د.ضرغام الدباغ
دراسات ـ إعلام ـ معلومات
العدد :280
التاريخ : / 2021
ألمانيا ــ ناتو ــ أوربا
هذا التقرير والإجمالي هو خلاصة عن اجتماعات قادة دول حلف الناتو السبع والعشرون في سلوفينيا / العاصمة ليوبليانا، (19 ــ 20 ــ 21 / أكتوبر) وتداعياته.
(صورة الغلاف : من قمة دول الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا)
ــ انقسام في الاتحاد الأوروبي بشأن استراتيجية دفاعية مشتركة
بحثاً عن استراتيجية دفاعية، انقسمت دول التكتل الأوروبي إلى معسكرين تقليديين الأول دول شرقية تخشى روسيا وتريد تقوية أوروبا في إطار حلف الناتو، والثاني دول بقيادة ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا تريد تقوية الاتحاد.
فشل قادة الاتحاد الأوروبي في تخطي الانقسامات بشأن تشكيل قوة دفاع مستقلة، على الرغم من الغضب الناتج عن الانسحاب الفوضوي لقوات الغرب من أفغانستان وحافز جديد لدى فرنسا بعد استبعادها من اتفاقية استراتيجية أمريكية.
وقال دبلوماسيان لوكالة رويترز إن القادة الذين اجتمعوا على العشاء في سلوفينيا أمس الثلاثاء (19/ تشرين الأول) انقسموا إلى معسكرين تقليديين :
• الأول دول شرقية تخشى روسيا وتريد تقوية أوروبا في إطار حلف شمال الأطلسي.
• والثاني دول بقيادة ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا تريد قدرات أكثر قوة للاتحاد الأوروبي.
وقبل العشاء الذي أقيم في قلعة بردو خارج العاصمة لوبليانا، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحفيين إنه يتعين على التكتل الذي يضم 27 دولة بذل المزيد لمواجهة الأزمات على حدوده، وأن يكون مسؤولا عن أمنه.
وسينضم قادة دول البلقان الست، صربيا والجبل الأسود والبوسنة ومقدونيا الشمالية وكوسوفو وألبانيا، إلى قادة الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء (20/ تشرين الأول) في إطار استراتيجية طويلة الأمد للتكتل تهدف لتكوين "حلقة من الأصدقاء" من جنوب شرق أوروبا وشمال أفريقيا.
وعلى الرغم من إحراز تقدم في تأسيس صندوق دفاع مشترك للتعاون في صناعة الأسلحة، فإن الاتحاد الأوروبي لم ينشر بعد مجموعاته القتالية التي تصل إلى حجم الكتيبة خلال أي أزمة. وقال مسؤول أوروبي كبير "دار نقاش القادة حول ما إذا كنا في حاجة للاختيار بين قوتنا الاقتصادية والعسكرية"، في إشارة لدور الاتحاد الأوروبي كأكبر مانح للمساعدات وأكبر تكتل تجاري في العالم.
ــ خطة جديدة للناتو لردع أي هجوم روسي وبوتين يهاجم الحلف
رغم "عدم افتراض" الناتو حدوث أي هجوم روسي وشيك، أقرّ الحلف خطة رئيسية جديدة لردع روسيا من القيام بأي هجوم، وروسيا تتهم الحلف بـ"زعزعة استقرار أوروبا" عبر استعداداته الاستراتيجية.
وافق وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي "الناتو" الخميس (21 تشرين الأول/أكتوبر 2021) على خطة رئيسية جديدة لردع روسيا. وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بعد الاجتماع: "إننا نعزز تحالفنا بخطط أفضل وأحدث".
وتهدف الاستراتيجية إلى الاستعداد لهجمات متزامنة من قبل روسيا في دول البلطيق ومنطقة البحر الأسود. ويؤكد مسؤولو الناتو أنهم لا يفترضون حدوث هجوم روسي وشيك. بينما ترفض موسكو جميع الاتهامات المتعلقة بكونها تتصرف "بعدوانية"، متهمة الناتو بـ"زعزعة استقرار أوروبا" من خلال استعداداته الاستراتيجية.
لكن الدبلوماسيين الغربيين يرون أن "مفهوم الردع والدفاع في المنطقة الأوروبية الأطلسية" واستراتيجية التنفيذ المرتبطة به "ضروريان"، طالما تقوم روسيا بتطوير أنظمة أسلحة متطورة وتحرك القوات والأسلحة بالقرب من الحدود الخارجية لدول الناتو. وتدور سيناريوهات الردع أيضاً حول استخدام الأسلحة النووية.
وقالت وزيرة الدفاع ألألمانية أنغريت كرامب- كارينباور لموقع "دويتشلاند فونك": "هذه هي طريقة الردع"، وأضافت: "علينا أن نوضح لروسيا أننا مستعدون في النهاية لاستخدام مثل هذه الوسائل بحيث يكون لها تأثير رادع مسبقاً، لكي لا يفكر أحد في مهاجمة شركاء الناتو في المناطق الواقعة على البلطيق أو في منطقة البحر الأسود". وأشارت كرامب- كارينباور إلى أن هذه هي الفكرة الأساسية لحلف الناتو وسوف تتكيف مع السلوك الحالي لروسيا، وأردفت بالقول: "نرى، على وجه الخصوص، انتهاكات للمجال الجوي فوق دول البلطيق، لكننا نشهد أيضاً هجمات متزايدة حول البحر الأسود".
عدم ثقة متبادلة
في أيلول/سبتمبر الماضي(2021)، أجرت روسيا وحليفتها بيلاروسيا مناورات عسكرية دقت ناقوس الخطر لدى أعضاء الناتو في منطقة البلطيق. ووفقاً لممثلي الحكومات الغربية، تم حشد حوالي 100 ألف جندي روسي على الحدود مع أوكرانيا في أيار/مايو، وهو عدد أكبر مما تم حشده منذ ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014. في الآونة الأخيرة، هددت روسيا الناتو بعواقب إذا اتخذ مزيداً من الخطوات لقبول أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن هذا الأسبوع إن روسيا ليس لها الحق في منع جهود أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو. لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال أمس الخميس (21/ تشرين الأول) إن أوستن مهد الطريق عملياً أمام أوكرانيا للانضمام إلى الناتو. وقال بوتين إنه حتى لو لم يكن هناك قبول رسمي لانضمام أوكرانيا للناتو بعد، فإن الناتو يعزز بالفعل التطور العسكري لأوكرانيا، مشيراً أن "هذا يشكل تهديداً لروسيا".
وكانت روسيا أعلنت أنها ستعلق عمل بعثتها لدى الناتو اعتباراً من الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، وذلك رداً على قيام الحلف بطرد 8 أعضاء من البعثة الروسية لديه، متهماً إياهم بأنهم "يعملون سرّاً بصفتهم ضباط مخابرات". ويزداد التوتر بين روسيا ودول أوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، في الآونة الأخيرة بسبب عدة ملفات منها أزمة أوكرانيا وخط أنابيب "نورد ستريم 2" المثير للجدل، فضلاً عن أزمة حقوق الإنسان في روسيا.
ففي تموز/يوليو الماضي أعلنت إدارة "حوار بطرسبورغ" بين ألمانيا وروسيا تعليق فعاليات المنتدى، بسبب تقييد عمل بعض المنظمات الألمانية التي تدعو إلى مجتمع مدني أقوى في روسيا. وتعليقاً على ذلك قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يؤيد إعادة استئناف نشاطات "حوار بطرسبورغ"، وقال في منتدى بمدينة سوتشي الخميس إن "الأمر لا يعتمد علينا وحدنا" مضيفا أنه إذا "أبدى الجانب الألماني اهتماماً، فسنكثف هذا العمل".
ــ ألمانيا تطلق مبادرة مع دول أخرى لتأسيس قوة رد فعل أوروبي سريع 21 / أكتوبر
أطلقت ألمانيا وأربع دول أوروبية أخرى مبادرة جديدة لتأسيس قوة رد فعل سريع للاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن أظهرت "الأحداث الأخيرة في أفغانستان مجددا أن الاتحاد يجب أن يكون قادرا على التحرك بشكل قوي وسريع قدر الإمكان".
"الأحداث الأخيرة في أفغانستان أظهرت مجددا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون قادرا على التحرك بشكل قوي وسريع قدر الإمكان".
أطلقت كل من ألمانيا وهولندا والبرتغال وفنلندا وسلوفينيا اليوم (21 أكتوبر/تشرين الأول 2021) مباردة لتأسيس قوة رد فعل سريع تابعة للاتحاد الأوروبي.
ووفقا لمعلومات تلقتها وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، تنص المبادرة على أن يتم مواصلة تطوير التشكيلات القتالية الموجودة بالفعل في الاتحاد الأوروبي، لتصبح قوى لديها القدرة على رد الفعل السريع في الأزمات و يمكن الاستعانة بها خلال وقت قصير.وتقضي المبادرة أيضا بتوفير قدرات سيبرانية وكذلك قوات خاصة وقدرات نقل جوي استراتيجي.
وجاء في وثيقة المبادرة، التي عملت عليها كل من ألمانيا وهولندا والبرتغال وفنلندا وسلوفينيا، وحصلت (د.ب.أ) على نسخة منها: " الأحداث الأخيرة في أفغانستان أظهرت مجددا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون قادرا على التحرك بشكل قوي وسريع قدر الإمكان ".
وأضافت أن تحقيق ذلك يستلزم تحسين إتاحة القوات واستعدادها وجاهزيتها وكفاءتها وكذلك تحسين الاستفادة من أشكال التعاون العسكري بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. وأضافت وثيقة المبادرة أن ذلك قد يتيح بشكل إجمالي مزيدا من المرونة وكذلك نهجا معياريا لإدارة الأزمات للاتحاد الأوروبي، وقد يزيد قدرة الاتحاد على التحرك.
وتضمنت الوثيقة أنه يجب أيضا تحسين الاستعانة بأشكال التعاون الإقليمية القائمة بالفعل. ووفقا للورقة فقد اقترحت الدول الخمس إتاحة القيام بمهام تنفذها "تحالفات الراغبين" عن طريق البند الـ44 في معاهدة الاتحاد الأوروبي وهو البند الذي لم يتم استخدامه بعد. كما طالبت الدول الخمس بتحسين الاستفادة من أوجه التعاون الإقليمي القائمة.
وحسب تصريحات وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور، فإن ردود الأفعال من قبل الدول الأخرى الأعضاء في التكتل على الخطة كانت "إيجابية جدا جدا". وأضافت الوزيرة بعد محادثات غير رسمية عن الموضوع أنه تم الاتفاق على ضرورة وصول الأفكار إلى البوصلة الاستراتيجية التي سيحدد الاتحاد الأوروبي عن طريقها في الربيع المقبل القدرات التي سيحتاج إليها في مجال إدارة الأزمات.
الإجمالي
منذ أن أقدمت روسيا على ضم القرم، بقرار أحادي الجانب، وسلخه عن أوكرانيا، أعتبر هذا في الدوائر الغربية، تصعيداً خطيراً بأقتطاع جزء من دولة مستقلة وإلحاقها بروسيا، رغم الخلفيات التاريخية لهذا القرار، أن شبة جزيرة القرم كانت أرض سوفيتية منحتها روسيا لأوكرانيا حين ألتحاقها بالاتحاد السوفيتي، وترى روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتسارع تراصف أوكرانيا مع الغرب يستدعي استعادة ذلك الأمتياز, بيد أن ذلك الإجراء تبعه الموقف في أوكرانيا، وأوضاع الروس داخل هذا البلد ومطالبهم، والموقف الروسي مؤسس على قاعدة أن التفاهم الأمريكي السوفيتي في مالطا الذي أنهى الحرب الباردة كان قد تضمن عدم إلحاق أوكرانيا في حلف الناتو، وترى روسيا أن مساعي الغرب في ذلك خرقا لأتفاق وإن لم يكن مكتوباً (وتلك غلطة من الدبلوماسية السوفيتية) وتعتبرها روسيا محاولات غربية للتوغل في المناطق الروسية، من قبيل إثارة المتاعب حيثما أمكن لها ذلك (وقبلها في جورجيا مما استلزم تدخلاً روسياً)، ثم محاولات لا تتوقف للتدخل في بيلاروسيا، تندرج في ذات الإطار.
الهواجس المعلنة للناتو (في قمة الناتو / ليوبليانا) من حروب محتملة وتدخلات في مناطق البلطيق، بتقديرنا هي توجيه ضغوط على روسيا، فالروس أوضحوا على نحو واضح وحاسم، أنهم سوف لن يقبلوا بالتوسع الغربي في مناطق الاتحاد السوفيتي السابقة، ويعتبرونها مساع غير بناءة ولا تخدم السلام. في حين أظهر (الروس) أنهم يفضلون التعايش وما خط الغاز الروسي / الأوربي بروم (Gas Brom) إلا إحدى مظاهره الواضحة الذي عارضته الولايات المتحدة بقوة، وأفلحت المستشارة ميركل بإقناع الرئيس بايدن بالخلي عن عن معارضته لخط الغاز الذي يعتبر بالغ الأهمية لأوربا. إذ يرى الأمريكيون أن غاز بروم سيمثل عنصر ضغط روسي على السياسة الأوربية
1476 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع