد التي تتجاوز 80 الف عراقي من أبناء الجالية، فأشكره لأعود منشغلا بالبحث عن رقم الهاتف المعني، فاتصل نعم يا دكتور فاضل ماذا قال السفير، نعم السفير بعث برقم هاتفه وعليكم الاتصال به، وما هي إلا دقائق من السرعة تفرضها هواجس القلق لدى صاحب الحاجة واندفاع شديد، فالاتصال يبدو بصيغة العاجل، ولمجرد لحظات تأمل بموقف ذلك السفير الإنسان وهو مهموم بشؤون أبناء بلده في ساحة عمله، يعاود ذلك الشخص الاتصال بنا، نعم تفضل طمني عن موقف السفير معك ، حتى تبدأ كلمات الشكر والسرور تتدفق من نبرات صوته بما سره استقبال السفير لاتصاله الهاتفي والترحيب به وإبداء الاستعداد لتسهيل أمر عودته. الموقف هذا تكرر معي لمرات عدة، مع هذا الإنسان السفير، والنتيجة ذاتها الانتصار بالسعادة والاحتفال في موقف السفير، ولربما تكرر الحال مع سفير آخر ،وان أبدى الاستعداد لكننا لم نحتفل بسعادة السفير في حسم الموقف .
ولنبقى في ساحة السفير صديق الجالية وكريم الضيافة ،أن ما دفعني لكتابة هذه المقالة السردية ،أنه فضلا عما أبداه من مواقف قبل الجائحة وأثناءها،أن كثيرا من الزائرين لمقر عمله في سفارته بعد حفاوة استقبال وضيافة وهلا ومرحبا وابتسامة وطيب خاطر،وكلام في الأخوة العراقية وانجاز مطالبهم، فان كثيرا من العقد التي برزت في سلوكيات البعض من المسؤولين والحزبيين في مقار عملهم، أنما تموت في ديوان السفير صديق الناس، فمواقف الرجل الجميلة شكلت جسر مودة بينه وبين الجميع ،سررت لمواقف الرجل رغم اختلافي معه بشيء وحيد، لما اشكره على ما أبداه أتلقى منه ما كلام ما لا أتمناه، انه لا يقبل الشكر على واجبه، عذره أن هذا جزء من طبيعة عمله ،وفلسفته أن الموقف عنده أجمل بكثير من حلاوة الكلام، تحمله للمسؤولية بهذه الوجدانية أنما يعكس طبيعة المواقف المليئة بالغواية التي تدفعك وغيرك للكتابة في صحف ومنابر الرأي ومجالس اللقاء العفوي عن الإنسان السفير صديق الناس جميعا بما يرسم للحياة من صورة جميلة معبرة... أنه السفير العراقي في جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية " الدكتور أحمد نايف أبو زعيان " الموقف الكبير دوما متبوع الأصالة وما يتصف به السفير أحمد نايف أنما هو تعبير للقيم والتقاليد التي خلدها له والده الراحل الشيخ نايف، تراث طيب لما بحثت عنه، أعجبني منه بيت شعر يقول عن جده أبو زعيان " فـنجــان هيـــل ويتبعــه منــسف الـزاد.. وجبش الغنم للضيف صاخن كبــوده " ومن يرى إني جافيت الحقيقة فعليه أن يجرب، وسيجد أني لم أمنح أبو زعيان حقه في الكتابة والوصف، شكرا للسفير صديق الناس وشكرا للخارجية العراقية التي إختارت سفيرها صديق الناس.
4372 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع