الطاف عبد الحميد
قرأت ألف ألف مقال ، وسمعت كل ماقاله قائل في السياسة سائسا كان أو مساس وشاهدت كل الاتجاهات المتعاكسة والمشاكسة والتقارير التي وأدتها اللجان ...
وتابعت كل جلسات البرلمان التعويقية والمقتولة بسلاح النصاب ، وأحصيت العمائم السوداء والبيضاء والمحجبات والفارعات والمتحدثات صمتا ، والمتحدثات طول الاوقات وأحصيت غير المتغيبين لقلتهم وأهملت كثيرالغائبين لكثرتهم وإنعدام الفائدة فيهم ، السائحين في بلاد الغال وبلاد الجمال وبلدان السعادة وحقوق الانسان ، أبحرت في بحر السايكولوجيا البشرية أستقرىء عمل الرئيس الذي لايشار له بالبنان ، حضرت وقرأت كل محاضر المؤتمرات ، وتقصيت أسباب التظاهر والتخندق والتناحر والاقصاء والناهب والمنهوب والبطالة والعطالة وضخامة الميزانية وضخامة الفقر والثراء وبحثت في الدين عن رجال الدين ، هم انواعا ثلاثة ، رجل دين تحول الى ىسياسي وسياسي تحول الى رجل دين ، وسياسي ضيع نفسه وناخبيه بين السياسة والدين ، وعن الساسة الذين لم يمتهنوا السياسة وعن البرلمانيين اللصوص الفاسدين والمفسدين بنقل العدوى والانفلات من العقاب تحت ضغط الحصانة الملعونة وعن قاذفي الشتائم وعن المقذوفين وعن القانون والاقانون وعن زعماء الكتل المتكتلة والمتوحدة على مضرة الناس والمختلفة حتى النخاع في تبادل التهم وتبني الميليشيات وألمقتدرين بسطوة الطاعة ، كطاعة العبيد للاسياد وعن أسباب فقدان الامان وتوفر المفخخات من كل الانواع ، سيارات دراجات لاصقة طائرة قافزة عن قرب عن بعد صوتية كواتم تهديد إختطاف ، وبعد سنين بحثي شهرت يقيني الذي سيقيني من معاناتي فقد وصلت بعد جهيد جهد الى شجرة (حنين ) وأصطحبت خفه المتهرىء ، وعدت الى بيتي محملا بالقنوط والنكوص واليأس وألانكفاء وقررت ركوب البحر مقلدا سندبادنا البغدادي علي أجد في أصقاع الدنيا حلا لما لاحل له ، أو نصيحة تنفذ في جهلنا وتقوم أخطائنا لنبني ماإنهدم ونعمر ماإنكسر ونكسر شوكة التصارع والتناحر والالم ، ركبت سفينة العقل مبحرا الى مقصدي ، شاطيء يبيح للناس الرسو عليه بقصدية فك الطلاسم والالغاز والانعتاق من حبس البلادة وأسر الفكر وبيع العقل والعمى باستخدام عيون الاخرين من العميان ، بعد أن قذفني ربان السفينة الى اليابسة ، قال لي ايها البليد لايكون في كوننا سندبادين ، تقبلت شتيمته المتواضعة لكوني محصن من كل انواع الشتائم والصفعات والركلات والكيبلات وقطع الاطراف وتمزيق الاجساد والاعدامات في البيت وفي السرداب وفوق السطوح وفي االشارع وفي المسجد وأثناء السجود ، وما الغريب في ذلك فأنا عراقي ومادمت كبيرا في السن فقد تلقيت كل هدايا السلطات المتعاقبة المنقلبة على بعضها والتي إجتث أولها ثانيها وأجتث ثالثها رابعها وهكذا دواليك ، بيان رقم واحد ثم يليه بيان رقم واحد وواحد يجتث الواحد ولايبقى الا وجه ربك الواحد ، جلست على الشاطىء أتأمل وأتفكر وأترقب ، وفجأة ظهر من جوف البحر حوت كأنه سفينة أو غواصة ، صاح بي أيها الصغير ، سأجيب على أسئلتك وأفك لك عقدك وأبين لك كل خافية ، قلت مرحبا أيها الحوت أنت مناي وقد إجتزت بحرا لالتقيك لابارك الله فيمن أعرفهم وبارك الله فيك ، عجل ، عجل الله بإطلاق لسانك بالحل ، قال الحوت أيها الحمار ، لما لم تسألني كيف أصبحت حوتا ، وبقيت أنت صعلوكا ، قلت مهلا أيها الحوت سامحني كنت سأسألك نفس السؤال ، وكيف أصبحت حوتا أيها الحوت ، قال الحوت كنت برلمانيا صغيرا في العراق وحضرت جلستين فقط وأخذت صكا وجوازا وحصانة وحصان طائر وفانوس سحري دلكت الفانوس وظهر الوحش، وقال لي أنا خادم البرلمان أيها الانسان لك مني ماتريد ، قلت له اريد مالاكثير ، قال خادم المصباح بما عندك أصبحت حوتا ، وقد كنت أنتظر أن تخرجني من القمقم لاستدين منك ، ثم قال لي كن حوتا فكنت ، قلت وما العمل ، أنا لاأريد أن أكون حوتا وأسرق أموال الله وأموال الناس ، بل قل أني لسبب غير هذا جئت ، قال الحوت ، يظهر أنك غشيم ، إنتظر وأسأل الديناصور سيأتي مساء الى هنا فأنا لا أفهم لغة الحمير ، في المساء ، قال الديناصور أيها الفأر ، ماذا تريد مني ولما لم تسمع نصيحة الحوت ، قلت له عجبا وكيف عرفت مادار بيني وبين الحوت ، قال لاعليك لنا وسائلنا فما عندنا من أموال قرب لنا البعيد وحول المستحيل الى ممكن قلت سمعت إنكم إنقرضتم قبل ألاف السنين ، كيف نجوت من الانقراض أيها الجبل الديناصوري ، قال فعلا أنت حمار كقول الحوت فيك ، أنا ديناصور بشري ، الا ترى أني أكلمك باللهجة العراقية ، قلت وكيف عرفت مادار بيني وبين الحوت من أحاديث ، قال حصلنا على أجهزة التخاطر عن بعد ونحن نستخدمها بيننا ، قلت وهل يوجد مثل هذا الجهاز؟ ، قال الديناصور نعم وهبتنا إياه الشركة التي باعت لكم اجهزة كشف المتفجرات ، الكاذبة ، قلت أيها الديناصور الملعون لقد تسببت بقتل الالاف بإستخدامنا لهذه الاجهزة ، والسبب أنك قد أخذت ماليس لك ، ووافقت على قتلنا ، قال الديناصور منسحبا ومزلزلا الارض تحت أقدامه ، يبدو لي أنك لاتتقبل النصيحة ولا تريد الانتساب الى عالمنا العظيم , إنتظر وسيأتيك صباحا زائر جديد يحمل فانوسا سحريا تمكن من الهرب من العراق يريد الانتماء الى عالمنا ، في الصباح ، أهلا بالسيد الوزير من جاء بك الى هنا ، قال مقاطعا ومن تكون أنت ، قلت سيدي الوزير أنا مواطن عراقي مضى على تخرجي من الجامعة ستة سنوات ولم يجري تعييني في وظيفة ، ولا أعرف السبب وقد أبحرت الى هذا الشاطيء ، الموصوف بأنه مشابه لوادي عبقر في جاهلية العربان ، على أقع على ماتفعله الحكومة بنا اسبابه ومسبباته وإيجاد الحل العصي والمستعصي علىينا وعلى الملائكة وملوك الجان، وقد ألتقيت بالحوت والديناصور ، وقد أخبرني الديناصور بقدومك الميمون ، قال الوزير ، انتظر قليلا كي أسترد أنفاسي فقد جئت لتوي من سفر طويل وقعت فيها عقودا وأشتريت للعراق سلاحا ، ليقاتل فيه وطائرات لاتطير مؤدلجة بالذكاء الصناعي سلمية تأبى العنف والحرب والتحارب ، وبما اننا نتحارب بيننا ، فقد اشتريت سلاحا غالي الثمن له القدرة على التدمير الذاتي ، أي أن السلاح لايكون صالحا حال إستخدامه وبذلك ينجو الشعب المدفوع من جوارنا دفعا وركلا وصفعا من الحرب الاهلية المؤهل دائما لخوضها ، وقد كأفأتني الشركات المنتجة للاسلحة وأعطتني نصف مبلغ الصفقة البالغ عشرة مليارات دولار، وزودوني بالفانوس السحري وأوصولوني الى شاطيء جزيرة الحيتان السمينة والحمد لله إن بحرنا لم يصل اليه حتى الان أي حوت عربي أو أجنبي ، فقد أصبح البحر عراقيا بإمتياز، قلت وماذ أنت فاعل بالفانوس ؟،قال إنتظر ، دلك الفانوس وخرج الوحش ، وقال أنا خادم الفانوس ، قل أيها الملياردير ماذ تريد ، قال الوزير أريد أن تنقلني الى سويسرا لاودع أموالي في البنوك السويسرية ، وأشتري جزيرة صغيرة لاولادي ويخت فاخر لزوجتي وأستبدل اسمي ولوني وديني ، وأن تأخذ هذا البشر الغبي الذي بجانبي الى بلده لتتوسط له بتعيينه في أحد المصحات العقلية ، قال الوحش أيها الوزير طلباتك كثيرة وأموالك لاأقدر لكثرتها أن اطير بها ، وشراء الجزيرة متعذر علي والانسان الذي بجانبك حكيم وليس مجنون ، وأنا لايشرفني خدمتك أيها الوزير ، مالم تحكي لي عما يحدث في بلدكم ، فأنا حبيس الفانوس منذ العصر العباسي وماسمعت أو شاهدت مثلكم ، فقد كنت في بغداد قبل أيام وشاهدت مايعانيه شعبكم ، من الضيق والفقر والسكن وتسامي الامن بخارا ، وقد نهبت لوحدك مايعمر مدينتين ، ويعادل ميزانية دولة صغيرة ، قال الوزير ، عليك الطاعة والتنفيذ وإلا حبستك في قمقمك الى أبد الابدين ، قلت لاتتقاتلان وما جئت الى هنا للتقاتل او التشاتم ، ولكني جئت باحثا عن حل ينقذ بلادي من الحيتان والديناصورات والبرلمانيين والوزراء على السواء ، بربك ياخادم الفانوس هل تستطيع أن تساعدني ؟ ، قال الوحش شبيك لبيك عبدك بين إيديك ، قل وسأنفذ لك ماتريد حالا، قلت أريد ألغاء الدستور ، وحل البرلمان وإلغاء الطائفية ومنع السياسين من تولي وظائف سياسية وإعادة الاموال المنهوبة الى الخزانة العامة وكشف المسؤولين عن قتل الناس ، وتشغيل كل العاطلين وإزالة كل الحواجز ومنع تقسيم العراق وتجريد الحوت والديناصور من ممتلكاتهما وتعطيل أجهزة التخاطر عن بعد وأن تحول الوزير الماثل أمامك الى المصحات العقلية في الشماعية، قال خادم المصباح ، طلباتك البسيطة كلها مجابة ، إركب فوق ظهري وسأعيدك الى بغداد وسترى أن طلباتك قد تم تنفيذها برمتها ، قال لي خادم المصباح أين تريد أن تنزل ، قلت نزلني في المنطقة الخضراء ، قال أيها الغبي انت الان فوق بغداد الخضراء من أقصاها الى أقصاها ، قلت طيب أنزلني في البرلمان ، قال أيها المتغابي ألم تطلب إلغاء الدستور ، قلت نعم ، قال وكذلك ألغيت البرلمان ، قلت وأين ذهب البرلمانيون ، قال لاعليك هم الان يرزحون ويرفلون بالفقر ، قلت وأين ذهبت أموالهم قال ، إسترجعتها منهم جميعا وأودعتها البنك المركزي الثاني ، قلت ولكني أعرف أن هناك بنك مركزي واحد ، قال لاعليك الاموال المسروقة لايستوعبها البنك الاول ، قلت أنزلني أريد أن أزور سيدنا الكاظم ، لكن لا تريث أخاف أن يعترضني أحد ، لما الخوف وقد ألغينا الطائفية ، قلت وماذا عن الرئاسات الثلاث ، قال الان بدأت تفهم ، جعلتها رئاسة واحدة لها رئيس واحد ، قلت أخاف من الرئيس الاوحد ، قال تخوفك مشروع ، لقد نصبت عليكم رئيسا يتفوق بسلوكه على منصبه مثقلا بالكياسة ضليع في السياسة لانواب له ولاجيوش حماية ولاميزانية راتبه يزيد قليلا عن راتب مدير عام ، وماذا فعلت بالاحزاب والكتل المتناحرة منذ عشرة أعوام حتى الان ؟ ، قال أحلناهم جميعا الى التقاعد ، قلت ولما لم نجتثهم ونحاسبهم ونحيلهم الى المحاكم ، قال ها أنت تعود الى غبائك الملازم لك ، وكأنك تريد أن تعيدنا الى المربع الاول قلت عفوا سامحني أيها العملاق العظيم ، وماذا عن الفدرالية والتقسيم ، قال لاعليك لقد أنسيتهم هذه المطالب وصفعت بايدن على خديه الايمن والايسر فأنصاع لي ، قلت أين تريد أن أنزل ، قال سأنزلك في بغداد ، لتحتفل مع المحتفلين بالاستقرار والامان وإجتثاث الحيتان وإعادة الديناصورات الى غابر التاريخ ، والقضاء على البرلمانيين بلا إستثناء من قارونهم الاول حتى قارونتهم الاخيرة ، وماذا عن عمرنا الذي فقدناه أيها العملاق ؟ ، قال لولا خبرتي بحسن نيتك لبطشت بك ، الا تعرف أن لاأحد قادرا على قهر الزمن ، قلت وما العمل ؟ ، قال : قل حسبنا الله ، قلت سأقول سأقول ، قال وداعا ياصديقي .
4733 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع