درس مستنبط مهم من حرب تشرين الاول/ اكتوبر١٩٧٣

                                                    

                      اللواء الطيار الركن دكتور
                      علوان حسون العبوسي
                       ١٠ / ١٠ /٢٠٢١

      

درس مستنبط مهم من حرب تشرين الاول/ اكتوبر ١٩٧٣

تمر بنا الذكرى 48 لحرب السادس من تشرين الاول /اكتوبر 1973 التي تثير بنا العديد من الذكريات الجميلة ، اهمها توحد الموقف العربي على الاقل بابسط صوره ،والتوافق لتحرير ارضنا التي اغتصبها الكيان الصهيوني في حزيران 1967 وضمها الى كيانه المعتدي ، صاحب هذه المواقف العديد من الدروس تضمنت بالاضافة الى الموقف العربي الايجابي ، تخللتها سلبيات كان لها ان لاتظهر بالصورة التي لمسناها اثناء مشاركتنا في هذه الحرب عند اندلاعها في 6 /10 /1973 ساذكر اهمها تخص بالتحديد سوريا في استعادة ارضها الجولان .

الغاية
ايضاح خطأ استخدام السلاح الجوي السوري في حرب تشرين/اكتوبر 1973
كانت الغاية المصرية في تحقيق الهدف القومي المصري اكثر جديةً باستعادة ارضها سيناء من حيث التخطيط والتنظيم والتعاون المشترك وفق مبادئ الحرب المعروفة ولكافة صنوف قواتها المسلحة، ومع ذلك ظهرت مشكلة الخرق الاسرائيلي في الدفرسوار ليلة 18/19 اكتوبر وتطويق الجيش الثالث ، الذي تسبب بشكل مباشر في فرض ايقاف القتال ،ثم مشاركت سوريا لمصر في هذا الايقاف ، قبل ان تحقيق غايتها القومية كما فعلت مصر، و كان واضح لنا لم يكن التنسيق بين البلدين في كل مناحي العمليات سوى ساعة (س) في بدء العمليات ، عليه كان يجب لسوريا ان تستمر بعد ان وصلت كافة القوات العراقية الداعمة لها ،واقتراح العراق عدم توقف القتال وتحمل مسؤوليته بتحقيق الهدف القومي السوري باستعادة الجولان بالكامل ، ولكن رفض سوريا الاقتراح وباتت الجولان تشكي همها حتى يومنا الحاضر، وباتت جزء من الكيان الصهيوني كما قرر الرئيس الامريكي ترامب ، واصبحت القيادة السورية تقتل شعبها بدل النضال من اجل استعادة ارضها الجولان العربية .

الخطة السورية

ساركز على الخطة السورية لتحرير الجولان غاية المقال . كانت الخطة السورية تهدف الى استعادة هضبة الجولان التي جرى احتلالها في الخامس من حزيران 1967 ولكن بخطة هجومية استراتيجية ضعيفة لم تمكنها من استعادتها ،على العكس تسبب عنها خسائر فادحة بالقوات المسلحة السورية والقوات العسكرية العراقية والعربية الاخرى الداعمة لسوريا واسباب ذلك هو تشتت الخطط العسكرية العربية دون توحدها بخطة هجومية واحدة منسقة وفق مفهوم مبدئ الحرب وحدة القيادة .


الخطة الهجومية الاستراتيجية السورية
القوات البرية
موقف القوات البرية السورية يوم 6 تشرين الاول 1973
كانت القوات البرية السورية تتألف من خمس فرق ،،ثلاث منها مشاة (5 و7و9 ) ،وكتيبة مظلين ومجموعة صاعقة شكلت فرق النسق الأول (وفقا للعقيدة السوفيتية) ،أما فرق النسق الثاني كانتا الفرقتان المدرعة الاولى والالية ألثالثه اللتين ستتخللان من النسق الأول لاحتلال الخط الدفاعي (آلون ) ولمهاجمة أهداف العمق الإسرائيلية ،في حين كانت 8 ألوية مشاة إضافة للواء الحرس الجمهوري السوري احتياط عام (معظمها من الدرجة الثانية) ،وقد نفذت مجموعة من القوات الخاصة محمولة بالطائرات السمتية أنزالا قبل الساعة الأولى للحرب على قمة جبل الشيخ ،فاحتلت (المرصد الإسرائيلي المهم ) بقتال سريع . وقد حقق السوريون بفرق النسق الأول (المشاة ) نجاحا كبيرا وسريعا في المواضع الإسرائيلية الأمامية ،وحسب الخطة المعدة تخللت فرقتي النسق الثاني المدرعة والالية عبر أهداف النسق الأول نحو عمق دفاعات الإسرائيليين هدفها الوصول الى نهر الاردن وتحرير الجولان ، كانت الخطة تقضي باحتلال كل مرتفعات الجولان بنهاية يوم 7 تشرين الاول ثم اعادة تنظيم الدفاع على طول نهر الاردن.
الخطة الجوية السورية

شملت الخطة الجوية السورية توجيه ضربة جوية شاملة ضد اهم الاهداف الاستراتيجية الاسرائيلية لايقاع أكبرخسائر بالدفاعات الجوية والطائرات لتقليل رد الفعل الاسرائيلي على الهجوم السوري والمصري على السواء ( ولكن يبدوا ايضاً عدم التفكير بهذا الاتجاه) و على هذا الأساس وضعت خطة رئيسة تتضمن أهدافاً في العمق الاسرائيلي هي (القواعد الجوية و مقرات القيادة في رامات ديفيد ، مجيدو ، عين شيمر ، سان جين ، مرصد جبل الشيخ ، مقر القيادة في ميرون ، محطة رادار النبي يوشع ، و إلى جانب الخطة الرئيسة وضعت خطة بديلة يتم اللجوء إليها في حال تعذر تنفيذها و تتضمن الأهداف(مقرات القيادة في ميرون ، تل الفرس ، تل أبو الندى ، مرصد جبل الشيخ ، و نقاط تحشد القوات المدرعة في حرش مسعدة ، كفر نفاخ ، يرافق هذه الضربة رشقات من صواريخ أرض-أرض توجه بشكل رئيسي إلى مطار رامات ديفيد جنوب شرق مدينة حيفا) ،خصص للضربة الجوية السورية 80 طائرة(سوخوي/ 7،سوخوي/20،ميج/ 17، ميج/ 21 ).
أما بالنسبة للدفاع الجوي فمن مجمل بطريات الصواريخ م/ط السورية تم نشر حوالي 30 بطرية على الشريط المحاذي لخط وقف إطلاق النار جنوبي العاصمة دمشق لتغطية القوات السورية التي تقاتل في الجولان بينما خصصت باقي البطريات للدفاع عن العاصمة دمشق و المشاريع الحيوية على المستوى العسكري و المدني ، كما تم تنفيذ مناورة بكتائب الصواريخ المضادة للطائرات قبل بداية الحرب بساعات لضمان تبدل أي معطيات قد تكون توفرت للجيش الإسرائيلي جراء أي عمليات استطلاع محتملة و بالتالي إضعاف قدرتها على توجيه أي ضربات لحائط الصواريخ السوري المضاد للطائرات .

التنفيذ
في نفس توقيت الضربة الجوية الشاملة المصرية ووفقاً لموقع القواعد السورية انطلقت 80 طائرة قتال لتكون فوق اهدافها بالساعه 1400 ، بدأت الأعمال القتالية ولكن بتنفيذ الخطة البديلة بسبب وجود نشاط جوي مكثف للعدو فوق مناطق شمال فلسطين المحتلة (كما تدعي القيادة السورية )، رافقتها توجيه ضربة صاروخية إلى مطار رامات ديفيد ، في نفس الوقت قامت أربع طائرات سمتية نوع (مي / 8)بإنزال جوي للقوات الخاصة السورية على قمة ملحاثا على جبل الشيخ لاحتلال المرصد الإسرائيلي هناك ، إلى جانب ذلك قامت المتصديات السورية بـ 148 طلعة قتالية ( مظلة جوية ) تغطية للقوات المسلحة وفوق القواعد الجوية و المطارات السورية .
اما مصر فكان وضعها العملياتي افضل من سوريا رغم بعدها عن اسرائيل وقامت بضربتها الجوية في عمق سيناء محققة اهدافها المحددة ضمن التخطيط الاستراتيجي للعملية الهجومية الاستراتيجية ويبدوا لم يكن هناك تنسيق بين سوريا ومصر سوى بتحديد وقت بدء العمليات كما اشرت انفاً .
الدعم العراقي لسوريا
اجراءات القيادة السياسية العراقية .
لم يكن للقيادة العراقية علما بالهجوم المصري السوري وعلمت به من خلال المذياع ، ففي مساء 6 تشرين الاول 1973 اجتمعت القيادتين السياسية والعسكرية العراقية برئاسة رئيس الجمهورية احمد حسن البكر وبعد التشاور مع القيادة السورية أصدرت قرار المشاركة في الحرب وفوراً أوعزت للسربين التاسع والحادي عشر ميج/ 21 متصديات التوجه إلى سوريا كما أوعزت إلى اسراب المقاتلات القاذفة (الأول والخامس والثامن سوخوي/ 7 و السابع ميج/ 17 ) التوجه تباعا إلى سوريا في ذات الوقت أنذرت ألفرقة المدرعة الثالثة بقيادة العميد الركن محمد فتحي امين (ألويتها ل مدرع/ 12 بقياده المقدم الركن سليم شاكر الامامي ول مشاة ألي/ 8 بقيادة العقيد الركن محمود وهيب ول مدرع/ 6 بقيادة المقدم الركن غازي محمود العمر ) التهيىء للحركة باسبقية اولى الى سوريا والفرقة المدرعة السادسة بقيادة العميد الركن دخيل علي الهلالي (ألويتها ل مدرع /30 بقيادة المقدم الركن وليد محمود سيرت ول مدرع /16 بقيادة المقدم الركن عبد الفتاح امين المراياتي ول مشاة /25 بقيادة المقدم الركن طارق محمود شكري ) كاسبقية ثانية واللواء الآلي /20 من فرقة المشاة الاولى بقيادة العقيد الركن سلمان باقر واللواء المشاة الخامس من الفرقة المشاة الرابعة بقيادة المقدم الركن عبد الجواد ذنون، الفوج الثاني قوات خاصة بقيادة الرائد الركن قوات خاصة نزارالخزرجي بالاضافه الى صنوف الفرق الاخرى كالمغاويروالمدفعية والدفاع الجوي والهندسة العسكرية والصنوف الادارية والفنية .
تكاملت اسراب القوة الجوية (خمسة اسراب متصدية وهجوم ارضي ) يوم 8 تشرين 1973 ، وباشرت في القتال حتى وقف اطلاق النار في 22 تشرين ، اما القوات البرية وصلت سوريا تباعاً اعتباراً من 10 تشرين واشتركت في القتال ضد القوات الاسرائيلية جنباً الى جنب مع القوات السورية ، ثم تكاملت بشكل كامل يوم 18 منه ،وهو وقت مثالي للحشد دون علمها بالمعركة .

         

لااريد الاطالة بموضوع القتال وما نتج عنه من انتصارات سورية او عراقية في هذه الحرب فقد جرى الحديث عنها بشكل موسع من قبلي ومن قبل العديد من الكتاب والمحللين العسكريين والمدنيين لكني ساناقش درس مستنبط يقع ضمن المفهوم الاستراتيجي لاستخدام سلاح الجو في كافة القوات الجوية العالمية وكفلته مصر بشكل دقيق ضمن مواقع الاهداف الاسرائيلية الواقعة ضمن مديات طائراتها التعبوية هذا الدرس بتزامنه مع دروس اخرى كان له احتمال انهاء الحرب على الجبهة السورية بتحرير كامل للجولان ذات المساحة الصغيرة خاصة بعد التحاق سلاح الجو العراقي والقوات البرية العراقية التي ابدت استعدادها لتحرير الجولان صاحبه عدم موافقة القيادة السياسية السورية .
سوريا والاردن ولبنان هما الاقرب من دول المواجهة مع الكيان الصهيوني ولما كان الاردن ولبنان غير مبلغين بالحرب وكذلك معظم دولنا العربية عليه فسوريا ضمن هذه المجموعة هي المعنية بتحقيق هدفها القومي للحرب ،علية من اجل ذلك يجب التخطيط الاستراتيجي لتحقيق هذا الهدف بدءً من المرحلة الافتتاحية للحرب بتوجية الضربات الجوية الشاملة التي تعتبر من المهام الرئيسة المباشرة للسلاح الجوي التي تتكون من مجموعة من الهجمات المركزه التي تتم بمعظم هذا السلاح ، توجه ضد أكثر الاهداف المعادية تاثيراً على تحقيق المهمة ( القواعد الجوية ، الدفاعات الجوية ، الطائرات على الارض ) ، تخطط وتدار طبقاً لفكرة واحدة وخلال فترة زمنية قصيرة ، وهي تنفذ في إطار العملية الجوية ، تنطلق بعدها العمليات العسكرية البرية لتحقيق الهدف القومي كما اشرنا ، في ذات الوقت تقوم القوة الجوية بتنفيذ مهامها الرئيسة الغير مباشرة مثل ( الضربات الجوية المنفصلة ، التجريد ، الاسناد الجوي القريب، الاستطلاع ...الخ ).
لقد خطط للحرب ان تقوم بها مصر وسوريا فقط دون اشعار باقي الدول العربية بها ،عليه يجب التخطيط لاستخدام سلاح الجو بصورة مشتركة للحد من تاثير سلاح الجو الاسرائيلي المتفوق بدرجة كبيرة عن السلاح الجوي المصري والسوري ، واعتقد ان مصر قامت بالاستخدام سلاحها الجوي ومعها سلاحنا الجوي العراقي افضل من سوريا علما ان سوريا ينبغي لها على علم دقيق باستخدام السلاح الجوي الاسرائيلي وكان لها ان تحدث تاثيراً اكبر مما جرى ولكن لم يحدث ذلك وبات السلاح الجوي الاسرائيلي متفوق طوال الحرب ، أثر بدرجة كبيرة على الاستخدام القتالي لسلاحها الجوي.
سوريا برايي قصرت باستخدام سلاحها الجوي بشكل صحيح بدءً في عدم التنفذ ماتم التخطيط له باستخدام سلاحها الجوي في المرحلة الافتتاحية للحرب بل اقتصر استخدامها لدعم قواتها البرية وحماية بعض المواقع المهمة وهذا الاستخدام هو اللاحق في التخطيط الجوي الصحيح ، ثم استمرت في مراحل الحرب استخدام المهام الرئيسة الغير مباشرة التي اشرت لها مما كبدتها خسائر كبيرة بالطيارين والطائرات شلت قواتها الجوية بالتالي منعتها في الاستمرار بالحرب .
كان لسلاح الجو العراقي ( خمس اسراب مقاتلة ) ، دور مهم منذ وصوله في 8 تشرين الاول / اكتوبر باسناد المهام البرية التعبوية السورية ، وكذلك عند وصول قدمات الفرقة المدرعة الثالثة( اللواء المدرع /12) في 12 تشرين وحتى تكامل كافة القوات البرية في 18 تشرين/1973 ، نتج عنه تنفيذ مئات الطلعات الجوية في الاسناد الجوي القريب ومثلها في طلعات التصدي .
لقد تفاعل معنا الطيارين السوريين ولم يعجبهم تخطيط قيادتهم الجوية بمهمة دفاعية وليست هجومية كما يفترض ان يكون الواقع القتالي .

قرار القيادة العسكرية العراقية في سوريا
نتيجة لعدم تحقيق الهدف القومي السوري وتهديد دمشق بالاحتلال وسوء ادارة العمليات القتالية الجوية نتج عنه تكبد القوات السورية والعراقية مئات الشهداء والاف الجرحى وتدمير مئات المعدات العسكرية البرية وعشرات من الطائرات السورية والعراقية عليه قررت القيادة العراقية بعد اكتمال كافة قواتها المسلحة في دمشق القيام بالتخطيط لعمليات عسكرية برية / جوية تقودها القيادة العسكرية العراقية ، متعهدة باستعادة الجولان وعلى الفور طلبت ارسال عدد من الطيارين من السربين الاول والخامس الى العراق لجلب الطائرات الجديدة (سوخوي/20) التي وصلت للعراق اثناء الحرب لاشراكها في القتال لكفائتها العالية ودعم الموقف الجوي العراقي ،ولكن القيادة السورية رفضت ذلك مما اثار حفيظة القيادة العراقية وايقنت ان سوريا لم يكن همها استعادة الجولان واطلقت على هذه الحرب بانها حرب تحريك وليس تحرير، وهذا هو الواقع مع الاسف .
ملاحظة
كل الشكر والتقدير للاستاذ مهند عبد الجبار الشيخلي للتصاميم الرائعة عن حرب تشرين 73

    

بعض من تصاميم مشاركة الجيش العراقي في حرب تشرين الاول/ اكتوبر 1973من سوريا

   

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

680 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع