الطاف عبد الحميد
رحم الله عميد الادب العربي الوزير طه حسين ، تخلى عنه بصره مندمجا ببصيرته عندما كان طفلا صغيرا ، تمر ترعة ماء من امام منزله ، قال :
( كنت أتصور أن حدود العالم تنتهي عند حدود الساقية).
اربعة وثلاثون مؤلف، كتبها ذاك البصير بلا بصر . دعاء الكروان ، الايام ، على هامش السيرة ، في الشعر الجاهلي ، المعذبون في الارض ، حديث الاربعاء ....الى أخره .. مسكين سيدنا طه حسين ، لاادري كيف لم يجري تؤامته من قبل إخواننا في ام الدنيا مصر مع عظيم العراق المسكين سيدنا سيد جبر الشهير ، من يدري قد تعود أصوله الى العراق ، لأن العراق هو الموطن الاصلي للأحزان وللخنساوات ولطم الخدود وشق الجيوب وإحتفالات المأتم والاحزان والانتحار فرحا والتزاوج على اصوات الرصاص في كل ليلة عرس عراقية ، لاعليك ياعميد أدبائنا والله ما أنا الا من معجبيك ، وما انت الامثلا تعالى على مبصرينا ذكرك جالب للدهشة والصفنة والتأمل وتبادل الادوار المؤدي الى الاخفاق الاكيد ، ماأنت الا أنت وماكان قبلك اوبعدك مثلك إلا أنت ، فأنت أنت وغيرك نحن ، ممطولا على مؤلفاتك محتضنا المعذبون في الارض أقرا الاهداء فيه (الى الذين يجدون مالايأكلون ، والى الذين لايجدون مايأكلون ، أسوق هذا الحديث ) لله درك ياسوزان ، والله لقد قد أثقلتي امة العرب بإحتضان عميدهم فأثنوا عليك بالجحود والنسيان والنكران ، عزائك في قول زوجك (فيك ( لقد كانت خير مافي مكتبتي وأستثني من ذلك القرأن والانجيل ) ، سوزان الفرنسية البرجوازية المسيحية حملت لواء لغة العرب مع عميدها فكانت بصر البصير وفلتة التضحيات البشرية برمتها ، وأدت نابليون وواترلو واللوفر والشانزليزيه والسين والحي اللاتيني ولويسهم وجوزيفين ونوتردام ، لتكون مرضعة لرجل فقير بصير وقارئة لحديثه وحاملة لمكتبته ، سوزان هرم فرنسي وهبت نفسها لأهرام الجيزة ، اردت أن أكتب مقال عن الدجاج المجمد الذي نأكله ومايعانيه من نقرته الاولى على قشرة البيضة التي تحتويه حتى يوم تجميده ، من خلال ماكتبه باحث يبحث في سايكولوجية الحيوان ، هذا الباحث المنتمي لأصول موغلة بالرحمانيات والرأفة التي أصبحت من المتحجرات في عراقنا ، قام بالمكوث في حقل للدواجن متابعا لما يجري ومراقبا لسلوك الدجاج في السقيفة المسقوفة .. فراخ بزغب صفراء تنمو بإنمائها قسرا تتزاحم فيما بينها لاحركة للأمام لاحركة للخلف ، او حركة شبيهة للثبات ، ممنوعة الحركة على الدجاج ، كي لايفقد سعرات حرارية ، على الدجاج أن يترهل ، لا للرشاقة في عالم الدواجن ، الاكتساء باللحم الثمين هو الجمال الانتاجي ، خلال مدة الاربعين يوما على الدجاج أن يركب فوق الحزام الناقل خارج كرته الارضية المحددة بالسقيفة ، لاسماء ، لاخرير ماء ، لا لقلقة لقالق ولاهديل حمام او زقزقة عصافير او خوار ثور او نهيق حمار او حتى نقيق ضفادع ، عالم الدجاج يمر بمرحلتين مرحلة التفريخ ومرحلة التسمين والترهيل ، ثم يمر على ماكنة قطع الرؤوس ونتف الريش والتجميد ، العالم الباحث أرغى وأزبد ، قال هذا لايجوز كيف لحيوان خلقه الله لايرى السماء او الهواء او الارض ... شخص القسوة وطلب من هيئات تتابع حقوق الحيوان لاخراج الدجاج بنزهة يومية لمدة ساعة او اكثر على الاقل ، كان له ما اراد ، مسكينة تلك الدجاجة ، كانت تتصور أن حدود العالم تنتهي بسقف السقيفة ، تماما كما تصور الطفل طه إبن حسين أن حدود العالم لاتتجاوز حدود الساقية ، والله يازمن كأني أراك ظالما للمظلوم وموفرا طعام مستديم للمتخومين ومقترا غلى الجوعى والبائسين ومانحا اوسمة الرفعة للمهزومين حاجبا إياها عن امثال البصير وسوزان والمعذبون في الارض وعن العراقيين المظلومين ، كثير عديدهم المظلومين وقليلهم الظالم للمظاليم ، مسكين الفقير العراقي إنتخب من يمثله في برلمانه العتيد ، وتبين ان الناخبين تسقفهم سقيفة لهم حقوق متساوية مع حقوق الدجاج . يحيا العدل الميت والمميت .
2692 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع