العراق..كورونا سرقت نكهة رمضان في المساجد وقتلت التواصل الإجتماعي

                                               

                            د. فاضل البدراني

العراق..كورونا سرقت نكهة رمضان في المساجد وقتلت التواصل الإجتماعي

لشهر رمضان نكهة خاصة عند كل المسلمين،فيه من العبادات والطقوس والمبادرات الدينية والزيارات الاجتماعية والوجبات الغذائية ما يجعله شهر مختلف بنكهة إيمانية وتراثية خاصة لا تخرج عن كونها " أيام رمضانية ".

ويعتبر المجتمع العراقي واحد من المجتمعات العربية الإسلامية المعروف عنه بالتدين ،وفي شهر رمضان يتحول الناس الى واقع ديني مختلف فتعج المساجد وأماكن العبادة بتواجد الناس لأداء الصلوات والتراويح وإقامة المحاضرات والندوات والمسابقات الدينية،الى جانب العودة لذكريات وتفاصيل من التراث الشعبي الذي ينهل منه العراقيون قيما إنسانية وإبداعا ،ورغبة بإنتاج الماضي من جديد برغم مسيرة الحياة المتطورة وما تفرضه تقنيات العصر الرقمي من واقع مختلف.
ويقول المختص بالتراث الشعبي محمد شاكر أبو عزام ،أن الشهر المبارك يرسم صورة جميلة في جميع المدن العراقية ،وينطلق الجمال الإنساني من واقع الأسرة التي تعيد نتاج التراث في المطبخ والزيارات الليلية الى الأهل والأقارب والأصدقاء،وكأنه شهر ليس للصوم والعبادة والتراويح فقط، بل لإدامة صلة الأرحام والتسامح وتعزيز الروابط الإنسانية، فلا زعلان في رمضان .ويسترسل أبا عزام المؤرخ والتراثي العراقي ،حديثه المرأة لولب المجتمع في رمضان فهي المتدينة وهي سيدة المطبخ، بل هي سيدة الديكور في المنزل، لذلك نحكي بان رمضان الفضيل يمثل تجديد للعهد مع الله بالإيمان وتجديد للناس مع بعضهم بالأخوة والعهد بأن الماضي يجب ألا يغيب كونه تراثا أصيلا بكل تفاصيله وجزئياته.
وعلى صعيد الممارسات اليومية في هذا الشهر فلا شك ان المطبخ العراقي يعتبر واحد من أشهر مطابخ المنطقة العربية والإسلامية نكهة وتذوقا حيث تمتاز المرأة العراقية بديناميكية التفنن والإبداع في تصنيع أشكال الأطعمة التي تبدأ بإعدادها منذ وقت مبكر من النهار استعدادا لوقت الإفطار بنهاية كل يوم. وإفطار الأسرة الصائمة بالعراق يكون على وجبتين، الأولى منه على حبات التمر وكأس من الماء أو اللبن ثم قليل من حساء الشوربة يتناولها كل صائم عند سماع مدفع الإفطار والأذان، ثم يتجمعوا بصلاة المغرب الجماعية في البيت أو في المسجد،قبل ان يلتئموا ثانية على مائدة الطعام الرئيسة، التي تقدم فيها أصناف من الأكل مثل "خبز عروق" وهي خلطة من العجين ممزوجة باللحم الصغير والبصل والبهارات ثم أكلة الثريد الذي يتكون من قطع الخبز مع اللحم والمرق، أو أكلة الدليمية التي يمزج فيها الرز ومرق الباميا المزوج بمعجون الطماطم الأحمر مع لحم الخروف العراقي الزاكي النكهة مغمس بالسمن، وتعتبر واحدة من أطيب الأكلات الدسمة. ولا المائدة من الكباب العراقي والمشاوي والدجاج أو السمك.
وفي هذا الشهر الإيماني الفضيل تنشط محلات تصنيع الحلوى ،فوقت الحلوى محجوز بعد ثلاث ساعات من الإفطار مثل الزلابيا والبقلاوة والكنافة والمحلبي وغيرها لتكون مائدة ثانية تجتمع حولها العائلة او الضيوف والأقارب ثانية.
كل هذه الفعاليات التي تحكي قصص رمضان الإيمانية الجميلة غابت عن المشهد في شهر رمضان 2020 بسبب مخاوف الناس من وباء فيروس كورونا الذي رسم صورة للخوف والهلع عشعشت في عقول الناس ،وفرض عليهم الالتزام بالبروتوكول الصحي وقواعد التباعد الاجتماعي...وتقول الأستاذة بعلم الإعلام الاجتماعي ندى العمار،الخوف من فيروس كورونا منع الحركة وجعل الأسر والعائلات أشبه بالسجينة في منازلها لكنها رغم ذلك احتفظت بمراسم شهر العبادات والحكايات فضلا عن وجبات الطعام التي حافظت على وجودها على مائدة الإفطار.
أما الشيخ عبد المنعم الفياض إمام وخطيب مسجد الفرقان بالفلوجة فيقول، الخوف سرق جمالية أماسي شهر رمضان من العبادات والصلوات والمحاضرات والمسابقات والنقاشات الدينية المفعمة بالإيمان والتزود بالعلم والطاعات ،وفرض العزلة الاجتماعية بديلا عن التواصل الإنساني ،وجعل المساجد تحن على المصلين، ودمعة المصلين تنزل عند كل وقت ينادي المؤذن للصلاة، الله اكبر الله اكبر.. داعيا الباري عز وجل أن يبعد الناس جميعا في أنحاء الأرض من مخاطر الوباء لتعود الحياة من جديد بألقها وإنسانيتها.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

857 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع