الدكتور رافد علاء الخزاعي
في صباح يوم اياري جميل ومن على شاشة الفضائية البغدادية المميزة في غرفة تصويرها المطلة على شارع ابي نواس في تصميم فضائي مفتوح من الجهات الأربع حيث حدائق ابي نواس الجميلة ونصب شهرزاد وشهريار وشاطئ دجلة الذي يلتف حول الكرادة بانحناءة الام حول ابنتها الكرادة المميزة التي كانت حسب ما يذكر في كتب التاريخ أنها الإطلالة الأولى لبغداد في الزمن القديم
حيث كان تجار الساسانيين يبنون قصورهم بعيدا عن طفسيون (سلمان باك) وكانت تسمى كلوذيا من هذه الفضاء الذي يجعلك تعيش في قلب بغداد وأنت ترسل تحياتك لكل مشاهدي ومتلقي البغدادية عبر شاشة التلفاز في يسعد صباحك يا عراق كأنك تشعر أنت ضيف مميز في كل بيت عراقي وعربي وتشعر انك ترسل تحيات الصباح إلى ديار الغربة محملها بنسائم دجلة وأصوات بلابل بغداد وحكايات شهرزاد في إلف ليلة وليلة حول رحلة سندباد إلى جزيرة الأقزام والى حكيم الأقزام والقصص الجميلة من خلال ذلك وكيف كان البلاط العباسي مليء بالمهرجين الأقزام وعن الأقزام في بلد الأهرامات وقد كان في الأقزام المصرية تشويه جسدي، حيث كانوا يتميزون برأس كبير وجذع طبيعي وأطراف قصيرة. وكان أكثر ما يكلفون به هو رعاية الحيوانات الأليفة وصناعة الحلي. ومنذ بداية الدولة الوسطى أصبحوا يظهرون كأتباع لسادتهم. وكان أشهر الأقزام المصرية يسمى "سنب" وقد عاش في عصر الأسرة الخامسة، وكان موظفا كبيرا يتمتع بكثير من الألقاب الاجتماعية والدينية والشرفية. وتزوج من امرأة ذات بنية طبيعية، ودفن في قبر فخم قريب من هرم خوفو بجبانة الجيزة وحكايتها الحديثة التي لم تدون في كتب التاريخ بعد كانت حول الأقزام الذين فقدوا طول القامة والحكمة المنشودة الجدد الذين يحاولون تحويل العراق إلى بلد الأقزام وهي مشابه لقصص نوع أخر من الأقزام من صنع الخيال تعود نشأته إلى أساطير شعوب وسط أوربا وخصوصا ألمانيا منذ العصور قديمة وهذه الأساطير تصور الأقزام في صوره فكاهية أحيانا وفي صورة مخلوقات ذات قوة سحرية أحيانا أخرى ومع أن الأقزام الخياليين يشبهون الحقيقيون في قصر القامة فأن شكلهم العام يختلف حيث أن الرجل الخيالي رجل كبير في السن له بشرة بيضاء ولحية بيضاء وغالبا يعيش عمرا طويلا أكثر من الإنسان العادي ولشهرة قصص الأقزام وأساطيرهم فقد أنتجت شركة (ديزني ) فيلما للأطفال لأشهر قصصهم وهي قصة ( الأميرة والأقزام السبعة ) عام 1937 م التي يعود في أصلها إلى أسطورة أوربية قديمه كما أصدرت كتب كثير في القرن العشرين تحكي هذه القصة لأطفال العالم في صور مختلفة وبلغات العالم المختلفة .
لكنها اليوم أصبحت حقيقة حيث قامت مجموعة من قصار القامة الأقزام في الصين وبمعونة من الحكومة الصينية وسعيا وراء التخلص من التمييز وصعوبة التكيف في مجتمع “طوال القامة” فقاموا ببناء قرية لهم في جنوب الصين في مدينة كونمنج Kunming التابعة لمقاطعة يونن Yunnan الصينية . قرية خاصة بالأقزام ويشترط للراغبين في السكن بقرية الأقزام هذه ان لا يتجاوز طوله (129 سم) ولا يتجاوز عمره 40 سنة.
وسرعان ما أصبحت القرية محط أنظار الزوار ولاقت إعجاب الكثير من السائحين ففي هذه القرية التي تشبه الخيال بلغ عدد الأقزام الساكنين في القرية إلى 120 شخص وقاموا ببناء مركز شرطة خاص بهم وتشييد منازل خاصة بهم بإشكال فطر وأكواخ تشبه بيوت الأقزام في الروايات والحكايات الخرافية ويقومون الاستعراضات والحفلات التي تنقل المشاهد إلى بلاد العجائب وقاموا بإطلاق اسم “إمبراطورية الأقزام” على قريتهم العجيبة. كانت إطلالتنا صباح هذا اليوم حول موضوع مهم ومن هنا تأتي أهمية إلقاء الضوء على المشاكل والأمراض المسببة للتقزم ذلك الوصف غير المريح والذي جرى الآن استبداله بتعبير قصر القامة من أجل تكوين وعي أسري اجتماعي يمكنه التعرف على المرض قبل ضياع فرصة علاج المرض أي قبل مرحلة البلوغ.
إن التقزم في الجيل الجديد بعد إن أعلنت وزارة حقوق الانسان العراقية ووزارة الصحة ازدياد نسبة التقزم عند الأطفال في العراق إلى نسبة 24% إي 24 حالة من كل إلف طفل وهي نسبة عالية مع إمكانات العراق المادية وهو بلد النهرين ويطلق عليه سابقا بلد الهلال الخصيب .
فقد أكد المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان كامل أمين لمراسل (الوكالة الإخبارية للإنباء): إن العراق يشهد حالات صحية فيها العديد من المشاكل تأتي في مقدمتها التقزم عند الأطفال حيث بلغ حتى العام الحالي نحو 24% وعدم وصول المياه النظيفة إلى الأطفال وصل نسبته حتى ألان إلى نحو 20% كما أن الواقع التعليمي للطفل فيه مشاكل فلا زالت المناهج قديمه وطرق التدريس غير جاذبة للأطفال. وأكد أمين: أن هذه المؤشرات تحتاج إلى ضرورة أعادة التخطيط لها من خلال زيادة الموارد البشرية والمالية للنهوض بها وبأسرع وقت ممكن كون بقاء أو زيادة تلك المؤشرات والنسب سيؤدي إلى الزيادة في المشاكل وصعوبة السيطرة عليها مستقبلا. كما أشارت النتائج إلى أن 99% من الولادات في العراق يتم تسجيلها، كما أن معدل وفيات الأطفال قبل بلوغ السنة الأولى من عمرهم هو 32 وفاة لكل 1000 ولادة حية، ما يعني وفاة 35,000 طفل حديث الولادة سنويا. وتشير النتائج أيضا إلى أن 1 من كل 4 أطفال يعاني من تأخر في النمو الجسدي والذهني نتيجة لنقص في التغذية. وبينما يسجل وينتظم بالدوام 9 من كل 10 أطفال في المدارس الابتدائية، يتخرج 4 فقط من هذه المرحلة في الوقت الصحيح. كما يتعرض 1 من كل 3 أطفال – نحو 3.3 مليون طفل إلى العنف الشديد كأسلوب للتهذيب وضبط السلوك. جدير بالذكر، أن المادة 29 من الباب الثاني في الفقرة الثالثة من الدستور العراقي الذي تم إقراره عام 2005، كفلت ان يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصورة كافة، وتتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة بحمايتهم، فيما نصت الفقرة الأولى من المادة 30 على أن تكفل الدولة للفرد والأسرة، خاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي والصحي والمقومات الأساسية للعيش في حياة كريمة تؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الدائم.
أشار تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” الذي نشر في شهر نيسان إلى أن عدد الأطفال اللذين يعانون من التقزم في الأردن بلغ 65 ألفاً. ويؤكد التقرير على أن الفئات المحرومة والمهمشة في المجتمع هي الأكثر تأثراً بحالات سوء التغذية والتقزم، فعلى المستوى العالمي يعاني ثلث الأطفال والطفلات الريفيين / الريفيات دون سن الخامسة من التقزم ، مقابل معاناة ربع الأطفال والطفلات في المناطق الحضرية. إلا أن الأرقام تشير إلى أن (55%) من أطفال اليمن يعانون من التقزم ، ويعاني ثلثي الأطفال في المناطق الحضرية باليمن وبنسبة (44.2%) منه. كما أن ثاني أعلى نسبة من الأطفال / الطفلات منخفضي الوزن موجودة في اليمن وهي (58%) بعد أفغانستان. كما يرتبط ارتفاع معدل حالات التقزم في العالم بحالة الفقر ، حيث إن معدل إصابة الأطفال والطفلات دون الخامسة في المجتمعات الأشد فقراً هي ضعف احتمالات إصابة نفس الفئة في المجتمعات الأكثر ثراء. وهي نفس الدول التي تعاني من فساد حكومي وتقزم سياسي انبطاحي مما يسمى بالدول النائمة.
وقد أشرت منظمة الأمم المتحدة متمثلة بمنظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر وأجرت تقيم وبحوث و ودراسات استقصائية وإحصائية على المستوى العالمي والوطني وقد وجدت إن تناسب أفقي مع معدلات الفقر والحروب والمجاعات وانتشار الفساد الحكومي والسياسات الاقتصادية الخاطئة والجهل مع ازدياد نسبة التقزم واعتبرت انخفاض نسبة التقزم والوفيات تحت سن الخامسة من العمر هي إحدى المؤشرات التي تدل على الرقي والتقدم للدول في المعايير التقويمية للرقي والتنمية الوطنية.
اعتبر اليونيسيف أن تسريع التقدم بات ممكنا وضروريا الآن لمكافحة إعاقة النمو الذي وصفه بـ"الوجه الخفي للفقر"، إذ يقارب عدد الأطفال الذين يعانون منه 165 مليون طفل دون الخامسة من العمر في أنحاء العالم.
ويعتبر (التقزم) عند الأطفال من الأمراض المتعذر القضاء عليها، ويسببه في معظم الحالات سوء التغذية أثناء فترات النمو المهمة في مرحلة الطفولة. وسوء التغذية يمكن أن يجعل الطفل قصيرا جدا بالنسبة لعمره ويحول دون النمو الطبيعي للمخ وعدم تطور المقدرات الإدراكية لديه.
إن الرقم المتوسط للتقزم في دول العالم المتقدمة هو 1 حالة لكل 25000 طفل .
يجب أن يعرف الوالدان أن الطفل قصير القامة لا يعد قِزماً في كل الأحوال فثمة معايير طبية تحدد صنف الأقزام كأفرادٍ في المجتمع من بين ذوي القامات القصيرة، إذ أن هؤلاء الأخيرين، لا يقل طولهم عن المعدل العادي للقامة الذي يصل إلى درجة تسمى بالانحراف النموذجي.
أما تعريف التقزم لدى شخص ما فهو الطول الذي يقل عن متوسط أقرانه، بالعمر، والجنس، والشروط البيئية، والنفسية ذاتها.
إن التقزم أو القزامة تعرف علميا إن طول البالغين هو اقل من131 سم للذكور و124سم للإناث وللتقزم أسباب كثيرة منها وراثية تتعلق بالتاريخ المرضي والوراثي للأب وإلام ومنها صحة الام إثناء الحمل أو قبل الحمل وتأثيرها على الجنين ومنها صحة الوليد إلى عمر خمس سنوات ,
إن الأسباب الوراثية تشكل نسبة بسيطة من أسباب التقزم الأخرى فهنالك حالة الودانة ( Achondroplasia ) هو مرض وراثي للهيكل العظمي، حيث يكون هناك تعظم غضروفي باطني ناتج عن التقزم. وتتحد المشاشات والجدول الغضروفية مبكراًً ولا يتم نمو العظام الطويلة ، وتثخن العظام الطويلة وتقوى ويعرف أيضاً بالخثل الغضروفي. الودانة هي حالة جينية وراثية تؤدي إلى قصر القامة بشكل غير طبيعي أي القزامة، وهي السبب الأكثر شيوعا لقصر القامة مع أطراف قصيرة على نحو غير متناسب وهي ما نراه في الشارع وقد يستغلون هولاء في المسرح والسينما والسيرك ويصبحون نجوما فيما بعد ولعل سلسلة فلم الرجل البطريق خير دليل على ذلك وهم يتميزون بطيبة قلب كما في رواية احدب نوتردام وغالبا ما يتركون المدرسة مبكرا بسبب الوصمة الاجتماعية والشعور بالنقص ولكن بعضهم وصل إلى درجات متقدمة من التحصيل الأكاديمي.
في بعض الحالات، يرث الطفل الودانة من أحد الوالدين ، ولكن معظم الحالات - حوالي ٩٠٪ - هي سبب طفرة جديدة في الأسرة. هذا يعني أن الوالدين يكونوا من طول متوسط وليس لديهم هذا ألجين غير الطبيعي. ومع ذلك، فإن الناس مع الودانة لديهم فرصة ٥٠ في المائة لتمرير هذا ألجين للطفل. إذا كان كل من الوالدين يعاني من الودانة ، فهناك فرصة بنسبة ٥٠٪ لإنجاب طفل مع والودانة، فرصة ٢٥ في المائة إن الطفل سوف لن يرث هذا ألجين وأن يكون ذو طول متوسط ، وهناك فرصة بنسبة ٢٥٪ أن الطفل سيرث جين واحد غير طبيعي من كل من الوالدين، والتي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الهيكل العظمي الحاد الذي يؤدي في كثير من الأحيان في الوفاة المبكرة. الآباء الذين تتجاوز أعمارهم ٤٥ عاما لديهم فرصة أكبر لإنجاب الأطفال الذين يعانون من اضطرابات وراثية معينة بما في ذلك الودانة. ولم يكشفوا الباحثين طفرة في الحيوانات المنوية بشكل خاص ما يرتبط هذا الاضطراب.
يتميزون مرضى الودانة بعدم تناسق طول الإطراف مع طول الجسم حيث الإطراف صغيرة نسبيا إلى الطول الكلي , قصر الأطراف العليا والسفلى ، ويكون العضدين والفخذين أكثر قصراً من الساعدين والساقين - كبر حجم الرأس مع الجبين البارز وتصفيح جسر الأنف - أسنان مزدحمة أو منحرفة - انحناء أسفل العمود الفقري - وهي حالة تسمى أيضا قعس الذي قد يؤدي إلى حداب، أو تكون حدبة صغيرة بالقرب من الكتفين التي عادة ما تختفي بعد أن يبدأ الطفل المشي - القنوات الفقرية الصغيرة - قد يؤدي إلى ضغط الحبل ألشوكي في سن المراهقة. في بعض الأحيان الأطفال الذين يعانون من الودانة قد يموتون فجأة في مرحلة الطفولة أو في مرحلة الطفولة المبكرة في نومهم بسبب ضغط النهاية العلوية من النخاع ألشوكي، والتي تتدخل في التنفس. - انحناء الساقين - القدمين مسطحتين التي تكون قصيرة وعريضة - مساحة زائدة بين أصابع المتوسطة وإصبع الخاتم - ضعف توتر العضلات ومفاصل فضفاضة - تكرار التهاب الأذن الوسطى الذي قد يؤدي إلى فقدان السمع - الذكاء طبيعي - تأخر مراحل تطور الطفل مثل المشي والذي قد تحدث بين ١٨ إلى ٢٤ شهرا بدلا من حوالي سنة واحدة من العمر.
يمكن الكشف المبكر عن الودانة قبل الولادة عن طريق استخدام الموجات فوق الصوتية قبل الولادة. يمكن إجراء اختبار الحمض النووي قبل الولادة للكشف عن جود زيجوت متماثلة ، حيث تكون نسختين موروثين من ألجين الطافر، وهي حالة قاتلة مما يؤدى إلى ولادة ميتة.
والحالة الوراثية الثانية هي متلازمة تيرنر (Turner syndrome) هي متلازمة توجد في الإناث الذين يمتلكون نسخة واحدة فقط من الصبغ (خ)( X chromosome) في خلاياهم. في حالة الأنثى التي تولد بمتلازمة تيرنر يكون لديها إكس (x) واحدة، أي يكون المجموع الكلي للكر وموسومات والجينات هو خمسة وأربعين لدى الأنثى التي تحمل متلازمة تيرنر، في حين أن البنت الطبيعية تحمل ستة وأربعين كروموسوم وجين كما هو معروف.
يمكن تشخيص متلازمة ترنر بواسطة بزل خلال فترة الحمل، أو من خلال اختبار بار. في بعض الأحيان يتم تحديد الأجنة الذين يعانون من متلازمة ترنر من خلال الموجات فوق الصوتية الغير طبيعية (خلل في القلب، شذوذ في الكلى، رطب كيسي واستسقاء)، وبعض التشوهات الخلقية ويحدث هذا نتيجة إن نقص ألصبغي (X) لديها والذي يحمل مجموعة من الجينات المهمة للجسم والغير جنسية أدى إلى اعتلال عام في الجسم، على الرغم من أنه لم ترتفع مخاطر التكرار، فمن المستحسن في كثير من الأحيان تقديم المشورة الوراثية للعائلات الذين كانوا يعانون من هذه المتلازمة خلال الحمل أو لديهم طفل يعاني منها.
إن من مضاعفات مرض ترنر هو قصر القامة اقل من 145 سم ونمو عقلي بطيء ولكن معدلات الذكاء ضمن الحدود الطبيعية والعيوب الوراثية في القلب والكلية وهي ذات وجه مميز حيث تكون الأذن ذات مستوى منخفض عن الطبيعي ومصابة بحول في العينين, يكون الصدر عريض وتكون المسافة بين حلمتي الثديين أكبر من المسافة الطبيعية و عيوب خلقية في الجهاز التناسلي وعدم وجود الدورة الشهرية (الطمث) مما يؤدي إلى العقم الأولي.
كما إن هناك قصر القامة العائلي والتي يكون فيها الوالدين يعانون من قصر قامتهم وهنالك أقوام في إفريقيا واسيا يمتازون بقصر القامة وكأنهم عالم الأقزام الذي نشاهده في أفلام الكارتون مثل الأقزام الإفريقيون «النيغريلّو» المنتمون إلى السلالة الزنجية يتصفون بالقامة القصيرة التي يراوح طولها بين 133سم و144سم، وهم صغار الحجم، ومكتنزو الأجسام، أذرعهم طويلة، وسيقانهم قصيرة، وبشرتهم سوداء غير داكنة مائلة للصفرة، كما يتصفون بالشعر المفلفل الصوفي الملمس، والشفتين الغليظتين البارزتين غير المقلوبتين، والفم الواسع البارز إلى الأمام، وعظام الوجنتين البارزة. وتتخذ الجبهة عندهم شكلاً قريباً من المثلث المتساوي الساقين، وينمو الشعر على وجوههم وعلى أنحاء أجسامهم كافة وهم متشابهون مع أقزام الملايو وسومطرة والفلبين وجزر المحيط الهندي ويسمى هولاء الأقزام الآسيويون «النغريتو»يعيشون في نطاق الغابات الاستوائية في جنوب شرقي آسيا، يتصفون بقامة قصيرة لا يزيد معدل طولها على 148سم، ورأس عريض أو متوسط العرض، ووجه مستدير صغير، وبشرة سوداء داكنة مصفرّة وأنف ضخم غير أفطس، وشعر مفلفل صوفي نادر على الوجه والجسم، كما يتصفون بتناسق أعضاء الجسم،ويُصنفون عادة ضمن السلالة الأسترالية ولكن في أحيان كثيرة نجد إن بعض هؤلاء الأطفال ينمون طبيعيا وبسرعة عند مرحلة البلوغ .
وترجع أسباب قصر القامة إلى عدة أسباب ومعظم الأسباب التي تؤدى إلى القزامة هي اضطرابات وراثية، ولكن الأسباب غير محددة في جين أو كروموسوم محدد ولقد وجد إن معظم هذه الاضطرابات حدثت نتيجة طفرة جينية عشوائية في الحيوانات المنوية للأب أو بالمبيض بالنسبة للأم بدلا من أن تكون في التركيب الجيني الكامل للوالدين, وهولاء بحاجة الى مشورة وراثية قبل التخطيط للحمل.
إن صحة الام قبل وبعد الحمل تلعب دورا مهم في نمو وصحة الجنين والطفل حيث بعض الأمراض التي تصيب الأم الحامل، كالحصبة وتسمم الحمل، والوحام الشديد وضعف التغذية أثناء الحمل, والحمل المكرر لفترات متقاربة اقل من أربع سنوات أو الحمل الام وهي لازالت ترضع طفلها الأكبر قد تؤدى في كثير من الأحوال إلى إنجاب مولود صغير الحجم، يعاني من مشكلة قصر القامة فيما بعد ، كذلك التشوهات العظمية الغضروفية الوراثية والتي تؤثر على النمو الطبيعي للعظام والغضاريف، وعدم وجود التنسيق في شكل البنية الجسدية ولكن قصر القامة لا تكون حادة جدا في هذا النوع.
من خلال البحوث والدراسات بينت ارتباط تقزم الأطفال بجنس الطفل وعمره ونمط الولادة وطول الأم ومنسب كتلة الجسم للأم والفترات الفاصلة بين الولادات السابقة وعدد أفراد الأسرة ودرجة مؤشر الثروة للأسرة وإتاحة مرافق الإصحاح المحسنة ووجود الإسهال وتثقيف الوالدين وتعاطي الأم للتبغ وولادة الأم أثناء فترة الحصار الاقتصادي والحروب والمجاعة والجفاف. ويمكن التقليل في انتشار التقزم خلال العقد المنصرم إلى التحسينات في ثروة الأسرة والإصحاح وتثقيف الوالدين والمباعدة بين الولادات وتعاطي الأم للتبغ. ويمكن زيادة خفض انتشار التقزم من خلال تعجيل تغطية مرافق الإصحاح المحسنة وإطالة الفترات الفاصلة بين الولادات واستئصال تعاطي الأم للتبغ والكحول وإتباع التغذية الصحية.
إن صحة الوليد ولحد عمر خمس سنوات فترة مهمة في البناء الجسماني والجسدي والنفسي للطفل وهي تحدد استشراف الصحة المستقبلية للإنسان كما يمكن إن يكون قصر القامة عند الأطفال أحد الأعراض كجزء من أعراض المرض الأساسي ويختلف سبب قصر القامة طبقاً لاختلاف نوعية المرض، فمثلا المواليد الذين يعانون من إمراض القلب الوراثية يصاحبها قصر القامة وكذلك بعض أمراض الجهاز الهضمي وعلى رأسها النزلات المعوية المزمنة وحساسية الحنطة والالتهابات المعوية بالديدان والطفيليات مثل الإسكارس والإنكلستوما والتي تصيب الأطفال نتيجة نقص العناية بالصحة العامة مما تسبب متلازمة سؤ الامتصاص وأمراض الجهاز التنفسي وعلى رأسها الربو المزمن وأمراض الجهاز البولي والكلى مثل التناذر الكلوي وبعض أمراض الجهاز العصبي ونقص الفيتامين وسوء التغذية الأخرى .
كما هنالك أمراض خمول الغدة الدرقية الولادي أو الوراثي المسمى متلازمة بيندر وهي خلل في الهرمون الدرقي ومستقبلاته مما يسبب خللا في العملية الايضية مما يؤدي الى قصر القامة والعوق الذهني.
وهنالك مرض قصور الغدة النخامية في إفراز هرمون النمو أو خلل في استقلاب هذا الهرمون في الكبد وهو ينتج من أسباب متعددة أهمها سؤ التغذية إثناء فترة الرضاعة وما بعد الفطام , وتفرز الغدة النخامية عددا من الهرمونات التي تتحكم في النمو بصورة مباشرة مثل هرمون النمو Growth Hormone أو بصورة غير مباشرة من خلال تحكمها في إفراز الغدد المستهدفة مثل هرمون التحكم في الغدة الدرقية Thyroid Stimulating Hormone TSH أو هرمونات التحكم في الغدد التناسلية (الخصيتين أو المبايض) Gonadotropins وأخيرا هرمون التحكم في الغدة الكظرية Adrenocorticotrophic Hormone ACTH حيث تؤثر هرمونات الغدد المستهدفة مثل الغدة الدرقية والغدة الكظرية في عملية النمو تأثيرا رئيسيا غير أن أهم اللاعبين في ساحة النمو هو التحكم في الغدة الدرقية, ولاشك في أن وجود نقص في هرمون النمو, ويليه هرمون التحكم في هذه الهرمونات يمكن أن يؤدي لتأخر النمو. تبلغ نسبة الإصابة بنقص هرمون النمو في المجتمعات الأوربية واحدا إلى أربعة آلاف, وهي مقاربة مع النسبة في العراق ولكن زيادة الإصابة بمرض السكري وإمراض الغدد الصماء الأخرى في ظل الحروب والحصار الاقتصادي واليتم المبكر وغياب الرعاية الصحية ووسائل التشخيص والعلاج فأقم هذه المشكلة ولذا فليس من المنطقي التعامل مع مشكلة التقزم الناتج عن نقص هرمون النمو باعتبارها مشكلة نادرة خاصة مع التطور العلمي الذي وفر إمكانية علاج هذه الحالات بصورة كاملة شريطة تشخيصها بصورة مبكرة.
إن أسرع معدل للنمو هو نمو الجنين داخل رحم الأم أما بعد أن يخرج الجنين إلى الحياة فإن المعدل الأسرع لهذه العملية يكون بعد الولادة مباشرة ثم يأخذ المعدل في التناقص ليصل إلى أدنى مستوى له في مرحلة الطفولة المتوسطة ثم يعاود الانطلاق مرة أخرى قبيل البلوغ مباشرة ثم يتباطأ هذا المعدل مع البلوغ نتيجة لوصول العظام إلى طولها النهائي والتحام أطراف هذه العظام.
من خلال هذه المداخلات يلعب الفقر وسوء التغذية دورا مهما كسبب رئيسي من أسباب قصر القامة على مستوى العالم كله حيث يكون معدل النمو في الأقطار المتقدمة اقتصاديا أفضل منه في باقي بلدان العالم.وأخيرا, تأتي الأمراض المزمنة كسبب من أسباب تأخر النمو.
من المهم أيضا أن نؤكد أهمية الاكتشاف المبكر لحالات التقزم المحتمل في سن الطفولة حيث يمكن في هذا الوقت الاستفادة الكاملة من العلاج بهرمون النمو وربما تلافي المشكلة بالكامل. ومن المفيد أيضا أن نذكر أن توافر هرمون النمو ونجاح استخدامه في علاج هؤلاء المرضى قد فتح الباب لتجربته واستخدامه في علاج بعض حالات التقزم الناتجة عن أسباب وراثية مثل حالات التيرنر والحالات التي يحدث فيها التقزم بسبب الأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوي المزمن لدى الأطفال.
إن إمكانية وصول الأمهات وأطفالهن إلى الرعاية الصحية الأولية وتوفير الغذاء الكافي والمكملات الغذائية المناسبة، والعناية الصحية اللازمة لهن ولأطفالهن، وتوفر الخدمات الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحية والنظافة الجيدة، جميعها تساهم وبشكل كبير في الحد من تعرض الأطفال والطفلات لحالات التقزم.
إن الآثار المضاعفة التي تقع على عاتق النساء اللاتي يعانين من سوء التغذية في مرحلة الطفولة، حيث أنهن عرضة في المستقبل الى أن يلدن أطفالاً يعانون من انخفاض في الوزن ، خاصة عند الفتيات الصغيرات اللاتي يتزوجن وينجبن بدون أية استشارات خاصة بتنظيم الأسرة، وقبل أن الضرر الذي يسببه التقزم لنمو الطفل لا يمكن إصلاحه. وإن نقص التغذية في بداية الحياة له عواقب وخيمة على الدخل والتعليم والإنتاجية في المستقبل. تقرير جديد لليونيسيف يكشف عن ارتفاع معدل انتشار التقزم بين الأطفال دون سن الخامسة، ويحدد الفرص الهائلة المتاحة لجعله مشكلة من الماضي. في إيجاد استراتيجيات وطنية وأممية تساهم في تقليل هذه المشكلة. فالأطفال الذين يعانون من التقزم أقل تحصيلاً في المدارس، ويحصلون على رواتب أقل عند العمل ويتعرضون لمخاطر أكبر بكثير من الإصابة بالسمنة والأمراض المزمنة في وقت لاحق من العمر.ويمكن إرجاع ثلث إجمالي وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى نقص التغذية. وهذه تعتبر إحدى المؤشرات المهمة لتقيم التنمية المستدامة إن تأسيس التغذية الجيدة أكثر بكثير من مجرد توفير الغذاء. وإن توعية الأمهات حول أهمية الرضاعة الطبيعية الخالصة في الأشهر الستة الأولى هو أمر حاسم، وكذلك ضمان تحصين الطفل وتوفير مياه الشرب النظيفة ومعرفة التدابير الصحية البسيطة مثل غسل اليدين بالصابون.ان الاهتمام بالطفولة وصحة الأسرة هو المدخل الحقيقي لبناء مجتمع تنموي مستدام في ظل العدالة الاجتماعية التي لا تتيح للأقزام السياسيين بالتحكم في رقاب الشعوب علينا إن نشن استتراتيجية مشتركة ضد التقزم الطولي والتقزم السياسي لأنهما وجهان لعملة واحدة.
وكما قال الشاعر حمد العصيمي:
قبحت يا زمن الأقزام من زمن وقبحت قيمُ الأقزام من قيم ِ
بكل ارض أرى قزما يطاولني ما اكبر الفرقَ بين الطول والقزم
ففاقد الشيء لا يعطيه من عدم ٍ لا يخلق الشي إلا الله من عدم ِ
وكل صباح والعراق بخير وسعادة ويسعد صباحك يا عراق.
الدكتور رافد علاء الخزاعي
1196 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع