الدكتور صلاح رشيد الصالحي
جزء من لوح النصر للملك شمشي-أدد الأول
تعريف بلوح النصر: اللوح من حجر الديوريت الأسود، الارتفاع (59) سم (⅜ 19 بوصة)، والعرض (55) سم (¾ 21 بوصة) يعود إلى عهد شمشي-أدد الأول (1808-1776) ق.م.
نحت هذا اللوح على الجانبين، أحدها لا يزال يحمل آثار كتابة باللغة الأكدية ربما كان الجزء العلوي من اللوح مقوسا، يمثل هذا الجزء بقايا ما يجب أن تكون وثيقة ملكية آشورية، فقد ذكر في النقش (الشكل 1 يسارا) الانتصار على مدينة قبارا (Qabara) التي تقع على الزاب الاسفل أحد روافد نهر دجلة، وعلى الرغم من أن اسم الملك المنتصر اختفى بسبب كسر في اللوح إلا أن اللوح جاء من المنطقة التي يسيطر عليها شمشي- أدد الأول، وربما كلف الملك الاشوري بإنجاز هذا اللوح، هناك أيضا لوحة أخرى تخلد ذكرى نفس المعركة وتعود إلى دادوشا ابن ايبق-أدد (Dadusha) ملك اشنونا (Eshnunna) (1797-1786) ق.م، ولذلك فمن المحتمل اللوح الآشوري هو ذكرى انتصار الحملة العسكرية المشتركة بقيادة شمشي–أدد الأول ملك مدينة اكيلاتوم (Ekallatum) (بمعنى مدينة آشور) في شمال بلاد الرافدين، ودادوشا (Dadusha) ملك اشنونا في منطقة ديالى (تمتد في المثلث المحصور ما بين دجلة وديالى وسفوح مرتفعات زاكروس شرقا) ضد بونو-عشتار ملك قبارا (Qabara) بمعنى مملكة اربائيلو (Urbilum) (مدينة أربيل الحالية) والمنطقة المحيطة بها.
تم تجسيد الشخصية القتالية على جانب واحد تصور الملك المنتصر في وضع الإله أدد: يلوح بفأس المعركة (بالأكدى فاسو) (Pasu)، وبالسومرية (aga-gin)، ويدوس على ضحيته بقدمه، وفكرة تصميم اللوح تعود إلى الألفية الثالثة ق.م، اما ثوب الملك فهو يترك الكتف عاريا ويمتد إلى الركبتين.
الشكل 1: لوحة النصر تخلد انتصار شمشي-أدد الأول ضد بونو-عشتار ملك قبارا (أربيل)، صور الملك يضرب عدوه بالفأس (اليمين)، وأسير (ملكي؟) مقيد (اليسار) تعود اللوحة إلى العصر الآشوري القديم للملك شمشي-أداد الأول (من مقتنيات قسم الشرق القديم، متحف اللوفر، باريس)
كما يظهر تطريز على حاشية الثوب وهناك شال (shawl) وحزام، هذه الملابس نموذجية للملك في المعركة، كما يرتدي الملك أيضا مجوهرات على معصمه وحول رقبته، بما في ذلك قلادة معلقة بسلسلة، بينما يرتدي الشخص المواجه نوعا من الثياب العسكرية -وهو ثوب قصير مفتوح من الأمام مع حواف ذات اهداب أو شراشيب تصل تحت الركبتين -يعتقد أنه ضابط في الجيش الآشوري-وربما الضحية الجالس القرفصاء هو بونو-عشتار ملك أربيل، وهو يرتدي ثوب طويل وفتحة الرقبة على شكل (V) والأكمام قصيرة ومطرزة على طول الحافة.
على الجانب الآخر من اللوحة، يقف رجلان وجهاً لوجه بينهما نقش بالخط المسماري، وقد تم ربط اليدين، ربما يمثل ملكا مهزوما، كلا الشكلين يرتديان ملابس ملكية مع شراشيب مزدوجة أو حاشية، والشكل الواقف المقيد عليه نوع من الشبكة على الكتف الأيسر العاري من الثوب ذو الاهداب، ومن الصعب أن نقول ما إذا كان شكل الشبكة صور كقطعة من الملابس أو على الأرجح نوع من الشبكة التي ألقيت فوق رأس الشخص، فسابقا كان يتم مسك الأعداء بواسطة الشبكة وهي من تقاليد وعادات بلاد الرافدين واعتبرت هنا أسلوبا فنيا له دلاله رمزية وواقعية.
شكل 2: اكتشفت مسلة دادوشا ملك اشنونا من قبل علماء الآثار العراقيون في الثمانينات القرن الماضي في حقل ضمن موقع قريب من تل أسمر، موقع اشنونا القديم وهي من مقتنيات المتحف العراقي في بغداد: (1) في المشهد الأعلى من المسلة يحتوي على شخصيتين كل منهما يواجه الاخر، ويمكن التعرف على الشخصية في جهة اليسار وتمثل بطولة الملك دادوشا، وهو يقتل بونو-عشتار المطروح أرضا وعليه قدم ملك اشنونا، أما الشكل المقابل له فمجهول، ويمكن أن يكون ولي العهد، أو ربما جنرال في جيش اشنونا، في الأعلى شكلين هما قرص الشمس والهلال وهما رموز الإلهين شمش، وسين، وفي اسفل المشهد يظهر سور مدينة قبارا، (2) المشهد الثاني قتل الأعداء بالفأس في المناطق الجبلية، (3) المشهد الثالث الذي يليه تقيد الأسرى في المناطق الجبلية، (4) المشهد الرابع في الأخير رؤوس جنود العدو مقطوعة والنسور تنهش فيها.
نظرا لأن الاشكال في لوح شمشي-أدد الأول تواجه بعضها البعض، فإنها لا تعني وجود موكب من الاعداء المهزومين (لأنه سيتم نحتهم عادة في نفس الاتجاه) ومع ذلك، فإن الملابس متشابهة والأبطال بنفس الحجم، مما يشير إلى أن الشخص الثاني (الذي اختفت يديه) يمكن أن يمثل أيضا أسيرا ملكيا، على العموم لدينا نص للملك دادوشا يصف انتصاره على ملك قبارا وبالتعاون مع الملك الاشوري شمشي-أدد الأول:
(أدد، المحارب، نجل آنوم (Anum) (إله السماء آنو)، الذي أعطته الآلهة العظام السلطة في نهاية المطاف، صراخه العظيم يجعل السماء والأرض ترتعش... فهو البرق المرعب (و) المطر الذي يدمر العدو في البرية ... أدد، المحارب الكامل الذي يجدد مصائر الملك دائما...).
(دادوشا ، ابن إيبق-أدد، الملك القوي... حبيب تشباك... ملك اشنونا، البذرة الأبدية...)، (...في ذلك الوقت قبارا (Qabara)، لا أحد من الأمراء أسلافي الذين حكموا في اشنونا، ولا الملوك الذين حكموا في العالم كله، ولا ملك على الإطلاق قد غامر لمحاصرة المدينة... بعثت عشرة آلاف جندي من المحاربين الاشداء مع الأسلحة القوية للآلهة تشبتاك، وأدد، سرت عبر أراضيها مثل -kašušum البرية (بمعنى التدمير الإلهي)، لم تصدر من القوات المتحالفة معه وجميع محاربيه أي مقاومة اتجاهي، أنا استوليت وبنطاق واسع على المدن توتارتا (Tutarta)، وحاتكوم (Hatkum)، وحورارا (Hurara)، و كيرحوم (Kirhum) ومستوطناته الواسعة، أنا استوليت عليهم بسلاحي، أنا أخذت آلهتهم، وغنائمهم وثرواتهم الثمينة ونقلتها إلى اشنونا عاصمة بلدي الملكية، أنا استوليت على المناطق المحيطة وسحقت أرضه الواسعة (يقصد الملك بونو-عشتار)، واقتربت من مدينة قبارا المهيبة، مدينته الرئيسة، حاصرتها في عشرة أيام واستوليت عليها وعلى سورها العظيم، وبقوتي الكبيرة قطعت رأس ملكها بونو-عشتار وجلبت رأسه إلى اشنونا، الملوك الذين ساندوه وحلفائه حل عليهم الصمت المميت، أنا جلبت الغنائم الكثيرة، وكنوز المدينة الثقيلة من الذهب والفضة والأحجار الكريمة، والحاجات الجميلة إلى اشنونا عاصمة بلدي الملكية، وعرضتها أمام جميع الناس، صغارا وكبارا، من الأرض العلوية وإلى السفلية وكل ما تبقى في هذه البلاد من اراضيها الشاسعة ومستوطناتها.... أنا أعطيتها هدية إلى شمشي-أدد ملك اكيلاتوم... وإلى أعالي بلاد سوبارتوم (منطقة آشور وشمال سوريا)، ومن بلاد بوروندا (Burunda) وبلاد إيتوحاتي (Etuhti) إلى جبل ديلوبا (Diluba) وجبل لولوم (Lullum)، هذه البلاد أنا سحقتها بغضب وبسلاحي القوي... أنا بنيت دور-دادوشا، مدينتي الحدودية على ضفاف نهر دجلة، واقمت مسلتي في معبد الإله أدد الذي رفع اشنونا بلدي لتطغي على بلاد العدو...) وهكذا قتل بونو-عشتار ملك بلاد اربيل (Urbel) وسحقت قواته، وبعد هذا الانتصار الرائع وما تلته من انتصارات شيد دادوشا قلعة حصينة أطلق عليها أسم (دور-دادوشا) بمعنى حصن دادوشا.
651 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع