لايزال التقاطع و الاختلاف في المواقف مابين المجتمع الدولي من جهة، وبين النظام الايراني من جهة ثانية، هو سيد الموقف بين الطرفين، ولحد هذه اللحظة لايزال الطرفان يترقبان مسار الاحداث على أمل حدوث ثمة تغيير او مستجد طارئ من شأنه أن يحسن من موقفه او يدفع به الى الامام.
مشکلة المجتمع الدولي، هو عدم فهمه لغاية و هدف النظام الايراني من وراء الاستمرار في برنامجه النووي و عدم الاکتراث لکل الضغوطات و العقوبات و الندائات الدولية الموجهة إليه بتحديد ذلك البرنامج و إخضاعه لمراقبة دولية حسما للجدل، لفهم غاية و هدف النظام الايراني الذي ألمعنا إليه آنفا، لابد للمجتمع الدولي طرح السؤال التالي على نفسه: هل من الممکن أن يتخلى النظام الايراني عن برنامجه النووي؟ الاجابة على هذا السؤال يقود الى السؤال الاهم و الاکثر حساسية وهو: ماذا يريد النظام الايراني من وراء برنامجه النووي؟ الحقيقة أن البرنامج النووي للنظام الايراني هو البنية التحتية الحقيقية لمشروع نظام ولاية الفقيه، ذلك أن النظام الايراني ومنذ اليوم الاول لتأسيسه و قيامه إعتمد على مبدأ الاعتماد على القوة و جعله حجر الاساس في تعامله و تعاطيه على مختلف الاصعدة، ولما کان هذا النظام و من وراء مشروعه الفکري ـ السياسي"ولاية الفقيه"، يريد تأسيس إمبراطورية دينية و السيطرة على دول المنطقة بشکل خاص و العالم الاسلامي بشکل عام، فقد أدرك بأنه کان سيصطدم آجلا أم عاجلا بدول المنطقة او المجتمع الدولي من أجل ردعه عن الامتداد السرطاني بإتجاه البلدا الاخرى و التدخل في شؤونها، ولذلك فقد وجد النظام الايراني في السلاح النووي أفضل رادع لدول المنطقة و العالم من الاصطدام به و ثنيه عن مشروعه السياسي ـ الفکري آنف الذکر.
الدور المشبوه الذي قام به النظام الايراني في المساعدة غير المباشرة للأمريکيين في کل من أفغانستان و العراق و التي کانت حجر الاساس في تحقيق النصر للأمريکان، کانت الغاية منه إقصاء دول منافسة و متربصة به مثل العراق من المواجهة ضده و جعلها من ضمن نقاط نفوذه، وان نفوذ النظام الايراني في کل من لبنان و سوريا و العراق و قطاع غزة و کذلك في مناطق من أفغانستان، هي أيضا رؤوس حراب موجهة لکل من يريد شرا بالنظام، لکن، حتى رؤوس الحراب هذه بحاجة الى غطاء من القوة من أجل حمايتها و ضمان بقائها في فلك النظام، ولذلك فإن النظام و لاسيما بعد أن إجتاح إعصار التغيير دول المنطقة على أثر الربيع العربي، وجد نفسه في حاجة ماسة جدا للإسراع ببرنامجه النووي والان و إستنادا على معلومات مستشفة من مصادر تابعة للمقاومة الايرانية، فإن النظام الايرانه قد کثف من جهوده و ضاعفها بصورة غير مسبوقة من أجل إختزال الخطى و الوصول الى هدفه المنشود بإمتلاك السلاح النووي و فرض نفسه و نفوذه بالمنطقة و العالم کأمر واقع غير قابل للنقاش.
العقوبات و الضغوط الدولية على النظام الايراني من أجل السعي لثنيه عن المضي في برنامجه النووي، هو أشبه مايکون بفتح نفق في جبال الهملايا بأبرة، حيث أن النظام و على الرغم من قوة التأثيرات التي تفرضها تلك العقوبات و الضغوط الدولية عليه، لکنه مازال يمتلك بدائل التحرك و ثغرات و مناطق فراغ ينشط من خلالها لکي يستمر بمساعيه على الضد من الرغبة الدولية، ولذلك، فإن إتفاق القوى الکبرى في الوکالة الدولية للطاقة الذرية على مشروع قرار ضد النظام الايراني ينتقد بشدة أنشطة تخصيب اليورانيوم، هو إتفاق غير مؤثر و يفتقر للفاعلية المباشرة و الاکثر من ذلك هو أيضا قابل للإختراق کغيره من القرارات الاخرى، وان الطريق الوحيد أمام المجتمع الدولي لکي يحقق هدفه المنشود بحسم الملف النووي للنظام الايراني يکمن في دعم الشعب الايراني و الوقوف معه و مع المقاومة الايرانية في کفاحهما و نضالهما من أجل الحرية و الديمقراطية، وان عامل الضغط و ورقة التأثير الوحيدة الفعالة للمجتمع الدولي ضد النظام الايراني يتجسد في هذا الطريق فقط حيث أن الشعب الايراني و مقاومته الوطنية هما اللذين سيحسمان هذه القضية عندما يحدثان التغيير المنشود بإسقاط النظام و تحقيق النظام النموذجي الذي يسعى له الشعب الايراني.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1214 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع