جابر الخيرالله
دَعَونا نَحَلّم ..بمجتمع الرفاهية...
ما أجمل أن ترفع الدولة في العراق شعاراً يقول:
أيدلوجيتنا ( مجتمع الرفاهية ).
لا قومية ولا إسلامية ولابعثية ولادعوچیة ولا مجلسية ولا تيارية.
لاتَمّطوا شفاهكم عجباً !
ربما تتسائلون .... أو يمكن أن يكون هذا ؟
نعم ..... وبكل ثقة وإقتدار .......
دولة بلا شعارات، لن تسمعوا فيها أمة عربية واحدة، ولا الإسلام هو الحل، ولا قال الرفيق وعلّقت الرفيقة، ولا رعاة لقطيع يسوقونه تحت شعار كُلكم راعٍ وكُلكم مسؤول عن رعيته، ولابدَّ لرعاة الأمة من راعي كبير يهش عليهم بعصاه أو يعزف لهم على مزماره ليباشروا بدخول الحضيرة متى شاء سماحته ........
منذ العقد الخامس من القرن الماضي وإلى يومنا هذا في العقد الثاني من القرن الحالي، عاشت الرعية خوفاً تحت عصا الراعي القومي الذي يُفكّر بالقومية العربية متناسياً المواطنة العراقية، ليلحقه أخر يُفكّر بالشيوعية الأممية ومحاربة الإمبريالية العالمية على حساب المواطنة العراقية.
ومن بعدهم جَرّبَ الإسلاميون رؤيتهم، منذ مطلع القرن، بأممية الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان بأدوات تراثية بائسة، جوهرها الحاكمية الآلهية، وولاية الفقيه النراقي التي لم يحصد منها العراقي غير شعارات جوفاء لاتسمن ولا تغني عن جوع، والمفارقة أنهم بفشلهم اليوم يدفعون الناس من الإسلام إلى الإلحاد، ومن يستنكر عليَّ هذا القول، أرجوه أن يراجع أعداد وأصناف الفارين من الإسلام لفشل المتأسلمين بتسويق الإسلام كما يجب وينبغي.
الفارون بجلودهم ليسوا من المفكرين الذين اختلطت عليهم صفات الذات بصفات الأفعال؟
او ممن يتجادلون هل كتاب الله قديم أم محدث ؟
أناس بسطاء قتلتهم البطالة حتى تصوروا أن شعارات الإسلاميين، هي الإسلام، فنفروا منه .......
إذا ما الحل ؟
الحل في الدولة المدنية التي عمادها المواطنة لا القومية ولا الدين .
هناك قاسم مشترك بين العربي والكردي والتركماني ، وبين السني والشيعي والمسيحي والمندائي والآيزيدي والشبكي، والشيوعي والقومي والإسلامي والعلماني واللا ادري من أين جئنا وإلى أين سنصير.....
هذا القاسم المشترك هو حاجاته الاقتصادية التي يتوجب على الدولة توفيرها بتوفير الموارد والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية وصولاً لمجتمع الرفاهية الذي تكون فيه الدولة كقلب الأم، تخدمهم وفق عقد اجتماعي واضح المعالم، أساسه المواطنة، الجميع يعرف حقوقه وواجباته، لاواجبات بلا حقوق، ولاحقوق بلا واجبات للقادرين منهم، جميعهم أمام القانون بخط شروع واحد، وهنا سيظهر مفهوم المساواة.
وهذا يتطلب وجود قانون مدني، روحه ونصوصه قيم أخلاقية.
روح الإسلام لا تتعارض مع الأخلاق منذ اللحظة التي قال فيها نبي الإسلام صل الله عليه و آله، إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق.
كل هذا لا يتحقق إذا اشتركت الأحزاب الدينية بتطبيق نهجها عبر السيطرة على مفاصل الدولة، وسيتحول هدف الدولة من تحقيق مجتمع الرفاهية إلى الرقابة على إيمان الناس للأخذ بأيديهم إلى رؤية الحزب الدينية على حساب حرية الإيمان والاعتقاد وسيكونون هنا وكلاء الله المكلفون بتطبيق شرعه ووفق رؤيتهم التي لا تتعدى ان تكون قراءة قد تصح او لا تصح........
والتجربة أكبر برهان .........
الدولة المدنية العلمانية لا تفصل الدين عن المجتمع، إنما تفصل الدولة عن رجال الدين، وتمنعهم من الإتجار بالإيمان والدين، وحينها لايمكن نسبة فشلهم إلى الدين الذي تفر منه الناس افوجاً بعد أن كانت قد دخلته افواجاً .......
جابر الخيرالله
717 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع