استذكارات - قبل وبعد الاحتلال البريطاني الأول صفحات مطوية من تاريخ البصرة الصحي

                                                    

                         محمد سهيل احمد

استذكارات - قبل وبعد الاحتلال البريطاني الأول صفحات مطوية من تاريخ البصرة الصحي

  

مستلات 

--------- * / في عام 1924 صدر قانون نقل الجنائز مترافقا مع إنشاء مستشفى مشترك للميناء وسكك الحديد في المعقل. والى جانبه أنشئت محطة للحجر الصحي سنة 1928/
** / سنة 1927 كانت اقل عددا من حيث الإصابات والوفيات وذلك يرجع إلى السرعة في ممارسة الإجراءات الصحية اللازمة لمواجهة الوباء في تلك السنة /

على الرغم من الإهمال الملحوظ لأرض السواد خلال فترة الاحتلال العثماني والذي شمل شتى مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والخدمية , إلا أن الدولة العثمانية ـ في سعيها المحموم للتنافس التجاري- أنشأت السلطات العثمانية محجرا صحياً في الفاو كانت تطلق عليه تسمية (الكرنتينة Quarintine ) وكذلك في منطقتي أبي الخصيب والصالحية .

   

       القشلة او القلعة البحرية العثمانية في قلب العشار

مواقع حربية
في تشرين الثاني من عام 1914 احتل البريطانيون مدينة البصرة شاقين طريقهم باتجاه شمال البصرة ملتحمين مع القوات العثمانية في أكثر من موقعة حربية كانت معركة الشعيبة من أبرزها, وقد توّجت تلك المعارك بتقهقر القوات العثمانية ليشق الجيش البريطاني طريقه باتجاه الكوت ومن ثم بغداد. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وجد الانكليز أنفسهم أمام عقبات تنظيمية يومية ذات صلة بسير الحياة على الصعيدين العسكري والمدني. فبدأوا باحتلال قلعة العشار (القشلة) التي أنشأها العثمانيون من اجل ترسيخ وجودهم الاستعماري والتجاري الهش . واستفاد المحتل البريطاني من مدخل نهر العشار فشيدوا على ضفته الشمالية والجنوبية مستودعات كبيرة للسلاح والوقود والترميمات إضافة إلى مرسى الدوكيارد الذي بات يستقبل عشرات السفن التجارية القادمة من والى الهند وسواحل افريقيا الشرقية وغيرها. كما إن الانكليز أفادوا من وجود عدد من المنشآت العثمانية جنوبي نهر العشار وبالذات في منطقة (المناوي باشا) والتي ضمت عدداً من الدوائر الخدمية التي كانت سابقا في خدمة الوجود العثماني إضافة إلى المقابر المخصصة لقتلاهم ضباطاً وجنوداً.

دوائر الحجر الصحي
وكان من حسن حظ البريطانيين أن الوالي العثماني المتنور مدحت باشا سعى إلى تأسيس بلدية البصرة عام 1869حيث أصبحت دائرة صحة البصرة في عهد الاحتلال البريطاني وبداية عهد الانتداب تابعة إلى البلدية التي كانت تابعة بدورها إلى دائرة الحاكم العسكري.
لقد تمثلت مهام بلدية البصرة عبر إشرافها المباشر وغير المباشر على المؤسسات الصحية كالمستشفيات والمستوصفات ودوائر الحجر الصحي. ولقد اهتمت السلطات البريطانية خلال فترة الاحتلال بأمر الحجر الصحي نظراً لان غالبية جنودها كانوا من المرتزقة الهنود والبانيان والكركة اضافة الى أعداد موسمية كبيرة من الحجاج وزوار المراقد المقدسة .
في عام 1924 صدر قانون نقل الجنائز مترافقا مع إنشاء مستشفى مشترك للميناء وسكك الحديد في المعقل. والى جانبه أنشئت محطة للحجر الصحي سنة 1928. وقد أدى ذلك الإجراء إلى تحسن وسائل الحجر الصحي تحسناً ملحوظاً. وكان يجري الكشف على كافة البواخر التجارية عند وصولها ومغادرتها وعلى السفن النهرية التي كانت تسافر بين بغداد والبصرة وتمنحها الاجراءات الصحية وجوازات السفر.
وفي سنة 1931, أي في عهد الملك فيصل الأول أصدرت مصلحة الصحة العراقية تعليمات عرفت بـ (بيان الحج إلى مكة المكرمة) تضمنت إجراءات الحجر الصحي التي تفرض على الحجاج العراقيين وغير العراقيين ومنها عدم السماح للحجاج بمغادرة الحدود إلا بعد انقضاء سبعة أيام على مغادرة الحجاز حيث يتم فحصهم في اثناء وجودهم في الرحبة ولا يسمح بمغادرتهم إلا بعد ظهور نتائج الفحص. وعند ثبوت أية إصابة بالإمراض ينتقل لمصاب إلى المستشفى للمعالجة والعزل.

أمراض وأوبئة

لقد تنوعت مصادر الأمراض التي مرت على البصرة, وعموماً العراق, حسب مصادرها فهناك الأمراض المتوطنة وهي التي تتولد في مراكز محلية محدودة كالملاريا. والأمراض الوافدة وهي الأمراض التي تدخل البلد مع الداخلين في المناطق الموبوءة كالكوليرا والطاعون التي كانت تأتي من الهند والصين وإيران كمحصلة للحراك التجاري والأنشطة ذات الطابع الديني. أما الأمراض الانتقالية فهي الأمراض التي تصيب الحيوانات وتنتقل منها للإنسان كالسحايا والحمى القرمزية وداء الكلب والأمراض الوبائية Epidemic وهي أمراض سريعة الانتشار وتكون على شكل موجات وتنقسم إلى ثلاث مجموعات أخطرها مجموعة الطاعون والكوليرا والجدري والحمى الصفراء.
لقد اجتاح الطاعون البصرة عدة مرات في العهد العثماني حتى أواخر القرن التاسع عشر.لكن عمليات التطعيم ضد المرض ساعدت في القضاء على هذا الوباء حيث بلغ عدد الملقحين للفترة بين 1919– 1925 مايعادل 44752 نسمة في البصرة لوحدها . أما الكوليرا فقد ظهرت للمرة الأولى في الهند سنة 1817 حيث شملت القارة الهندية بأكملها ودخلت منطقة الخليج العربي سنة 1821 عندما هاجمت عمان والبحرين والساحل الشرقي للخليج العربي ووصلت للبصرة ثلاث مرات خلال الفترات 1923-1927- 1931. ففي المرة الأولى انتقل الوباء من عبادان مع العمال الإيرانيين الذين عملوا في مراسي البصرة وعنابرها وجاءت الموجة الثانية في عبادان أيضا, أما الموجة الثالثة فقد انتقلت بواسطة السفن التجارية إلى موانئ الخليج ومن ضمنها البصرة في سنة 1931. يتضح من ذلك أن سنة 1927 كانت اقل عددا في الإصابات والوفيات وذلك يرجع إلى السرعة في ممارسة الإجراءات الصحية اللازمة لمواجهة الوباء في تلك السنة.

--------
احالات
------
*كتاب ( التاريخ الصحي لمدينة البصرة أواخر العهد العثماني حتى سنة 1939 ) لمؤلفه البروفيسور جعفر عبد الدائم المنصور .
** كتاب ( بلدية البصرة ) لمؤلفه المرحوم رجب بركات المستشار القضائي لبلدية البصرة .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

745 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع