بسام شكري
سر الوشم
الوشم والوسم كلمتين متشابهتين باللفظ والمعنى فالوسم هي العلامات التي يضعها الناس قديما على ما يملكون من الاشياء أو الحيوانات كالخيل والجمال والاغنام والبقر للتعريف بمالكها فهي اما علامات او حروف او اشكال هندسية وتعرف ماشية أي شخص من خلال تلك العلامات التي كانت تعتبر في السابق وما زالت بمثابة ختم التعريف فلكل مالك ابل او ابقار له وسم خاص به , وهناك الوسم بالألوان والاصباغ او الوسم بقطعة معدنية حارة والاداة المستعملة في عمل الوسم هي قطعة حديد يتم وضعها في النار حتى تصبح حمراء اللون وتوضع على مكان معين من الحيوان وغالبا ما يكون اليد او الرجل واسمها ميسم وكلمة ميسم تطلق أيضا على الاماكن التي يمشي عليها الانسان عندما يمر من مكان معين في الجبال والسهول فيترك اثاره عليها وتزول الأعشاب منها فتصبح طرق طبيعية وقد استعمل العرب قديما اسم ميسم كاسم للمرأة تبركا وتفاؤلا بالفتاة للدلالة على اصالتها وقد انقرض اسلوب وسم الحيوانات في الكثير من الدول واستبدلت بأرقام بلاستيكية صغيرة يتم وضعها على اذن الحيوان ويتم تسجيل كافة البيانات الخاصة بالحيوان وتحفظ في جهاز الكومبيوتر وحسب القوانين الأوروبية فان أي حيوان في أوروبا يجب ان يكون له رقم وهو رقم ملفه الذي يحمل كل المعلومات عنه , اما الوشم فهي العلامات التي يستعملها الانسان على جسمه باستعمال ثلاثة اساليب هي قشرة ثمرة الجوز او الحناء او استعمال الإبرة في احداث اثار دائميه على الجسم وللوشم عدة استعمالات وبعدة اساليب وهي :
الوشم بقشرة ثمرة الجوز
الوشم بقشرة ثمرة الجوز ويطلق عليه في الشرق الاوسط الديرم ويستعمله العرب وبقية شعوب الشرق الاوسط منذ القدم وكذلك استعمل زيت الجوز الرومان كدواء والديرم هو وشم لإظهار جمال المرأة ومضاد قوي للجراثيم والبكتريا في نفس الوقت ويحتوي زيت ثمار الجوز على عدة احماض تفيد في علاج التجاعيد والهالات السوداء حول العينين وتقشر الشعر وتساقطه وتعمل على نعومة اليدين وتغذية البشرة وعلاج التشققات وتلك الاحماض مضادات حيوية طبيعية للالتهابات والفطريات والأكزيما. وقد تستعمل المرأة العربية فروع واغصان شجرة الجوز الطرية في بداية الربيع كأحمر شفاه بلونه الاحمر الغامق.
وتستعمل المرأة العربية الديرم لمدة شهر واحد في الغالب خلال السنة عندما تكون حبة الجوز مازالت خضراء وطرية قبل نضوجها وتقوم باستعمال قشرة الجوز بان تمسحها على شفتها بدلا من احمر الشفاه وعلى جفونها لتعطي ظلال بنفسجية للعين او تعمل منها اشكال هندسة وزهور على اليدين او القدمين او تضعه حول السرة لمنع دخول الجراثيم والمثير والمفيد في الديرم انه لا يزول الا بعد شهر تقريبا على الرغم من غسل الوجه او المنطقة يوميا ولو لامست ثمرة الجوز الطرية اليد فانه من الصعوبة ازالة اللون لذلك تقوم المرأة بمسك الثمرة بقطعة قماش عندما تستعملها للمكياج واما التحكم باللون واقترابه من الاخضر او البنفسجي حسب نضوج ثمرة الجوز فكلما نضجت اصبح اللون اقرب الى اللون الاخضر والى الان لم تتمكن شركات التجميل من ايجاد وسيلة لتصنيع تلك المادة الطبيعية وحفظها داخل علب لاستخدامها طوال اشهر السنة .
الوشم بالحناء
والوشم بالحناء قديم عند الشعوب الشرقية التي تعتبر الحناء نباتا مقدسا وتستعمل في مناسبات الزواج والميلاد والنذور وهناك ليلة خاصة قبل ليلة زفاف العروس تسمى ليلة الحنة حيث تجتمع العائلة والمقربين من اصدقاء العروسين لوضع الحنة على ايديهم جميعا للتبرك بها وتناول العشاء مع الاحتفال والموسيقى وبعض الاغاني الخاصة بالمناسبة وفي هذه المناسبة فقط يستعمل الرجل الشرقي الحناء للزينة , وفي العادة تتجمل المرأة العربية بالحناء مرة واحدة اسبوعيا وتضعها على شكل نقوش وازهار وعلامات على اليدين والارجل حيث ان الحناء تزول بعد اسبوع من استعمالها نتيجة لغسل اليدين والارجل بالماء واستعمال الحناء اسبوعيا يعطي فرصة اكبر لتنوع الاشكال الهندسية للوشم لكل مرة وتغيير اماكن استعمالها في جسم المرأة واليوم هناك شركات حناء خاصة في البلدان العربية وخصوصا في دبي تديرها نساء وفتحت لها فروع في اماكن مختلفة من العالم ولها اسماء تجارية وكل شركة تستعمل نماذجها الخاصة بها والمسجلة باسمها كنوع من الملكية الفكرية وقد توسعت تلك الشركات لان وشم الحناء عليه طلب اسبوعي بعكس وشم الابرة الذي يتم عمله مرة واحدة فقط في حياة الانسان . ومن المعروف ان المرأة العربية تستعمل الحناء كذلك لصبغ شعرها بعد خلط كمية من الحناء مع القهوة وقشور الرمان المسحوقة ولحاء شجرة الجفت مع بيضة واحدة وقليل من الكركم حيث تتحكم بطبقات لون الحنة من خلال زيادة او نقصان تلك المكونات.
الوشم بالإبرة كعلاج
اول ما استعمل الانسان هذا النوع من الوشم كنوع من انواع العلاج التي استعملها الاقوام القديمة وتناقلته الاجيال الى يومنا هذا لعلاج امراض متعددة بأسلوب مشابه للعلاج بالإبر الصينية لكن المختلف في ذلك العلاج انه يتم اخراج الدم من الجسم الذي يخلف اللون الأزرق على الجلد ويعتمد بالأساس على الوصول بعمق اكثر من الابر الصينية الى الاعصاب المرتبطة بموضوع الالم او بأعصاب اخرى تؤثر على تلك الاعصاب بطريقة مباشرة او غير مباشرة وترسل ترددات الى ماكن اخرى في الجسم لتحركها , تؤدي كل تلك الاساليب في النهاية الى الشفاء فمثلا لإعادة التوازن الى الانسان مثلا يتم الوشم على شكل وردة او نجمة مثمنة على الصدغ ( مكان يبدا من نهاية الحاجب وينتهي عند اعلى شعر السوالف) ويقوم بترتيب اماكن الطاقة الحيوية بحيث تعمل اعضاء الجسم بشكل طبيعي وتؤدي الغدد وظائفها بشكل مستمر . ولتقوية الرقبة يتم وشم اعلى يسار الكف اليسرى عند التقاء الكف بالمعصم او المنطقة الواقعة بين الابهام والسبابة عند فتح الكف وتلك الوردة تظل ترسل الاشارات الى مراكز اعصاب في اماكن مختلفة من الجسم لتؤدي الى الشفاء وقد يتم وضع النجوم المتسلسلة في مناطق معينة من الظهر او تحت الركبة من الخلف او الرقبة وهناك اشخاص متخصصين تناقلوا خبرتهم عبر الاجيال واضافوا اليها خبرة من خلال تجاربهم المستمرة وهؤلاء الاشخاص يعرفون اماكن وضع وشم معين لكل الم او مرض بحيث اذا تم الوشم يكون شفاء المريض شفاء تاما وأسلوب الوشم وبغرزه الى نقطة اعمق واخراج الدم من الجسم وبالشكل الهندسي للوشم سيضمن استمرار ارسال الاشارات الى الاعصاب مادام الوشم موجود فيستمر الشفاء. ما زالت اماكن كثيرة في الشرق الى الان تستعمل الوشم كعلاج. واما اشكال الوشم العلاجي فهي النجمة الثمانية والنجمة ذات الاثني عشر راسا والنجمة الخماسية وذات السبعة رؤوس وليس في الوشم العلاجي أي رسوم او خطوط مستقيمة بل يعتمد جميعه على النجوم والورود ويستعمل العرب نساء ورجال الوشم العلاجي.
الوشم بالإبرة للدلالة
هذا النوع من الوشم للنساء فقط حيث يستعمل الوشم للدلالة وتستعمله القبائل البدوية في اماكن مختلفة في بادية العراق والشام وشمال السعودية والمناطق العربية في جنوب تركيا , ففي زمن كانت المرأة البدوية تخرج من البيت وتختلط بالغرباء في الصحراء وللتعرف على نساء كل قبيلة حتى يعرفها الاخرين بدون الحاجة الى ان تعرف بنفسها بالكلام فقد تم اختيار وشم معين لكل قبيلة مثل نقطة واحدة على الانف او ثلاث نقط على الخد او نقطة على الانف وثلاث نقط على الخد او ثلاث نقاط على الحنك او نقطة على الحنك وثلاث نقاط على الخد وغيرها من العلامات وقد قال لي بعض البدو من قبائل الجبور في منطقة الشرقاط جنوب مدينة الموصل بان وضع النقاط الثلاثة على حنك المراءة يجعلها لا تعاني من الصداع او الم اسفل الظهر وتلد الذكور اكثر من الاناث بعكس الطبيعة البشرية التي هي عادة ان النساء تلد الاناث اكثر من الذكور وليس لدي أي مصدر علمي يؤكد ذلك الرأي واعتقد انها معتقدات شعبية. والى يومنا هذا يمكن مشاهدة تلك العلامات الجميلة على وجه المرأة البدوية في المدن الكبيرة والمطارات.
الوشم بالإبرة كنوع من انواع الزينة والمكياج للمراءة
تستعمل المرأة العربية الوشم كنوع من المكياج الدائم ولا يستعمل الرجل الشرقي الوشم لزيين الجسم وهناك نساء متخصصات في عمل ذلك الوشم المكياج حيث تقوم مثلا بإزالة شعر الحاجب كليا وتضع الوشم مكان الحاجب على شكل خط هلالي الشكل مما يمنع نمو شعر الحاجب ويبقى اللون الازرق في مكان الحاجب وتضع بعض الاشكال الجميلة على منطقة الحنك او تضع الوشم على كامل الشفتين وبعض النقاط او النجوم الصغيرة على الرقبة و أي مكان اخر تختاره وتضع الوشم على اصابع اليد والرجل على شكل نجوم تبدا من نهاية الاظافر وتنتهي عند معصم اليد او الرجل . وقد اختفت عادة استعمال الوشم بالآبرة للزينة تقريبا من قبل المرأة العربية وذلك لكثرة مواد التجميل المتوفرة في الاسواق ولان وشم الزينة يقوم بتشويه جسم المرأة واحداث عاهة مستديمة لها. وقد انتشر الوشم في الغرب في السبعينات بشكل كبير بعد انتقاله من الجنود الأمريكيين المشاركين في حرب فيتنام والذي تميز بتعدد الألوان حيث يتم وضع الوان طبيعية خلال عملية الوشم وخروج الدم من الجلد وبعد جفاف الجل تبقى الألوان التي تم وضعها بدلا من اللون الأزرق المعتاد وأصبحت عملية الوشم مهنة تدر مبالغ جيدة ويتم عمل الوشم في الغرب الان بمكائن كهربائية وقد انتشر الوشم بشكل كبير بين لاعبي كرة القدم خلال السنوات القليلة الماضية وقد منع استعماله في فرق كرة القدم الألمانية في الفترة الأخيرة حيث أجريت أبحاث وتبين انه يقلل اكثر من 15% من قدرة الاعب البدنية بعكس الحجامة التي ترفع من قدرة الاعب البدنية.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1734 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع